منذ انفصال الصين وتايوان في نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949، أصبح المضيق الذي يفصل بينهما نقطة توتر جيوسياسية.
في نهاية الحرب الأهلية الصينية، استولى الشيوعيون بزعامة ماو تسي تونغ على السلطة في بكين عام 1949، مما اضطر القوميين في حزب «كومينتانغ»، بزعامة تشانغ كاي تشيك، للانتقال إلى تايوان.
واستقر الطرفان المتنافسان على جانبي المضيق؛ «جمهورية الصين الشعبية» في البر الرئيسي و«جمهورية الصين» في تايوان.
اندلعت أزمة المضيق الأولى في أغسطس (آب) 1954 عندما أرسل القوميون آلاف الجنود إلى جزيرتي كينمين وماتسو الصغيرتين الخاضعتين لحكم تايوان، على بعد كيلومترات قليلة من البر الرئيسي. وردت الصين بقصف مدفعي للجزيرتين ونجحت في الاستيلاء على جزر ييجيانغشان، على بعد 400 كيلومتر شمال تايبيه.
وأُخمدت شرارة الأزمة في نهاية المطاف، لكنها كادت تضع الصين والولايات المتحدة على شفير نزاع مباشر.
عام 1958 اندلع القتال مجدداً عندما قصفت قوات الصين بكثافة جزيرتي كينمين وماتسو في مسعى جديد لطرد القوات القومية المتمركزة هناك.
وخشية أن تؤدي خسارة الجزيرتين إلى انهيار القوميين وبالتالي سيطرة بكين على تايوان، أمر الرئيس الأميركي دوايت دي آيزنهاور قواته بمواكبة حلفائهم التايوانيين وتزويدهم الإمدادات.
وفي مرحلة ما، فكرت الولايات المتحدة لمدة وجيزة في نشر أسلحة نووية ضد الصين.
أعلنت بكين وقفاً لإطلاق النار بسبب عجزها عن الاستيلاء على الجزر وفشل عمليات القصف في إخضاع القوميين.
ومع ذلك، استمرت قوات ماو في قصف كينمين بشكل متقطع حتى عام 1979 بموازاة حالة من الجمود.
اشتعل التوتر مجدداً في 1995 عندما بدأت الصين تجارب إطلاق صواريخ في المياه المحيطة بتايوان احتجاجاً على زيارة الرئيس التايواني، لي تين هوي، إلى الجامعة التي تخرج فيها بالولايات المتحدة. وكانت بكين تكره لي خصوصاً لأنه كان يحبذ إعلان تايوان دولة مستقلة.
وخلال السنوات السبع والثلاثين التي فصلت بين الأزمتين، تغيرت كل من الصين وتايوان بشكل كبير.
عقب وفاة ماو، بقيت الصين تحت سيطرة «الحزب الشيوعي» لكنها باشرت فترة إصلاح وانفتاح على العالم. فيما بدأت تايوان التخلص من سنوات حكم تشانغ كاي تشيك الاستبدادية والتحول إلى ديمقراطية تقدمية، بينما اعتنق كثيرون هوية تايوانية مميزة وليست صينية.
أُجري مزيد من التجارب الصاروخية بعد عام، بينما نظمت تايوان أول انتخابات رئاسية مباشرة.
جاءت الخطوات بنتائج عكسية؛ فقد أرسلت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات للدفع بالصين إلى التراجع، بينما فاز لي في الانتخابات بهامش كبير.
في عام 1997، أصبح نيوت غينغريتش أول رئيس لمجلس النواب الأميركي يزور تايوان في خطوة غير مسبوقة.
مر أكثر من 25 عاماً قبل أن تتوجه رئيسة مجلس النواب التالية نانسي بيلوسي إلى تايوان.
ردت الصين بإطلاق أكبر مناورات جوية وبحرية على الإطلاق عبر إرسال سفن حربية وصواريخ وطائرات مقاتلة إلى المياه والأجواء المحيطة بالجزيرة. ردت تايبيه بإجراء مناوراتها، وبعد أسابيع؛ أرسلت الولايات المتحدة سفناً حربية إلى المضيق وأعلنت عن برامج مساعدات عسكرية جديدة للجزيرة.
مضيق تايوان... تاريخ من الأزمات
مضيق تايوان... تاريخ من الأزمات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة