البرهان وحميدتي يأملان في حسم المعركة بـ«الضربة القاضية»

خبراء يحذرون من حرب استنزاف في السودان

TT

البرهان وحميدتي يأملان في حسم المعركة بـ«الضربة القاضية»

دبابة تابعة للجيش في أحد أحياء جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
دبابة تابعة للجيش في أحد أحياء جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

لم يسبق لطرفي الصراع في السودان أن خاضا حرب شوارع في العاصمة أو أي مدينة كبيرة، ولا يستطيع أحد منهما حسمها بالضربة القاضية عسكرياً كما يأملان، لذا فمن المتوقع أن تطول الحرب وتتحول إلى حرب استنزاف على الرغم من الهدن المتتالية المعلنة؛ لأن المعارك لا تتوقف في الخرطوم، ما قد دفع المتحاربين للتفاوض، وفق خبراء.

يبلغ عمر الجيش السوداني نحو 100 عام، فيما نشأت قوات «الدعم السريع» في عام 2013، إبان حكم الرئيس المعزول عمر البشير. غير أن هذه القوات بقيادة نائب رئيس المجلس السيادي، الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، نمت بسرعة خلال تلك السنوات القليلة بحيث أصبح البعض يراها جيشاً موازياً في القوة العسكرية للجيش النظامي. ولا يعلم أحد على وجه الدقة عدد وعتاد القوتين العسكريتين، غير أن المعروف أن «الدعم السريع» لا تملك قوة جوية، لذا فقد كان تحركها الأول في الصراع الحالي هو محاصرة القاعدة الجوية للجيش في مدينة مروي بشمال السودان، لكي تحيد سلاح الجوي التابع للجيش من ضرب معسكراتها في حالة وقوع صدام مسلح بين الطرفين.

وقال أندرياس كريغ من معهد «كينغز» للأبحاث في لندن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «معركة الخرطوم ستتحوّل إلى حرب استنزاف». ويوضح أن الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» لديهما قدرات مختلفة، ولكل منهما مزاياه. ففي الخرطوم، لا يبدو أن هناك غلبة لأي من الفريقين، ولن يذهب أي منهما إلى التفاوض إلا إذا وجد نفسه لا يستطيع حسم المعركة بالضربة القاضية عسكرياً.

ويشير مركز «صوفان» للأبحاث إلى أنه «مع إجلاء العديد من الأجانب بالفعل واستعداد آخرين لمغادرة السودان، يُحتمل أن يكون الطرفان يتحضّران لصراع بلا هوادة من أجل السيطرة على البلاد». ويملك كلا الطرفين الأموال والمقاتلين لذلك. وسبق أن أرسلا قواتهما لمحاربة المتمردين في السودان، خلال حرب دارفور التي اندلعت عام 2003، وفي مناطق أخرى من السودان. أما الأسلحة، فبعد فترة حظر طويلة، تمكنَا من تنويع مصادرها.

محطة وقود محطمة في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)

السيطرة على الجو أم الأرض؟

ويعد الجيش السوداني السادس من حيث العدد في أفريقيا جنوب الصحراء، وفق مركزي «التوازن العسكري» والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن. ويملك الجيش سلاحاً جوياً ما يسمح له بالسيطرة على الجو، بينما تقاتل قوات الدعم السريع على الأرض فقط.

ويقول عدد من الخبراء إن القوة الجوية لم تمنح الجيش السوداني إمكانية إطلاق «رصاصة الرحمة» القاضية على قوات «الدعم السريع» كما كان يأمل. فلكي تكون الضربات الجوية فعالة، «ينبغي أن تكون الأهداف محددة بدقة من خلال معلومات قوية على الأرض أو عبر الأقمار الاصطناعية، وهي أداة لا يملكها الجيش السوداني».

كما أن الجيش السوداني لا «يستطيع إلقاء قنابل بكثافة في أي مكان في الخرطوم، بسبب وجود مدنيين، فضلاً عن أن الطرفين لديهما قوات على الأرض»، وفق ما يوضح كريغ.

وتتمتع قوات «الدعم السريع» من جهتها بالقدرة على التحرّك السريع بعربات خفيفة في مدينة مساحتها أكثر من ألف كيلومتر مربع، وهي مقسمة إلى 3 مناطق بسبب مرور فرعي النيل، الأزرق والأبيض فيها، وهي: الخرطوم والخرطوم بحري وأمدرمان.

