احتفالات في مصر بمرور 1083 عاماً على تأسيس الجامع الأزهر

تتضمن إفطاراً جماعياً للوافدين وأنشطة ثقافية ودينية

الجامع الأزهر يحتفي بذكرى تأسيسه (مشيخة الأزهر)
الجامع الأزهر يحتفي بذكرى تأسيسه (مشيخة الأزهر)
TT

احتفالات في مصر بمرور 1083 عاماً على تأسيس الجامع الأزهر

الجامع الأزهر يحتفي بذكرى تأسيسه (مشيخة الأزهر)
الجامع الأزهر يحتفي بذكرى تأسيسه (مشيخة الأزهر)

احتفت مصر بذكرى مرور 1083 عاماً على تأسيس الجامع الأزهر، التي توافق السابع من شهر رمضان من كل عام، وذلك عبر أنشطة ثقافية ودينية وإفطار جماعي للطلاب الوافدين. وشهد الجامع الأزهر في القاهرة (الأربعاء) فعاليات متنوعة من فقرات تلاوة القرآن الكريم ونشاط للخط العربي والابتهالات والإنشاد الديني لمواهب «مكتب الأزهر لدعم الابتكار»، وفقرات متنوعة للتعريف بتاريخ الأزهر ودوره الديني والعلمي والمعرفي.
وكان المجلس الأعلى للأزهر قد قرر في مايو (أيار) 2018 اعتبار مناسبة افتتاح الجامع الأزهر في السابع من رمضان عام 361هـ يوماً سنوياً للاحتفال بذكرى تأسيس الجامع.
وأنشئ الجامع الأزهر على يد جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله في عام 359هـ أبريل (نيسان) 970م، وذلك بعد عام من تأسيس مدينة القاهرة، واستغرق بناء الجامع قرابة 27 شهراً، وتم افتتاحه للصلاة في يوم 7 رمضان 361هـ (21 يونيو (حزيران) 972م).
وقال شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي إن «الجامع الأزهر ظل على مدار أكثر من ألف عام قلعة للعلم ومنارة للوسطية والاعتدال، يأتيه طلاب العلم من جميع أنحاء العالم، يتلقون على يد علمائه علوم الدين والدنيا، فيتخرجون منه سفراء ينشرون رسالة الإسلام السمحة في أرجاء الدنيا كافة».
وخلال كلمته في احتفالية الجامع الأزهر، أكد وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني، أن «الأزهر حمى الهوية الإسلامية ولغة القرآن على مدار قرون وعلى مدى أزمنة، وقطاعات الأزهر تقوم بدور كبير في حماية المجتمع من التطرف والغلو»، موضحاً: «حرص الأزهر الدائم على تقديم خطاب ديني (مستنير) يحوي بين جنباته كل علم يخدم الوطن ويحقق صالح الناس؛ بل ويجعل من الخطاب الشرعي خطاباً شاملاً يأخذ في اعتباره ما يشهده العالم من تطورات وتنوع في الثقافات والمعارف المختلفة».
وتعد أروقة الجامع الأزهر رمزاً تاريخياً وحضارياً يشهد بعالمية الأزهر ودوره العلمي والاجتماعي على مر العصور، ومن بين أروقة الوافدين بالجامع «رواق الشوام، واليمنية، والمغاربة، والسنارية»، فضلاً عن أروقة المصريين «رواق الصعايدة، والشراقوة، والبحاروة».

نحو نصف مليون دارس تراوح أعمارهم بين 5 سنوات و13 سنة (مشيخة الأزهر)

ووفق المشرف على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر، الدكتور عبد المنعم فؤاد، فإن «شيخ الأزهر قد وجَّه منذ سنوات قريبة بإعادة دور الأروقة مرة ثانية ووضع مناهجها برؤية علمية، ووضع السلم التعليمي لهذه الأروقة مُتدرجاً مع التخصصات المتنوعة التي تعالج الأفكار والمستجدات التي تطرأ يومياً في المجتمع المصري، والمجتمعات الإسلامية والعالمية»، مضيفاً خلال احتفالية الجامع الأزهر (الأربعاء) أنه تم «افتتاح 1045 رواقاً بالمحافظات المصرية، وبلغ عدد الدارسين من الأطفال من سن خمس سنوات إلى ثلاث عشرة سنة ما يربو على نصف مليون دارس، يحفظون القرآن، كما تم افتتاح أروقة علمية وقرآنية للكبار في سبع عشرة محافظة يدرس فيها أكثر من مائة ألف دارس من شتى خريجي المعاهد والجامعات المصرية». إلى ذلك نظمت المناطق الأزهرية ومناطق الوعظ بالمحافظات المصرية (الأربعاء) احتفالية بمناسبة ذكرى تأسيس الجامع الأزهر.

