السودان... هل الحرب الأهلية على الأبواب؟

(تحليل إخباري)

الخرطوم انطلقت منها شرارة الحرب لأول مرة منذ استقلال السودان 1956 (أ.ف.ب)
الخرطوم انطلقت منها شرارة الحرب لأول مرة منذ استقلال السودان 1956 (أ.ف.ب)
TT

السودان... هل الحرب الأهلية على الأبواب؟

الخرطوم انطلقت منها شرارة الحرب لأول مرة منذ استقلال السودان 1956 (أ.ف.ب)
الخرطوم انطلقت منها شرارة الحرب لأول مرة منذ استقلال السودان 1956 (أ.ف.ب)

كل شيء كان معداً لإطلاق العملية السياسية، بعد بلوغ مراحلها النهائية والحاسمة. تناول جنرالات السودان العشاء في الليلة الفاصلة، مع مفاوضي السلام، ثم بدأوا الحرب في اليوم التالي.
كان كثير من السودانيين والمراقبين يشككون في مضي العملية السياسية إلى مبتغاها الأخير، لعلمهم بحجم الخلافات والاتهامات المتبادلة بين العسكريين، كما أنَّ الاتفاق السياسي يواجه مقاومة أيضاً من أنصار النظام السابق من الإسلامويين الذين هدَّدوا جهاراً نهاراً بإسقاط الحكومة المرتقبة، سلماً أو عنوة.
وعندما أعلنت قوى «الحرية والتغيير»، التي تقود العملية السياسية، الجداول الزمنية لتوقيع «الاتفاق النهائي»، والوثيقة الدستورية، وتشكيل هياكل السلطة الانتقالي، وحددت الأول من أبريل (نيسان) الماضي موعداً لانطلاقتها، سخر كثيرون من الخطوة، واعتبروها «كذبة أبريل».
كانت الأجواء ملبدة بالغيوم، وتنبئ بانفجار وشيك، رغم تطمينات تصدر من هنا وهناك من السياسيين، والعسكريين، بأن الأمور لن تخرج عن السيطرة. لكن الحرب انطلقت شرارتها، قبل أن يجف حبر التصريحات.
وانطلقت الحرب من مدينة مروي الشمالية، إلى العاصمة الخرطوم، ودخلت مدناً أخرى، الفاشر ونيالا (غرباً) والأبيض (وسط). قبل أن تتمركز في العاصمة بمدنها الثلاث، كحرب مدن وشوارع.
حسب المختصين العسكريين، فإن حرب المدن هي من أخطر أنواع الحروب؛ لأن خسائرها عادة تكون كبيرة بين المدنيين والممتلكات العامة. بعكس الحروب التي يكون رحاها الغابات والصحراء.
والآن يضع السودانيون أيديهم على قلوبهم خوفاً من تحول هذه الحرب إلى أهلية شاملة، خاصة أن التربة السودانية الخصبة تساعد على قيامها بشكل متزايد.
فانتشار الجيوش السودانية التابعة للجماعات المسلحة العائدة إلى البلاد بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وعددها يفوق الثمانية، موجودة داخل العاصمة وخارجها. وقد تسهم مع الانفلاتات الأمنية الحاصلة، والسلاح المنفلت في أيدي مجموعات صغيرة في المدن والأحياء، في توسع رقعة الحرب.
وتزداد المخاوف من دخول هذه الجيوش في أتون الحرب، بالانحياز إلى أحد الطرفين.
ووفقاً لمؤشر الدول الهشة العالمي، فإن السودان يحتل مركزاً مميزاً ببن هذه الدول، طيلة السنوات السبع الأخيرة. وتعتبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقريرها السنوي أنّ السودان هو من الدول الأكثر هشاشة، ولديه قدرات ضعيفة على القيام بوظائف الحوكمة الأساسية، ويفتقر إلى القدرة على تطوير علاقات بناءة متبادلة مع المجتمع. وفي هذه الحالة يبقى سقف المخاوف عالياً.
وتعد المنظمة الدول الهشّة أيضاً أكثر ضعفاً على صعيد الصدمات الداخلية أو الخارجية، مثل الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية أو الحروب.
وبالنظر إلى حالة الهشاشة التي يعيشها السودان، في كل جوانب واقعه، فإن تطاول أمد النزاع المسلح الحالي يهدد بانزلاقه إلى حرب أهلية وفوضى شاملة.
تقول رشا عوض، المحللة السياسية رئيسة تحرير صحيفة «التغيير» السودانية، أن البلاد في خطر شديد، وهناك مخاوف من أن تنزلق في حرب أهلية، مشيرة إلى وجود جهات تعمل على تذكية الأوضاع. وتقول إن فلول النظام السابق يعملون على نشر خطاب الكراهية والعنصرية، وهو ما يولد أرضية خصبة للأعمال الإرهابية إذا وجد صداه بين المتطرفين والمتحمسين دون وعي أو إدراك.
وتؤكد عوض أن الحرب الحالية قامت لأسباب سياسية، ولا يمكن اختزالها في التحركات الأخيرة، ومن الذي بدأ ومن الذي أطلق النار. «هي حرب خطط لها بعناية من قبل فلول النظام السابق».
وتنتشر حالياً تسجيلات صوتية في «السوشيال ميديا»، من قادة بارزين للنظام السابق تتوعد وتبث خطاب الكراهية وتحرض على سجن ومعاقبة، بل وقطع رأس كل من يقف مع متمردي «الدعم السريع». وتشير التقارير إلى وجود ميداني كبير لكتائب الظل الإسلاموية والأمن الشعبي والدفاع الشعبي وهيئة عمليات جهاز الأمن التي تتبع الحركة الإسلامية (عناصر النظام السابق)، تعمل على الأرض بشكل واضح.
وتشير عوض إلى أن هذه الجهات تسعى بجدّ لانتزاع هذه الحرب من سياقها الموضوعي كصراع على السلطة، إلى حرب شاملة «وهو أمر مرعب ستكون خطورته وخيمة على وحدة السودان واستقراره».
وكلما تطاول أمد الحرب كانت هناك فرصة مواتية لدخول عوامل جديدة على الخط... مثل تصفية الحسابات في قضايا داخلية وإقليمية مثيرة للجدل. وفي ظل الاستقطاب والاستقطاب المضاد، ظهرت بيانات من الجيش والدعم السريع، يتهم فيها كل طرف الآخر بالاستنجاد بالخارج».
وتبذل القوى الديمقراطية جهوداً حثيثة لكي تنحصر هذه الحرب في سياقها السياسي، وإلا تتحول إلى حرب أهلية طاحنة.
يقول عمر الدقير، رئيس حزب «المؤتمر السوداني» لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه بالتعاون مع الأحزاب السياسية الأخرى في قوى «الحرية والتغيير»، يسعى عبر اتصالات مع طرفي النزاع والآلية الثلاثة والرباعية، للاتفاق على وقف الحرب وإنشاء آلية لمراقبة الهدنة... «نتمنى أن تؤدي هذه الاتصالات - بالإضافة لتشكيل آلية المراقبة - إلى تطوير الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، وعودة جميع الأطراف للمسار السياسي لحسم التباينات واسترداد مسار الانتقال المدني الديمقراطي».
ويضيف لا تزال الفرصة متاحة لإسكات أصوات البنادق، والاستجابة لصوت العقل والحكمة، واعتماد الخيار الأمثل وهو المسار السياسي المفضي لاسترداد الانتقال الديمقراطي بقيادة سلطة مدنية متوافق عليها تمثل ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة، وتباشر تنفيذ أهدافها، ومن بينها هدف الوصول لجيش وطني واحد.
ومع فشل تثبيت هدنة حتى في أيام العيد، يبدو أن طرفي القتال قد شددا العزم على القتال حتى النهاية، بغض النظر عن الترتيبات الوخيمة لذلك.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تركيا تودّع ضحايا طائرة الحدّاد بمراسم عسكرية... وطرابلس تقيم تأبيناً رسمياً

تركيا أقامت مراسم عسكرية رسمية لوداع جثامين ضحايا طائرة الحداد ومرافقيه قبل نقلها إلى طرابلس السبت (الدفاع التركية - إكس)
تركيا أقامت مراسم عسكرية رسمية لوداع جثامين ضحايا طائرة الحداد ومرافقيه قبل نقلها إلى طرابلس السبت (الدفاع التركية - إكس)
TT

تركيا تودّع ضحايا طائرة الحدّاد بمراسم عسكرية... وطرابلس تقيم تأبيناً رسمياً

تركيا أقامت مراسم عسكرية رسمية لوداع جثامين ضحايا طائرة الحداد ومرافقيه قبل نقلها إلى طرابلس السبت (الدفاع التركية - إكس)
تركيا أقامت مراسم عسكرية رسمية لوداع جثامين ضحايا طائرة الحداد ومرافقيه قبل نقلها إلى طرابلس السبت (الدفاع التركية - إكس)

تمَّ نقل جثامين رئيس أركان الجيش الليبي بحكومة «الوحدة» الليبية، محمد علي الحداد ومرافقيه، الذين كانوا على متن الطائرة التي تحطَّمت في منطقة هايمانا القريبة من العاصمة أنقرة لدى مغادرتهم، ليل الثلاثاء الماضي، عقب مباحثات مع مسؤولين عسكريين أتراك.

وأقامت وزارة الدفاع التركية مراسم رسمية لتأبين الضحايا الـ5 في قاعدة «مرتد» الجوية بمنطقة كازان في ضواحي أنقرة، السبت، بعدما اكتملت إجراءات فحص الجثامين في معهد الطب الشرعي بالعاصمة التركية.

وزير الدفاع التركي يشار غولر قدَّم العزاء لأقارب ضحايا الطائرة خلال مراسم الوداع الرسمي (الدفاع التركية)

وشارك في المراسم كل من وزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس هيئة الأركان العامة سلجوق بيرقدار، وقائد القوات البرية متين توكل، وقائد القوات البحرية أرغومنت تاتلي أوغلو، والسفير الليبي في أنقرة مصطفى القليب، إضافة إلى وفد عسكري ليبي وعدد من أفراد عائلات الضحايا.

وغادر رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو عقب مراسم التأبين إلى طرابلس؛ لحضور المراسم العسكرية عقب وصول جثامين الوفد الليبي.

وسقطت الطائرة، مساء الثلاثاء، على بُعد كيلومترين من قرية كسيك كاواك، بعد إقلاعها من مطار «أسنبوغا» في منطقة هايمانا، خارج العاصمة أنقرة نحو العاصمة الليبية طرابلس؛ ما أسفر عن مقتل رئيس أركان الجيش الليبي في غرب ليبيا، محمد علي الحداد، وقائد القوات البرية الفيتوري غريبيل، ومدير جهاز التصنيع العسكري محمود القطيوي، ومستشار رئيس الأركان محمد العصاوي، والمصوِّر بمكتب إعلام رئيس الأركان العامة محمد عمر أحمد محجوب.

طائرة تركية قامت بنقل جثامين الحداد ومرافقيه إلى طرابلس (الدفاع التركية)

كما لقي أفراد طاقم الطائرة (فالكون 50)، التي كانت شركة «هارموني جيتس» الخاصة في ليبيا تستأجرها من مالطا، مصرعه، وهم طياران فرنسيان ومضيفة يونانية، قالت عائلتها إنها كانت المرة الأولى لها التي تعمل مع هذه الشركة، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام يونانية.

ويواصل الجانبان، التركي والليبي، التحقيقات في الحادث، بينما أعلنت وزارة الداخلية في حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، الجمعة، أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة.

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة التركية خلال مراسم الوداع التي أُقيمت لتأبين ضحايا طائرة رئيس الأركان الليبي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)

بالتزامن مع ذلك، نظَّمت السلطات الليبية، اليوم (السبت)، في طرابلس مراسم تأبين رئيس الأركان، محمد الحداد ورفاقه الذين قضوا في حادث تحطُّم الطائرة التي كانت تقلهم. ووصلت جثامين الحداد ورفاقه صباح اليوم إلى طرابلس، بعد الانتهاء من تحاليل الحمض النووي، التي أُجريت في تركيا بالمقارنة مع عينات من ذوي الضحايا.

الدبيبة والمنفي لحظة وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى وزارة الدفاع في طرابلس حيث أقيمت مراسم التأبين الرسمية (إ.ب.أ)

وفي مقر وزارة الدفاع، تقدَّم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، حضور المراسم رفقة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الأركان المكلف صلاح الدين النمروش، ومجموعة من الوزراء والمسؤولين. وبصفته القائد الأعلى للجيش، أعلن المنفي ترقية الفريق محمد الحداد إلى رتبة مشير، وترقية مرافقيه إلى الرتب الأعلى. وقال إن مصاب الحداد ورفاقه «يخص كامل ليبيا وليس عائلاتهم أو الجيش فقط». وأضاف المنفي قائلاً: «ما نعيشه اليوم ليس مجرد حزن، وإنما لحظة وعي في طريق بناء الدولة، فنحن نحمِّل أنفسنا مسؤولية بناء مؤسسة عسكرية موحدة تحمي الوطن وتلتزم بسيادته». من جهته، قال الدبيبة: «وفاؤنا لهؤلاء الشهداء لا يكون بالكلمات وحدها، بل بالعمل على استكمال المسار الذي رسمناه معاً، وبمواصلة بناء مؤسسة عسكرية مهنية موحَّدة، تقوم على القانون والانضباط، مؤسسة راسخة لا تقوم على أشخاص، بل على قيم ومبادئ وطنية ثابتة». وأضاف الدبيبة بنبرة يغلب عليها الحزن: «لقد آمنا مع المشير محمد الحداد بجيش نظامي، ولاؤه لله ثم الوطن، رغم السواد الحالك وسطوة المجموعات الخارجة عن القانون». وحول ملابسات حادثة الطائرة، أفاد الدبيبة بأن «التحقيقات مستمرة بكل مصداقية ودقة حتى تتضح النتائج كاملة، وذلك بالتنسيق مع الجانب التركي».

أفراد أمن يحملون صور الحداد خلال مراسم التأبين الرسمية التي أُقيمت في طرابلس (أ.ف.ب)

وكانت وزارة الداخلية بطرابلس، قد أكدت أمس نقل إجراءات تحليل بيانات الصندوق الأسود الخاص بالطائرة المنكوبة إلى بريطانيا، وذلك بعد اعتذار ألمانيا عن عدم القيام بذلك؛ بسبب عدم توفر الإمكانات الفنية من أجل التعامل مع هذا النوع من الطائرات (فالكون 50) الفرنسية الصنع.

يُشار إلى أن الحداد، القائد العسكري الأعلى في غرب ليبيا، لعب دوراً حاسماً في الجهود الجارية، التي تتوسط فيها الأمم المتحدة، لتوحيد الجيش الليبي، علماً بأن المؤسسة العسكرية الليبية تعاني منذ عام 2014 من انقسام حاد أثَّر سلباً على وضع البلاد، وأدى لاشتعال حروب ومناوشات، كانت آخرها حرب العاصمة طرابلس 2019- 2020، التي انتهت باتفاق وقف إطلاق نار لا يزال ساري المفعول برعاية أممية.


اجتماع طارئ للجامعة العربية الأحد لرفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

لقطة عامة لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدن أرض الصومال (أ.ف.ب)
لقطة عامة لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدن أرض الصومال (أ.ف.ب)
TT

اجتماع طارئ للجامعة العربية الأحد لرفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

لقطة عامة لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدن أرض الصومال (أ.ف.ب)
لقطة عامة لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدن أرض الصومال (أ.ف.ب)

أعلنت الجامعة العربية اليوم (السبت) اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين غدا (الأحد) لرفض اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولة مستقلة وذات سيادة.

وكانت الصومال دعت في وقت سابق اليوم، إلى عقد اجتماع طارئ للجامعة العربية لبحث الاعتراف الإسرائيلي.

وقال مندوب الصومال الدائم لدى الجامعة العربية والسفير الصومالي بالقاهرة، علي عبدي أوراي، إن الصومال «يدعو لعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية لبحث تداعيات هذه القرارات الخطيرة التي تمس سيادة ووحدة الصومال، وإدانة هذا القرار غير المسؤول، ورفضه بشكل واضح وصريح، تضامناً مع جمهورية الصومال الفيدرالية، ودفاعاً عن مبادئ السيادة الوطنية ووحدة أراضي الدول العربية، ورفضاً لأي محاولات لزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي»، حسب وكالة الأنباء الصومالية (صونا).

واضاف عبدي أن جمهورية الصومال الفيدرالية تدين وترفض بشكل قاطع التصريحات الصادرة عن رئيس وزراء الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشأن ما أعلن عنه من اعتراف مزعوم بما يسمى «جمهورية أرض الصومال المستقلة»، وما تلا ذلك من الإعلان عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها.

وشدد سفير الصومال على موقف حكومة جمهورية الصومال الفيدرالية الثابت على أن إقليم «أرض الصومال» جزءٌ لا يتجزأ من أراضي الدولة الصومالية، وأن أي محاولات للاعتراف به كياناً مستقلاً تعد باطلةً ولاغيةً ولا يترتب عليها أي أثر قانوني.

وأصبحت إسرائيل أول دولة تعترف بإقليم أرض الصومال الانفصالي في الصومال، مما منحها شريكاً جديداً مطلاً على ساحل البحر الأحمر الاستراتيجي.

وكانت الجامعة العربية ومصر وتركيا وجيبوتي من بين دول أخرى أدانت اعتراف إسرائيل بأرض الصومال.


مصر: اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يزعزع استقرار القرن الأفريقي

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أرشيفية - د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

مصر: اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يزعزع استقرار القرن الأفريقي

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أرشيفية - د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أرشيفية - د.ب.أ)

أكدت مصر، السبت، دعمها الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية، مشددة على رفضها للاعتراف بأي كيانات موازية أو انفصال بطرق غير شرعية وغير قانونية.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية المصرية: «جمهورية مصر العربية تؤكد الرفض التام للاجراءات الأحادية التي تمس سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها وتتعارض مع الأسس الراسخة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وتجدد مصر إدانتها بأشد العبارات لاعتراف اسرائيل الاحادى بما يسمى (أرض الصومال) باعتباره انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويقوّض أسس السلم والأمن الدوليين، ويُسهم في زعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي».

وتابع البيان: «تجدد مصر رفضها التام للاعتراف بأي كيانات موازية أو انفصال بطرق غير شرعية وغير قانونية، وتؤكد مصر دعمها الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية، اتساقاً مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وترفض أى إجراءات أحادية من شأنها المساس بالسيادة الصومالية أو تقويض أسس الاستقرار في البلاد».

وأكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في وقت سابق اليوم، على دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية ومؤسساته الشرعية، وشدد على رفض مصر أي إجراءات أحادية من شأنها المساس بالسيادة الصومالية.

وشدد الوزير، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية النرويجي إسبين بارث إيد، على رفض مصر محاولات فرض «كيانات موازية» تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية، في إشارة إلى إقليم أرض الصومال الذي أعلنت إسرائيل اعترافها باستقلاله أمس الجمعة.

وأكدت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، أن الوزيرين ناقشا الأوضاع في السودان والجهود المصرية في إطار الآلية الرباعية للدفع نحو التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وإنهاء الصراع بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع».

وأكد عبد العاطي على موقف مصر الثابت الداعم لوحدة السودان وسيادته واستقراره، والحفاظ على مؤسساته الوطنية، وعلى ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته لتوفير الملاذ الآمن والممرات الإنسانية اللازمة لضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

وفيما يتعلق بالوضع في غزة، أكد الوزير عبد العاطي على أهمية تضافر الجهود الدولية لضمان تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار والانتقال إلى ترتيبات المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام.

وأصبحت إسرائيل، الخميس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة». وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال»، وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل.