إدارة بايدن متخوفة من فشل «هجوم الربيع» الأوكراني

إدارة بايدن متخوفة من فشل «هجوم الربيع» الأوكراني
TT

إدارة بايدن متخوفة من فشل «هجوم الربيع» الأوكراني

إدارة بايدن متخوفة من فشل «هجوم الربيع» الأوكراني

مع اقتراب موعد شن أوكرانيا هجومها المضاد، تزايدت الأسئلة والتوقعات، وكذلك التحديات، عن احتمالات فشل هذا الهجوم، وانعكاساته على كل من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. ونشرت وسائل إعلام أميركية عدة، تقارير «حذرة»، تتحدث عن تداعيات هذا الفشل، وعن العيوب التي تقف في وجه الاستجابة الكافية للتحدي الذي تفرضه الحرب الأوكرانية، على استراتيجيات الغرب، في مواجهة طموحات الصين وروسيا معاً، «لتغيير النظام الدولي القائم منذ 75 عاماً».
تقول صحيفة «بوليتيكو» إن فريق الرئيس الأميركي جو بايدن يخشى وراء الأبواب المغلقة، من تداعيات الهجوم المضاد الأوكراني الفاشل، وتشعر إدارته بالقلق بشأن ما يمكن أن تحققه أوكرانيا. وفيما تستعد إدارة بايدن بهدوء لاحتمال أنه إذا لم يرق الهجوم المضاد إلى مستوى التوقعات، فإن النقاد في الداخل والحلفاء في الخارج سوف يجادلون بأن أميركا قد فشلت أيضاً.
في المقابل، تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» عن لهجة جديدة مختلفة عما كان عليه الوضع قبل شهرين فقط. وبعدما كانت الولايات المتحدة وحلفاء «الناتو» يتحدثون عن «صعوبات» تواجه تزويد أوكرانيا بالمعدات اللازمة للمعركة المتوقعة، ويعبرون عن قلقهم من أن الإمدادات قد لا تستمر، يقول المسؤولون الآن إنهم يأملون في أن تستمر تلك الإمدادات، بما يضمن تحقيق الأهداف.
يقول جون هاردي، نائب مدير برنامج روسيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن «الهجوم المضاد الأوكراني لديه فرصة جيدة للنجاح، لكن النجاح بالطبع ليس مضموناً أبداً». ويضيف هاردي لـ«الشرق الأوسط»: «ستواجه أوكرانيا دفاعاً روسياً راسخاً، بعد تلغيمها خطوط التقدم الأوكرانية المتوقعة، فضلاً عن تمتعها بكثافة قوة أكبر بكثير مما كانت عليه خلال خسارتها خاركيف وخيرسون، وتعبئة قواتها، وحقيقة أنه يتعين على القوات الروسية الآن الدفاع عن خط أمامي أقصر»؛ «لذلك قد لا تكون المواجهة سريعة وناجحة بشكل كبير كما حدث الصيف الماضي». ويضيف: «في الغرب، نحتاج إلى تعديل توقعاتنا وفقاً لذلك. ونحتاج أيضاً إلى تزويد أوكرانيا بكل ما تحتاجه لتحقيق النجاح، بما في ذلك المزيد من المركبات القتالية المدرعة، ومعدات الجسور وإزالة الألغام، وقدرات الضربة بعيدة المدى، والدفاع الجوي، وذخيرة المدفعية».
في العلن، تعرض إدارة بايدن دعماً ثابتاً لأوكرانيا، وتعهدت بتزويدها بالأسلحة والمساعدات الاقتصادية «طالما استغرق الأمر». ولكن، إذا لم يحقق الهجوم الوشيك سوى مكاسب محدودة، فيخشى مسؤولو الإدارة بشكل خاص من مواجهة «وحش برأسين»، من طرف الصقور والحمائم، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها. البعض سيحمل إدارة بايدن المسؤولية، بسبب إحجامها عن تزويد أوكرانيا بكل ما طلبته، أي الصواريخ طويلة المدى والطائرات المقاتلة والمزيد من الدفاعات الجوية. لكن على الجانب الآخر، هناك من يتحدث عن أن الفشل قد يكون مرده إلى عدم قدرة أوكرانيا على إجبار روسيا على الخروج من الأراضي التي احتلتها، في ظل عدم تناسب القوى، من دون تدخل مباشر من حلف «الناتو». ورغم ذلك، قد يفسر الأمر، خصوصاً من حلفاء واشنطن في أوروبا، على أن مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا، هي الخيار الأكثر جاذبية.
يقول هاردي: «يتطلع الكثير في الغرب إلى الهجوم المضاد لتحديد الخطوات التالية. إذا نجح الهجوم، فمن المرجح أن يلهم المزيد من المساعدات الغربية. وإذا فشل، فقد يدعو بعض صانعي السياسة الغربيين إلى محادثات سلام مبكرة على الرغم من أن بوتين لم يُظهر رغبة في سلام حقيقي». لكنه يضيف أن «الدعوة إلى محادثات سلام مبكرة سيكون نهجاً خاطئاً. مهما حدث في هذا الهجوم المضاد، فإنه لن ينهي الحرب. يجب على الولايات المتحدة وحلفائها مواكبة وتيرة مساعدتهم العسكرية لأوكرانيا؛ لمنع روسيا من قلب المد تدريجياً. وما دام بوتين غير راغب في قبول سلام حقيقي، فمن المرجح أن تضر المفاوضات أكثر مما تنفع».
وبحسب «بوليتيكو»، تؤكد إدارة بايدن على أنها تفعل كل ما في وسعها لإنجاح هجوم الربيع. وقال أحد المسؤولين، الذي لم يكشف عن هويته: «لقد أوشكنا على إكمال طلبات ما قالت أوكرانيا إنها بحاجة إليه للهجوم المضاد، حيث أرسلنا الأسلحة والمعدات خلال الأشهر القليلة الماضية». ويشير المزيد من التقييمات الأميركية الحالية إلى أن أوكرانيا قد تحقق بعض التقدم في الجنوب والشرق، لكنها لن تكون قادرة على تكرار النجاح الذي حققته صيف العام الماضي.
وبدا أن تلك المخاوف قد كشفتها تسريبات ما بات يعرف بـ«وثائق البنتاغون»، التي أفادت بأن أوكرانيا سوف «تقصر» عن أهدافها الهجومية المضادة، لكن هاردي يشكك لـ«الشرق الأوسط»، في أن تلعب تلك التسريبات دوراً مهماً في نتيجة الهجوم المضاد لأوكرانيا.
أوكرانيا تأمل في قطع الجسر البري الروسي إلى شبه جزيرة القرم، لكن المسؤولين الأميركيين يشككون الآن في حدوث ذلك. بيد أن البنتاغون لا يزال يأمل بأن أوكرانيا ستعيق خطوط الإمداد الروسية هناك، حتى لو انتهى الأمر بصعوبة تحقيق نصر كامل على القوات الروسية المحصنة حديثاً.
وتنقل «نيويورك تايمز» عن ألكسندر فيرشبو، السفير الأميركي السابق لدى روسيا والمسؤول البارز في «الناتو»، قوله: «كل شيء يتوقف على هذا الهجوم المضاد». «الجميع متفائل، وربما مفرط في التفاؤل. لكنه سيحدد ما إذا كانت ستكون هناك نتيجة لائقة للأوكرانيين، من حيث استعادة الأراضي في ساحة المعركة وخلق نفوذ أكبر بكثير للحصول على نوع من التسوية التفاوضية، أم لا».
وبينما يقول المسؤولون الأوكرانيون إن هدفهم اختراق الدفاعات الروسية، وخلق انهيار واسع النطاق في الجيش الروسي، قدّر المسؤولون الأميركيون أنه من غير المرجح أن يؤدي الهجوم إلى تحول كبير في الزخم لصالح أوكرانيا.
ويرى المسؤولون الأميركيون أن الجيش الأوكراني يواجه العديد من التحديات، التي قد تؤدي إلى استمرار الجمود، كنتيجة مرجحة. فالقتال في باخموت، شرق أوكرانيا، أدى إلى استنزاف احتياطيات الذخيرة وإلى خسائر فادحة في بعض الوحدات ذات الخبرة. ومع ذلك، يقول المسؤولون العسكريون الأميركيون، إنه من الممكن أن يفاجئهم الجيش الأوكراني مرة أخرى. وهم الآن مسلحون بالدبابات الأوروبية وناقلات الجند المدرعة الأميركية، ولديهم وحدات جديدة مدربة ومجهزة من قبل الأميركيين وقوات «الناتو». وقال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، للصحافيين خلال زيارة لواشنطن الأسبوع الماضي: «أنا متفائل بأنه بين هذا العام والعام المقبل، أعتقد أن أوكرانيا ستستمر في الحصول على الزخم معها»، مضيفاً: «أعتقد أيضاً أننا يجب أن نكون واقعيين. لن تكون هناك لحظة عصا سحرية واحدة عندما تنهار روسيا».
وفيما يتوقع المسؤولون الأميركيون أن يستخدم الجيش الأوكراني الخداع لإفقاد الجيش الروسي توازنه، يعتقدون أن أفضل فرصة لأوكرانيا لإنجاح هجومها المضاد، ستعتمد أيضاً على المعلومات الاستخبارية التي ستقدمها الولايات المتحدة وحلف «الناتو» واستخبارات كييف نفسها. وإذا تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من تحديد نقاط ضعف كبيرة في الدفاعات الروسية، فيمكن لأوكرانيا استغلالها بسرعة، وحماية الدبابات ومركبات برادلي القتالية. ومع ذلك، تقول «نيويورك تايمز» إن المكاسب الكبيرة ليست مضمونة، أو حتى محتملة بالضرورة.
ويقول تقرير في «أتلانتيك كاونسل» إن طبيعة الدعم الأميركي لأوكرانيا وحجمه ستتوقف في الأشهر الحاسمة المقبلة على سؤال واحد: ما التضحيات التي ترغب الولايات المتحدة وحلفاؤها في تقديمها في الوقت الحاضر لتأمين المستقبل؟ إذ، وعلى الرغم من أهمية الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لأوكرانيا حتى الآن، فإنه غير كافٍ لضمان فشل حرب بوتين. وإذا كانت حجة الرئيس الأميركي جو بايدن صحيحة، في أن مستقبل النظام العالمي يتم اختباره في أوكرانيا، فإن الرد لا يتناسب مع تلك المخاطر. ويتحدث التقرير عن «3 عيوب» تمنع الغرب من الارتقاء إلى مستوى التحدي التاريخي المتمثل في أوكرانيا. الأول، هو «أن الغرب يجب أن يردع نفسه حتى لا يثير رد فعل أكثر تصعيداً من بوتين، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية التكتيكية». لكن التجربة تظهر أن الحقيقة «هي أن إظهار العزيمة هو وحده الذي يردع الطغاة». والثاني «أن الولايات المتحدة بحاجة إلى تقليل التزاماتها في أوروبا لمواجهة التحدي العالمي الأكبر الذي تمثله الصين». لكن الحقيقة هي أن هذه المنافسات لا تنفصل، «وهذا ما أكده اجتماع بوتين الأخير مع الزعيم الصيني شي جينبينغ في موسكو». والثالث أن احتمال توسع حلف «الناتو» «هو الذي حرض بوتين على مهاجمة أوكرانيا». لكن الحقيقة هي «أن الفشل في تمديد هذا الضمان الأمني، الذي أبقى دول الكتلة السوفياتية السابقة الأخرى ومعظم أوروبا آمنة، هو الذي شجع بوتين على مهاجمة أوكرانيا».
ويضيف التقرير أنه بعد مرور عام على ضم بوتين لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، تحدث هنري كيسنجر، العضو الأطول خدمة في «أتلانتيك كاونسل»، حول كيفية اضطرار الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين إلى تغيير المسار لمواجهة التحديات العالمية الناشئة. وقال وزير الخارجية الأميركي الأسبق: «إن العلاقة الأطلسية التي تم تطويرها في البداية على أسس عسكرية واستراتيجية، يجب أن تمتد الآن إلى سؤال مفاهيمي»، مضيفاً: «ما الذي نحاول أن نحصل عليه؟ ما الذي نحاول منعه؟ وما التضحيات التي نحن على استعداد لتقديمها؟ لأن الأشياء العظيمة لا يمكن أن تتحقق من دون بعض التضحية بالحاضر من أجل احتياجات المستقبل». لكن منذ أن صعّد بوتين غزوه لأوكرانيا في عام 2022، غير كيسنجر، الذي كان لفترة طويلة ضد أي توسيع لحلف «الناتو»، وتوصل إلى قبول أن مثل هذا المسار سيكون ضرورياً لضمان الاستقرار الأوروبي. وقال في «دافوس» هذا العام، في المنتدى الاقتصادي العالمي، إن «فكرة أوكرانيا المحايدة في ظل هذه الظروف لم تعد مجدية. أعتقد أن العضوية الأوكرانية في (الناتو) ستكون نتيجة مناسبة».


مقالات ذات صلة

لافروف: أوروبا «تصب الزيت على النار» في الشرق الأوسط

أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)

لافروف: أوروبا «تصب الزيت على النار» في الشرق الأوسط

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الدول الأوروبية تسعى إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا انفجارات في سماء مدينة سيزران الروسية في مقاطعة سامارا خلال هجوم بطائرة مسيرة (وسائل إعلام أوكرانية)

أوكرانيا تقصف مصفاة نفط روسية قبل اجتماع زيلينسكي وترمب

قال ​الجيش الأوكراني، اليوم (الأحد)، إنه قصف مصفاة سيزران لتكرير النفط في ‌منطقة سامارا ‌الروسية ‌في ⁠هجوم ​بطائرات ‌مسيّرة خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يتحدث أثناء زيارته لأحد مراكز قيادة المجموعة المشتركة للقوات الروسية في موقع لم يُكشف عنه (أ.ب) play-circle

بوتين: سنحقق أهدافنا بالقوة في أوكرانيا إذا لم ترغب في السلام

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ليست في عجلة من أمرها لتحقيق السلام.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا العاصمة الأوكرانية كييف تغرق في الظلام بعد انقطاع الكهرباء عن أكثر من مليون منزل جراء غارات روسية (رويترز)

أكثر من مليون منزل دون كهرباء في كييف ومحيطها بعد ضربات روسية

انقطعت الكهرباء عن أكثر من مليون منزل في العاصمة الأوكرانية كييف ومحيطها، اليوم (السبت)، بعد غارات روسية جديدة، وفق ما أعلنت شركة «دتيك» الخاصة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رجل يخرج من منزل دُمّر بعد غارة روسية على كييف (أ.ب)

روسيا: نفذنا «ضربة واسعة النطاق» بأسلحة موجهة على منشآت البنية التحتية الأوكرانية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (السبت)، أنها نفذت «ضربة واسعة النطاق» الليلة الماضية، على منشآت البنية التحتية للطاقة التي تستخدمها القوات المسلحة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو )

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
TT

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)

تحقق الشرطة الأسترالية بشأن «حريق مشبوه» بعدما اندلعت النيران في سيارة وُضعت عليها لافتة للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في ملبورن، اليوم (الخميس).

وأُحرقت السيارة الخالية التي وُضعت على سقفها لافتة كُتب عليها «عيد حانوكا سعيد» بينما كانت متوقفة عند منزل، بحسب ما أظهرت صور بثّتها شبكة «إيه بي سي».

وذكرت شرطة فيكتوريا، في بيان، أن «الحريق المشبوه» وقع في الساعات الأولى من صباح الخميس في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن.

وتم إخلاء المنزل كإجراء احترازي.

وقالت الشرطة إن «المحققين تعرّفوا على شخص قد يكون قادراً على مساعدتهم في تحقيقهم ويجرون عمليات بحث بشأن مكانه».

وشددت السلطات الأسترالية القوانين والعقوبات المرتبطة بجرائم الكراهية بعد إطلاق النار الذي استهدف حفلاً لمناسبة «حانوكا» على شاطئ بونداي في سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

وقال الحاخام إيفي بلوك من كنيس حاباد في سانت كيلدا إنه من الواضح أن حادثة إحراق السيارة تندرج في إطار الاعتداءات المعادية للسامية.

وأفاد لوكالة الصحافة الفرنسية: «نشكر الله لأن أحداً لم يتعرض إلى الأذى... لكن ما يجري هو تصعيد متواصل مع تكرار هذه الأحداث».

وأضاف: «لا يشعر أفراد جاليتي اليهودية في سانت كيلدا وملبورن بالأمان في منازلهم وبلدهم».


تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
TT

تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)

أدانت المفوضية الأوروبية ومسؤولون في الاتحاد، الأربعاء، بشدة العقوبات الأميركية المفروضة على خمس شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا، ومن بينها المفوض السابق تييري بروتون.

كانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، الثلاثاء، حظر منح تأشيرات دخول لبروتون وأربعة نشطاء، متهمة إياهم بالسعي إلى «إجبار» منصات التواصل الاجتماعي الأميركية على فرض رقابة على وجهات النظر التي يعارضونها.

وصعّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماتها على قواعد الاتحاد الأوروبي بعدما فرضت بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر غرامة على شركة «إكس» التابعة لإيلون ماسك، لانتهاكها بنود قانون الخدمات الرقمية (DSA) المتعلقة بالشفافية في الإعلانات وطرقها، لضمان التحقق من المستخدمين، ومن أنهم أشخاص حقيقيون.

«محاولة للطعن في سيادتنا»

وجاء في بيان صادر عن المفوضية: «لقد طلبنا توضيحات من السلطات الأميركية وما زلنا على تواصل معها. وإذا لزم الأمر، فسنرد بسرعة وحزم للدفاع عن استقلاليتنا التنظيمية ضد الإجراءات غير المبررة».

وأضافت: «تضمن قواعدنا الرقمية بيئة عمل آمنة وعادلة ومتكافئة لجميع الشركات، ويتم تطبيقها بشكل عادل ودون تمييز»، مشددة على أن «حرية التعبير حق أساسي في أوروبا، وقيمة جوهرية مشتركة مع الولايات المتحدة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المفوضية إن «الاتحاد الأوروبي سوق موحدة مفتوحة وقائمة على القواعد، وله الحق السيادي في تنظيم النشاط الاقتصادي، بما يتماشى مع قيمنا الديمقراطية والتزاماتنا الدولية».

بدورها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن «قرار الولايات المتحدة فرض قيود على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين غير مقبول»، وإن «فرض أميركا قيوداً على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين محاولة للطعن في سيادتنا».

وأضافت أن أوروبا «ستواصل الدفاع عن قيمها والقواعد الرقمية العادلة والحق في تنظيم فضائنا الخاص».

«يرقى إلى مستوى الترهيب»

ونددت دول في الاتحاد الأوروبي بالإجراء الأميركي.

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، أن حظر التأشيرات «يرقى إلى مستوى الترهيب والإكراه ضد السيادة الرقمية الأوروبية».

وقال على «إكس»: «تدين فرنسا قرارات تقييد التأشيرات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد تييري بروتون وأربع شخصيات أوروبية أخرى»، مؤكداً أن الأوروبيين سيواصلون الدفاع عن «سيادتهم الرقمية» و«استقلالهم التنظيمي».

بدوره، أعلن متحدث ​باسم الحكومة البريطانية، الأربعاء، أن بريطانيا ملتزمة بدعم الحق في حرية التعبير. وقال في بيان نقلته وكالة «رويترز»: «مع أن كل ⁠دولة تمتلك الحق في ‌وضع قواعد التأشيرات ‍الخاصة بها، إلا أننا ‍ندعم القوانين والمؤسسات التي تعمل على إبقاء (شبكة) الإنترنت خالية من ​المحتوى الأكثر ضرراً».

وأضاف: «يجب ألا تُستخدم ⁠منصات التواصل الاجتماعي لنشر مواد الاستغلال الجنسي للأطفال أو التحريض على الكراهية والعنف أو نشر معلومات زائفة ومقاطع فيديو لهذا الغرض».

وفي برلين، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن القرار «غير مقبول»، مضيفاً: «يضمن قانون الخدمات الرقمية أن أي نشاط غير قانوني خارج الإنترنت، يكون غير قانوني أيضاً عبر الإنترنت».

«إجراءات غير مقبولة بين الحلفاء»

كما دانت وزارة الخارجية الإسبانية حظر التأشيرات، منددة بـ«إجراءات غير مقبولة بين الشركاء والحلفاء».

وقالت في بيان: «تعرب الحكومة الإسبانية عن تضامنها مع المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون وقادة منظمات المجتمع المدني الذين يكافحون التضليل وخطاب الكراهية»، مشددة على أن ضمان «مساحة رقمية آمنة» أمر «أساسي للديمقراطية في أوروبا».

وشمل الحظر بروتون، المسؤول الأوروبي السابق عن تنظيم قطاع التكنولوجيا، الذي غالباً ما تصادم مع كبار النافذين فيه مثل ماسك بشأن التزاماتهم قواعد الاتحاد الأوروبي.

كما استهدف الإجراء عمران أحمد من مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH)، وهي منظمة تحارب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة والكاذبة، وآنا لينا فون هودنبرغ وجوزفين بالون من منظمة «هايت إيد» (HateAid) الألمانية، وكلير ميلفورد التي تقود مؤشر التضليل العالمي (GDI) ومقره المملكة المتحدة.

«إدارة تحتقر سيادة القانون»

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية والخدمات ستيفان سيجورنيه، الأربعاء، إن العقوبات الأميركية على سلفه، لن تمنعه من القيام بعمله.

وكتب على منصة «إكس»: «لقد عمل سلفي تييري بروتون بما يخدم المصلحة العامة الأوروبية، ملتزماً بالتفويض الذي منحه الناخبون عام 2019».

وأضاف: «لن تسكت أي عقوبة سيادة الشعوب الأوروبية. تضامني الكامل معه ومع جميع الأوروبيين المتضررين».

ونددت منظمة «هايت إيد» بالعقوبات. ووصفت في بيان الخطوة الأميركية بأنها «عمل قمعي من قبل إدارة تحتقر سيادة القانون بشكل كبير، وتحاول بكل الوسائل إسكات منتقديها».

ويقود ترمب هجوماً كبيراً على قواعد التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي التي تفرض لوائح على ضوابط مثل الإبلاغ عن المحتوى الإشكالي، وهو ما تعده الولايات المتحدة هجوماً على حرية التعبير.

وقد نددت واشنطن بالغرامة البالغة 140 مليون دولار التي فرضها الاتحاد الأوروبي في بداية ديسمبر (كانون الأول) على منصة «إكس» المملوكة لماسك، ووصفها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنها «هجوم على جميع منصات التكنولوجيا الأميركية والشعب الأميركي من جانب حكومات أجنبية».


ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
TT

ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)

أقرت ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا، الأربعاء، حزمة واسعة من القواعد الجديدة المتعلقة بحيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب، وذلك عقب واقعة إطلاق النار العشوائي التي حدثت على شاطئ بونداي، وأدت إلى فرض «قيود على حيازة الأسلحة النارية» وحظر عرض «الرموز المتعلقة بالإرهاب» في الأماكن العامة، و«تعزيز صلاحيات الشرطة للحد من الاحتجاجات».

وأقر برلمان ولاية نيو ساوث ويلز مشروع قانون لتعديل تشريع الإرهاب وتشريعات أخرى، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بعد أن وافقت الغرفة العليا في البرلمان عليه، بغالبية 18 صوتاً مقابل 8 أصوات، خلال جلسة طارئة.

كريس مينز رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز (رويترز)

وقال كريس مينز، رئيس وزراء نيو ساوث ويلز، إن بعض السكان في الولاية يرفضون حزمة التعديلات ‌الصارمة، لكنه أكد ‌أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على سلامة ‌المواطنين.

يأتي ​ذلك ‌في أعقاب إطلاق النار الذي وقع في 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، خلال احتفال بعيد «حانوكا» اليهودي، وأدى إلى مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات.

وأضاف مينز للصحافيين: «لقد تغيّرت سيدني وولاية نيو ساوث ويلز إلى الأبد نتيجة ذلك العمل الإرهابي».

وكانت الغرفة الأدنى في البرلمان أقرت مشروع القانون، الثلاثاء، بدعم من «حزب العمال» الحاكم المنتمي إلى تيار يسار الوسط، و«حزب الأحرار» المعارض، فيما عارض «الحزب الوطني» إجراء تعديلات على تشريعات الأسلحة، قائلاً إن «وضع حد لحيازة الأسلحة سيضر بالمزارعين».

وأدى هجوم بونداي المسلح، الأكثر ‌إزهاقاً للأرواح في أستراليا منذ نحو ‍3 عقود، إلى إطلاق دعوات لتشديد قوانين الأسلحة النارية، واتخاذ إجراءات أشد صرامة ضد معاداة السامية.

خبراء الأدلة الجنائية خلال معاينة جثة أحد الضحايا بموقع إطلاق النار بشاطئ بونداي في سيدني (أرشيفية - إ.ب.أ)

وتنص القوانين الجديدة على أن يكون الحد الأقصى لمعظم التراخيص الممنوحة للأفراد هو 4 قطع من الأسلحة النارية، مع السماح بما يصل إلى 10 للمزارعين.

وتعتقد الشرطة أن المسلحَين المشتبه في تنفيذهما الهجوم استلهما أفكارهما من تنظيم «داعش» الإرهابي. وقُتل أحد المنفذَين واسمه ساجد أكرم (50 عاماً) برصاص الشرطة، في حين اتُّهم ابنه نافيد (24 عاماً) بارتكاب 59 جريمة؛ منها القتل والإرهاب.

لكن جماعات ناشطة نددت بالقانون، وأشارت إلى عزمها الطعن فيه دستورياً. وقالت جماعات «فلسطين أكشن» و«يهود ضد الاحتلال» و«بلاك كوكاس»، إنها ستتقدم بطعن قانوني ضد ما وصفتها بأنها «قوانين قمعية مناهضة للاحتجاج» جرى تمريرها على عجل في برلمان الولاية.

وأضافت في بيان: «من الواضح أن حكومة (الولاية) تستغل هجوم بونداي المروع للدفع بأجندة سياسية تقمع المعارضة السياسية وانتقاد إسرائيل، وتحد من الحريات الديمقراطية».

لقطة من فيديو بصفحة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على «إكس» تُظهره وهو يلتقي بمستشفى في سيدني السوري أحمد الأحمد الذي انتزع سلاح أحد المهاجمَين خلال هجوم شاطئ بونداي (أ.ف.ب)

وتوعد رئيس الوزراء، أنتوني ألبانيزي، بتشديد الإجراءات ضد خطاب الكراهية، إذ تعتزم الحكومة الاتحادية تقديم تشريعات لتسهيل ملاحقة من يروجون للكراهية والعنف، وإلغاء أو رفض منح التأشيرة لأي شخص متورط في خطاب الكراهية.

ورداً على الانتقادات الموجهة للحكومة بأنها لا تبذل جهوداً كافية ‌للحد من معاداة السامية، قال ألبانيزي إنه تحدث إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، الثلاثاء، ودعاه إلى إجراء زيارة رسمية لأستراليا في أقرب وقت ممكن.

اعتقال مؤيد

وفي السياق ذاته، قالت شرطة أستراليا الغربية إن رجلاً اعتقل في بيرث عقب تحقيق في كتابته «تعليقات معادية للسامية على مواقع التواصل الاجتماعي». وبعد ساعات من الهجوم المميت على احتفال يهودي بشاطئ بونداي تردد أن الرجل أبدى دعمه لمطلقَي النار عبر تطبيق «إنستغرام». ونقلت وسائل الإعلام المحلية المنشور الذي يقول: «أدعم مائة في المائة مطلقَي النار في نيو ساوث ويلز. الحق في الدفاع عن النفس ضد اليهود، وكل اليهود المستقبليين». واتُّهم الرجل، الذي يبلغ 39 عاماً، «بارتكاب سلوك يهدف إلى المضايقة العنصرية، وحمل أو حيازة سلاح ممنوع، وتخزين سلاح ناري ومواد ذات صلة في مخزن غير ملائم».

رواد شاطئ بونداي يفرون بعد إطلاق النار (أ.ف.ب)

وصادرت الشرطة كثيراً من الأسلحة المسجلة، وكذلك كمية من الذخيرة عند تنفيذ مذكرة تفتيش بمنزل الرجل، الثلاثاء، في إطار «عملية دالوود» التي أطلقتها شرطة أستراليا الغربية عقب الهجوم الإرهابي بشاطئ بونداي. وقالت نائبة رئيس وزراء أستراليا الغربية، ريتا سافيوتي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، إن الشرطة عثرت «على أسلحة ممنوعة وأعلام على صلة (بميليشيا) حزب الله و(حماس)». وقالت شبكة «إيه بي سي» الأسترالية إن ممثلي الادعاء قالوا، أمام إحدى محاكم بيرث، إن قائمة تسوق لإعداد قنبلة، و6 بنادق مسجلة، ونحو 4 آلاف طلقة، عثر عليها في مقر سكن الرجل».