صدام بين قادة حوثيين على الوقت المحدد لحفلات الزفاف

الجماعة حوّلت معقلها في صعدة إلى إمارة للتطرف


متجر في العاصمة اليمنية صنعاء لبيع المشغولات الفضية التقليدية (أ.ف.ب)
متجر في العاصمة اليمنية صنعاء لبيع المشغولات الفضية التقليدية (أ.ف.ب)
TT
20

صدام بين قادة حوثيين على الوقت المحدد لحفلات الزفاف


متجر في العاصمة اليمنية صنعاء لبيع المشغولات الفضية التقليدية (أ.ف.ب)
متجر في العاصمة اليمنية صنعاء لبيع المشغولات الفضية التقليدية (أ.ف.ب)

بعد أن حوّل الحوثيون محافظة صعدة (شمال اليمن) إلى نموذج لإمارة التطرف والانغلاق، الذي يتطلعون لتعميمه على مختلف المناطق التي يسيطرون عليها، تبادلت أجنحة الجماعة في محافظة عمران المجاورة الاتهامات بالخروج على تلك المبادئ، بسبب موافقة مدير المديرية، الذي يحمل لقب «مجاهد»، على السماح لأحد شيوخ القبائل بتمديد حفل زفاف ابنته 3 ساعات، خلافاً لقرار سابق نص على إنهاء مراسم الزفاف عند الثامنة مساء.

وفي وثيقة اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، وجه مدير مديرية مدينة عمران، عاصمة المحافظة الواقعة شمال صنعاء، مالك صالة للمناسبات، بالسماح لأسرة عبد الله العسمي، وهو أحد وجهاء القبائل، المتعاون مع الحوثيين، بتمديد حفل زفاف ابنتهم حتى الحادية عشرة مساء، لكن هذا القرار عُدَّ وفق وجهة نظر الجناح الآخر الذي يتولى التحكم بإجراءات الزواج خروجاً عن مبادئ الجماعة، وتجاوزاً لصلاحياتهم.

لكن وليد البوني، وهو مندوب لجنة الزواج بمديرية عمران، رد على توجيهات مدير المديرية، وقدم استقالته من عمله احتجاجاً على هذه الخطوة، وفق ما قاله مصدران في المديرية لـ«الشرق الأوسط».

وأوضح المصدران أن مدير المديرية يحرص على وضع صفة «المجاهد» قبل اسمه عند التوقيع على القرارات والتوجيهات، ومع ذلك فقد احتج جناح آخر داخل الجماعة على الخطوة، واستغربوا إقدامه على منح الأسرة 3 ساعات إضافية لإتمام حفل زفاف ابنتها، في حين أن قرار منع حفلات النساء بعد الثامنة مساء يطبق بشكل صارم تنفيذاً لما جاء في تعميم لجنة الزواج منذ عامين.

ووفق ما ذكرته المصادر، فإن البوني أبلغ مدير المديرية بخطأ ما أقدم عليه، واشتكى من تجاهله، وطالب وزير الإدارة المحلية في حكومة الانقلاب بإقالته من موقعه، ووصفه بـ«الفاسد»، وحذر من أن البلاد «ستذهب للهاوية» ما دام فيها ممن وصفهم بـ«الدخلاء» على «المسيرة»، في إشارة إلى المبادئ والتوجهات الطائفية المتطرفة للجماعة. ‏ومع أن محافظة عمران تشكل مركز الثقل لقبيلة حاشد، وتعرف بأن مجتمعها شديد المحافظة، إلا أن القيادي الحوثي البوني، ورداً على رفض المجتمع هناك للتوجهات الطائفية لجماعته، وصف عمران بأنها «أعظم محافظة في الفساد»، وأقسم أن المسيرة الحوثية لم تدخل هذه المحافظة بعد، وقال إنه إذ وُجد شخص يعمل مع الحوثيين «بذمة وضمير يتم تهميشه».

وثيقة حوثية تسمح بتمديد حفل زفاف ابنة زعيم قبلي في عمران 3 ساعات (تويتر)
وثيقة حوثية تسمح بتمديد حفل زفاف ابنة زعيم قبلي في عمران 3 ساعات (تويتر)

‏لكن الناشط الحوثي محمد المتوكل، طالب منتقدي مدير عام المديرية عبد الرحمن العماد، بالتواصل معه أولاً لمعرفة الأسباب التي دفعته للقبول بتمديد وقت حفل الزفاف: «لأنه قد يكون هناك عذر، من قبيل أن أقارب العريس من منطقة ثانية، وعليهم الانتظار لأخذ العروس من الصالة أو أي مبرر مقنع آخر قبل إصدار أي حكم».

وكانت ما تسمى لجنة الزواج أصدرت تعميماً قالت فيه إنه وحرصاً من القيادة السياسية للحوثيين على تخفيض المهور، قررت أن يكون مهر المرأة العذراء مليون ريال تشمل كامل نفقات الخطوبة وجميع لواحقها (الدولار حوالي 550 ريالاً)، أما بالنسبة للمرأة التي سبق لها الزوج فقد حدد الحوثيون مبلغ 500 ألف ريال شاملة كل شيء مهراً لها.

