سميّة بعلبكي... 3 أغنيات جديدة وحفل قريب

المطربة اللبنانية تقاوم الإحباط بالأمل وتنجو بالموسيقى

المطربة اللبنانية سميّة بعلبكي وشقيقها المايسترو لبنان بعلبكي (الشرق الأوسط)
المطربة اللبنانية سميّة بعلبكي وشقيقها المايسترو لبنان بعلبكي (الشرق الأوسط)
TT

سميّة بعلبكي... 3 أغنيات جديدة وحفل قريب

المطربة اللبنانية سميّة بعلبكي وشقيقها المايسترو لبنان بعلبكي (الشرق الأوسط)
المطربة اللبنانية سميّة بعلبكي وشقيقها المايسترو لبنان بعلبكي (الشرق الأوسط)

آخر ما توقعته سميّة بعلبكي هو تَزامُن عودتها الموسيقية مع الانهيار الضارب عميقاً في بلدها. لكن الفنانة اللبنانية حاولت أن تخترع أملاً، وراحت تبحث عن ضوءٍ يُخرجها من النفق. وكما في كل مرة كان يصادفها انكسارٌ أو إحباط، وجدت في الموسيقى طوق نجاة.
منذ تلك الليلة الصيفية التي وقفت فيها على مسرح مهرجانات بعلبك العام الماضي، وهي تشعر وكأن شعلة اتّقدت في داخلها. جهّزت 3 أغنيات تطلقها قريباً واحدة تلو الأخرى، كما تستعد لحفل طربي ذي طابع عصري على خشبة «كازينو لبنان».

«ليالي الأنس» في بيروت
«لدى الجمهور عطش للحظات الفرح وسط الهموم الكبيرة التي يعيش، وهكذا هي الحال بالنسبة لنا نحن كفنانين وموسيقيين»، بهذا الانطباع خرجت بعلبكي من حفلها الأخير في مسرح «مونو» في بيروت ضمن «ليالي الأنس» الرمضانية. تخلل السهرة انطباعٌ آخر على ما تخبر بعلبكي «الشرق الأوسط»: «تفاجأت بجيل ما تحت الـ18 يحضر الحفلة، ويتفاعل مع أغنيات أم كلثوم وسيّد درويش وأسمهان وزكي ناصيف، وغيرهم من عمالقة الطرب والفولكلور الغنائي العربي».


سمية بعلبكي في سهرة "ليالي الأنس" الطربية (الشرق الأوسط)
يحق للفنانة التي تماهت مع الطرب الأصيل منذ طفولتها، أن تقلق على المدرسة التي تتلمذت فيها، وأن تخشى من أن يبتلع عصر السوشيال ميديا العمالقة فلا تتعرّف إليهم وإلى موسيقاهم الأجيالُ الآتية. تلوم الحكومات والمرجعيات التربوية وبعض الإعلام، وتذهب إلى حدّ الإقرار بأن هناك «تخلياً عن الطرب العربي، ما يتهدد بفقدان الثقافة الموسيقية».
تدرك أن الزمن هو للموسيقى «الترفيهية» التي تخفّف عن الناس همومهم، لكن برأيها هذا لا يعني سحق الفن الراقي وتغييبه بحجّة عنصر الوقت. تقول: «حتى وإن كان المحتوى الموسيقي قصيراً ومحكوماً بعامل الوقت، يجب أن تكون له قيمة». تشكو من غياب الدعم وهي تنتج بـ«اللحم الحيّ»، حسب وصفها، وهذا ما يؤخّر إصداراتها، لكنها لا تجد خياراً سوى الاستمرار: «حرّاس الطرب متروكون في الظل على امتداد العالم العربي، لكني أستمر لأن الغناء الراقي هو أملي الوحيد والقضية التي آمنت بها طويلاً وضحّيت كثيراً من أجلها».
لم يتوقف الزمن بسميّة بعلبكي؛ تعي أن «الناس تخاف من كلمة (طرب)»، لذلك فهي لطالما سعت إلى قولبة القديم وتقديمه في إطار عصري وشعبي كما كانت الحال في أغانٍ مثل «وصفولي عيونك» و«نعم أشتاق»، أو في إعاداتها لكلاسيكيات الطرب ضمن ألبوم «أراب تانغو». ترى أن «التحدّي يكمن في وضع الفن الراقي ضمن قالب ترفيهي»، مضيفة: «هدفي هو جعل الجمهور يستمتع بالفن الكلاسيكي الذي أقدّم من خلال أدائي وتفاعلي معهم».

«امرأة شرقية»
بهذا المزاج الحداثي والمستوعب لتحوّلات الزمن الموسيقي، تستعد بعلبكي لإطلاق أغنيتها الجديدة «عيناك لي وطني» خلال أسابيع. الأغنية التي سبق أن قدّمتها للجمهور في مهرجانات بعلبك 2022 كتبها الشاعر الراحل أنور سلمان ولحّنها ابنُه نشأت، الذي كانت له اليد الطولى في تحفيز سميّة على العودة إلى نشاطها الفني. أما الفيديو كليب فهو من إخراج عادل سرحان.
الأغنية التالية على قائمة إصدارات بعلبكي المرتقبة، هي «يعني ارتحت» التي ألّف كلامها الشاعر منير بو عسّاف ولحّنها بلال الزين، وهي من نوع الطرب الشعبي. على أن يليها طرح قصيدة «امرأة شرقية» لنزار قبّاني من ألحان الموسيقار الراحل إحسان المنذر.
في عزّ الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، لم تنشط سميّة بعلبكي بقدر ما تفعل حالياً. وكأنها وقفة تحدٍّ في وجه الأزمة المتوحّشة، أو لعلّها القوة التي تظهر في أصعب اللحظات. تبوح بأن حالة من اليأس تسللت إلى قلبها بعدما شعرت بالنفوس المنكسرة من حولها، لكنها سرعان ما عادت إلى مبدأها: «لا خلاص إلا بالموسيقى». تقول: «أخافَني إحباط الناس الذي انتقل إلى كذلك، فقررت أن أعالجه بالموسيقى. هي كانت شفاء لروحي خلال أزمات كثيرة في حياتي، وبها سأواجه المرحلة الصعبة التي نعيش. لا يمكننا أن نغذّي الحزن واليأس، بل يجب أن نخترع فقاعات أمل لنا وللناس».

تحت سماء بعلبك
لا شكّ في أن محطة بعلبك منحت حافزاً معنوياً كبيراً لسميّة بعلبكي. وقفت الصيف الماضي للمرة الأولى وسط الهياكل المضاءة وتحت نجوم أحد أهمّ معالم الفن والتراث في العالم العربي والعالم. «كانت لحظات لم أختبر لها مثيلاً في أي مكان آخر غنيت فيه. بعلبك تجربة لا تتكرر... شعرت بأني أطير، وكلّما نظرت إلى السماء وإلى عواميد القلعة، تساءلت إن كنت في حقيقة أو خيال»، هكذا تسترجع بعلبكي «الليلة اللبنانية» التي قدّمتها بالتعاون مع شقيقها المايسترو لبنان بعلبكي.
كان مزيجاً من الفرح والرهبة بالنسبة إلى فنانة لطالما استحضرت أم كلثوم وفيروز بصوتها، فوجدت نفسها في المكان ذاته الذي أضاءتاه مراراً. وما بين الفرح والرهبة، عبرت لحظات حزن تذكّرت خلالها الفنانة الأزمة العميقة التي تمر بها المهرجانات العريقة ومعها الوطن التائه. تخبر كيف أن انطلاق المهرجان العام الماضي كان من شبه المستحيل رغم مجهود اللجنة الجبار؛ «كان تحدياً بالنسبة لأخي ولي أن نعيد إحياء الليالي اللبنانية الفولكلورية، لكننا فعلناها. كان العرض ضخماً وأكبر بكثير من الإمكانات المتاحة». وتضيف بعلبكي: «كل ما أردنا قوله من خلال تلك الليلة، إن هذه هي هوية لبنان الحقيقية والمعرّضة اليوم للمحو».


سميّة بعلبك في مهرجانات بعلبك 2022 (الشرق الأوسط)
في القلعة التاريخية وجدت بعلبكي كذلك جزءاً أضاعته من نفسها. لو قُدّر لها، لاختارت علم الآثار اختصاصاً جامعياً، لكن الفن كان القدر الأوحد والطريق المرسوم لها حتى قبل أن تولد. منذ سنواتها الأولى وبزوغ موهبتها الغنائية، تعامل معها محيطها على أنها فنانة، ودفعها والدها الرسّام والأديب عبد الحميد بعلبكي إلى حضن الموسيقى.
عندما كانت تُسأل طفلة عمّا تريد أن تصير لاحقاً، كانت سميّة بعلبكي تجيب: خيّاطة. لم يكن لها ما شاءت، لكنها أمضت العمر تَحيك لصوتها أثواباً من الطرب.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.