نصوصٌ مسافرة وكتابٌ مُترحِّلون

الكتابة تعيش حيوات متبدلة حين تفارق مراتعها الأولى على الورق

هنري ميلر - عبد الرحمن منيف - جبرا إبراهيم جبرا
هنري ميلر - عبد الرحمن منيف - جبرا إبراهيم جبرا
TT

نصوصٌ مسافرة وكتابٌ مُترحِّلون

هنري ميلر - عبد الرحمن منيف - جبرا إبراهيم جبرا
هنري ميلر - عبد الرحمن منيف - جبرا إبراهيم جبرا

توحي صيغ الكتابة المنتشرة عبر الوسائط الرقمية، بالتلاشي التدريجي للحدود بين المكتوب والسمعي والبصري، بالتوازي مع تسارع إيقاع التلقي، وتبدُّل قيمه ومساحاته ومثيراته، من التسجيلات الصوتية لعلامات الرواية العالمية، من قبيل: «روبنسون كروزوي» و«دون كيشوته»، و«الجريمة والعقاب» و«لوليتا»... إلى قصائد المتنبي ومسرحيات شكسبير. ويفيد هذا التحول، بين ما يفيده، بأن الأمر لم يعد يتعلق بارتباط مرجعي بين العين والورق والإدراك والانهماك على كتاب، في لحظات بعينها، وإنما بمرافقة خارجية قد لا يكون فيها للعمل المرقون دور مركزي، بقدر ما يصير احتمالاً من ضمن احتمالات شتى، كتابية وسمعية وبصرية. ولعل هذا الانتقال يفسر ذلك التوق القديم للكتابة إلى التحول والانتقال وعدم الثبات في مراتعها الأصلية، وأن تنهض بأدوار تتخطى وظائفها التخييلية والتصويرية، المتصلة بالنص المخطوط أو المطبوع، وتطلعها إلى معانقة مساحات أرحب في التلقي، لا تكتفي بحدود «القراءة»؛ فقد تنتقل من المكتوب إلى المسموع أو إلى المرسوم أو إلى المُشخَّص والمُصَوَّر، مكتسبة دلالات مضافة، ومقترنة بسياقات ومشاعر وذهنيات متغايرة، لتجسد مظهراً لوحدة الإبداع، وتضامن روافد الخيال.
فالأبنية البديعة، على سبيل المثال، تحتاج لخيال وذاكرة صور، هندستها تشبه إلى حد ما تخطيط عمل أدبي، فكلاهما يسعى إلى إبهار الناظر، وإنتاج معنى عميق، والخلود في الذاكرة. لهذا اقترنت مآثر عمرانية خالدة بالأساطير والشعر؛ في جدران قصر الحمراء نقرأ للسان الدين بن الخطيب وابن زيدون وابن زمرك...، كأنما لا تكتمل الفخامة إلا بالتلاقي والتقاطع بين المرئي والمكتوب. مثلما أن الموسيقى جزء أصيل من هوية الأدب، قد نتحدث بيسر عن موسيقى الشعر، وعن التراجيديات الغنائية، لكن يمكن أيضاً أن نتحدث عن إيقاع روائي ومسرحي وسينمائي، والموسيقى موضوع أثير للأدب مثلما أن الكتابة تفصيل من تفاصيل المنجز الموسيقي، فكم من أعمال أدبية كتبت بإلهام مقطوعات خالدة، وكم من مؤلفات موسيقية استندت إلى أعمال أدبية بديعة، ففي النهاية لا يمكن تمثل الموسيقى إلا من حيث هي شأن أدبي بالروح والسجايا.
والشيء الأكيد أن الكتابة تعيش حيوات متبدلة حين تفارق مراتعها الأولى على الورق، وتبني لنفسها صيغاً تعبيرية جديدة، وامتدادات تتجاور فيها الكلمة مع الصورة والنغم واللون والبنيان... كأنها تعيد التفكير في موضوعاتها مجدداً، أو تنسلخ عن زمنيتها المحدودة لتعانق رحابة أوسع، وجمهوراً مختلفاً. يمكن أن نتحدث هنا عن إقامة عابرة، لتجديد النفس والرؤية، وللبحث عن معنى مختلف. لذلك ليس غريباً أن تعبر الحكاية الواحدة والرواية المفردة والقصيدة والرحلة والسيرة الشخصية عن شبكات عيون متعددة لمخرجين سينمائيين ورسامين وأحياناً لمتخيل معماريين وموسيقيين من ثقافات ولغات وأصقاع متباعدة. ذلك ما تنبئنا به رحلة ألف ليلة وليلة من السينما للمسرح للتلفزيون للأوبرا للوحة والمنحوتة والقصر.
سفر الآداب عبر الفنون حكاية ملتبسة وحافلة بالاختراقات، وتعبر عن الرغبة اللاعجة في مفارقة المعنى الجامد، وتخليد الأساطير الكبرى. ولا تترحل عبر الفنون إلا الأعمال العظيمة، القادرة على توليد الأسئلة والتواقة إلى معانقة جمهور أوسع، ما فتئ يجدد وسائلة القرائية بتوالي الأجيال وتطور أساليب التعبير وتقنياته. وبقدر ما يكون ترحل الآداب انتقالاً في الوسيلة فإنه يتجلى بوصفه انتقالاً في التاريخ والجغرافيا أيضاً، فـ«أوليسيس» (بطل الأوديسة) مرسوماً عبر القرون ومجسماً في أفلام ومسرحيات وأعمال درامية سيكون شخصاً بثقافات متعددة، متحدثاً بألسنة شتى، ومنتمياً لعتبات متباعدة مثله مثل سندباد الغائر في التاريخ، ومثل «لوليتا» أو «مدام بوفاري».
إنه الحافز الذي حدا بعدد كبير من المبدعين لأن يفارقوا مراتعهم الكتابية الأولى، وأن يعيدوا التفكير في الموضوعات والأشياء والمفردات عبر اللوحات والمنحوتات أو المقاطع الموسيقية، لإنفاذ المعنى على نحو مختلف، بارتياد صيغ لم تتحها الأصول. في توصيف لإدوارد سعيد ورد ضمن كتابه الصادر بعد وفاته: «عن الأسلوب المتأخر: موسيقى وأدب عكس التيار» نقرأ في أحد المقاطع ما يلي: «الموسيقى هي منفى اللغة، يجب النظر إليها من هذه الزاوية، أي النظر إلى مفارقة أن فائض المعنى يملأ وعاء دلالة غير مناسب له. ليس صدفة أن تكون موسيقى بيتهوفن قد ألهمت سماع القرن التاسع عشر ذي العقلية الفلسفية، فأكدت أن هذه الموسيقى تحمل فائض معنى يستحيل ترجمته إلى كلمات أو حتى وصفه بالكلمات أو تقييمه بواسطة الكلمات».
بناء على ذلك، يمكن فهم حيرة هنري ميلر الكبيرة أمام وسائل الإعلام الثقافي بمختلف أصنافها، حين اعتبرته على نحو متسرع روائياً فقط دون أي امتداد آخر، إذ هيمنت روايته «مدار السرطان» على باقي التفاصيل الخاصة به بوصفه رساماً صاحب أسلوب وتراكم ونزوات، أخذت من عمره واشتغاله اليومي. لم تشفع المعارض التي أقامها في إكسابه سمعة التشكيلي الذي يتخطى الروائي، وتجلى إبداعه الفني مجرد تفصيل هامشي، يلجأ له للبحث عن الامتدادات، ولتقليص فجوات الصمت والبياض.
وغير خافٍ أن هنري ميلر، خلُد في ذهن كثير من قرائه، وضمن تاريخ الرواية المعاصرة، عموماً، باعتباره لاجئاً للتشكيل، وليس فناناً سعى لإنفاذ ما لا تستوعبه الكلمات، وتقصر عن أدائه مدونة القول. وانطبق عليه إلى حد كبير ما مثّله في السياق العربي الروائي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا الذي ظلمت رواياته لوحاته الفنية، وهو الذي حول حياته الإبداعية لحوار دائم بين الكتابة والرسم، بيد أنه اعتبر من قبل الغالبية العظمى من المتلقين روائياً ومترجماً «منشغلاً بالفن»، يصادق الرسامين ويكتب عن أعمالهم ويدرس تجاربهم واقتراحاتهم، ويرسم أحياناً. ولم تتذكر النخبة الثقافية العربية لوحاته الفنية التي تحدث عنها عبر صفحات طويلة في سيرتيه «البئر الأولى» و«شارع الأميرات» إلا حين احترقت فيلته المحتضنة لأغلب أعماله التشكيلية، غداة انهيار الدولة بالعراق إثر الغزو الأميركي.
طبعاً ثمة، في حالات عديدة، لجوء مناقض من اللون والمادة إلى الكلمة، انطوت على تشوف دفين للتخلص من وطأة العادة ومن لعنة الضرورة، بيد أن الحرية المشتهاة حملت، في هذه الحال، ملامح التخلص غير المجدي، الناقل لمواجع العقم المقيم، مثل ذلك الذي جعل فنانين من قبيل المغربيين ماحي بنبين وأحمد جريد، ينغمران في عوالم الرواية، في محاولة لإيهام نفسيهما قبل القراء أن تجربة الرواية استرسال تصويري، وأن الانتقال شرط لاستمرار الحياة داخل الإبداع، غير أن الذي يتجلى للمتلقين المأخوذين بحس المقارنة، أن الكتابة قد تمثل جسراً، بيد أنها قد تكون مجرد مراوغة للبياض، وأنه بصرف النظر عن كونها توسيعاً لأفق التجريب الفني، فإنها قد تكون مجرد ملء لأوقات فراغ، على نحو شبيه بما ورد في إحدى رسائل عبد الرحمن منيف لمروان قصاب باشي، حيث قال إنه تجرأ بعد شهور من الخرس مطلع التسعينات من القرن الماضي، على إنجاز «خربشات» لونية، (ستبقى مجرد خربشات بعد ذلك)، إثر إحساسه بتعهر الكلمات وفقدانها للعمق والجدوى، قالها على نحو يشي بلجوء حياتي ينتشل صاحبه من الفقد المقترن بالرغبة في إنهاء كل شيء، ما دامت المفردات تنتهي إلى فراغ.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.