«داعش» يغري المتطرفين ويتمدد في أفريقيا... وتنظيم «القاعدة» يتراجع

شبكة انتماءات مركبة للجماعات الإرهابية في القارة السمراء

مئات من مقاتلي حركة «الشباب» الصومالية المنتمية لتنظيم «القاعدة» خلال تدريبات جنوب مقديشو في فبراير 2022 (أ.ب)
مئات من مقاتلي حركة «الشباب» الصومالية المنتمية لتنظيم «القاعدة» خلال تدريبات جنوب مقديشو في فبراير 2022 (أ.ب)
TT

«داعش» يغري المتطرفين ويتمدد في أفريقيا... وتنظيم «القاعدة» يتراجع

مئات من مقاتلي حركة «الشباب» الصومالية المنتمية لتنظيم «القاعدة» خلال تدريبات جنوب مقديشو في فبراير 2022 (أ.ب)
مئات من مقاتلي حركة «الشباب» الصومالية المنتمية لتنظيم «القاعدة» خلال تدريبات جنوب مقديشو في فبراير 2022 (أ.ب)

تفجير إرهابي في شرق أفريقيا، وهجوم من الفصيلة نفسها في غربها. الأول يتبناه تنظيم، والثاني يفاخر به تشكيل. وما بين الفريقين، أو بالأحرى الفرق، تنساب خيوط الدماء على أرض القارة لترسم ملامح قصة بائسة متجددة لضحايا لا يعرفون عن قاتليهم سوى تطرفهم، بينما ينشغل القاتلون بسحب عينة من مسرح جريمتهم ليضيفوها إلى الخريطة الجينية لتنظيمهم في محاولة لترقية عِرقهم في مصاف التنظيمات المتطرفة والمتصارعة على الغلبة والهيمنة.
سيل العمليات الإرهابية في القارة الأفريقية لا ينتهي، وفي القلب منها يزداد التنافس بين التنظيمات الموالية لـ«داعش» و«القاعدة»، بينما تظهر عمليات حصر حديثة لمعظم انتماءات تلك التنظيمات تفوقاً للأول على الثاني. ولعلّ من بين أحدث تلك العمليات، الهجوم الذي نفذته عناصر «القوات الديمقراطية المتحالفة»، وهي جماعة مسلحة أوغندية تنشط في شرق الكونغو منذ عقود، أعلنت قبل سنوات الولاء لـ«داعش»، وتشن هجمات مميتة على نحو متكرر على القرى باستخدام المناجل والفؤوس في بعض الأحيان
الهجوم الذي وقع في التاسع من مارس (آذار) الحالي، أسفر عن مقتل 44 شخصاً، من قرية موكوندي. وبدا لافتاً أن العناصر المنفذة للهجوم لم تستخدم الرصاص، إنما استعملت الأسلحة البيضاء، بحسب تأكيدات مسؤولين محليين.
ومن غرب القارة إلى شرقها، لا تختلف النتائج، حتى وإن تباينت الأدوات. ففي منتصف الشهر الحالي، قُتل ما لا يقل عن 5 أشخاص وجُرح 11 آخرون، بينهم حاكم منطقة جدو الصومالية، وعدد من القادة العسكريين، في هجوم انتحاري نفذته «حركة الشباب» الصومالية التابعة لتنظيم «القاعدة»، بحسب ما أعلنه مسؤولو الشرطة في المنطقة لوكالة «الصحافة الفرنسية».
صحيح أنه يبدو من العسير إيجاد حصر شامل ونهائي للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي باتت متوطنة في القارة الأفريقية، غير أن محاولات جادة لعدد من المراكز البحثية المختصة تحاول اللحاق بذلك.
ومع ذلك، فإن سرعة الانقسامات والانشقاقات، حوّلت تلك الكيانات «الإرهابية» إلى ما يشبه «فسيفساء» دقيقة تتوالد في جنباتها التنظيمات بامتداد خريطة القارة السمراء، الأمر الذي يتحدى القدرات الفردية أو المؤسسية على الرصد والمتابعة، فضلاً عن الملاحقة.