وروى سكان أنهم رأوا قوات «الدعم السريع» تقيم نقاط تفتيش ومراكز لها في المنازل، كما رأوا قناصة فوق الأسطح. في المقابل، يؤكدون أن مواقع الجيش نادرة في الأحياء السكنية. ويؤكدون أنه «ليس هناك معركة واحدة من أجل السيطرة على الخرطوم، بل معارك عدة».

ويشير خبراء عسكريون إلى أن «السيطرة على أمدرمان، على سبيل المثال، لا تساعد بالضرورة على الاستيلاء على الخرطوم أو الخرطوم بحري»، إذ إن هذه المناطق منفصلة وتربطها ببعضها بعض الجسور الاستراتيجية. كما أن الأرض التي يمكن أن يكسبها أحد الطرفين قد يخسرها مرة أخرى في أي وقت.

ويؤكد كريغ أن الجيش يستطيع الوصول إلى أموال الدولة، بينما «الدعم السريع» يدير جزءاً كبيراً من مناجم الذهب في السودان الذي يعد ثالث أكبر منتج للمعدن الثمين في أفريقيا.

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب)

هيئة التصنيع العسكري

وينتج الجيش معظم احتياجاته العسكرية عن طريق «هيئة التصنيع العسكري»، بما في ذلك الذخائر بمختلف أحجامها، والمركبات المصفحة والراجمات، بل الطائرات. ونُقل عن قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان أن القوات المسلحة أصبحت تنتج طائرات مسيّرة (درونات) قتالية وتجسسية. كما يتسلح الجيش براجمات الصواريخ ودبابات روسية الصنع بشكل أساسي من طراز «T54»إلى «72T»، إضافة إلى مدرعات «بي تي آر» من 50 إلى 60، ومدرعات أخرى، إلى جانب صواريخ جو - جو من طرازات روسية، إضافة إلى آلاف قطع المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، وطائرات مقاتلة من طراز «ميغ» و«سوخوي»، وعدد من الطائرات السمتية وطائرات الهيليكوبتر. ويتراوح عدد الجيش السوداني القتالي بين 100 و150 ألفاً بين جندي وضابط. بيد أن ترتيبه بين جيوش العالم وفقاً لتقرير «غلوبال فاير باور» لعام 2023، تراجع من المركز 73 إلى المركز 75، وإلى المرتبة العاشرة بين الجيوش الأفريقية.

وبينما وصلت العلاقة بين جناحي المكون العسكري (الجيش والدعم السريع)، إلى مستوى غير مسبوق من التوتر تجلّى في اندلاع اشتباكات عنيفة وإطلاق كثيف للنار في الخرطوم منذ أمس، اتجهت الأنظار لمقارنة أوجه القوة بين الجانبين. وبحسب تقارير صادرة عن منظمات دولية، يبلغ عدد قوات الجيش في السودان نحو 205 آلاف جندي، بينهم 100 ألف قوات عاملة، و50 ألفاً قوات احتياطية، و55 ألفاً قوات شبه عسكرية. فيما تُصنّف القوات الجوية التابعة للجيش في المرتبة رقم 47 بين أضخم القوات الجوية في العالم، وتمتلك 191 طائرة حربية تضم 45 مقاتلة، و37 طائرة هجومية، و25 طائرة شحن عسكري ثابتة الأجنحة، و12 طائرة تدريب، وقوات برية تشمل قوة تضم 170 دبابة، وتصنف في المرتبة رقم 69 عالمياً، و6 آلاف و967 مركبة عسكرية تجعله في المرتبة رقم 77 عالمياً، وقوة تضم 20 مدفعاً ذاتي الحركة تجعله في المرتبة رقم 63 عالمياً، وفق ما ذكر موقع «العربية». وتضم قوة مدافع مقطورة 389 مدفعاً، تجعل الجيش السوداني في المرتبة رقم 29 عالمياً، و40 راجمة صواريخ تجعله في المرتبة رقم 54 عالمياً في هذا السلاح.

الجيش بعد 1989

كذلك يمتلك الجيش أسطولاً حربياً، رغم أنه من غير المتوقع أن يؤثر ذلك في معارك المدن الحالية، يضم 18 وحدة بحرية تجعله في المرتبة رقم 66 عالمياً، بينما تقدر ميزانية دفاعه بنحو 287 مليون دولار، وفقاً لموقع «غلوبال فاير بور». واعتبرته إحصائيات صدرت عام 2021، من أقوى وأكبر الجيوش في القرن الأفريقي.

