نجاح المرحلة الأولى من تبادل الأسرى في اليمن

اللواء الصبيحي وناصر هادي لدى نزولهما مع بقية المفرَج عنهم في عدن قادمين من صنعاء (أ.ف.ب)
اللواء الصبيحي وناصر هادي لدى نزولهما مع بقية المفرَج عنهم في عدن قادمين من صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نجاح المرحلة الأولى من تبادل الأسرى في اليمن

اللواء الصبيحي وناصر هادي لدى نزولهما مع بقية المفرَج عنهم في عدن قادمين من صنعاء (أ.ف.ب)
اللواء الصبيحي وناصر هادي لدى نزولهما مع بقية المفرَج عنهم في عدن قادمين من صنعاء (أ.ف.ب)

ظهر جانب من أسرى الحوثيين بكامل لياقتهم البدنية، باستثناء رجلين مقعدين، في مطار عدن، صباح الجمعة. ودّع الأسرى الحضور الرسمي والشعبي الذي كان ينتظر في الوقت نفسه عودة الأسرى من الجانب الحكومي، القادمين من صنعاء.
رغم الطقس الحار والرطب، استُكملت بنجاح المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين، ونقلت طائرات «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» نحو 300 أسير، على أن تتواصل العملية يومي السبت والأحد لتبادل نحو 900 من أسرى الجانبين، عبر 15 رحلة إلى 6 مطارات داخل اليمن وفي السعودية.
منذ ساعات الصباح الأولى، احتشد المئات من السكان في محيط مطار عدن الدولي الذي أحيط بإجراءات أمنية مشددة، في انتظار وصول الدفعة الأولى من الأسرى، وبينهم وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي الذي يتمتع بشعبية عالية في أوساط اليمنيين. في حين انتشرت الفِرق، التابعة للصليب الأحمر، في ساحة المطار ومحيطه؛ لاستقبال نحو 249 أسيراً للحوثيين، أقلّتهم عدة حافلات الى المطار على دفعتين. ظهر هؤلاء بكامل لياقتهم البدنية، والابتسامة تعلو وجوههم، باستثناء رجلين كانا متأثرين من إصابتيهما، خلال المعارك، وقد وُدّع هؤلاء الأسرى بالتحيات من الحضورين الرسمي والشعبي.
وزير الدفاع اليمني اللواء محسن الداعري، ومعه وزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس، ووزير الخدمة المدنية عبد الناصر الرالي، ووزير الشؤون الاجتماعية محمد الزعوري، وجمع كبير من المسؤولين؛ من مدنيين وعسكريين، كانوا قد وصلوا إلى المطار قبل ساعتين من موعد هبوط الطائرة التي تحمل الدفعة الأولى من الأسرى، واستكملت فِرق الصليب الأحمر التأكد من قوائم الأسرى الحوثيين الذين أدخلوا صالة المغادرة في مطار عدن، حيث ظل هؤلاء الأسرى يتبادلون، بودٍّ، الأحاديث مع المسؤولين عن حراستهم، وأغلبهم كانوا مسؤولين عن مراكز الاعتقال.
بعد ذلك جرى توزيعهم على الدفعتين، إذ حملت طائرة تتبع الخطوط الجوية اليمنية، استأجرها الصليب الأحمر، في الرحلة الأولى 125 منهم إلى مطار صنعاء، في رحلة استغرقت نحو 35 دقيقة، في حين نقلت، بالتزامن مع ذلك، طائرة تتبع «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» 35 أسيراً من الجانب الحكومي، في مقدمتهم اللواء الصبيحي، واللواء ناصر هادي، شقيق الرئيس السابق عبدربه منصور هادي.
* الصبيحي وناصر هادي
وما إن حطّت الطائرة التي تحمل الدفعة الأولى من الأسرى في مطار عدن، حتى طوّقها حشود من المستقبِلين والجنود، وظهر اللواء الصبيحي من بوابتها بلباسه التقليدي مبتسماً، وحيا مستقبِليه، وطلب منهم إفساح الطريق أمامه للنزول، قبل أن يتمكن من شق طريقه وسط الحشود التي طوّقت محيط الطائرة؛ لحضور الاستقبال الرسمي الذي أقيم له ولزملائه في أرضية المطار، بحضور وزير الدفاع وجمع المسؤولين والقادة العسكريين وقادة الوحدات الأمنية.
أما خارج المطار فقد أغلقت حشود المستقبِلين شارع المطار، واصطفّت عشرات السيارات، التي تحمل صور الصبيحي، على جانبي الشارع، في انتظار خروجه، فتحوَّل موكبه إلى تظاهرة شعبية سارت من مطار عدن في مديرية خور مكسر، إلى مديرية البريقة في غرب عدن، حيث اجتمع الآلاف من قبائل الصبيحة التي ينتمي إليها، في ذلك المكان للاحتفاء بإطلاق سراحه بعد 8 سنوات من وقوعه في الأَسر. وتوجّه، بعد ذلك، إلى مسقط رأسه في عزلة «هويرب» بمديرية المضاربة في محافظة لحج، جنوب اليمن.