ووفقاً لدراسات عدة، وإفادات لباحثين في شؤون الجماعات الإرهابية والمتطرفة تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن جلّ تلك التنظيمات تنتمي إلى جذور فكرية أو «جينات آيديولوجية» متشابهة إلى حد كبير، بينما تدفع «المصالح الحركية»، و«صراعات الزعامة» إلى البحث عن «مسوغ فكري لتبرير الانشقاق»، من دون أن تكون هناك بالفعل تباينات جوهرية في الآيديولوجيات الحاكمة لتلك التنظيمات.

زعيم جماعة «بوكو حرام» أبو بكر شيخو فجّر نفسه بعدما حاصره تنظيم «داعش» في غابة سامبيسا بنيجيريا (أ.ف.ب)

وتشهد الساحة الأفريقية حالة من تصاعد التنافس الجهادي بين تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، في ضوء الخسائر التي تعرضا لها في آسيا والشرق الأوسط. إذ إنهما في حالة تنافس في مناطق النفوذ المشترك رغبة منهما في تعزيز صورتيهما، وسعياً إلى تأكيد نفوذيهما، واجتذاب المقاتلين.
ورصد الدكتور لورانس فرانكلين، الذي كان مسؤولاً عن شؤون إيران في مكتب وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي في يناير (كانون الثاني) الماضي، وجود «حالة من التشابه» بين أهداف تنظيمي «داعش»، و«القاعدة» في أفريقيا.
يقول فرانكلين إن كلاً من «القاعدة» و«داعش» يسعى إلى تعزيز وجوده في الساحة الأفريقية، إلا أن هناك اختلافاً في طبيعة أدواتهما. وأضاف: «(القاعدة) يعتمد على التجذر في صلب المجتمعات الأفريقية عبر الترويج لأطروحة مواجهة القوات الأمنية المحلية المدعومة إقليمياً ودولياً، وذلك في إطار استراتيجية الانتشار التنظيمي التي تقوم بشكل أساسي على التوسع جغرافياً بأكبر قدر ممكن، لكن دون السيطرة على الأرض بشكل كامل».
في حين أن تنظيم «داعش»، بحسب تقييم فرانكلين، يعتمد على «الترويج لفكرة الخلافة العالمية العابرة للحدود والقارات، وذلك عبر استراتيجية قائمة على شن أكبر عدد من الهجمات التي لا تفرق بين مدنيين وعسكريين، موظفاً مبدأ (السيطرة المكانية) باعتبارها مرتكزاً رئيسياً في مواصلة عملياته».
- خلاف فكري... وتوافقات ميدانية
هذا التباين في الأهداف الحركية، والصدام أحياناً بين «القاعدة» و«داعش» في إطار التنافس على النفوذ واستقطاب المجندين لا يعكس بالضرورة «خلافاً آيديولوجياً». فالتنظيمان «ينتميان إلى الجذور الفكرية ذاتها»، وفق ما ترصد، إنريكا بيكو، الباحثة المختصة في الشؤون الأفريقية بـ«مجموعة الأزمات الدولية».
ترى بيكو أن خريطة الجماعات الإرهابية «تتسع بشكل غير متوقع» لتمتد في مناطق وسط أفريقيا وأجزاء مستجدة من غرب أفريقيا «لتتصل حلقات العنف والإرهاب في شكل حزام ممتد دون انقطاع، وإن اختلفت هويات هذه الجماعات بشكل كبير».
وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «القارة الأفريقية باتت تمثل بيئة حاضنة للتنظيمات الإرهابية، مستفيدة من هشاشة الأوضاع السياسية والأمنية، وانتشار الهيمنة القبلية، وهو ما يعكس ضعف سلطة الدولة أمام تنامي دور التنظيمات المتطرفة لملء ذلك الفراغ الناتج عن تراجع سلطة الدولة».
وترى الباحثة المختصة في الشؤون الأفريقية، أن «الهوية الآيديولوجية قد تكون مهمة لدى الباحثين ومنظري تلك الجماعات المتطرفة، لكنها لا تمثل أهمية كبيرة على الأرض»، إذ إن تلك الجماعات «تتشابه في تبرير استخدامها العنف»، وهو ما يهم عناصر تلك الجماعات في المقام الأول، «حتى يشعروا بأن ما يقومون به له مرجعية دينية، تمنحهم الأفضلية والنظرة المثالية لأنفسهم، ويجعلهم يتصورون أنهم يقومون بدور رسالي، وهم يرتكبون أعمال الذبح والسرقة والتفجيرات».
