دراسة: الأحكام الأخلاقية لـ«تشات جي بي تي» تؤثر على أفعال البشر

رصدت تغييره لقرارات أشخاص بشأن إنقاذ حياة الآخرين

تحسين المعرفة الرقمية للمستخدمين قد يكون الحل لمشكل استخدام «تشات جي بي تي» (غيتي)
تحسين المعرفة الرقمية للمستخدمين قد يكون الحل لمشكل استخدام «تشات جي بي تي» (غيتي)
TT

دراسة: الأحكام الأخلاقية لـ«تشات جي بي تي» تؤثر على أفعال البشر

تحسين المعرفة الرقمية للمستخدمين قد يكون الحل لمشكل استخدام «تشات جي بي تي» (غيتي)
تحسين المعرفة الرقمية للمستخدمين قد يكون الحل لمشكل استخدام «تشات جي بي تي» (غيتي)

كشفت دراسة لباحثين من جامعة «إنغولشتات» التقنية بألمانيا، نشرت الخميس في دورية «ساينتفيك ريبورتيز»، أن ردود الفعل البشرية على المعضلات الأخلاقية، يمكن أن تتأثر ببيانات مكتوبة بواسطة برنامج الدردشة الآلي للذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي».
وسأل الفريق البحثي برئاسة سيباستيان كروغل، الأستاذ بكلية علوم الكومبيوتر بالجامعة، برنامج «تشات جي بي تي»، مرات عدة عما إذا كان من الصواب التضحية بحياة شخص واحد من أجل إنقاذ حياة خمسة آخرين، ووجدوا أن التطبيق أيد أحيانا التضحية بحياة واحد من أجل خمسة، وكان في أحيان أخرى ضدها، ولم يظهر انحيازاً محدداً تجاه هذا الموقف الأخلاقي.
وطلب الباحثون بعد ذلك من 767 مشاركاً، كان متوسط أعمارهم 39 عاما، تحديد موقفهم من هذه المعضلة الأخلاقية التي تتطلب منهم اختيار التضحية بحياة شخص واحد لإنقاذ خمسة آخرين، وقبل الإجابة، أطلع الباحثون المشاركين على بيان قدمه «تشات جي بي تي»، ونُسبت البيانات إما إلى مستشار أخلاقي أو إلى «تشات جي بي تي»، وبعد الإجابة، سُئل المشاركون عما إذا كان البيان الذي قرأوه قد أثر على إجاباتهم.
وجد الباحثون أن قبول أو عدم قبول التضحية بحياة واحدة لإنقاذ خمسة أشخاص، يعتمد على ما إذا كان البيان الذي قرأوه يؤيد أو يعارض التضحية، وكان هذا صحيحاً، حتى في حالة البيان الذي نسب إلى روبوت المحادثة «تشات جي بي تي».
وبالرغم من أن ثمانين بالمائة من المشاركين قالوا إن إجاباتهم «لم تتأثر بالبيانات التي قرأوها»، فإن الباحثين وجدوا أن الإجابات التي ادعى المشاركون أنهم قدموها دون تأثير من البيانات، «كانت أكثر ميلا للاتفاق مع الموقف الأخلاقي للبيان الذي قرأوه أكثر من الموقف المعاكس». ويشير هذا إلى أن «المشاركين ربما قللوا من تأثير بيان (تشات جي بي تي) على أحكامهم الأخلاقية، على عكس الحقيقة».
ويقول سيباستيان كروغل في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه النتائج التي رصدتها الدراسة، تشير بوضوح إلى أن هناك العديد من المخاطر والتحديات التي تنتظرنا عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، وأحد المخاطر المحددة هو أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن (دون وعي) أن تصبح (صانع القرار الفعلي)، حتى لو كانت مقصورة في المقام الأول على دور دعم القرار».
ويضيف كروغل: «يبدو أننا معرضون بشدة للنصائح الأخلاقية ونتأثر بها بسهولة، حتى لو كانت النصيحة تأتي من (ببغاء عشوائي)، بدليل أنه لم يكن هناك ثبات في الموقف الأخلاقي، وحصلنا على إجابتين مختلفتين لنفس المعضلة الأخلاقية».
ورغم ذلك، يؤمن كروغل أن «التغيير التكنولوجي يكون دائما مصحوبا بالتحديات»، مشيرا إلى أن «المجتمع بحاجة إلى أن يظل يقظاً ويلقي نظرة نقدية على التكنولوجيا الجديدة مع الاعتراف بإمكاناتها»، متابعاً: «نحن متفائلون نسبيا بأننا سنجد حلولاً للعديد من التحديات، ولن نوقف التقدم التكنولوجي على أي حال، لكن يجب أن نحاول تشكيل التقدم التكنولوجي قدر الإمكان بما يخدم مصلحتنا الخاصة».
ويضيف: «نظراً لأننا سنواجه تطبيقات قائمة على الذكاء الاصطناعي في جميع مجالات الحياة، فإننا بحاجة إلى مزيد من المعرفة حول كيفية تأثير ذلك على تصوراتنا الذاتية وسلوكنا وكيفية تفاعلنا مع بعضنا البعض، لذلك، نحن بحاجة إلى الكثير من الأبحاث حول هذه الآثار النفسية والسلوكية».
ويعتقد كروغل أن إجابات المستخدمين بالدراسة تعكس ثقة في التطبيق، ويقول: «هذه الأدوات ستصبح جزءاً من حياتنا، ويجب التعود على ذلك، لكن نحتاج كمستخدمين إلى فهم أساسي لأدائها وحدودها، وبالطبع، سيكون تنظيم الذكاء الاصطناعي والإطار القانوني مهمين».
وتابع: «لكن من المفترض أن التغيير التكنولوجي سيكون دائما متقدما على التنظيم بخطوة واحدة، ولا ينبغي للمرء أن يعتمد فقط على التدخل الحكومي والسلطات عندما يتعلق الأمر بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، لذلك يبدو أنها فكرة جيدة أن يستثمر كل شخص في محو أميته الرقمية، ليعرف متى يصبح استخدام تلك الأداة مفيداً»، معتبراً أن «تدريب النماذج اللغوية على التعرف على المعضلات الأخلاقية وبالتالي الاستجابة بحذر أكبر، يمكن أن يكون حلا جزئيا للمشكلة، لكنه لن يحلها بشكل قاطع».
ويختتم كروغل بأن «المواقف المحتملة التي نرغب في كثير من الأحيان في الحصول على المشورة بشأنها متنوعة للغاية، وغالبا ما تكون الجوانب الأخلاقية لمعظم المواقف أكثر دقة، لذلك سيكون من غير المعقول أن نتوقع أن يقوم (تشات جي بي تي) بتحديد كل هذه المواقف بشكل صحيح».


مقالات ذات صلة

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.