وفيما يخص أوقات حفلات الزفاف، ذكرت اللجنة أن حفلات النساء تنتهي الساعة الثامنة والنصف مساء، ومنعت استعمال مكبرات الصوت إلى خارج القاعة، أما بالنسبة لحفلات الذكور فنص التعميم على منع مكبرات الصوت إلى خارج القاعة فقط.

التعميم الحوثي طلب من مسؤولي الحارات، ومشرفي المربعات، «وكل شخص مجاهد» الإبلاغ عن المخالفين لتلك التعليمات والتعاون مع لجنة الزواج، ورفع قوائم بأسماء أصحاب الأعراس في كل حي وحارة ومربع وبصورة مستمرة.

وتوعد التعميم الحوثي كل من يخالف هذه التعليمات بأنه يعرض نفسه لعقوبة الحبس ودفع غرامة مالية، مع أنه لا يوجد في القانون اليمني أي نص يجيز للحوثيين فرض مثل هذه القيود والعقوبات أيضاً.

ووفق ما ذكره سكان، فإن هذه الخطوات تنفذ أيضاً في محافظة حجة المجاورة بعد أن استكمل الحوثيون تطبيقها في محافظة صعدة، وتحويلها إلى «إمارة للتطرف»، حيث نفذوا حملات ميدانية واسعة، تم خلالها منع خروج النساء من دون نقاب، وإلزامهم بالمشي بالقرب من جدران الشوارع والطرقات، كما يخضعن للاستجواب عن أسباب وجودهن في الشوارع أو الأسواق، كما تولت نقاط التفتيش إيقاف السيارات والدراجات النارية، وتفتيش هواتف السائقين والركاب بحثاً عن أي مواد موسيقية، وفي حال وجدوا شيئاً يقومون بحذفه وتحميل الأناشيد القتالية التابعة لهم والمسماة «زوامل»، بدلاً عنه.


مقالات ذات صلة

ما تأثير العقوبات الأميركية واستهداف المنشآت الاقتصادية على الحوثيين؟

تحليل إخباري كان ميناء رأس عيسى قبل استيلاء الحوثيين عليه يستخدم لتصدير النفط اليمني (رويترز)

ما تأثير العقوبات الأميركية واستهداف المنشآت الاقتصادية على الحوثيين؟

بينما تسعى الولايات المتحدة لاستنزاف الجماعة الحوثية مالياً بالعقوبات وباستهداف المنشآت الاقتصادية؛ يتوقع خبراء اقتصاديون تأثيرات متفاوتة على الجماعة والسكان.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

​العليمي يؤكد جهوزية القوات المسلحة لخوض معركة الخلاص

تحدث الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني عن عناصر مشجعة لتعديل موازين القوى على الأرض في مقدمتها توافق المكونات الوطنية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي مشاهد لصاروخ سقط في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية (الإرياني)

مسؤول يمني: الحوثيون يحاولون إلصاق جرائمهم بالقوات الأميركية

أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن جماعة الحوثي تحاول إلصاق جرائمها في المناطق المدنية بالقوات الأميركية لخلق حالة من السخط تجاه العملية العسكرية الجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي العقيد محمد جابر خلال مشاركته أخيراً لحشد القبائل اليمنية لمواجهة الحوثيين (الشرق الأوسط) play-circle

دعوة القبائل اليمنية لسحب أبنائهم من محارق الموت الحوثية

دعا مسؤولون يمنيون القبائل اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، إلى سرعة سحب أبنائهم من المعسكرات التابعة للجماعة وأهمية الابتعاد عن مواقعهم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي أتباع الجماعة الحوثية يتوعدون ترمب بالهزيمة في تجمع أسبوعي وسط العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)

قدرات الحوثيين العسكرية أمام اختبار الصمود تحت ضربات ترمب

أدَّت الضربات الأميركية التي أمر بها ترمب ضد الحوثيين إلى استنزاف قدرات الجماعة، واختراق تحصيناتها الأمنية؛ حيث باتت تواجه حالياً تحديات في تكثيف الهجمات.

وضاح الجليل (عدن)

تهديدات الحوثيين تغلق مستشفى تديره «أطباء بلا حدود»

تدريب الكادر الصحي على التعامل مع مرض الكوليرا (الأمم المتحدة)
تدريب الكادر الصحي على التعامل مع مرض الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT
20

تهديدات الحوثيين تغلق مستشفى تديره «أطباء بلا حدود»

تدريب الكادر الصحي على التعامل مع مرض الكوليرا (الأمم المتحدة)
تدريب الكادر الصحي على التعامل مع مرض الكوليرا (الأمم المتحدة)

فيما عاد وباء الكوليرا للظهور في اليمن، مسجلاً 11 ألف إصابة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، علَّقت منظمة «أطباء بلا حدود» أنشطة مستشفى تديره في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد تعرض موظفين ومرضى لتهديدات أمنية.