وتضيف أن «واقع الصراع الآيديولوجي بين التنظيمات الإرهابية في أفريقيا لا ينفي حقيقة أن بعض تلك التنظيمات قد يلجأ إلى التعايش المشترك»، مضيفة: «قد تجد بعض تلك التنظيمات نفسها في مواجهة عدو مشترك يتمثل في الجيوش الوطنية أو القوات الدولية التي توجد في بعض دول الساحل والصحراء، وهو ما يدفع تلك التنظيمات إلى تقاسم النفوذ الجغرافي، والمنافسة بلا اقتتال، وهذا هو الأخطر، لأنه سيمنحهما مساحات للتمدد دون خسائر».
وتستشهد بيكو على الطرح السابق بالتحالف الذي تمّ بين «تنظيم الدولة في الصحراء» وجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لـ«القاعدة»، الذي أُعلن في يناير 2018.
- جذور «قطبية» واحدة
ويذهب ماهر فرغلي، الباحث المصري في شؤون الجماعات المتطرفة، إلى أن الجماعات التي تدور في فلك «القاعدة» و«داعش» على الرغم من اختلافها التنظيمي، فإنها «ذات جذور آيديولوجية واحدة تمتد إلى الأفكار التي طوّرها ابن تيمية، وأبو الأعلى المودودي، ووضع لها المنظر الإخواني، سيد قطب، إطاراً حركياً تبنته لاحقاً غالبية الجماعات التكفيرية والإرهابية».
ويضيف فرغلي لـ«الشرق الأوسط» أن «المُنظِّر التاريخي لتنظيم الإخوان سيد قطب، يكاد يكون الشخصية المحورية الوحيدة التي اتفقت عليها التنظيمات التكفيرية والإرهابية جميعاً، وأنه ربما الشخص الوحيد الذي لم تكفره تلك الجماعات على الرغم من تبايناتها الفكرية وانشقاقاتها اللاحقة. فقطب هو البداية، وهو مَن ابتدع نظرية التكفير وتجهيل المجتمع، والخروج عليه».
ويرى الباحث المتخصص أن خريطة التنظيمات الإرهابية الموجودة في العالم حالياً، تتراوح بين منظومة «القاعدة» الفكرية، وهي في حد ذاتها تطوير لفكر سيد قطب حول «الحاكمية» و«جاهلية المجتمع»، الذي طوّره عبد الله عزام وصاغ منه آيديولوجية تنظيم «القاعدة»، ثم انبثقت منه «الفكرة الداعشية»، التي «تعتمد على تكفير الحاكم والأعوان، وصولاً إلى تكفير مَن لم يكفر هؤلاء»، وبالتالي توسعت آيديولوجية «داعش» في التكفير، وحتى تلك الآيديولوجية بدأت تظهر أفكاراً أكثر تطرفاً.
ويعرب فرغلي عن اعتقاده بأن التباينات الآيديولوجية بين تنظيمات التكفير والإرهاب الموجودة في العالم، وفي القلب منها في القارة الأفريقية هي «مجرد ستار لإخفاء صراعات القيادة والزعامة»، ومحاولة البحث عن دوائر نفوذ أوسع لتجنيد الأتباع، والتخلص من أعوان قيادات أخرى. ويذهب كذلك إلى «عدم وجود فوارق آيديولوجية جوهرية بين جينات التنظيمات الإرهابية، بينما يكمن الفارق الأساسي في درجة التكفير والتوسع في تطبيقه».
ويقول فرغلي: «إن صراعات القيادة والنفوذ هي الباعث الأهم للخلاف، بينما تبحث التنظيمات عن مبررات فكرية، تشرعن الخروج على سلطة الأمير أو الخليفة، حيث تبدأ حلقة مفرغة من التكفير والتكفير المضاد، وهو ما يصنع تلك الفسيفساء التنظيمية، التي لا تستند إلى أساسات فكرية صلبة».
ومع هذا التوافق الآيديولوجي والتنافر التنظيمي نسبياً، هل يمكننا تحديد مناطق نفوذ «داعش» مقابل مواقع انتشار «القاعدة»؟
- «القاعدة» شرقاً
تقدم كريستين أبي زيد، مديرة «المركز الوطني لمكافحة الإرهاب»، مسحاً لمشهد التهديد الإرهابي لعام 2023، نشره معهد واشنطن للدراسات، مطلع العام الحالي، رصدت فيه الانتشار الكثيف للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة على امتداد الخريطة الأفريقية.