جموع المصلين في الجامع الأزهر (مشيخة الأزهر)

وتحظى الأجواء الرمضانية في الجامع الأزهر بتفاعل «لافت» في مصر، حيث تشهد صلاة التراويح خلال شهر رمضان حضوراً كبيراً من المصريين والطلاب الوافدين، فضلاً عن قيام الجامع بتقديم إفطار للوافدين يومياً خلال رمضان.
وأعلن الجامع الأزهر عن خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان، وتتضمن 260 مقرأة، و52 ملتقى بعد صلاة الظهر، و26 ملتقى بعد صلاة العصر، وتنظيم 6 احتفالات متعلقة بمناسبات رمضانية، وتقديم 4 آلاف وجبة إفطار يومياً للطلاب الوافدين.

جانب من الاحتفاء بذكرى تأسيس الجامع الأزهر (مشيخة الأزهر)

ويبثّ المركز الإعلامي للأزهر صلاة العشاء والتراويح مباشرة عبر صفحات ومنصات الأزهر وقطاعاته المختلفة، وصفحات الجامع الأزهر على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدد من الكاميرات التي تغطي أروقة وصحن الجامع الأزهر. وتؤدى صلاة التراويح العام الحالي بواقع 20 ركعة يومياً، يؤديها 12 قارئاً، مع تنظيم «درس التراويح» يحاضر فيه أعضاء من هيئة كبار العلماء وأساتذة جامعة الأزهر.


مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان ينتقد توظيف الدين لتبرير العنف والنزعة القومية

العالم البابا ليو الرابع عشر يخاطب الناس في ساحة القديس بطرس بمدينة الفاتيكان يوم 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

بابا الفاتيكان ينتقد توظيف الدين لتبرير العنف والنزعة القومية

انتقد البابا ليو الرابع عشر، بابا الفاتيكان، اليوم الخميس، الزعماء السياسيين الذين يستغلون المعتقدات الدينية لتبرير الصراعات أو السياسات القومية.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
ثقافة وفنون الفكر الفلسفي المسيحي في متناول القارئ العربي

الفكر الفلسفي المسيحي في متناول القارئ العربي

في سياق الاهتمام المتنامي في العالم العربي عموماً، وفي البلدان الخليجيّة خصوصاً، تبرز «موسوعة الفلسفة الفرنسيّة المعاصرة».

مالك القعقور
كتب كتب فرنسية تقدم قراءة مختلفة للإسلام

كتب فرنسية تقدم قراءة مختلفة للإسلام

كان لافتاً أن تصدر في باريس مجموعة من الكتب الجديدة عن تراثنا العربي الإسلامي الكبير فخلال شهر واحد فقط أو شهرين صدرت مؤلفات عدة عن القرآن الكريم والنبي العظيم.

هاشم صالح
شؤون إقليمية يهود حريديم يحملون لافتات خلال احتجاج ضد التجنيد بالجيش الإسرائيلي في القدس 30 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

وفاة شاب في احتجاج لليهود المتزمتين دينياً بالقدس

تحولت مسيرة حاشدة لليهود المتزمتين دينياً ضد تجنيدهم بالجيش في القدس إلى العنف، اليوم الخميس، عندما لقي فتى في سن المراهقة حتفه، خلال الاحتجاج.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي البابا ليو الرابع عشر خلال قداس في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان 26 أكتوبر 2025 (رويترز)

البابا ليو يعتزم زيارة موقع انفجار مرفأ بيروت خلال وجوده في لبنان

أعلن الفاتيكان برنامج الزيارة التي ستجرى بين 27 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) إلى تركيا ولبنان، وتتضمّن زيارة موقع انفجار مرفأ بيروت للصلاة