يرجع تأسيس الجيش السوداني الحديث إلى ما عُرف بـ«قوة دفاع السودان» التي كانت تحت إمرة جيش الاحتلال البريطاني، وبعد استقلال البلاد في 1956، تكون الجيش الوطني بفرقة مشاة وفرقة بحرية وأخرى جوية، تحت اسم «الجيش السوداني». وخاض الجيش السوداني حروباً مديدة ضد القوات المتمردة في جنوب السودان وأقاليم النيل الأزرق وجنوب كردفان، أكسبته خبرة في حروب العصابات، لكنه تعرض لهزات عنيفة عقب استيلاء الإسلاميين على الحكم في البلاد عام 1989 ومحاولتهم «أسلمة الجيش»، وتحويل الحروب من حروب سياسية إلى حروب جهادية. وإزاء ذلك فقد عدداً كبيراً من قادته ذوي الخبرات الكبيرة والتجارب الثرية، بعد محاكمات وإعدامات وإحالات للعمل العام، وإحلال موالين للإسلاميين محلهم.

محمد دقلو حميدتي (أ.ف.ب)

قوات حديثة قوية

أما قوات «الدعم السريع»، حديثة التكوين، فقد قدر محللون عدد قواتها بنحو 100 ألف فرد، ولهم قواعد متعددة تنتشر في أنحاء البلاد. كما لها مقار وثكنات عسكرية داخل الخرطوم ومدن أخرى بالبلاد، وقد استولت على مقار تابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، ومقار تابعة لحزب المؤتمر الوطني المحلول الذي كان يرأسه البشير، كما أنها تنتشر بشكل واضح في إقليم دارفور ومعظم ولايات السودان، إلى جانب مناطق حدودية مع دول الجوار الأفريقي.

وفي حين لا نعرف بالضبط نوعية التسليح والعتاد العسكري لتلك القوات، لكن الاستعراضات العسكرية التي تنظمها بين حين وآخر تظهر امتلاكها مدرعات خفيفة وأعداداً كبيرة من سيارات الدفع الرباعي من طراز «لاندكروز بك آب» مسلحة. وأيضاً تظهر تلك الاستعراضات أنواعاً مختلفة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة. وفي وقت سابق، نفت «الدعم السريع» شائعات راجت عن حصولها على أنظمة تجسس دقيقة ومسيرات متطورة، واتهمت جهات لم تسمها بالعمل على تشويه صورتها.

وتعد قوات «الدعم السريع» أحد التشكيلات للجيش السوداني، رغم تمتعها باستقلالية كبيرة، وهو ما ساهم في وقوع الصدام الحالي بينها وبين القوات المسلحة. في يوليو (تموز) من عام 2019، تم تعديل قانون قوات «الدعم السريع» بحذف مادة منه تلغي خضوعها لأحكام قانون القوات المسلحة، وهو ما عزز من استقلاليتها عن الجيش. وتُعرّف قوات الدعم السريع نفسها على أنها «قوات عسكرية قومية»، مشيرة إلى أنها تعمل بموجب «قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017».


مقالات ذات صلة

مباحثات سودانية - جنوب سودانية حول الطاقة والبترول عقب الاتفاق الثلاثي

شمال افريقيا عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

مباحثات سودانية - جنوب سودانية حول الطاقة والبترول عقب الاتفاق الثلاثي

شهدت بورتسودان مباحثات بين السودان وجنوب السودان، تناولت النفط والطاقة والتجارة، بعد استيلاء «قوات الدعم السريع» على منطقة هجليج النفطية.

أحمد يونس (كمبالا)
الخليج الأمير محمد بن سلمان استقبل في مكتبه بقصر اليمامة بالرياض رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان (واس) play-circle 00:18

ولي العهد السعودي يلتقي البرهان ويستعرضان مستجدات الأحداث في السودان

التقى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في مكتبه بقصر اليمامة بالرياض الاثنين، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن عبد الرحمن نائب أمير منطقة الرياض يستقبل عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني (واس) play-circle 00:31

رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني يصل إلى الرياض

وصل إلى الرياض، الاثنين، عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، والوفد المرافق له.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيرة، الأحد، أسفر عن مقتل سبعة.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)
الخليج عائلات سودانية نازحة من كردفان في ملعب كرة قدم ببلدة كادوقلي جنوب الإقليم (أ.ب)

السعودية تدين الهجوم على مقر الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي السودانية

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة واستنكارها للهجوم الذي تعرض له مقر الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ليبيا: «الحوار المُهيكل» يفتح الملف الأمني