وتلفت في هذا المسح إلى أن «حركة الشباب»، التي تتمركز في الصومال وتنشط في منطقة القرن الأفريقي، «لا تزال تمثل أقوى تهديد لاستقرار منطقة شرق أفريقيا». وعلى الرغم من إعلان «حركة الشباب» مبايعتها تنظيم «القاعدة» عام 2009، فإنها تظل مستقلة بالنسبة لعملياتها الإرهابية، رغم ما تتلقاه من دعم من جانب «القاعدة» مالياً ولوجيستياً عن طريق اتصالاتها عبر خليج عدن باليمن.
وتضيف كريستين أبي زيد أنه بالإضافة لتهديد «حركة الشباب»، يوجد أيضاً تهديد تنظيم «داعش»، الذي يوجد بشكل رئيسي في منطقة جبال «عيل مدو»، شمال شرقي الصومال، ويسعى إلى تعزيز نفوذه على حساب «حركة الشباب»، مستغلاً انشغال الحركة بالمواجهات المشتعلة مع قوات الأمن الصومالية المدعومة أميركياً.
وغير بعيد عن الصومال، ووفق دورية «مركز مكافحة الإرهاب» التابعة لأكاديمية «وست بوينت» العسكرية الأميركية، فإنه يوجد في كينيا تنظيم إرهابي يسمى «تنظيم الهجرة»، وفي زيمبابوي ينشط تنظيم «أهل السنة والجماعة»، وهما من الجماعات المنتمية فكرياً لتنظيم «داعش».
كما ينشط في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تحالف لجماعات إسلاموية تحت مسمى «القوى الديمقراطية المتحالفة»، وهي جماعات مرتبطة رسمياً بتنظيم «داعش» منذ عام 2017.
- «داعش» يتفوق شمالاً وغرباً
وإذا كان في شرق أفريقيا يبدو فكر «القاعدة» ظاهراً نسبياً في مواجهة محاولات داعشية للتمدد، فإن كفة الصراع الآيديولوجي في الشمال والغرب الأفريقي، وخصوصاً في منطقة الساحل، تميل إلى «داعش»، الذي استطاع استقطاب مبايعات عدة من جانب جماعات، بعضها كان منتمياً لفكر «القاعدة»، والبعض الآخر استهوته فكرة «الخلافة» التي روّجها «داعش» في ذروة تمدده في العراق والشام منذ 2014.
صحيح أن مصر أعلنت قبل شهر تقريباً، رسمياً نجاح حربها في مواجهة «الإرهاب»، لكن العقد الماضي شهد ظلاً من التنافس بين «داعش» و«القاعدة» على أرضها، إذ بدأت جماعة «أنصار بيت المقدس» مسارها بانتماء إلى «القاعدة»، بينما تحوّلت لاحقاً إلى «ولاية سيناء»، وبايعت «داعش».
أما في ليبيا، فتوطنت مجموعة من التنظيمات الإرهابية، مستغلة تهاوي قدرات الدولة والانقسامات الداخلية منذ 2011. واستطاع تنظيم «داعش» تحقيق سيطرة لافتة على خريطة التنظيمات هناك، حيث يضم «تنظيم داعش ليبيا» ثلاثة فروع وهي «ولاية برقة» و«ولاية فزان» و«ولاية طرابلس».
في المقابل، وبحسب مسح مشهد التهديد الإرهابي لعام 2023، الذي نشره «معهد واشنطن للدراسات»، شهد تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» انتكاسات بسبب ضغوط مكافحة الإرهاب منذ أوائل عام 2018، ولكنه ربما يقدم دعماً لعناصر أخرى من «القاعدة» في المنطقة، لا سيما «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين». بينما تنشط في منطقة ما يسمى «المغرب الإسلامي» تنظيمات عدة محسوبة على «داعش»، من بينها تنظيم «عقبة بن نافع»، و«جند الخلافة»، و«التوحيد والجهاد».
وعلى الرغم من تشرذم عناصر هذه التنظيمات بين تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وعدم وجود إطار هيكلي وتنظيمي موحد معبر عنها، فإن هذه المجموعات تعتمد على استراتيجية تركز على عمليات «الذئاب المنفردة»، أو بعض المجموعات الصغيرة التي توجد في البيئات الجبلية وتنفذ بعض العمليات في دول المغرب.