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

كيف تقضي احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين؟

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

كيف تقضي احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين؟

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير حيث يمكنك قضاء تنرانزيت في القاهرة بصحبة الأثار المصرية القديمية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بمزيد من التخطيط المبكر والاستفادة من التسهيلات التي تقدمها بعض شركات الطيران، يمكن قضاء احتفالات رأس السنة في بلدين مختلفين استغلالاً لمزايا الترانزيت الطويل الذي تتيحه الشركات، ويسمح بقضاء مدد متباينة في عدد من العواصم خلال الترانزيت في الذهاب أو العودة، فما بين القاهرة ودبي وأبوظبي وإسطنبول يمكن الاستمتاع بعطلات سريعة ما بين يوم إلى أربعة أيام.

تقدم شركات طيران عدة ومن بينها «الخطوط التركية»، و«طيران الإمارات»، و«مصر للطيران»، فرصة التسهيل للحصول على تأشيرة المدن التي تنطلق منها مع ساعات انتظار أطول وأسعار تذاكر لا تختلف كثيراً عن الأسعار المعتادة في الرحلات المباشرة للوجهات السياحية التي تطير إليها.

يتضمن الانتظار في الطيران التركي رحلات متعددة (وزارة السياحة التركية)

جولة في القاهرة

في حال كانت وجهتك تمر عبر ترانزيت في القاهرة، سواء مع شركة «مصر للطيران» أم عبر رحلات بشراكة مع شركات طيران أخرى، يمكن الحصول على فيزا «ترانزيت» بشكل مجاني من المطار لغالبية الجنسيات تصل لمدة 96 مع إبقاء الحقائب كبيرة الحجم في المطار بانتظار وجهتك النهائية سواء في الذهاب أم العودة.

يمكن الحصول على الفيزا المجانية والخروج من المطار، والاستمتاع بالتحرك في القاهرة، ومشاهدة الأهرامات، وزيارة المتحف المصري الكبير الذي افتُتح مؤخراً ويعد الأكبر عالمياً المخصص لعرض آثار حضارة واحدة بالتاريخ، بالإضافة إلى التسوق في منطقة وسط البلد القديمة، وربما شراء بعض الهدايا التذكارية من حي «خان الخليلي».

جولة اليوم الواحد في القاهرة يمكن أن تشمل زيارة عدد المواقع الأخرى منها «متحف الفن الإسلامي» و«المتحف القبطي» وحتى المتحف المصري بالتحرير، مع خيارات متنوعة للإقامة في الفنادق تبدأ من الفنادق الصغيرة بأسعار تبدأ من 7 دولارات وتصل إلى 500 دولار في الفنادق الكبرى.

أماكن السهر المتعددة في القاهرة تكون وجهة مثالية لمن لديهم طائرات تصل في المساء المبكر، فما بين الحفلات اليومية في الكافيهات الكبرى مروراً بالرحلات النيلية التي لا تتوقف حتى الساعات الأولى من الصباح مع وجود العديد من المطاعم العائمة التي تتيح الاستمتاع بمشاهدة النيل مع سهرات غنائية طوال الليل.

يمكن زيارة مواقع عدة داخل دبي خلال رحلة الترانزيت (حكومة دبي)

أنشطة مختلفة في دبي

إذا كنت مسافراً عبر «طيران الإمارات» فإن لديك فرصة للعديد من الزيارات والتسوق من دبي عبر ميزة «الترانزيت» التي يمكن ترتيبها مسبقاً سواء بالحصول على تأشيرة حال كان جواز سفرك يحتاج لتأشيرة الترانزيت أم الدخول إلى المدينة والتجول فيها خلال فترة انتظار الطائرة قاصداً وجهتك النهائية.

تتيح «طيران الإمارات» عبر مكاتبها امتيازات عدة عند التخطيط المبكر لرحلات الترانزيت تبدأ من استقبال في المطار وإمكانية حجز فندق بسعر تنافسي وصولاً إلى تنظيم جولات بالعديد من المواقع الترفيهية وأماكن التسوق، من برج خليفة إلى مول دبي ومول الإمارات لشاطئ جميرا، تتنوع الأنشطة التي يمكن قضاء حتى 4 أيام فيها.

