من هم «الشركاء» الذين تُعول عليهم مصر لحل نزاع «السد الإثيوبي»؟

القاهرة انتقدت أداء «الاتحاد الأفريقي»... واستبعدت العودة لمجلس الأمن

من هم «الشركاء» الذين تُعول عليهم مصر لحل نزاع «السد الإثيوبي»؟
TT

من هم «الشركاء» الذين تُعول عليهم مصر لحل نزاع «السد الإثيوبي»؟

من هم «الشركاء» الذين تُعول عليهم مصر لحل نزاع «السد الإثيوبي»؟

تعول مصر على «شركاء دوليين» للضغط على إثيوبيا من أجل التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن نزاع «سد النهضة» على نهر النيل، بحسب وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي استبعد العودة مجدداً لمجلس الأمن الدولي في الوقت الراهن، كما انتقد أداء «الاتحاد الأفريقي»، خلال المفاوضات السابقة.

وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011. وتخشى مصر من تأثر حصتها في المياه التي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة. وتطالب القاهرة ومعها الخرطوم (دولتا المصب) باتفاق قانوني مُلزم ينظّم عمليتي ملء وتشغيل السد، بينما تدفع أديس أبابا بإنشاء السد الكهرومائي بداعي حقّها في التنمية عبر استغلال مواردها المائية.

وتنفي مصر اتهامات إثيوبية، بشأن إعاقتها مشاريع التنمية التي يحتاجها الشعب الإثيوبي، وقال شكري، في تصريحات تلفزيونية، مساء الثلاثاء، خلال زيارته تشاد، إن بلاده «تسعى للتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم يطلق التنمية في إثيوبيا ويحمي الأمن المائي المصري» في الوقت نفسه.

وخاضت مصر والسودان وإثيوبيا مفاوضات لأكثر من عقد؛ في محاولة للتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن دون نتيجة، الأمر الذي أدى إلى تجميدها منذ أبريل (نيسان) 2021. بعد فشل الاتحاد الأفريقي في التوسط لحل النزاع، مما دعا مصر إلى التوجه إلى مجلس الأمن، الذي أصدر من قبل «قراراً رئاسياً» يدعو إلى تسريع المفاوضات، وإبرام اتفاق يُرضي جميع الأطراف.

وبينما ظلت معاودة مصر اللجوء لمجلس الأمن، خياراً سياسياً، خاصة مع استعداد إثيوبيا لملء خزان السد في الصيف المقبل للعام الرابع على التوالي، دون اتفاق، كشف شكري عن نية بلاده «عدم التوجه إلى مجلس الأمن مرة أخرى»، كما انتقد أداء الاتحاد الأفريقي، الذي رعى المفاوضات عدة سنوات دون نتيجة.

وقال وزير الخارجية المصري إن «الاتحاد الأفريقي لم يوفق في ملف السد الإثيوبي وفشل في إقناع إثيوبيا بالمرونة في المفاوضات»، مشيراً إلى أن «لجوء مصر لمجلس الأمن مرة أخرى في هذه المرحلة غير وارد».

مجلس الامن (رويترز)

وبشأن البدائل الممكنة للتعامل مع النزاع، قال شكري إن «مصر ستواصل الحديث مع الشركاء الدوليين في ملف السد الإثيوبي لقدرتهم على التأثير، وفي الوقت ذاته لن تسمح مصر بتعرض شعبها لأي ضرر في ملف السد الإثيوبي».

ووفق السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، ووزير الخارجية السابق، فإن مصر «فقدت الثقة» في مجلس الأمن، في ظل الصراع الداخلي بين القوى الكبرى، وكذلك الاتحاد الأفريقي، الذي لم يستطع أن يفعل شيئاً، مثلما لم ينجح في غالبية الأزمات القارية.

ويمكن للقاهرة أن تعول على الأصدقاء والشركاء الدوليين، خاصة الولايات المتحدة وروسيا والصين، بشكل فردي، وفقاً للعرابي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التعامل الثنائي مع كل طرف بات أكثر فاعلية من قرار جماعي بمجلس الأمن».

وأوضح الدبلوماسي المصري أن «هنالك مقاربات ثنائية بين مصر وتلك الدول، كما أن لكل دولة من الدول الثلاث، ومعهم الاتحاد الأوروبي، استراتيجية معينة في التعامل مع إثيوبيا، وعلى مصر أن تستغل العلاقات الدولية المتشابكة، وكافة الأدوات التي تحفظ حقوقها المائية».

وشدد على أن مصر «ما زالت تحتفظ بكُروتِها ولا تكشف عن كافة خططها للتعامل مع القضية، التي تفرض واقعاً سلبياً جديداً على التعاون الأفريقي»، وفقاً للعرابي، الذي أكد أن «استمرار النزاع لن يضر مصر والسودان فقط، بل قارة أفريقيا، ويهدد ميثاق ومبادئ الاتحاد الأفريقي القائمة على التعاون».

بدوره، يرى وزير الموارد المائية المصري الأسبق الدكتور محمد نصر الدين علام، إمكانية لعب بعض الدول العربية الفاعلة دوراً مؤثراً في حل النزاع، وقال علام لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن لمصر أن تعتمد على ضغوط بعض الدول العربية التي تمتلك استثمارات واسعة في إثيوبيا، من أجل إرغامها على الوصول إلى حل، إذا ما أرادت تلك الدول، التي تمتلك من الأدوات ما يمكنها من حلحلة القضية».

وخلال الأشهر المقبلة تعتزم إثيوبيا بدء المرحلة الرابعة من ملء خزان السد، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء. غير أن وزير الخارجية المصرية، قال إن بلاده تمتلك «خططاً لاحتواء الأمر»، معبراً عن «ثقته في القيادة والمؤسسات واتخاذ كل الإجراءات التي تحمي الأمن المائي المصري».

وأكد شكري أن «مصر تراعي المصالح الاقتصادية الإثيوبية بما يحمى الأمن المائي لمصر والسودان»، مشيراً إلى أن «التعنت والأفكار الشاذة لإثيوبيا لتطبيق السيادة على مورد مائي مشترك عابر للدولة منع الوصول لاتفاق».

ويتوقع أن يكون التخزين الرابع في حدود 18 مليار متر مكعب، بكمية تخزين تقترب مما تم تخزينه خلال السنوات الثلاث الماضية مجتمعة (18 ملياراً)، وفق الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي أشار في تصريح له إلى أن «إيراد نهر النيل هذا العام سيتم تخزينه في إثيوبيا مما سيؤدي لارتباك في توزيع المياه لمصر والسودان».



مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».