- البؤرة الأكثر نشاطاً
وتبدو منطقة الغرب الأفريقي ودول الساحل وجنوب الصحراء، البؤرة الأكثر نشاطاً بحسب تقديرات «مؤشر الإرهاب العالمي» لعام 2022، الذي يصدره مركز الاقتصاد والسلام (IEP) ومقره في سيدني (أستراليا)، الذي أوضح ملخصه التنفيذي أن «ثمة تحولاً في ديناميات الإرهاب وتركزه بشكل أكبر في الأقاليم والدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي والصراع، وأبرزها إقليم الساحل، إضافة إلى وقوع نحو 48 في المائة من وفيات الأعمال الإرهابية في العالم (3461 فرداً) في إقليم أفريقيا جنوب الصحراء».
ليس هذا فقط. فبحسب المؤشر السابق، فإن «أربعاً من بين الدول العشر التي شهدت أكبر زيادات في وفيات الإرهاب تقع في أفريقيا جنوب الصحراء، وهي: بوركينا فاسو، والكونغو الديمقراطية، ومالي والنيجر، على الرغم من التحسن الإجمالي بنسبة 10 في المائة في وفيات الإرهاب في الإقليم، بسبب رئيسي، وهو فعالية مواجهة جماعة (بوكو حرام) في الشهور الأخيرة، وتراجع عدد ضحاياها بنسبة 72 في المائة في الفترة 2020 - 2021 من 629 حالة وفاة إلى 178 حالة».
كما تشهد منطقة غرب أفريقيا تنامياً ملحوظاً في الحضور الإرهابي، وذلك مع الانتشار الكبير لتنظيمي «القاعدة» (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) و«داعش» (ولاية غرب أفريقيا وجماعة بوكو حرام) في المنطقة. وبالمتابعة للنشاط الإرهابي في 2022، نجد أن دولاً مثل نيجيريا وبنين وكوت ديفوار وتوغو ومالي وبوركينا فاسو، كانت الأكثر معاناة من وطأة الإرهاب، مع حالة الانفلات الأمني التي تسود في منطقة غرب أفريقيا، خصوصاً في ظل تفكك مجموعة الساحل (G5)، وتأزم الأوضاع الاقتصادية، ما يزيد من القدرة على تجنيد مزيد من العناصر، وانتشار عصابات الجريمة المنظمة.
هذه المنطقة تتصدر - وفق مؤشر الإرهاب العالمي - دول القارة الأفريقية من حيث عدد التنظيمات الإرهابية والجماعات المتفرعة عنها، والمتمركزة في 3 دول، وهي مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بواقع 7 تنظيمات إرهابية، يتصدرها تنظيم «نصرة الإسلام والمسلمين» الذي يعد واحداً من أخطر التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، كونه يشتمل على أكبر تحالف يدين بالولاء لتنظيم «القاعدة». وقد تأسس هذا التنظيم عام 2017، ويضم 4 جماعات إرهابية، هي: «كتيبة المرابطون»، و«إمارة منطقة الصحراء الكبرى»، و«جماعة أنصار الدين» (أغلب عناصرها من الطوارق شمال مالي)، و«كتائب تحرير ماسينا» (أغلب عناصرها من قبيلة الفلاني وسط مالي).
ويعلن تنظيم «نصرة الإسلام والمسلمين» أن عدوه الأساسي هو فرنسا، ويتمركز بشكل أساسي في مالي، لكنه يشكل تهديداً لدول الجوار (تشاد، والنيجر، وبوركينا فاسو). وقدرت تقارير أمنية ودولية عدد عناصر التنظيم بين 1500 و2200 من جنسيات مختلفة. بينما أشارت تقارير استخباراتية دولية إلى الخبرة العسكرية التي تمتلكها قيادات التنظيم، لا سيما أن بعض هذه القيادات انشقت عن الجيش المالي، وشاركت في عمليات إرهابية عديدة.
وفي منطقة البحيرات الكبرى المحاذية والمتداخلة مع منطقة الساحل، تنشط 3 تنظيمات وجماعات إرهابية في نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد؛ هي «بوكو حرام»، و«تنظيم داعش - ولاية غرب أفريقيا»، و«تنظيم الأنصار».