تتنوع تكلفة الرحلات التي يمكن القيام بها بحسب الميزانية التي يتم رصدها، فما بين استخدام المترو والتاكسي والسيارات الخاصة تتغير التكلفة مع وجود خيارات متنوعة للتنقل داخل دبي، وتعدد الأماكن التي يمكن السهر فيها ليلاً والحفلات الفنية والعروض الموسيقية التي تحتضنها المدينة الإماراتية.

تتيح طيران الإمارات فرصة الترانزيت لمدة 96 ساعة في دبي (مطار دبي)

إسطنبول وجهة زاخرة بالتنوع

توفر الخطوط الجوية التركية خدمة مجانية لعدد من الجولات السياحية المنظمة لتمنح المسافرين العابرين في إسطنبول لمحة عن تاريخ المدينة وثقافتها وحياتها اليومية، وتتنوع الجولات بحسب وقت الترانزيت المتاح؛ إذ توجد جولات قصيرة تمتد بضع ساعات وأخرى أطول قد تستغرق نصف يوم أو يوماً كاملاً، وكلها تتضمن النقل من المطار وإليه ووجبات مجانية وإرشاداً سياحياً بالإنجليزية.

تبدأ الرحلات عادة من مطار إسطنبول الدولي مروراً بجسر السلطان محمد الفاتح أو الطريق السريع الأوروبي وصولاً إلى منطقة السلطان أحمد، وهي القلب التاريخي لإسطنبول، حيث يتوقف المشاركون لزيارة مسجد السلطان أحمد (الجامع الأزرق) الذي يُعد أحد أشهر المعالم العثمانية في العالم، ثم ينتقلون إلى «آيا صوفيا»، التحفة المعمارية التي جمعت بين الطرازين البيزنطي والعثماني.

كما تتضمن الجولات عادة زيارة إلى قصر «طوب كابي»، المقر القديم للسلاطين العثمانيين، والذي يضم اليوم متحفاً يحتوي على مقتنيات تاريخية نادرة من بينها أسلحة وتحف وقطع فنية تعود إلى القرون الماضية.

بعدها يتجه المسافرون إلى ميدان «الهيبودروم»، الذي كان مركزاً للحياة الاجتماعية في العهد البيزنطي ومكاناً لسباقات الخيول والعربات، قبل أن يواصلوا المسير إلى البازار الكبير، إحدى أقدم وأكبر الأسواق المغطاة في العالم، حيث يمكنهم التجول بين مئات المتاجر التي تبيع السجاد والجواهر والتوابل والهدايا التذكارية.

وفي الجولات التي تمتد فترة أطول، قد تشمل الرحلة المرور على مضيق البوسفور للاستمتاع بالإطلالة المائية الخلابة التي تفصل بين قارتي آسيا وأوروبا، أو زيارة منطقة «أمينونو» المطلة على القرن الذهبي، وتذوق الأطعمة المحلية مثل السمك المشوي أو الكنافة التركية، كما تقدم بعض الجولات فرصة لزيارة برج غلاطة الشهير الذي يوفّر مشهداً بانورامياً للمدينة القديمة.

تُختتم الجولة عادة بتناول وجبة تركية تقليدية في أحد المطاعم القريبة من منطقة الفاتح أو تقسيم، ثم يعود المسافرون إلى المطار قبل موعد رحلتهم التالية بوقت كافٍ.


صدمة في منزل لبناني خطفه «الموساد»: لا علاقة له برون آراد

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

صدمة في منزل لبناني خطفه «الموساد»: لا علاقة له برون آراد

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، المخطوف منذ أيام، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن المخابرات الإسرائيلية اختطفته على خلفية صلات مشبوهة باختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد في جنوب لبنان عام 1986.

