البنك الدولي يرفع توقعات النمو... والديون

يبحث التحديات على هامش اجتماعات الربيع المشتركة مع {صندوق النقد}

مشاركون يمرون أمام مقر البنك الدولي حيث تعقد اجتماعات الربيع المشتركة مع صندوق النقد في واشنطن (إ.ب.أ)
مشاركون يمرون أمام مقر البنك الدولي حيث تعقد اجتماعات الربيع المشتركة مع صندوق النقد في واشنطن (إ.ب.أ)
TT

البنك الدولي يرفع توقعات النمو... والديون

مشاركون يمرون أمام مقر البنك الدولي حيث تعقد اجتماعات الربيع المشتركة مع صندوق النقد في واشنطن (إ.ب.أ)
مشاركون يمرون أمام مقر البنك الدولي حيث تعقد اجتماعات الربيع المشتركة مع صندوق النقد في واشنطن (إ.ب.أ)

قال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس الاثنين إن البنك عدل توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 ورفعه بقدر قليل إلى 2 في المائة، مقارنة بتوقعات في يناير (كانون الثاني) الماضي بلغت 1.7 في المائة، لكنه أضاف أن التباطؤ الناجم عن النمو الأقوى في 2022 سيزيد من أزمة الديون في الدول النامية.
وأوضح مالباس في إفادة صحافية قبل انطلاق أعمال اجتماعات الربيع، أن رفع معدل النمو المتوقع يرجع إلى تحسن التوقعات بشأن تعافي الصين من قيود الإغلاق التي كانت تفرضها للحد من تفشي «كوفيد - 19» وثبات معدل النمو المتوقع للعام الحالي عند 5.1 في المائة. كما جاء أداء الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة أفضل قليلا مما توقعه البنك الدولي في يناير.
وفي إشارة إلى الأزمة المصرفية مع ارتفاع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم قال مالباس: «يجب أن نضع في اعتبارنا أنه إذا تم خفض أسعار الفائدة فإن ذلك لن يحل مشكلة المصارف، وستستمر المعاناة من ارتفاع التضخم وضعف الدولار، وهذا سيضر الفقراء أكثر من غيرهم، ولذا يجب أن تكون هناك معادلة لإيجاد معدل تضخم منخفض وبيئة مستقرة للدولار».
وأشار مالباس إلى عمل البنك مع 100 دولة من بينها إثيوبيا ومصر ونيجيريا وتركيا لمواجهة تحديات أعباء الديون، وعبء التغير المناخي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، إضافة إلى أزمة السيولة.

