بارزاني يدعو إلى انتخابات مبكرة في غياب توافق حول رئاسة الإقليم كردستان

«الديمقراطي» و«الاتحاد» يؤكدان رفضهما العودة إلى نظام الإدارتين

مسعود بارزاني  (رويترز)
مسعود بارزاني (رويترز)
TT

بارزاني يدعو إلى انتخابات مبكرة في غياب توافق حول رئاسة الإقليم كردستان

مسعود بارزاني  (رويترز)
مسعود بارزاني (رويترز)

أعلن الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان (الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني) أمس رفضهما الاقتتال الداخلي ونظام الإدارتين، مؤكدين مواصلة المباحثات من أجل التوصل إلى حل لمسألة رئاسة الإقليم يرضي كل الأطراف، بينما قدم نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، برهم صالح، مشروعا لحل الأزمة.
وقال عضو وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني التفاوضي، محمود محمد، في مؤتمر صحافي مشترك مع المتحدث الرسمي باسم لاتحاد الوطني الكردستاني، عماد أحمد، عقب اجتماع جمع بين وفدي الحزبين في أربيل أمس، إن «العملية السياسية في الإقليم بنيت على أساس توافقي، وكان من المفروض التوصل إلى توافق بشأن موضوع رئاسة الإقليم قبل إثارته في البرلمان، وهذا ما نقصده. أما بخصوص تنظيم الانتخابات لرئاسة الإقليم، فيجب على كل الأطراف تمهيد الأرضية لمفوضية الانتخابات من الناحية المادية والمعنوية لكي تتمكن من إجراء استفتاء على آلية انتخاب الرئيس».
وأضاف محمد: «الخلافات الموجودة بيننا طبيعية، وعلينا الآن البحث عن المشتركات ومن ثم نناقش الاختلافات لإيجاد النقاط المشتركة فيها». وقال إن «صلاحيات رئيس الإقليم مرتبطة بالصلاحيات الأخرى في الإقليم، وتقليص هذه الصلاحيات يستوجب إعادة النظر في كل الصلاحيات في الإقليم من حكومة وبرلمان، وأن نقدم قراءة جديدة لمجمل هذه الصلاحيات».
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الوطني: «نحن ضد عودة نظام الإدارتين، وضد الاقتتال الداخلي، ونحاول تفاديه لأن ما وصلنا إليه يعتبر إنجازا للشعب الكردي علينا المحافظة عليه». وتابع: «طوينا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني نظام الإدارتين من خلال الاتفاقية الاستراتيجية بيننا، فكيف نعود مرة أخرى إلى التقسيم الإداري للإقليم. الشعب الكردي لن يقبل منا ذلك». وأكد أن المباحثات بين الجانبين حول مسألة رئاسة الإقليم مستمرة ولم تصل إلى طريق مسدود، مشددا على ضرورة حل المسألة بالتوافق السياسي بين كل الأطراف.
وأصدر رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، الذي تنتهي ولايته الحالية في 19 أغسطس (آب) الحالي، مساء أول من أمس بيانا عبر فيه عن موقفه الرسمي من الأزمة، موضحا أن «النظام السياسي في كردستان هو نظام برلماني وهذا واضح جدا في مسودة مشروع الدستور في المادة الأولى منه، ويمكن أن تكون هناك آراء مختلفة ووجهات نظر مختلفة حول آلية انتخاب رئيس إقليم كردستان واقترح أن يحسم الشعب هذا الموضوع وأن يستفتى شعب كردستان على آلية انتخاب الرئيس لسبب واضح وهو أن هناك الكثيرين من أبناء الشعب لا ينتمون لأحزاب سياسية ولا يمكن أن تسلب حقوقهم في هذا الاقتراع»، في إشارة إلى طلب منافسيه انتخاب الرئيس داخل البرلمان وليس بالاقتراع الشعبي.
وعرض بارزاني في ختام بيانه رؤيته للخروج من الأزمة، وقال: «لن تنجح أساليب الانقلاب وفرض الرأي لحل المشكلات والأزمات ولا يمكن القبول بذلك أيضا، يجب العمل وبسرعة من قبل جميع الأحزاب المشاركة في الحكومة والبرلمان للوصول إلى اتفاق على أساس مبدأ التوافق والتوصل إلى نتيجة تهم المصلحة العامة للوطن والشعب»، مؤكدا إذا لم نتوصل لأي توافق يجب أن نخطو نحو انتخابات مبكرة.
من جهته، قدم نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، برهم صالح، أمس مشروعا لحل أزمة الحكم في إقليم كردستان بعنوان «الحل الوطني لأزمة الحكم في إقليم كردستان» ويتألف من ست نقاط هي: «منح السلطات الكاملة لوزيري البيشمركة والداخلية في الإقليم لتوحيد قوات البيشمركة والمؤسسات الأمنية، وتشكيل مجلس خاص بالمرحلة الانتقالية الحالية (العامين المقبلين لحين إجراء انتخابات برلمان الإقليم عام 2017) يتكون من رئيس الإقليم ورئيس الحكومة وممثلي الأطراف السياسية المشاركة في حكومة الإقليم لبحث وإقرار مسائل الأمن القومي وتقرير المصير والعلاقات مع العراق ودول المنطقة. وتفعيل اللامركزية وإجراء التعديلات الوزارية وإعادة النظر في مكونات الحكومة، وكذلك إعادة النظر في مؤسسات ديوان رئاسة الإقليم وديوان رئاسة الحكومة، وتأسيس صندوق الواردات النفطية، وتأسيس شركات الكشف والبحث وإنتاج النفط ونقله وتصديره وتوزيعه، حسب قانون نفط وغاز الإقليم، وتفعيل لجنة النزاهة واللجان البرلمانية الأخرى المتعلقة بمتابعة وصرف وجمع واردات النفط».
واقترح صالح في ختام مشروعه، للانتخابات البرلمانية القادمة المقرر إجراؤها في عام 2017 «الاتفاق حول إعادة النظر بقانون رئاسة الإقليم والدستور وتثبيت النظام البرلماني الديمقراطي وتعديل السلطات وآلية انتخاب رئيس الإقليم داخل البرلمان، والمصادقة عليها بقانون في البرلمان قبل 20 أغسطس الحالي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.