ويقول شقيقه عبد السلام شكر، إن قصة أحمد بدأت بعدما تواصل معه المغترب اللبناني في كينشاسا (ع. م.)، طالباً منه استئجار شقته في منطقة الشويفات (جنوب بيروت)، وبالفعل اتفقا قبل أشهر، ودفع 500 دولار إيجار الشقة. تكررت زيارات المغترب إلى لبنان، والتقى في إحداها بشكر في منزله، ولاحقاً، اتصل بالنقيب المتقاعد أحمد شكر ليبلغه بأن هناك متمولاً كبيراً في أفريقيا يُدعى سليم كساب (تبين لاحقاً أنه اسم وهمي) يبحث عن قطعة أرض لشرائها في زحلة، طالباً مساعدتهما.

يضيف عبد السلام: «نزل المغترب وعاين قطعة الأرض، وبعد أسبوعين على مغادرته، اتصل ليبلغ بأن المتمول كساب وافق على شراء الأرض، وهو سيزور لبنان، وعليه أن يلاقيه فيها في الساعة 4 والنصف من بعد ظهر يوم اختفاء أحمد»، مشيراً إلى أن المغترب «أصرّ على أن يكون هذا الموعد؛ لأنه يناسب الشاري، رغم تأكيد أحمد أن هذا الوقت تكون العتمة قد حلّت في المنطقة، ولن تظهر طبيعة الأرض». وقال إن المغترب «اعتذر عن عدم الحضور، متذرعاً بأن قدمه قد كُسِرت، وأن المتمول سيزور المكان وحده، برفقة أحمد».

في تلك الساعة من اللقاء، اختفى شكر. يقول عبد السلام: «لا نعلم عنه أي شيء سوى من التسريبات الأمنية والقضائية»، مضيفاً: «ما علمناه أن الخاطفين كانوا استأجروا منزلاً في زحلة، وأزالوا كل بصماتهم منه بعد اختطاف أحمد»، وأن «كاميرات المراقبة رصدت تحرك السيارة باتجاه بلدية الصويرة في البقاع الغربي حيث اختفت الأدلة بعدها»، علماً بأن الصويرة كانت تُستخدم كخط تهريب من جنوب دمشق الغربي، باتجاه لبنان.

ولاء للدولة

ويضيف عبد السلام: «أخي قضى أربعين عاماً في السلك العسكري، لم يكن ولاؤه إلا للدولة والمؤسسات، ولم يرتبط طوال حياته بأي من الأحزاب... نحن عائلة لا تتعاطى السياسة».

وشكر، تعرّض قبل أسبوع لعملية استدراج محكمة انطلقت من مسقط رأسه في بلدة النبي شيت (البقاع الشمالي بشرق لبنان)، قبل أن يُفقد أثره في نقطة قريبة جداً من مدينة زحلة.

الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

في دارة مختار بلدة النبي شيت عباس شكر، يتوافد أبناء البلدة والأصدقاء الذين أعربوا عن احتجاجهم واستنكارهم لعملية الخطف والاختفاء.

تقول العائلة إن أحمد شكر تقاعد قبل 9 سنوات، بعد أربعين عاماً من الخدمة في الأمن العام، وتنقل خلالها بأكثر من موقع، بينها نقطة المصنع الحدودية مع سوريا، ونقطة القاع الحدودية مع سوريا أيضاً في شمال شرقي لبنان.

ويقول شقيقه عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»: «شقيقي دخل الخدمة العسكرية في 1979، ما يعني أنه كان (ابن دولة) حين اختفى آراد في عام 1986... ومن المعروف أن ابن الدولة، لا يتعاطى الأحزاب».

ويردّ على محاولات ربط العائلة بنسب إلى فؤاد شكر، القيادي في «حزب الله» الذي اغتالته إسرائيل في يوليو (تموز) 2024 في الضاحية الجنوبية، بالقول: «لم يكن أحد من أبناء البلدة يعرف فؤاد شكر أصلاً... منذ مطلع الثمانينات خرج من البلدة ولم يعد إليها، وكان بعيداً عن أقربائه»، مشدداً على أن شقيقه، ومنذ تقاعده من الخدمة العسكرية، «لم يخرج خارج البقاع. التزم بيته، ويلعب الورق مع أصدقائه ليلاً».