وتعد «بوكو حرام» من أقدم وأكثر الجماعات الإرهابية دموية في العالم وأفريقيا، وقد نشأت عام 2002 في نيجيريا، على يد محمد يوسف، إلى أن تولى أبو بكر شيكاو قيادتها بعد مقتله. وفي مارس 2015، بايع شيكاو «داعش»، وغيّر اسم الجماعة ليصبح «تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا». وإثر صراعات تنظيمية، انقسمت جماعة «بوكو حرام» إلى 3 أفرع هي: «جماعة أنصار السنة» (بقيادة شيكاو، التي شكلها بعد عزله وقبل مقتله)، وجماعة «أنصارو»، التي انشقت عن «بوكو حرام» في 2012 ودانت بالولاء لتنظيم «القاعدة»، وجماعة «الدولة الإسلامية في ولاية غرب أفريقيا»، التي انخرطت في شبكات الجريمة المنظمة، إلى أن باتت إيراداتها السنوية تفوق 10 ملايين دولار، وفقاً لتقارير صادرة عن الخارجية الأميركية.
كما ظهرت حركة «الجهاد والتوحيد» في غرب أفريقيا إثر انشقاق قادتها عن تنظيم «القاعدة». وقام بعض أعضائها بتأسيس كتائب خاصة بالمقاتلين من أبناء القبائل العربية في أزواد. وأصدرت الحركة أول بيان لها في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، معلنة الجهاد في أكبر قطاع من غرب أفريقيا. وهي توصف بأنها «الجماعة الإرهابية المسلحة الأكثر إثارة للرعب في شمال مالي».
كما ينشط في المنطقة ذاتها اثنان من أكبر التنظيمات الإرهابية التابعة لـ«داعش» بالساحل، وهما: «أنصار الإسلام»، و«داعش في الصحراء الكبرى».
- مشروع «داعشي» عالمي
وبحسب تحليل كريستين أبي زيد، استمر تنظيم «داعش» في تنمية «مشروعه العالمي»، الذي يضم الآن ما يقرب من عشرين فرعاً وشبكة، والذي يُظهر قادته من خلالها قوتهم، ويبددون عبرها رواية هزيمة التنظيم. ففي مارس من العام الماضي، اعترف تنظيم «داعش» بأحدث فرع له في منطقة الساحل. وفي يوليو (تموز)، أعلن هذا الفرع مسؤوليته عن تنفيذ هجوم على «سجن كوجي» النيجيري، الذي يقع على بُعد 44 كيلومتراً فقط من السفارة الأميركية، حيث أُطلق فيه سراح ما يقرب من ألف سجين، ومن بينهم بعض الإرهابيين.
في المقابل، شكّل مقتل الزعيم الذي ترأّس تنظيم «القاعدة» لفترة طويلة، أيمن الظواهري، في يوليو الماضي في كابل ضربة استراتيجية ورمزية مهمة تلقتها شبكة «القاعدة»، التي قادها من عزلته النسبية لأكثر من عقدٍ من الزمن. إلا أن «قدامى المحاربين» المتبقين في تنظيم «القاعدة» واصلوا - بحسب أبي زيد - تقديم التوجيه الآيديولوجي والاستراتيجي للشبكة العالمية، وفي مقدمتها «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التي نشأت في غرب أفريقيا، التي تدور في فلك تنظيم «القاعدة»، وتتمدد بشكل متزايد في منطقة الساحل.


مقالات ذات صلة

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لعناصر من الميليشيات الإيرانية

الحساسيات العشائرية السورية تهدد النفوذ الإيراني في البوكمال

تفجر التوتر في البوكمال في وقت تعمل فيه إيران على إعادة تموضع ميليشياتها في سوريا على خلفية الاستهداف الإسرائيلي لمواقعها داخل الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب السورية يوم 14 مايو الماضي (أ.ب)

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

قال المنسق الأممي بدمشق إن «خطة التعافي» تغطي كل المحافظات السورية، وتشمل قطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي، و«من دون الكهرباء لا يمكن إنجاز شيء».

«الشرق الأوسط» (دمشق )

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.