تيتيه خلال إحدى جلسات الحوار المهيكل في العاصمة الليبية طرابلس (البعثة الأممية)
تيتيه خلال إحدى جلسات الحوار المهيكل في العاصمة الليبية طرابلس (البعثة الأممية)
TT

ليبيا: «الحوار المُهيكل» يفتح الملف الأمني

تيتيه خلال إحدى جلسات الحوار المهيكل في العاصمة الليبية طرابلس (البعثة الأممية)
تيتيه خلال إحدى جلسات الحوار المهيكل في العاصمة الليبية طرابلس (البعثة الأممية)

استؤنفت، الاثنين، في العاصمة الليبية طرابلس، أعمال اليوم الثاني من «الحوار المُهيكل» برعاية بعثة الأمم المتحدة، وخُصص جانب من جلساته لملفي الأمن والحوكمة، في ظل فوضى أمنية وانقسام في ليبيا منذ عام 2011، بالتزامن مع موجة غضب واسعة أعقبت الاعتداء على زاوية صوفية في مدينة طبرق، وسرقة جثمان شيخ مدفون في ضريحها.

وأعلنت البعثة الأممية عقد جلستين صباحيتين متزامنتين للفريقين المعنيين بمساري الحوكمة والأمن، ضمن اليوم الثاني على التوالي من «الحوار المُهيكل» في طرابلس، على أن يعقد فريقا الاقتصاد والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان جلستين أخريين لاحقاً.

ولم يتضح بعد جدول أعمال المناقشات المتعلقة بهذه الملفات، ولا سيما الملف الأمني، علماً بأن «الحوار المُهيكل»، الذي انطلق الأحد، يُعد أحد المسارات الرئيسية في خريطة الحل السياسي التي طرحتها المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن قبل أربعة أشهر.

من جلسات الحوار الليبي المهيكل في العاصمة طرابلس (البعثة الأممية)

ويُعقد الحوار برعاية أممية وسط جدل مستمر بين سياسيين ليبيين حول جدواه؛ إذ رأى عضو ملتقى الحوار السياسي السابق، فضيل الأميني، أن «المرحلة تتطلب من جميع المؤسسات والقيادات الليبية تحمّل مسؤولياتها دون تردد، والمساهمة بجدية في إنجاح هذه اللحظة المفصلية لمستقبل البلاد».

في المقابل، عدّ عضو مجلس النواب علي التكبالي أن ما وصفه بـ«استبعاد الأصوات المعارضة» يُفرغ الحوار من مضمونه، ويحوّله إلى عملية شكلية لا تعكس الواقع السياسي الليبي.

وجاء ذلك بالتزامن مع موجة غضب واسعة أعقبت قيام مجهولين بالاعتداء على «الزاوية العروسية» في مدينة طبرق (شرق البلاد)، عبر إحراق المصلى التابع لها، ونبش ضريح الشيخ محمد الكندي، المعروف بـ«حلولو»، وسرقة جثمانه.

ويعيد هذا الحادث إلى الواجهة ملف استهداف الأضرحة، الذي تكررت وقائعه منذ اندلاع ثورة فبراير عام 2011.

وحسب تسجيل مصوّر، اتهم رواد «الزاوية العروسية» في بيان مصوّر «مجموعة تتبنى فكراً متطرفاً قريباً من تنظيم (داعش)»، دون تسميتها، موجّهين نداءً إلى الجهات الأمنية في طبرق و«الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر لتحمّل مسؤولياتهم.

وأدرج المجلس الأعلى للتصوف الإسلامي السني هذا الحادث ضمن ما وصفه بـ«حملة مشؤومة» بدأت منذ أكثر من 14 عاماً، شملت نبش قبور آل البيت والصحابة والأولياء، وحرق وهدم المساجد والزوايا، والتنكيل برفات الموتى ودفنها في أماكن مجهولة.

وسبق أن شهدت مدينة زليتن، في أغسطس (آب) الماضي، تفجير ضريح «مفتاح الصفراني»، أحد أبرز المعالم الدينية التي تضم زاوية لتحفيظ القرآن الكريم، ما أسفر عن تدمير الضريح بالكامل، دون تسجيل خسائر بشرية.

آثار الاعتداء على قبر شيخ صوفي في طبرق (صورة متداولة على صفحات ليبية بفيسبوك)

وفي ظل صمت السلطات في شرق ليبيا، حمّل المجلس الأعلى للتصوف الإسلامي المسؤولية الكاملة للسلطات، داعياً القائمين على الزوايا والأضرحة في مختلف المدن إلى اتخاذ «إجراءات عاجلة لتأمينها»، واصفاً ما حدث بأنه «ناقوس خطر» يُنذر بعودة ظاهرة لصوص القبور.