عبد السلام شكر شقيق المخطوف أحمد شكر يتحدث لـ«الشرق الأوسط» من بلدة النبي شيت (الشرق الأوسط)

ويخيم الذهول على العائلة وزائري المنزل. هو مشهد متواصل منذ اختفائه في الأسبوع الماضي، ولم يتسارع الملف بمنحى رسمي، إلا حين اتصل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، بالرئيس اللبناني جوزيف عون، وبوزير الداخلية أحمد الحجار، حسبما يقول عبد السلام، مضيفاً أن عون «تعهّد بطلب من الأجهزة الأمنية والقضائية التوسع في التحقيقات وكشف الملابسات». وقال إن المسؤولين في «حركة أمل» كانوا على اتصال دائم مع رئيس البرلمان نبيه بري، لمتابعة الملف.

لغز الاختفاء

وقال عبد السلام: «نطالب القضاء والأجهزة الأمنية بتأكيد أو نفي التسريب حول صلة مزعومة باختفاء رون آراد، هذا التسريب الذي حصل لا يعنينا، ما يعنينا هو ما تقوله الأجهزة الأمنية والأمن العام الذي ينتمي له شكر، وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي تتولى التحقيق».

وأكد عبد السلام شكر أن «لغز الاختفاء موجود لدى (ع. م) ابن بلدة قانا الجنوبية الذي يقيم في كينشاسا ويتهرب من اتصالاتنا، وعلى الدولة اللبنانية أن تطلب عبر الإنتربول توقيفه وإحضاره إلى لبنان للتحقيق معه»، لافتاً إلى أن أرقام هواتفه «لم يعد يرد عليها»، وأن جميع المعلومات المتوفرة عنه، بما فيها مقاطع فيديو له، باتت بحوزة الأجهزة الأمنية.

ويعرب شكر عن اعتقاده بأن المغترب (ع. م.) «هو من رتب القصة مع الموساد، وأوصلهم إلى هذه المرحلة، ونفذوا العملية بطريقة دقيقة واحترافية»، لافتاً إلى أن ما فهمته العائلة من الأجهزة الأمنية اللبنانية، أن الخاطفين لم يتركوا أي بصمات، لا في شقة ضهور زحلة، ولا في الشويفات، ولم يتم العثور على أي دليل، كما أن سيارة الخاطفين ما زالت مجهولة».


مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
TT

مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)
من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)

بدأ رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، مشاورات مكثفة لتعيين رئيس جديد لهيئة أركان قوات الجيش في غرب البلاد، عقب مصرع الفريق أول محمد الحداد في حادث تحطم طائرة مساء الثلاثاء، خلال رحلة عودته من تركيا، وفق ما أفاد به مصدر حكومي مطلع في العاصمة طرابلس.

وكان المنفي قد أصدر قراراً بتكليف الفريق صلاح النمروش، معاون رئيس الأركان العامة، بتولي مهام رئاسة الأركان بصفة مؤقتة، إلى حين تسمية خلف دائم للحداد. وقال مصدر حكومي في غرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط» إن حادث تحطم طائرة الفريق الحداد «سيفتح الباب أمام تغيير مرتقب في هيكل قيادة المؤسسة العسكرية في الغرب»، مشيراً إلى أن «مشاورات مكثفة تجري حالياً بين المنفي والدبيبة للتوافق على اسم الرئيس الجديد للأركان».

آخر اجتماع رسمي حضره الحداد في طرابلس (الوحدة)

وأوضح المصدر، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، أن دائرة الترشيحات المحتملة لخلافة الحداد تضم كلاً من الفريق صلاح النمروش، وقائد المنطقة العسكرية بالجبل الغربي التابعة للمجلس الرئاسي اللواء أسامة الجويلي، إلى جانب اللواء محمد موسى، آمر المنطقة العسكرية الوسطى.

وكان المنفي قد قال في تصريحات بثتها قناة «ليبيا الأحرار» الثلاثاء، إن «النمروش سيتولى مهام رئاسة الأركان بشكل مؤقت، إلى حين تسمية رئيس جديد خلفاً للفريق أول محمد الحداد».

في السياق ذاته، نعى المجلس الرئاسي الليبي الفريق أول محمد الحداد، الذي لقي حتفه إثر تحطم طائرته قرب أنقرة، معلناً الحداد الرسمي في البلاد لمدة ثلاثة أيام، تُنكس خلالها الأعلام في جميع مؤسسات الدولة، وتُعلق المظاهر الاحتفالية والرسمية.

وعمّت مشاعر الصدمة الأوساط الليبية، رغم الانقسامين السياسي والعسكري بين شرق البلاد وغربها، إذ أعلن كل من حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب البلاد، والحكومة المكلفة من مجلس النواب (شرق البلاد) الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام في عموم البلاد. كما أعرب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن خالص تعازيه وصادق مواساته في وفاة الحداد والفيتوري ومرافقيهما، مؤكداً أن الحادث يمثل «خسارة كبيرة للمؤسسة العسكرية».

وجاء ذلك عقب نعي القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، للفريق أول محمد الحداد، واصفاً إياه بأنه «أحد رجالات المؤسسة العسكرية، الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفانٍ ومسؤولية، وتحملوا الأمانة في مراحل دقيقة من تاريخ الوطن، وأعلوا المصلحة الوطنية على أي اعتبارات أخرى».

عقيلة صالح أكد أن مقتل الحداد يمثل «خسارة كبيرة للمؤسسة العسكرية» (النواب)

في سياق ذلك، أعلنت وسائل إعلام محلية ليبية وصول وفد من حكومة «الوحدة الوطنية» إلى موقع تحطم الطائرة في منطقة هايمانا جنوب أنقرة، فيما أكدت السفارة الليبية في تركيا الاتفاق مع السلطات التركية على تحديد نقطة اتصال مباشرة لتنسيق العمل، ومباشرة التحقيقات فوراً من موقع الحادث.

من جانبه، أفاد وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا بوصول وفد ليبي يضم 22 شخصاً، من بينهم خمسة من ذوي ركاب الطائرة إلى أنقرة لمتابعة تطورات الحادث، بالتزامن مع إجراء التحاليل اللازمة للتثبت من هوية الضحايا، بعد العثور على الصندوق الأسود للطائرة.

وأوضح السفير الليبي لدى تركيا، مصطفى القليب، من موقع الحادث أن الطائرة سقطت في منطقة وعرة التضاريس وبعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن «حزنها العميق إزاء حادث تحطم الطائرة المأسوي، الذي أودى بحياة الفريق أول محمد الحداد وزملائه أثناء عودتهم من مهمة رسمية إلى أنقرة». كما نعت البعثة الفريق الفيتوري غريبيل، رئيس أركان القوات البرية وعضو اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5)، مشيرة إلى دوره المحوري في التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار عام 2020، إلى جانب مرافقيه.

وأشادت البعثة الأممية بما وصفته «الخدمات المخلصة التي قدمها الحداد خلال فترة عمله»، مؤكدة أنه كان «مدافعاً قوياً عن توحيد المؤسسات العسكرية والمدنية، وعن السلام والاستقرار، واضعاً المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات»، واصفة إياه بأنه «ضابط مهني ووطني غيور على بلاده».

المشير خليفة حفتر وصف الراحل محمد الحداد بأنه أحد رجالات المؤسسة العسكرية الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفانٍ ومسؤولية (الجيش الوطني)

بدوره، أعرب سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن تضامنه مع عائلات الضحايا، مشيداً «بالخدمة الوطنية المخلصة التي قدمها الحداد ورفاقه»، فيما قال السفير البريطاني مارتن رينولدز إن «الحداد خدم بلاده بتفانٍ ورؤية ثاقبة»، مقدماً تعازيه للشعب الليبي باسم المملكة المتحدة.

ويُعد محمد الحداد من أبرز القادة العسكريين في مرحلة ما بعد الحرب على طرابلس (2019 - 2020)، حيث لعب دوراً محورياً في جهود توحيد المؤسسة العسكرية الليبية من خلال اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5).

وكان المجلس الرئاسي قد عيّن الحداد رئيساً لهيئة أركان الجيش الليبي، التابع لحكومة «الوحدة الوطنية»، بعد ترقيته إلى رتبة فريق أول ركن، حيث تسلم مهامه رسمياً في 17 سبتمبر (أيلول) 2020، خلفاً للفريق ركن محمد الشريف.