يُعدّ نجم خط الوسط الإسباني رودري أحد أفضل لاعبي مانشستر سيتي هذا الموسم، إن لم يكن الأفضل بالفعل، فهو يتميز بالهدوء ورباطة الجأش والقدرة على التمرير في المساحات الضيقة والتحكم في إيقاع ورتم المباريات على مستوى النخبة. يضم مانشستر سيتي كوكبة من النجوم بقيادة المهاجم النرويجي العملاق إيرلينغ هالاند، الذي يحتل عناوين الصحف باستمرار، لكن رودري قد يكون اللاعب الأكثر أهمية بالنسبة للمدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا فيما يتعلق بالتمريرات والتحركات داخل المستطيل الأخضر، بل وربما يكون أكثر أهمية من هالاند، الذي سجل 49 هدفاً للسيتيزنز هذا الموسم!
بعد مرور سبع وعشرين دقيقة من مباراة الذهاب للدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا أمام بايرن ميونيخ، أوضح رودري السبب الذي يجعله أهم لاعب في الفريق، عندما أحرز هدفاً من تسديدة استثنائية كان بمثابة البداية المثالية لفوز النادي الإنجليزي بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في مجموع مباراتي الذهاب والعودة. تسلم رودري الكرة من جون ستونز على بُعد 25 ياردة من المرمى قبل أن يطلق تسديدة مدوية في الزاوية الضيقة لحارس بايرن ميونيخ، يان سومر. يمتلك رودري إرادة حديدية وشخصية قوية تجعله يتألق في المباريات والمحافل الكبرى. ففي الجولة الأخيرة للدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي أمام أستون فيلا، سجل هدفاً رائعاً من تسديدة بعيدة المدى ليساعد مانشستر سيتي على إدراك التعادل بعدما كان متأخراً بهدفين دون رد، قبل أن يفوز فريقه بالمباراة بثلاثة أهداف مقابل هدفين ويحصد اللقب.
والآن، يسعى مانشستر سيتي لحصد الثلاثية التاريخية؛ وهو الأمر الذي يحلم به رودري، البالغ من العمر 26 عاماً، والذي يقول بلغة إنجليزية متقنة «هذا هو ما نعمل من أجله. لا تزال الطريق طويلة، لكننا نركز على كل مباراة على حدة، ولا نفكر سوى في المباراة القادمة. لدينا نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، وهي مسابقة مهمة للغاية بالنسبة للنادي، وبالنسبة لي شخصياً؛ لأنها ستكون المرة الأولى التي أفوز فيها بكأس الاتحاد الإنجليزي».
وفاز مانشستر سيتي على شيفيلد يونايتد في مباراة الدور نصف النهائي على ملعب ويمبلي بثلاثية نظيفة، وهي المباراة التي شهدت تألقاً لافتاً من النجم الجزائري رياض محرز، الذي سجل الأهداف الثلاثة لفريقه. وبذلك، تأهل مانشستر سيتي للمباراة النهائية التي ستقام في الثالث من يونيو (حزيران) المقبل، وضرب موعداً مع مانشستر يونايتد الفائز على برايتون في نصف النهائي الآخر. وتفوق مانشستر سيتي دون عناء على ضيفه آرسنال المتصدر (4 - 1) الأربعاء الماضي وقطع خطوة مهمة نحو الاحتفاظ بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
ولكي يحافظ مانشستر سيتي على آماله في الفوز بالثلاثية التاريخية هذا الموسم، يتعين عليه أن يتجاوز ريال مدريد في الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا. وكان النادي الملكي، بقيادة المدير الفني الإيطالي كارلو أنشيلوتي، قد أطاح بمانشستر سيتي من الدور نفسه الموسم الماضي. كان مانشستر سيتي متقدماً بخمسة أهداف مقابل ثلاثة في مجموع مباراتي الذهاب والعودة قبل دقائق معدودة من نهاية المباراة الثانية، قبل أن يقلب ريال مدريد الطاولة تماماً ويحرز رودريغو هدفين في الدقيقة الـ90، ثم سجل كريم بنزيمة هدف التأهل في الوقت الإضافي.