وشملت الإدانات أيضاً منظمات حقوقية؛ إذ طالبت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان النائب العام بالتحقيق في «جميع وقائع الاعتداءات وأعمال العبث والتخريب والتدمير الممنهج للزوايا الصوفية والمقامات الدينية التاريخية والأضرحة»، محذّرة من أن خطر هذه المجموعات «لا يقل عن خطر التنظيمات الجهادية المتطرفة، مثل (داعش)، و(القاعدة)، و(أنصار الشريعة)».

يُشار إلى أن الشيخ أحمد محمد عمران الكندي، المعروف بـ«حلولو»، وُلد عام 1917 في مدينة زليتن، وكان من أبرز المتصوفين الذين عاشوا في طبرق، وأسهموا في تجديد الزاوية العروسية هناك، وقد توفي عام 2007.

من جانبه، رأى الناشط السياسي أسامة الشحومي أن «توقيت الاعتداء، المتزامن مع انشغال المدينة بالانتخابات البلدية، وتنفيذه قبل صلاة الفجر، ثم الانتقال من نبش القبر إلى حرق مكتبة دينية تحتوي على كتب تراثية، يشير كل ذلك إلى فعل منظم وليس عشوائياً»، عادّاً أن ما حدث «يعكس عداءً مزدوجاً للرمزية الدينية وللعلم والمعرفة».

وقال الشحومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الزاوية المستهدفة ملكية خاصة، ولا تمارس أي نشاط تحريضي أو سياسي، ولا تتبنى خطاب كراهية أو تكفير، بل هي مكان للذكر وتعليم القرآن، وروادها من مواطنين بسطاء معروفين بسلميتهم».

على الصعيد الأمني أيضاً، تواصلت تداعيات هجوم بقذائف «آر بي جي» تعرض له مقر هيئة مكافحة الفساد في جنزور، الذي أسفر عن خسائر مادية دون إصابات، وعدّت الهيئة هذا الاعتداء «محاولة لترهيبها وتقويض الإصلاح»، مطالبة بتحقيق عاجل وحماية مقارها، وسط إدانات رسمية وحقوقية، وتعهد بملاحقة الجناة.

إلى ذلك، أعلنت حكومة «الاستقرار» في بنغازي، برئاسة أسامة حماد، مباشرتها اتخاذ حزمة من الإجراءات القانونية والقضائية العاجلة بشأن ملف شركة «الخرافي» الكويتية، المرتبط بحكم تحكيم دولي صدر عام 2013.

وأوضحت الحكومة أن الإجراءات تشمل رفع دعوى لفسخ العقد الاستثماري المبرم عام 2006، والطعن في الحكم التحكيمي استناداً إلى مستندات جديدة تكشف إخلالات جوهرية وعيوباً في إجراءات التحكيم، ترقى إلى الغش والتواطؤ بما يمس أمن الدولة، والمال العام.

وأكدت التزامها بحماية السيادة الوطنية والمال العام، وملاحقة المتورطين داخلياً ودولياً، وذلك عقب صدور حكم، الاثنين، عن دائرة الأمور الوقتية والمستعجلة بمحكمة شمال بنغازي، يقضي بوقف تنفيذ جميع الإجراءات المتعلقة بحكم التحكيم، إلى حين الفصل النهائي في الدعوى أمام القضاء الوطني.

وتعود القضية إلى عقد استثماري أُبرم عام 2006 بين هيئة السياحة الليبية وشركة «الخرافي» الكويتية، لتنفيذ مشروع سياحي في منطقة تاجوراء بالعاصمة طرابلس. وقد ألغت السلطات الليبية العقد عام 2010، ما دفع الشركة إلى اللجوء للتحكيم الدولي، حيث صدر حكم تحكيمي في القاهرة عام 2013 يُلزم ليبيا بدفع تعويض يناهز 937 مليون دولار، يشمل خسائر مباشرة وأرباحاً فائتة وفوائد.

ودارت على أثر ذلك معارك قضائية طويلة أمام محاكم مصرية وأوروبية بشأن تنفيذ الحكم وبطلانه، وسط اتهامات متبادلة بوقوع مخالفات قانونية.