اجتماعات وتحديات
وقد انطلقت أعمال اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين الاثنين، في ظروف اقتصادية معقدة مع طموحات واسعة للاقتصاديين لتحقيق برنامج طموح للإصلاح، وخفض المخاوف حول التوترات الجيوسياسية والاستقرار المالي ومعدلات التضخم المرتفعة. ويتوافد محافظو المصارف المركزية ووزراء مالية العالم إلى العاصمة واشنطن لحضور الاجتماعات التي تأتي متزامنة مع القلق حول القطاع المصرفي الأميركي بعد الانهيار الدرامي لبنك «سيليكون فالي».
وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا قد توقعت أن ينخفض النمو العالمي إلى أقل من 3 في المائة خلال العام الحالي في أقل معدل منذ تسعينات القرن الماضي، وأن يستمر المعدل عند حدود 3 في المائة خلال الخمس سنوات القادمة. وقالت خلال كلمتها الأسبوع الماضي أمام معهد ميريديان إن 90 في المائة من الاقتصادات المتقدمة ستشهد تباطؤاً في النمو، فيما تشهد الأسواق الناشئة في آسيا ارتفاعاً كبيراً في الناتج الاقتصادي، وتمثل الهند والصين نصف النمو الإجمالي.
ودعت مديرة صندوق النقد الدولي المصارف المركزية إلى الاستمرار في محاربة التضخم المرتفع من خلال رفع أسعار الفائدة رغم المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تزايد الضغوط على القطاع المصرفي، كما دعت أن يستغل صانعو القرار الاقتصادي فرصة الاجتماعات لمناقشة اتخاذ إجراءات سياسية قوية لتأمين انتعاش اقتصادي قوي وحماية الاستقرار المالي، وتحسين آفاق النمو على المدى المتوسط. وقالت غورغييفا إنه «مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والتضخم المرتفع، لا يزال الانتعاش الاقتصادي القوي بعيد المنال، وهذا يضر بالدول الأكثر ضعفا».
من جانبه حذر البنك الدولي من مستويات الديون المرتفعة خاصة للدول النامية والمنخفضة الدخل. وتكشف التحليلات الأخيرة أن البلدان النامية ستحتاج إلى ما بين 1 إلى 2 تريليون دولار من التمويل سنوياً، معظمه في شكل استثمارات في مشروعات مناخية لتعويض الخسائر والأضرار التي تسببها الأحوال الجوية القاسية.
وتوقع البنك الدولي «عقدا ضائعا بسبب الاستجابة غير الكافية من الدول الثرية، مما جعل البلدان والأشخاص يشعرون بالوحدة بشكل متزايد». ويقول البنك إن المزارعين في السودان يواجهون موجات جفاف وفيضانات أطول وأكثر حدة، والعمال في أحواض الملح في الهند يكدحون في درجات حرارة ترتفع بلا هوادة. والملايين في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية بلا حول ولا قوة، بينما تنفق الثروة الحيوانية، وترتفع أسعار المواد الغذائية، وتتصاعد أسعار العملات بشكل غير مسبوق.
ويطالب البنك الدولي خلال الإطار المشترك لمجموعة العشرين لمعالجات الديون، بوضع آلية لإعادة الهيكلة وتخفيف أعباء الديون، جزئياً، من خلال تضمين مواعيد نهائية ثابتة لعمليات إعادة الهيكلة، وتمديد الأفق الزمني لتحليل القدرة على تحمل الديون لعقود، مما سيسمح للبلدان باقتراض المزيد اليوم من خلال افتراض جداول زمنية أطول لإدارة الالتزامات الحالية والمستقبلية، وهي خطوات تمنح الدول الغارقة في الديون شريان حياة.

آفاق الاقتصاد العالمي
ومن المقرر أن يصدر صندوق النقد الدولي اليوم الثلاثاء تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي والتحديات المالية التي يواجهها الاقتصاد. وتسعى اجتماعات الصندوق والبنك إلى مناشدة الدول الثرية إلى المساعدة في سد فجوة مالية بقيمة 1.6 مليار دولار لتسهيل إقراض الدول منخفضة الدخل التي تعاني من أعباء الديون المتزايدة وفوائدها بسبب أسعار الفائدة المرتفعة، وتداعيات الجائحة، والحرب الروسية الأوكرانية.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في مقابلة لوكالة الصحافة الفرنسية إنها تتوقع أن توافق الدول الأعضاء على تحديث بيان مهمة البنك الدولي ليشمل «بناء القدرة على الصمود ضد تغير المناخ والأوبئة والصراع والهشاشة» إلى أهدافه الأساسية. وقالت يلين إنها تتوقع أيضاً أن يوسع الاتفاق القدرة المالية للبنك الدولي «بشكل كبير»، الأمر الذي «قد ينتج عنه 50 مليار دولار إضافية في قدرة الإقراض الإضافية على مدى العقد المقبل».
ومن المرجح أن تقع التغييرات على عاتق الرئيس القادم للبنك للتنفيذ، حيث من المقرر أن يتنحى رئيس البنك الدولي الحالي ديفيد مالباس مبكراً من فترة تتسم بمخاوف بشأن موقفه من تغير المناخ. ومن المتوقع أن يتم استبدال مالباس بواسطة الرئيس التنفيذي السابق لماستركارد المدعوم من الولايات المتحدة أجاي بانغا، وهو الشخص الوحيد الذي تم ترشيحه لهذا المنصب.


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.