يدرك رودري أن ما حدث في تلك المباراة من الممكن أن يكون بمثابة حافز كبير للاعبي مانشستر سيتي، ويقول «عندما تتعرض لهزيمة ثقيلة، فإنك دائماً ما تتعلم ما حدث؛ لأن ذلك يمنحك المزيد من الخبرات. سيبذل الفريق قصارى جهده ويحاول الخروج بنتيجة مختلفة». يقول رودري عما تغير عن السابق «لقد أدركنا حقيقة أنه يتعين علينا أن نعاقب منافسينا. كنا نلعب كرة قدم جيدة، لكننا لم نكن نتمتع بنفس ثبات المستوى الذي نحن عليه الآن».
ويضيف «نحن نعلم الآن أنه إذا كنا نريد تحقيق كل شيء، فيتعين علينا أن نلعب كل مباراة وكأنها مباراة نهائية يتعين علينا الفوز بها - هذه هي العقلية التي نتحلى بها. إنه شيء نشعر به بداخلنا ونتحدث به فيما بيننا. لا يكفي أن تلعب بشكل جيد، بل يتعين عليك أن تعاقب المنافسين. أتذكر ما حدث في مباراة نوتنغهام (التعادل 1 - 1 مع نوتنغهام فورست في فبراير/شباط) ، فما حدث في هذا النوع من المباريات لا يجب أن يحدث مرة أخرى». ويتابع «في بعض الأحيان عندما تستقبل أخباراً سيئة أو تعاني لحظات سيئة، فإن ذلك قد يساعدك على التحسن والتطور، والتعلم مما حدث. منذ تلك اللحظة ونحن نعمل بشكل مختلف، ويمكنك أن ترى انعكاس ذلك على سلوك وشخصية الفريق. هذا هو الجانب الذي تحسنا وتطورنا فيه: أعني بذلك القدرة على حسم المباريات. ويمكنك أن ترى أننا تمكنا خلال الأشهر الماضية من استغلال جميع الفرص التي أتيحت لنا تقريباً».
وعلى الرغم من كرة القدم الممتعة التي يقدمها مانشستر سيتي والتي تعتمد على التمريرات الدقيقة والاستحواذ المستمر على الكرة، فإن الفريق يتميز أيضاً بالقوة البدنية الهائلة، وهو الأمر الذي يتجسد أيضاً في رودري، الذي يصل طوله إلى 1.91 متر، والذي يقول «الأساسيات في كرة القدم الحديثة الآن هي أن تكون شرساً وقوياً وتتسم بالصلابة الشديدة. انظر إلى إيرلينغ هالاند وكيفن دي بروين، اللذين بذلا جهداً هائلاً أمام آرسنال وقبلها أمام بايرن ميونيخ، فلا يمكنك أن ترى لاعبين يمتلكون مثل هذه المهارات والإمكانيات ويواصلون الركض داخل الملعب بهذه الطريقة. هذا هو مفتاح النجاح».
ويعكس ناثان أكي أيضاً الإرادة التي أصبح مانشستر سيتي يتحلى بها في الآونة الأخيرة. ويقول «مباريات مثل هذه ربما كانت قبل أن ندافع بالقدر نفسه الذي نفعله الآن، لكننا كنا نعلم أن الأمر سيكون صعباً، وقد قبلنا هذا التحدي وبذلنا قصارى جهدنا». وربما تكون الخسارة الوحيدة من مواجهة بايرن ميونيخ هي الإصابة التي تعرض لها آكي في أوتار الركبة، خاصة بعدما أصبح المدافع الهولندي عنصراً أساسياً ومحورياً في التشكيلة الأساسية لغوارديولا. وغاب أكي عن مواجهة آرسنال وقبلها أمام شيفيلد يونايتد في نصف نهائي كأس إنجلترا. ويقول أكي «آمل ألا تكون الإصابة سيئة جداً. لقد تعرضت لهذه الإصابة من قبل، لكنني أشعر بأنها أقل قوة هذه المرة، لكن لا يمكنك أن تجزم أبداً بدقة مثل هذه الأشياء؛ لذلك سوف أخضع لكشف طبي بالموجات فوق الصوتية».
وأصبح مانشستر سيتي على بُعد شهرين من المجد المحتمل بالفوز بالثلاثية التاريخية المتمثلة في كأس الاتحاد الإنجليزي، والدوري الإنجليزي الممتاز، ودوري أبطال أوروبا. ولكي ينجح النادي في تحقيق هذا الإنجاز الاستثنائي، يجب أن يكون رودري لائقاً طوال الوقت؛ لأنه واحد من أهم لاعبي مانشستر سيتي – إن لم يكن الأهم – هذا الموسم!