بينما تمكن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من الحصول على دفعات إضافية من مياه نهر دجلة من الجانب التركي، فإنه تعهّد بتعزيز الخزن المائي للبلاد. وقال السوداني في تغريدة له على «تويتر»: «إننا في اليوم العالمي للمياه نؤكد مساعينا لتنظيم استهلاك المياه واستخدامها بالشكل الصحيح لحماية هذا المورد الثمين»، مبيناً «أننا نعمل على تأمين حصص العراق من حقه في المياه عبر الحوارات وعقد الاتفاقيات». وأضاف أن «ما تحقق في زيارتنا إلى الجارة تركيا وإعلان زيادة تدفقات مياه دجلة مثال على نجاح توجهات الحكومة»، مؤكداً أن «حكومتنا ماضية في تنفيذ أولويات خططها؛ بتعزيز خزين المياه وتقليل الهدر». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استجاب لطلب السوداني بتعزيز الخزين المائي لنهر دجلة الذي تراجع كثيراً خلال الموسم الحالي. وبالإضافة إلى ما يسببه هذا التراجع من جفاف للأهوار جنوب البلاد التي كانت «اليونيسكو» وضعتها عام 2017 على «لائحة التراث العالمي»، بوصفها محميات طبيعية، فإن نسبة الملوحة ازدادت في المحافظات الجنوبية من العراق، لا سيما العمارة والبصرة. وفي هذا السياق، دعا رئيس «تيار الحكمة العراقي»، عمار الحكيم، إلى اعتماد ملف الخزن المائي بوصفه ملفاً سيادياً. وقال الحكيم في بيان له، أمس (الأربعاء)، إن «مؤشرات الخطر في تصاعد مستمر فيما يخص الخزن المائي في العراق، وفقاً لتقارير الجهات والشخصيات المختصة، مع استمرار السياسات التي تنتهجها دول المنبع؛ ما يتطلب المزيد من أساليب الضغط والتفاهم مع تلك الدول وبشكل عاجل». وحث الحكيم على «اعتماد استراتيجية تحقيق الاكتفاء الذاتي للعراق من الموارد المائية المتاحة والمحافظة عليها وتطويرها واعتماد السياسات والآليات الحديثة التي تهدف إلى الترشيد».
من جهتها، وإثر قرار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بزيادة إطلاقات المياه إلى نهر دجلة لمدة شهر، دعت السفيرة الأميركية لدى العراق، إلينا رومانوسكي، من سمَّتهم «جميع المستفيدين من دجلة والفرات» إلى اتخاذ إجراء عاجل للحفاظ على مصادر المياه في «هذه الأوقات الصعبة». وكتبت رومانسكي على حسابها الرسمي في «تويتر» تغريدة قالت فيها: «منذ آلاف السنين، غذَّى نهرا دجلة والفرات المجتمعات في المنطقة، ومنحانا واحدة من أعظم حضارات العالم».
الرئيس التركي، خلال مؤتمره الصحافي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أكد أن «ملف المياه ليس صراعاً، بل تعاون يخدم الجانبين، ونعرف نقص المياه الذي يعاني منه العراق، لكننا أيضاً نواجه حالة جفاف بسبب التغير المناخي». وبشأن ما إذا كانت زيارة السوداني إلى تركيا قد حققت أهدافها على صعيد تمتين العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية ببغداد، الدكتور عصام الفيلي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في سياق العلاقة مع تركيا فإن الملف متعدد، حيث يشمل موضوع المياه وكذلك وجود (حزب العمال الكردستاني)، بالإضافة إلى مسألة تنظيم العلاقة الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وقد يكون هناك ملف ضمن الجانب الاقتصادي، وهو فتح منفذ آخر عبر محافظة نينوى». وأضاف الفيلي: «المسألة التي يريدها السوداني أن بعض القضايا المهمة التي يجري بحثها بين الجانبين لا توجد لها آليات ملزمة لكلا الطرفين، حيث إن تركيا لا ترى نهري دجلة والفرات بوصفهما نهرين دوليين، وإنما نهران عابران للحدود، وبالتالي فهي ترى أنها بوصفها دولة منبع فلها الحق في التصرف بمياههما أكثر من العراق وسوريا». وأوضح الفيلي أن «ملف المياه بالنسبة للسوداني مهم، لا سيما أنه أعدّ استراتيجية خاصة، بدءاً من الآن، إلى عام 2050، وهو ما يعني أنه يضع هذا الملف من بين الأولويات الأولى له».
وبشأن مسألة وجود «حزب العمال الكردستاني» داخل الأراضي العراقية يقول الفيلي إن «وجود قوات البكاكا داخل الأراضي العراقية بحاجة إلى تعاون ليس دولة واحدة، وإنما ثلاث دول، هي تركيا وسوريا والعراق، وبمستطاع قوات هذا الحزب التحرك بكل أريحية داخل مثلث هذه العلاقة، وهو ما يتطلب تنسيقاً مشتركاً بين البلدان الثلاثة، فضلاً عن الجانب الإيراني».
وتابع الفيلي أن «الملف الآخر المهم أيضاً العلاقة الاقتصادية بين البلدين، وهذه تشمل الجانب النفطي، كما تشمل المعابر الحدودية بين البلدين، وما يتطلبه ذلك من تنظيم وأتمتة».
السوداني يتعهد تعزيز الخزين المائي للعراق بعد تراجع مناسيب نهر دجلة
السوداني يتعهد تعزيز الخزين المائي للعراق بعد تراجع مناسيب نهر دجلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة