حرب السودان تستعر... وغموض في الميدان

صراع على مقر قيادة الجيش ومئات القتلى والجرحى > اتصال سعودي مع البرهان و{حميدتي} > القاهرة وجوبا تعرضان الوساطة

تصاعد ألسنة الدخان فوق المباني القريبة من مقر قيادة الجيش السوداني وسط الخرطوم مع احتدام القتال أمس للسيطرة عليه (أ.ف.ب)
تصاعد ألسنة الدخان فوق المباني القريبة من مقر قيادة الجيش السوداني وسط الخرطوم مع احتدام القتال أمس للسيطرة عليه (أ.ف.ب)
TT

حرب السودان تستعر... وغموض في الميدان

تصاعد ألسنة الدخان فوق المباني القريبة من مقر قيادة الجيش السوداني وسط الخرطوم مع احتدام القتال أمس للسيطرة عليه (أ.ف.ب)
تصاعد ألسنة الدخان فوق المباني القريبة من مقر قيادة الجيش السوداني وسط الخرطوم مع احتدام القتال أمس للسيطرة عليه (أ.ف.ب)

استعرت معارك الكر والفر بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، لليوم الثاني أمس، في مناطق استراتيجية متفرقة في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، فيما تشير المصادر إلى أن المعركة الأكثر أهمية واحتداماً تلك التي تدور حول مقر القيادة العامة للجيش في وسط العاصمة، والتي تعني السيطرة عليها، تاريخياً، انتصاراً كبيراً قد يحسم بقية المعارك في المواقع الأخرى.
وصاحبت المعارك حرب إعلامية وغموض ميداني، إذ تعلن بيانات كل طرف أنه يسيطر عسكرياً على الموقف. وقال بيان لـ«الدعم السريع» إنه سيطر على مقر قيادة الجيش والقصر الرئاسي، إلا أن رد الجيش جاء سريعاً بإعلان تنفيذه ضربة جوية ضد المقر الرئيسي لقوات «الدعم السريع» الواقع في قلب الخرطوم.

في هذه الأثناء، أجرى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، اتصالين هاتفيين مع كلٍ من رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات «الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي»، مؤكداً دعوة المملكة إلى «التهدئة وتغليب المصلحة الوطنية، ووقف كل أشكال التصعيد العسكري»، كما شدد على «أهمية العودة إلى الاتفاق الإطاري، الذي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».
كما أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره رئيس دولة جنوب السودان سيلفا كير، أمس، عن استعداد البلدين لـ«القيام بالوساطة بين الأطراف السودانية»، منوهين خلال اتصال هاتفي بينهما بأن «تصاعد العنف لن يؤدي سوى إلى مزيد من تدهور الوضع، بما قد يخرج به عن السيطرة». وأكد الزعيمان أن ترسيخ الأمن والاستقرار هو الركيزة الضامنة لاستكمال المسار الانتقالي السياسي، وتحقيق التنمية في السودان.
وقتل العشرات وأصيب المئات من المدنيين بالرصاص العشوائي الذي يخترق مخابئهم ومنازلهم في العاصمة الخرطوم، وأطلقت نقابة الأطباء نداء استغاثة حثت فيه الأطباء للالتحاق بالمستشفيات لتقديم الخدمة للجرحى. واستجابة لذلك، وافق الجيش وقوات «الدعم السريع» على السماح مؤقتاً بفتح «مسارات آمنة للحالات الإنسانية». وأفاد بيان للجيش أمس بقبول «مقترح الأمم المتحدة بفتح مسارات آمنة للحالات الإنسانية، ولمدة ثلاث ساعات تبدأ من الساعة الرابعة عصراً».
وقُتل أول من أمس، ثلاثة موظفين تابعين لبرنامج الأغذية العالمي، أثناء اشتباكات بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في منطقة «كبكابية» بولاية شمال دارفور أثناء قيامهم بواجبهم. وقال ممثل الأمم المتحدة في السودان فولكر بيترتس: «إنني أشعر بالانزعاج الشديد، من التقارير التي تفيد بأن مقذوفات أصابت منشآت الأمم المتحدة ومباني إنسانية أخرى، بالإضافة إلى تقارير عن نهب مباني الأمم المتحدة وغيرها من المباني الإنسانية في عدة مواقع في دارفور». وحذر فولكر من أن تُخِلّ أعمال العنف المتكررة بعمليات توزيع المساعدة المنقذة للحياة.

 



ما مصير «اتفاق 10 آذار» والعام يسير إلى نهايته؟

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
TT

ما مصير «اتفاق 10 آذار» والعام يسير إلى نهايته؟

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

وضعت مصادر في دمشق التصعيد العسكري الأخير في مدينة حلب شمال سوريا في إطار «الضغوط» المتزامنة مع اقتراب استحقاق «اتفاق 10 آذار» بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية»، وقرب انتهاء مهلة تنفيذ الاتفاق، مع استبعاد الذهاب إلى مواجهة واسعة وتوقع تمديد المهلة لأشهر أخرى سيزداد فيها «الضغط» على «قسد» للاندماج في المؤسسات السورية، خصوصاً الأمنية والعسكرية.

ويقول الباحث في «مركز الحوار السوري» مكارم فتحي إن تركيا تريد استكمال مسار الإنجازات الكبيرة التي حققتها في الملف الكردي في الداخل التركي.

واعتبر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المباحثات التركية الأخيرة في دمشق «جزء من مسار الضغط وتعزيز موقف الحكومة السورية وإظهار المزيد من الحزم»، مع الإشارة إلى أن «التفاوض مع (قسد) يتزامن مع سخونة الأحداث على الأرض». ولفت إلى أن أحد المخارج المحتملة لمأزق اقتراب الاستحقاق هو «الإعلان عن إنجاز جزئي لاتفاق آذار»، وبدء التفاوض الفعلي وكسب المزيد من الوقت خلال عام 2026.

وأشار مكارم إلى أن هذا المخرج «يحفظ ماء الوجه للجميع» خاصة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، التي تتعرض لـ«ضغوط غير مسبوقة»، لحسم الملف، دون استبعاد ظهور حل مفاجئ، وهو احتمال ضئيل.

وفد من «الإدارة الذاتية» في اجتماع مع مسؤولين في الحكومة السورية عُقد بدمشق يونيو الماضي (مواقع التواصل)

أما الباحث والمدير التنفيذي في مركز الدراسات «جسور» وائل علوان فيرى أن تمديد مهلة الاتفاق 6 أشهر أخرى احتمال ممكن، لأن جميع الأطراف المحلية والخارجية «حريصة على ألا ينهار الاتفاق»، مشدداً على أنه «يجب أن يحافظ على الاتفاق ليكون مستنداً لحل هذه الأزمة»، مرجحاً تزايد الضغوط على «قسد» من قبل الأطراف الدولية، مثل واشنطن ذات التأثير الأكبر في هذا الملف، وفرنسا أيضاً، لمنع «قسد» من فرصة الإخلال بالاتفاق المؤدي إلى انهياره.

ولفت علوان إلى احتمال ممارسة الحكومة السورية ضغوطاً «ميدانية» من خلال التواصل مع المكونات الاجتماعية في الجزيرة السورية. وفي حال تمديد المهلة، توقع علوان «زيادة الضغوطات، نسبياً»، ورأى أن «قسد» ليست في «طور الذهاب إلى اندماج حقيقي مع الحكومة السورية، وعلى الأرجح ستقدم بعض التنازلات والاستجابة المحدودة». لكن بعد 6 أشهر ستكون هناك «ضغوط أكبر من الأطراف المؤثرة، مع تجنب الوصول إلى حرب عسكرية مفتوحة».

الشرع مصافحاً عبدي عقب توقيع اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

ورغم خطورة التصعيد الأخير في مدينة حلب، يعتبر الباحث المتخصص بالشؤون الكردية خورشيد دلي أنها عمليات «محدودة» وستكون في النهاية محكومة بتفاهمات والعودة من جديد إلى اتفاق 10 مارس (آذار)، الذي «بات ممراً إجبارياً لتحقيق تفاهمات على شكل الحكم في سوريا»، مشيراً إلى «المغالطة الجارية بخصوص موعد تنفيذ الاتفاق؛ إذ إن البند الثامن يشير إلى أن «اللجان ستسعى إلى تنفيذ بنود الاتفاق بحلول نهاية العام»، وليست هناك أي إشارة إلى أنه موعد نهائي ومن بعده ينتهي الاتفاق».

واستبعد دلي حصول مواجهة كبرى بين الطرفين، في ظل وجود قوات التحالف الدولي شرقي الفرات؛ حيث القواعد والمقار الأميركية، ومن جانب آخر، ستكون الحرب مدمرة للطرفين ولما تبقى من سوريا. لكن ذلك لا يعني عدم حصول مواجهات محدودة في مناطق التماس في حلب وريفها الشرقي ودير الزور.

وفي ضوء تبادل «قسد» ووزارة الدفاع السورية الخطط بشأن كيفية دمج قوات «قسد» والأسايش (قوات الأمن الداخلي) وكذلك المفاوضات غير المعلنة بين الجانبين، اعتبر الباحث دلي أن الأمور تبدو متجهة نحو «انفراجة»، أولاً لأن فيها مصلحة للطرفين ولسوريا عموماً، وثانياً لوجود «تفاهم عام» بين الطرفين على تجنب الصدام العسكري. وثالثاً لأن الدور الأميركي يقوم بتدوير الزوايا والخلافات. ورأى أن هذه الانفراجة «ستشكل مدخلاً لتعزيز الثقة بين الطرفين، بعد أن تأثرت بأحداث السويداء ومن قبل الساحل، دون أن يعني ما سبق التقليل من حجم الخلافات والاختلافات».

صورة نشرتها وزارة الداخلية للنزوح في حلب بعد الاشتباكات الأخيرة بين «قسد» والقوات السورية

احتمال توسع المواجهات بين «قسد» والحكومة السورية يستند، بحسب الكاتب والباحث السياسي ماهر التمران، إلى أن «المعطيات على الأرض لا توحي بوجود حشود عسكرية واسعة أو استعدادات ميدانية جدية من الطرفين، ويشدد على أن البيئة الإقليمية والدولية، وهي العامل الأكثر تأثيراً، لا تشجع على فتح جبهة جديدة في شمال سوريا وشرقها، خاصة في ظل حادثة تدمر وعودة نشاط تنظيم «داعش» في البادية، «ما يرفع منسوب القلق الأمني ويزيد الحاجة إلى تجنب أي فراغ أو انفلات قد يخلّ بتوازن هش قائم».

ورأى أن «خيار تمديد المهلة وإدارة الأزمة السيناريو الأكثر ترجيحاً». فمنذ توقيع الاتفاق، بقي إطاراً عاماً يفتقر إلى آليات تنفيذ واضحة وجداول زمنية ملزمة، ما جعل التعثر شبه حتمي.

وحسب المعطيات المتوفرة، يقول التمران إن المباحثات الجارية تتركز حصرياً على الجوانب العسكرية والأمنية كأولوية لدى الطرفين، باعتبارها مدخلاً لبناء الثقة وضبط التوازن الميداني قبل الانتقال إلى القضايا السياسية والإدارية الأكثر تعقيداً.

كما يشير مقترح الفرق العسكرية الثلاث إلى محاولة حكومية للبحث عن «صيغة وسطية تُبقي لـ(قسد) حضوراً عسكرياً منظماً في منطقة الجزيرة، مقابل تثبيت وجود رسمي للدولة ضمن الهيكل العسكري، بما قد يمهّد لاحقاً لإعادة ترتيب العلاقة بين الطرفين».

واعتبر ماهر التمران أن المرحلة المقبلة تبدو أقرب إلى مرحلة «إدارة وقت» منها إلى مرحلة حسم، ويُرجّح اللجوء إلى تمديد غير معلن أو إعادة صياغة للجدول الزمني للمفاوضات، بانتظار ظروف سياسية أكثر ملاءمة.

غير أن استمرار هذا النهج دون معالجة جذور الخلاف، بحسب رأيه، يحمل في طياته مخاطر تراكم الإحباط الشعبي، خاصة في المناطق المتأثرة مباشرة بغياب الحل، ما قد يمهّد لاحقاً لسيناريوهات أكثر تعقيداً إذا لم تُتخذ خطوات سياسية حقيقية تتجاوز المقاربة الأمنية وحدها.


ألمانيا تصف حرب السودان بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

 وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ)
وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تصف حرب السودان بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

 وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ)
وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ)

دعت وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان إلى تكثيف الجهود الدولية لإنهاء الصراع في السودان، واصفة إياه بأنه «أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، ومحذرة من أنه يجب ألا يغفل أو يهمل.

وقالت رادوفان، في تصريحات لمجموعة «فونكه» الإعلامية الألمانية، نُشرت الأربعاء: «التقارير والصور التي تصلنا مقلقة ومفزعة للغاية».

وأشادت بالدول المجاورة لدعمها ملايين الأشخاص الذين فروا من السودان منذ اندلاع القتال، لكنها شددت على أن المساعدات الإنسانية وحدها غير كافية.

وأضافت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية: «نحن بحاجة ملحة إلى حل سياسي، يبدأ بوقف إطلاق نار مستقر... هذا لن يتحقق من تلقاء نفسه في هذه الحرب الأهلية المروعة، بل يتطلب دعماً فورياً وأكبر من المجتمع الدولي». وحذرت من أن الصراع يجب ألا يُنسى.

ويشهد السودان حرباً منذ أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية. ووصفت الأمم المتحدة هذا النزاع بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث نزح نحو 12 مليون شخص، ويواجه نصف السكان خطر الجوع.

وعلى الرغم من حجم الكارثة، حظي السودان باهتمام دولي أقل بكثير مقارنة بنزاعات أخرى مثل الحرب في غزة.


إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
TT

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)

تحقق الشرطة الأسترالية بشأن «حريق مشبوه» بعدما اندلعت النيران في سيارة وُضعت عليها لافتة للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في ملبورن، اليوم (الخميس).

وأُحرقت السيارة الخالية التي وُضعت على سقفها لافتة كُتب عليها «عيد حانوكا سعيد» بينما كانت متوقفة عند منزل، بحسب ما أظهرت صور بثّتها شبكة «إيه بي سي».

وذكرت شرطة فيكتوريا، في بيان، أن «الحريق المشبوه» وقع في الساعات الأولى من صباح الخميس في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن.

وتم إخلاء المنزل كإجراء احترازي.

وقالت الشرطة إن «المحققين تعرّفوا على شخص قد يكون قادراً على مساعدتهم في تحقيقهم ويجرون عمليات بحث بشأن مكانه».

وشددت السلطات الأسترالية القوانين والعقوبات المرتبطة بجرائم الكراهية بعد إطلاق النار الذي استهدف حفلاً لمناسبة «حانوكا» على شاطئ بونداي في سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

وقال الحاخام إيفي بلوك من كنيس حاباد في سانت كيلدا إنه من الواضح أن حادثة إحراق السيارة تندرج في إطار الاعتداءات المعادية للسامية.

وأفاد لوكالة الصحافة الفرنسية: «نشكر الله لأن أحداً لم يتعرض إلى الأذى... لكن ما يجري هو تصعيد متواصل مع تكرار هذه الأحداث».

وأضاف: «لا يشعر أفراد جاليتي اليهودية في سانت كيلدا وملبورن بالأمان في منازلهم وبلدهم».