ما إمكانية توجيه مصر ضربة عسكرية لـ«سد النهضة» الإثيوبي؟

صورة لـ«سد النهضة» وضعها آبي أحمد على صفحته الرسمية في «فيسبوك» يوم 26 أغسطس الماضي (صفحة آبي أحمد)
صورة لـ«سد النهضة» وضعها آبي أحمد على صفحته الرسمية في «فيسبوك» يوم 26 أغسطس الماضي (صفحة آبي أحمد)
TT

ما إمكانية توجيه مصر ضربة عسكرية لـ«سد النهضة» الإثيوبي؟

صورة لـ«سد النهضة» وضعها آبي أحمد على صفحته الرسمية في «فيسبوك» يوم 26 أغسطس الماضي (صفحة آبي أحمد)
صورة لـ«سد النهضة» وضعها آبي أحمد على صفحته الرسمية في «فيسبوك» يوم 26 أغسطس الماضي (صفحة آبي أحمد)

جددت مصر تهديدها باستخدام «كافة الوسائل المتاحة» للدفاع عن مصالحها المائية، وذلك في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة»، الذي أقامته الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتقول القاهرة إنه يهدد حصتها من المياه التي تعتمد عليها في تلبية احتياجاتها بأكثر من 90 في المائة.

وترى مصر أن المسار التفاوضي مع الجانب الإثيوبي «انتهى ووصل إلى طريق مسدود»، وفق تصريحات متلفزة لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد، شدد فيها على «حق بلاده كاملاً في استخدام الوسائل المتاحة طبقاً لما يكفله القانون الدولي للدفاع عن نفسها ومصالحها المائية».

وحول إذا ما كان يقصد الحل العسكري، جدد عبد العاطي التأكيد قائلاً إن «بلاده لديها الحق كاملاً في الدفاع عن نفسها وحقها في مياه النيل، وفقاً للقانون الدولي، حال وقوع ضرر على أمنها المائي».

ويعتقد عسكريون ودبلوماسيون مصريون أن لجوء القاهرة إلى «الخيار العسكري» في نزاع «سد النهضة» الإثيوبي، «أمر غير مفضل» في الوقت الراهن، وقالوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر ما زالت تفضل إنهاء الخلاف بالطرق السلمية وعبر الضغط الدولي، رغم وصول المفاوضات إلى طريق مسدود».

ودشنت أديس أبابا مشروع «سد النهضة» رسمياً في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط اعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان) للمطالبة باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «تشغيل السد»، بما لا يضر بمصالحهما المائية.

وبعد افتتاح الحكومة الإثيوبية مشروع السد، نددت القاهرة بتلك الخطوة، وأرسلت خطاباً إلى مجلس الأمن الدولي أكدت فيه أنها «لن تغض الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل».

وفي عام 2020، عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تفهمه للغضب المصري، إزاء «التعنت الإثيوبي» في الوصول لاتفاق بشأن السد، قائلاً: «سينتهي بهم الأمر إلى تفجير السدّ. قُلتها وأقولها بصوت عالٍ وواضح: سيُفجّرون هذا السدّ. وعليهم أن يفعلوا شيئاً».

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الأميركي في أكتوبر الماضي بشرم الشيخ (الرئاسة المصرية)

وقال الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج إن «التدخل العسكري يبقى حلاً أخيراً في التعامل مع قضية السد الإثيوبي، حال حدوث ضرر كبير لمصر في حصتها المائية»، وأضاف: «القاهرة لا تفضل هذا الخيار، ولن تلجأ إليه إلا حينما تفشل جميع السبل الدبلوماسية والسياسية في إنهاء النزاع القائم مع أديس أبابا».

ورغم وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، يعتقد فرج أن «فرص الحل السياسي ما زالت مطروحة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الولايات المتحدة سبق وأن اتخذت خطوات فعلية لإنهاء النزاع، في الفترة الأولى لولاية الرئيس الحالي دونالد ترمب»، مشيراً إلى أنه «إذا قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة لواشنطن قريباً، ربما ستشهد اختراقاً لقضية السد الإثيوبي مرة أخرى».

واستضافت واشنطن خلال ولاية ترمب الأولى جولة مفاوضات عام 2020، بمشاركة البنك الدولي، ورغم التقدم الذي شهدته المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، لكنها لم تصل إلى اتفاق نهائي، بسبب رفض الجانب الإثيوبي التوقيع على مشروع الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه وقتها.

وتتبنى الحكومة المصرية عقيدةً عسكريةً قائمة على «الدفاع عن أمنها وحقوقها وليس الاعتداء»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، اللواء عادل العمدة، الذي أضاف قائلاً إن «التلويح باستخدام كافة الوسائل المتاحة وفقاً للقانون الدولي، نوع من الردع، لعدم التمادي في الإضرار بحقوق مصر المائية».

وأشار العمدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القاهرة حريصة على احترام المعاهدات والاتفاقات التي وقعت عليها، وتعمل في الوقت نفسه على طرق جميع مسارات التفاوض والحلول السلمية، وحال الوصول لطريق مسدود، ستغلب المصلحة العامة وفقاً للقانون الدولي»، عاداً سياسية أديس أبابا في عدم الوصول لحل في قضية السد «محاولة لإطالة أمد الصراع مع دولتي المصب، لاستخدامه ورقةً سياسيةً داخليةً».

في الوقت نفسه، يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، أن «الخيار العسكري حل يكفله القانون الدولي، وفقاً للفصل السادس والسابع من مجلس الأمن»، وأضاف: «يدخل في باب حق الدفاع عن النفس والحقوق المائية المصرية، ولا يدخل في باب الاعتداء»، مشيراً إلى أن «القاهرة لجأت أكثر من مرة لمجلس الأمن للتأكيد على هذا الحق».

وسبق وقدمت الحكومة المصرية أكثر من خطاب إلى مجلس الأمن الدولي، تحتج فيه على التصرفات الإثيوبية الأحادية، وقالت وفقاً لإفادات لوزارة الخارجية، إن «السد الإثيوبي يمثل خطراً وجودياً عليها»، وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة، بعد 13 عاماً من التفاوض»، وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل لحل».

ويعتقد حليمة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطرق السلمية ما زالت متاحة، وتشمل مراجعة أديس أبابا لمواقفها والتخلي عن سياسة الأمر الواقع والتصرف الأحادي في إدارة وتشغيل السد، وأن تخرج في حوار مع دولتي المصب بحسن نية وصولاً لاتفاق ينظم عمل السد بما لا يضر بمصالح مصر والسودان».


37 قتيلاً في فيضانات مفاجئة ضربت بلدة ساحلية مغربية

عمال البلدية يرفعون الركام من أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الاثنين (أ.ف.ب)
عمال البلدية يرفعون الركام من أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الاثنين (أ.ف.ب)
TT

37 قتيلاً في فيضانات مفاجئة ضربت بلدة ساحلية مغربية

عمال البلدية يرفعون الركام من أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الاثنين (أ.ف.ب)
عمال البلدية يرفعون الركام من أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الاثنين (أ.ف.ب)

قضى 37 شخصاً، أمس (الأحد) في مدينة آسفي على ساحل المحيط الأطلسي بالمغرب، جراء فيضانات مفاجئة أعقبت هطول أمطار غزيرة تسببت في تسرب المياه إلى الكثير من المنازل، والمتاجر، في أعلى عدد وفيات ناجم عن مثل هذه الأحوال الجوية في المغرب منذ عقد.

وأفادت السلطات المحلية بأن آسفي الواقعة على بعد نحو 300 كيلومتر جنوب الرباط تعرضت لعواصف رعدية شديدة تسببت في تدفقات سيول استثنائية خلال ساعة واحدة.

وأعلنت في حصيلة محدثة «حسب المعطيات المتوفرة إلى حدود صباح، اليوم الاثنين، ارتفعت حصيلة الخسائر البشرية الناجمة عن التساقطات الرعدية الاستثنائية التي شهدها الإقليم (...) إلى سبعة وثلاثين (37) وفاة».

مغاربة يعاينون أضرار الفيضانات في أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الانين (أ.ف.ب)

وأضافت أن 14 شخصاً يخضعون «للعلاجات الطبية بمستشفى محمد الخامس بآسفي، من ضمنهم شخصان بقسم العناية المركزة»، لافتة إلى استمرار «عمليات التمشيط الميداني، والبحث، والإسعاف، وتقديم الدعم، والمساعدة» للمتضررين.

وقالت إحدى سكان المدينة، مفضلة عدم ذكر اسمها، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «فقدت كل أمتعتي لولا أن إحدى جاراتي منحتني غطاء، لم يبق لي أي شيء. أتمنى أن تساعدني السلطات، أو المحسنون».

وراء أسوار المدينة العتيقة، التي تضم أزقة تجارية، انحسرت المياه، وبدأ السكان يقفون على الخسائر الأولية.

وقال تاجر يدعى عبد القادر مزراوي (55 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الخسائر كبيرة، تجار المجوهرات فقدوا كل بضاعتهم (...)، وكذلك أصحاب محلات الملابس».

وأعرب مزراوي عن أمله في أن «تقدم السلطات تعويضات لأصحاب المحلات»، لأن «الخسائر كبيرة جداً».

مغربيان يستعملان سطلين لرفع الماء والطين من باحة منزلهما في بلدة آسفي الساحلية الاثنين (أ.ف.ب)

تعليق الدراسة

وأعلنت وزارة التربية الوطنية تعليق الدراسة بجميع المؤسسات التعليمية لمدة ثلاثة أيام، بسبب سوء الأحوال الجوية.

ومساء الأحد قال عضو فرق الإغاثة عز الدين قطّان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأثير النفسي للفاجعة جسيم في ظل العدد المرتفع للوفيات»، مشيراً أيضاً إلى أضرار مادية جسيمة مع «متاجر غمرتها المياه»، إضافةً إلى موقف سيارات.

وأضاف: «الصعوبات الأساسية التي واجهناها تمثلت في قلة الإضاءة، والخوف من حدوث تماس كهربائي، لكن الحمد لله تمكنا من إنقاذ (أشخاص)».

تعد ظروف الطقس الحادة، مثل الأعاصير، وموجات الحر، والفيضانات، والجفاف ظواهر طبيعية. لكن الاحترار العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات الدفيئة التي تتسبب بها الأنشطة البشرية يمكن أن يزيد من مدّتها، وحجمها، وتكرارها وقد يؤدي إلى تغيّر في المناطق الجغرافية لحدوثها، أو توقيتها.

مغاربة يشاركون في إزالة أضرار الفيضانات في أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الأحد (إ.ب.أ)

وحذّرت مديرية الأرصاد الجوية في نشرة سابقة من «تسجيل أمطار قوية، وتساقطات ثلجية، ورياح عاصفية قوية ابتداء من الأحد بعدد من مناطق المملكة»، بينها آسفي.

وأظهرت صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي سيلاً جارفاً من المياه الموحلة يجتاح شوارع مدينة آسفي، ويجرف السيارات، والنفايات. كما أظهرت مشاهد أخرى ضريحاً غارقاً جزئياً، وقوارب للدفاع المدني تستجيب لنداءات إنقاذ من السكان.

وأفادت السلطات بأن ما لا يقل عن 70 منزلاً ومتجراً في المدينة القديمة بآسفي غمرتها المياه، مع جرف عشر سيارات، وتضرر جزء من الطريق، ما أدى إلى اختناقات مرورية في شوارع عدة بالمدينة.

وقال حمزة الشدواني، أحد سكان آسفي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنه يوم حزين».

«وضع استثنائي»

بحلول المساء، انحسر منسوب المياه تاركاً وراءه مشهداً من الوحل، والسيارات المقلوبة. وشاهد المارة تدخل قوات الإغاثة، ووحدات الوقاية المدنية التي عملت آلياتها على إزالة الأنقاض في النقاط التي لا تزال مغمورة بالمياه، وفق صور التقطها مصورو «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتواصل الجهود للبحث عن ضحايا محتملين، وتسعى السلطات إلى «تأمين المناطق المتضررة» و«تقديم الدعم، والمساعدة اللازمين للسكان المتضررين من هذا الوضع الاستثنائي»، على ما أفاد مسؤولون في مدينة آسفي.

مغاربة يعاينون أضرار الفيضانات في أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الاثنين (أ.ب)

وأعلنت المديرية العامة للأرصاد الجوية، السبت، عن تساقط للثلوج على ارتفاع 1700 متر وما فوق، بالإضافة إلى أمطار غزيرة مصحوبة أحياناً بعواصف رعدية في أقاليم عدة بالمملكة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتوقعت المديرية مساء الأحد هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية محلية الثلاثاء في جميع أنحاء البلاد.

ولا تُعدّ الأحوال الجوية القاسية، والفيضانات أمراً غير مألوف في المغرب، الذي يعاني مع ذلك من جفاف حاد للعام السابع على التوالي.

وفي سبتمبر (أيلول) 2014، تسببت الأحوال الجوية القاسية في فيضانات بجنوب البلاد، وجنوب شرقها، ما أسفر عن وفاة 18 شخصاً.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، لقي أكثر من 30 شخصاً حتفهم في جنوب البلاد إثر أمطار غزيرة تسببت في فيضان العديد من الأنهار عند سفوح جبال الأطلس.

وفي عام 1995، لقي مئات الأشخاص حتفهم في فيضانات مدمرة ضربت وادي أوريكا، على بُعد 30 كيلومتراً جنوب مراكش في وسط المغرب.