> يجادل البعض بأن التقنيات الحديثة صُنعت لخدمة الإنسان وأن هذه الخدمة تشمل عشرات المجالات ومئات السبل والأنواع والطرق. وهناك آلاف، بل مئات الآلاف من الوسائط التقنية الحديثة التي تجعل عالمنا أكثر قدرة على التواصل، وتمنحه أبعاداً متوالية من الخيال والقدرات غير المطروقة من قبل.
> في عملنا الصحافي نعيش هذه النعمة. قبل أربعين وثلاثين سنة كنا لا نزال نستخدم الخدمات البريدية. ثم صار بالإمكان إرسال المواد عبر «الفاكس»، بينما بقي إرسال الصور من نصيب البريد العادي. ثم دخلنا عصر الإلكترونيات الحديثة وصار بالإمكان أن تكون موجوداً في مقهى جزيرة دانغار في إندونيسيا (أحد أصغر الجزر في العالم) وتضغط على الزر فيصل مقالك والصور المصاحبة له إلى حيث تريد، قبل أن تمد يدك الأخرى صوب فنجان الشاي.
> لكن بالطبع هناك انتكاسات كبيرة حيال كل هذا التقدم. القائمة بدورها كبيرة، وفي المقدّمة النشاطات الثقافية ذاتها. في السينما مثلاً بات وجود نوادي السينما عملية محدودة تبحث عن مواقعها بالمكبّر. انحسر الاهتمام السابق بالصالات التي كانت تعرض أفلاماً غير أميركية أو غير تجارية. النقد السينمائي انتشر شرقاً وغرباً لكنه تحوّل إلى انعكاسات فردية وآراء ووجهات نظر.
> في الستينات كانت هناك عشرات المجلات السينمائية في كل بلد يصنع أفلاماً. فرنسا وحدها كانت تحفل بنحو 30 مجلة. بريطانيا كانت تصدر 12 مجلة شهرية ودورية. الولايات المتحدة كانت تطبع قرابة 20 مجلة شهرية وعدد من الدوريات. كندا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وروسيا واليونان وألمانيا (الشرقية والغربية) كان لديها الكثير من المجلات السينمائية أيضاً.
> انحسر كل شيء أو معظمه. قليل ما زال واقفاً على قدميه يجهد في سبيل البقاء على ظهر الواقع. غالبية المجلات توقفت تماماً. بعضها تحوّل إلى الإنترنت من دون التوقف عن النشر. نعم هو عالم متغيّر. التكنولوجيا لها حسناتها ومساوئها أيضاً.
م. ر