وفي بيان لها أدانت منظمة «أطباء بلا حدود» بشدة أعمال العنف الخطيرة التي عرَّضت المرضى وعائلاتهم والموظفين للخطر في مستشفى خمر بمحافظة عمران الخاضعة لسيطرة الحوثيين (شمال صنعاء).

وأعلنت المنظمة تعليق العمل في المستشفى بعد أن انعدمت بيئة الأمن «في مكان يُفترض أن يكون ملاذاً آمناً لتلقي الرعاية الصحية الأساسية».

ووفق المنظمة، فإن فرقها واجهت منذ يناير (كانون الثاني) الماضي تهديدات أمنية متكررة استهدفت كلّاً من المستشفى التابع لها ومكتبها في منطقة خمر بمحافظة عمران، وأن الأمر تصاعد منتصف الأسبوع بشكل خطير عندما اقتحم شخص مسلح المستشفى، وهدَّد بتفجير قنبلة يدوية داخله، وقالت إن هذا العدوان غير المبرر «أمر مؤسف»، ويعرّض حياة المرضى والموظفين لخطر مباشر.

تطعيم مليون طفل ضد الأمراض القاتلة في مناطق سيطرة الحكومة (إعلام محلي)
تطعيم مليون طفل ضد الأمراض القاتلة في مناطق سيطرة الحكومة (إعلام محلي)

من جهتها، قالت إلاريا رسولو، الممثلة القطرية لـ«أطباء بلا حدود» في اليمن، إنه من غير المقبول كلياً أن يتعرض موظفو الرعاية الصحية، الذين يعملون على إنقاذ الأرواح، للتهديد «بالعنف المميت».

وأكدت وجوب بقاء المستشفيات أماكن آمنة للجميع، وضمان سلامة المرضى والموظفين. وقالت إنه وحتى يتحقق ذلك، «لا يمكننا الاستمرار في تقديم الرعاية الصحية الأساسية».

عودة الكوليرا

هذه التطورات تزامنت مع تأكيد منظمة الصحة العالمية تسجيل أكثر من 11 ألف حالة إصابة جديدة بالكوليرا في اليمن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، إلى جانب 9 وفيات مرتبطة به.

وأوضحت المنظمة الأممية في تقرير جديد أن عدد الحالات والوفيات المُبلّغ عنها في اليمن خلال مارس (آذار) الماضي وحده، وصل إلى 1278 حالة، إلا أنه لم يتم تسجيل أي حالة وفاة مرتبطة بالمرض في الشهر نفسه.

المراكز الطبية في عدن تقدم الرعاية لمرضى الإسهالات (الأمم المتحدة)
المراكز الطبية في عدن تقدم الرعاية لمرضى الإسهالات (الأمم المتحدة)

ووصفت المنظمة اليمن بأنها رابع أكبر دولة في تفشي هذا الوباء على مستوى العالم، بعد جنوب السودان (29050 حالة)، وأفغانستان (21533 حالة)، والكونغو الديمقراطية (15785 حالة).

وطبقاً لبيانات الصحة العالمية فإن اليمن يحتل المرتبة الثالثة في عدد حالات الإصابة بالكوليرا على مستوى إقليم شرق المتوسط، بعد أفغانستان (21 ألف حالة)، والسودان (8 آلاف)، وذلك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. كما احتل المرتبة الثانية في عدد الوفيات المرتبطة بالمرض بعد السودان (160)، تليهما كل من أفغانستان (8) والصومال (حالة واحدة).

تفشي الأوبئة

وسجَّلت المنظمة الأممية نحو 28 ألف حالة إصابة بالحصبة، و260 حالة وفاة مرتبطة بهذا المرض في اليمن خلال العام الماضي، وأكدت استمرار تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، نتيجة تدهور البنية التحتية للرعاية الصحية جرّاء الصراع المستمر، إضافة إلى العقبات اللوجيستية التي تفرض على الأسر في المناطق النائية والمحرومة مواجهة تحديات كبيرة في الحصول على التطعيمات المنقذة للحياة.

وحسب «الصحة العالمية»، فإنه ومنذ عام 2017، «سُجِّلت في اليمن أكثر من 1500 حالة إصابة بالدفتيريا، من بينها أكثر من 200 حالة وفاة، ومع عودة فيروس شلل الأطفال في عام 2021 أُصيب 272 طفلاً بالفيروس المتحور. ورأت في ذلك تذكيراً بالعواقب الوخيمة الناتجة عن محدودية الوصول إلى اللقاحات».

ومع تأكيدها تطعيم نحو مليون طفل دون سن الخامسة في اليمن خلال العام الماضي، ذكرت أن ذلك ساهم في حمايتهم من أمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال والدفتيريا، إلا أنها عادت وحذرت. ورغم التقدم المحرز، لا يزال العديد من السكان يواجهون عقبات في الحصول على اللقاحات.