وفي رحلة ثانية استقبل مطار عدن الدولي، مساء الجمعة، 34 أسيراً جرى إطلاق سراحهم، ضمن هذه الدفعة في يومها الأول، كما نقلت طائرة أخرى تتبع الخطوط الجوية اليمنية إلى صنعاء 124. وأكد بشير عمر، أحد المتحدثين باسم «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، والذي كان موجوداً في مطار عدن، أنهم سيسيرون 15 رحلة، خلال الأيام الثلاثة المحددة لإتمام ثاني أكبر عملية تبادل الأسرى تشمل 887 من الطرفين، وأكد أن هذه الرحلات ستتم عبر 6 مطارات داخل اليمن والمملكة العربية السعودية.
وقال فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي لـ«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في الشرق الأدنى والأوسط، في تصريح وزَّعه مكتب الصليب في اليمن: «تأتي هذه العملية، اليوم وخلال شهر رمضان المبارك، لتلمَّ شمل مئات العائلات التي مزّقها النزاع»، واعتبر ذلك «دليلاً على حسن النوايا وبصيص أمل، وسط معاناة كبيرة. نتمنى أن تعطي مثل هذه العمليات زخماً لحل سياسي أوسع، نأمل بأن يؤدي بدوره إلى عودة المزيد من المحتجَزين إلى أحبائهم».
* ترحيب أممي
المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، رحّب ببدء عملية الإفراج عن الأسرى، ووجَّه الشكر إلى الأطراف؛ على تعاونهم مع مكتبه، و«اللجنة الدولية للصليب الأحمر»؛ لتنفيذ الخطة المتفق عليها في مارس (آذار). وعبَّر عن امتنانه للجنة ودورها، والشراكة المستمرة في اللجنة الإشرافية. وقال، في تصريح وزّعه مكتبه، إن عملية الإفراج هذه تأتي في وقت يسوده الأمل في اليمن، بوصفها تذكيراً بأن الحوار البنّاء والتسويات المتبادلة بمثابة أدوات قوية قادرة على تحقيق نتائج مهمة. وذكر أن مئات العائلات اليمنية تستطيع الآن أن تحتفل بالعيد مع ذويها؛ لأن الأطراف تفاوضوا وتوصلوا إلى اتفاق.
وعبَّر المبعوث الأممي عن آمله بأن تنعكس هذه الروح في الجهود الجارية للدفع بحل سياسي شامل؛ لأن آلاف العائلات الأخرى لا تزال تنتظر لمّ شملها مع أحبائها. وتمنّى أن تبني الأطراف على نجاح هذه العملية للوفاء بالالتزام الذي قطعوه على أنفسهم تجاه الشعب اليمني في اتفاقية ستوكهولم، وحضّ الأطراف على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأفراد المحتجَزين تعسفاً، وعلى الالتزام بالمعايير القانونية الدولية، فيما يتعلق بالاحتجاز والمحاكمات العادلة.
من جهته رحّب اللواء صغير بن عزيز، رئيس هيئة الأركان، بالأسرى المحرَّرين، ووصفهم بـ«الأبطال الأحرار الباذلين أغلى ما لديهم من أجل اليمن»، وكتب، عبر حسابه على «تويتر»، مخاطباً اللواء الركن محمود الصبيحي، وزير الدفاع الأسبق، واللواء ناصر منصور هادي، قائلاً: «كل الفخر والاعتزاز لكم، أنتم القيادة التي لم تَلزم مكاتبها، بل واجهتم في ميدان المعركة، وكل القوات المسلحة تفخر بكم».
* الحوثيون: قحطان على قيد الحياة
الحوثيون، وعلى لسان رئيس الفريق المفاوض في ملف الأسرى والمعتقلين عبد القادر المرتضى، أقروا بأن القيادي البارز في «حزب الإصلاح» محمد قحطان لا يزال على قيد الحياة، ووصف المرتضى موضوع الإفراج عنه بأنه «كان من أعقد المفاوضات» التي رعتها الأمم المتحدة، الشهر الماضي، في سويسرا، وذكر أن «حزب الإصلاح» طالب بالإفراج عنه، وأنهم ردّوا بعدم الممانعة، إلا أنه وعند التفاوض وجدوا - الحوثيون - أن «حزب الإصلاح» غير جادٍّ في الأمر، في حين ذكرت مصادر قريبة من المحادثات أن الجانب الأممي اقترح الإفراج عن قحطان مقابل 100 من أسرى الحوثيين، لكن تبيَّن عند مناقشة القائمة أن الحوثيين يطالبون بخمسين شخصاً من المفقودين وليسوا أسرى لدى الجانب الحكومي، وأن ذلك تسبَّب في توقف النقاش حول هذا الموضوع.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.