تحديد جين يُمكِّن «كورونا» من الجسم

باحثون استهدفوه بوصفه وسيلة قصيرة المدى للعلاج والوقاية

اكتشاف سر جيني يُمكِّن «كورونا» من الأنسجة البشرية
اكتشاف سر جيني يُمكِّن «كورونا» من الأنسجة البشرية
TT

تحديد جين يُمكِّن «كورونا» من الجسم

اكتشاف سر جيني يُمكِّن «كورونا» من الأنسجة البشرية
اكتشاف سر جيني يُمكِّن «كورونا» من الأنسجة البشرية

حدد باحثون أميركيون أحد الجينات البشرية بوصفه عاملاً أساسياً يساعد في العدوى الفيروسية التي يسببها فيروس «كورونا المستجد»، المسبب لمرض «كوفيد-19». ووجد الباحثون من كلية طب وايل بجامعة كورنيل وكلية غروسمان للطب بجامعة نيويورك، خلال الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «نيتشر سيل بيولوجي»، أن «الجين المسمى (CIART) يلعب دوراً مهماً».
وفي الدراسة، استخدم الباحثون نماذج متعددة من كتل صغيرة ثلاثية الأبعاد من الأنسجة البشرية، تسمى «العضيات»، للبحث عن العوامل التي تؤثر على العدوى بالفيروس. وحددوا الجين «CIART» بوصفه عامل تمكين قوياً للفيروس في «عضيات» أنسجة الرئة والقلب. وقال شويبينغ تشين، كبير الباحثين المشاركين بالدراسة، في تقرير نشره، الخميس، الموقع الإلكتروني لجامعة كورونيل: «يوضح هذا الاكتشاف مساراً يُمكن استهدافه بأدوية مستقبلية لعلاج أو منع عدوى الفيروس».
وعادة ما يبدأ فيروس «كورونا المستجد»، مثل فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، في الإصابة بالتهاب الحلق والجيوب الأنفية؛ لكنه ينتشر غالباً من الجهاز التنفسي إلى أجزاء أخرى من الجسم، مثل الأمعاء والكبد والقلب والكلى والدماغ والأوعية الدموية والبنكرياس، وكثيراً ما تُلاحظ العدوى في هذه الأنسجة في حالة الإصابة بفيروس «كوفيد–19» الحاد، ويُمكن أن تسبب «مضاعفات قاتلة»، بما في ذلك جلطات الدم وفشل الأعضاء. وأضاف تشين: «تميل الأعضاء المختلفة إلى الاستجابة بشكل مختلف لعدوى الفيروس، وكانت فكرتنا هي البحث عن العوامل ذات الصلة، ليس فقط في عضو واحد؛ لكن في أعضاء متعددة».
وباستخدام الخلايا الجذعية البشرية، قام الباحثون بتنمية «عضيات» شبيهة بأنسجة مجرى الهواء القصبي، وأنسجة «الحويصلات الهوائية» التي تتبادل الغازات في أعماق الرئتين، وعضلة القلب، وكلها معروفة بأنها قابلة للعدوى عن طريق الفيروس.
وفي منشأة عالية المستوى للسلامة الحيوية في جامعة نيويورك. عرّض الباحثون هذه «العضيات» لكميات مختلفة من الفيروس. وحددوا 18 جيناً تصبح أكثر نشاطاً باستمرار خلال العدوى، في كثير من الأعضاء العضوية، وبجرعات فيروسية مختلفة.
وقام العلماء بحذف هذه الجينات من «العضيات»، واحدة تلو الأخرى، لمعرفة تأثيرها على مستويات الفيروس. وأشارت النتائج إلى أنه بينما يبدو أن 13 من الجينات لها دور ما في تمكين الفيروس، بحيث تكون مستويات الفيروس أقل عندما تكون غائبة، فإن أقوى عامل تمكين حتى الآن هو الجين «CIART»، فهذا الأخير يشفر بروتين عامل النسخ الذي يعمل عادة في نواة الخلية لتنظيم نشاط الجينات الأخرى.
وأشارت اختبارات أخرى إلى أن الجين «CIART» يعزز عادة قدرة الفيروس على التكاثر، عن طريق زيادة إنتاج بعض الأحماض الدهنية، عبر مسار يعرف باسم مسار «RXR». وأدت معالجة «العضيات» بمركبات مثبطة لهذا المسار قبل التعرض للفيروس، إلى منع قدرته على إحداث العدوى في الأنسجة.
وتشير النتائج إلى أن استهداف هذا المسار أو جهاز التحكم في المنبع، وهو جين «CIART» يمكن أن يكون وسيلة فعالة لعلاج عدوى الفيروس، أو حتى لمنعه على المدى القصير.
من جانبه، وصف خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط (صعيد مصر)، هذا الإنجاز بأنه «خطوة مهمة نحو إضافة أداة جديدة في صندوق أدوات مكافحة (كورونا)». وقال شحاتة لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بعد 3 سنوات من إعلان (كورونا المستجد) جائحة عالمية، لا يزال كثير من أسراره لم يتكشف بعد. ومن هذه الأسرار ذلك السر الجيني المهم». وأضاف: «مما لا شك فيه أن النجاح في اكتشاف هذا السر الجيني، سوف يساعد على التقدم خطوة نحو إنتاج دواء بآلية جديدة، لمنع الفيروس أو الوقاية منه لفترة قصيرة».


مقالات ذات صلة

ترمب يخطط للانسحاب مجدداً من «منظمة الصحة العالمية»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومرشحه لمنصب وزير الصحة روبرت كيندي يوم 23 أكتوبر الماضي (أ.ب)

ترمب يخطط للانسحاب مجدداً من «منظمة الصحة العالمية»

أفاد أعضاء في الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بأنه يدرس الانسحاب من «منظمة الصحة العالمية» في اليوم الأول لتوليه السلطة في 20 يناير.

هبة القدسي (واشنطن)
صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
TT

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

اختار «مهرجان برلين السينمائي» الفيلم المصري «شرق 12» للمخرجة هالة القوصي، ليكون فيلم افتتاح برنامج «أسبوع النقاد» خلال دورته الـ75 المقررة في الفترة من 13 إلى 22 فبراير (شباط) 2025.

وكان الفيلم الذي يُعدّ إنتاجاً مشتركاً بين هولندا، ومصر، وقطر، قد عُرض للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «كان السينمائي» ضمن برنامج «نصف شهر المخرجين»، خلال دورته الـ77، كما انفرد مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بعرضه الأول في الشرق الأوسط ضمن برنامج «رؤى جديدة»، وحاز الفيلم على تنويه خاص من لجنة التحكيم في مهرجان «كيرالا السينمائي الدولي» بالهند، للتناغم بين عناصر الديكور والصوت والتصوير، كما جاء في حيثيات لجنة التحكيم. ويشارك الفيلم في مهرجان «روتردام السينمائي» ضمن قسم «أفضل الأفلام العالمية» في دورته التي تنطلق في 30 يناير (كانون الثاني) المقبل.

الفيلم من بطولة منحة البطراوي، وأحمد كمال، وعمر رزيق، وفايزة شمة، وينتمي لفئة «الكوميديا السوداء»، حيث تدور أحداثه في إطار الفانتازيا الساخرة من خلال الموسيقي الطموح «عبده» العالق في مستعمرة صحراوية معزولة ويقضي وقته بين حفر القبور وتأليف الموسيقى باستخدام آلات موسيقية اخترعها من أدوات منزلية، ويخطّط عبده للهروب من المستعمرة رفقة حبيبته للتخلص من هيمنة «شوقي بيه»، بينما الحكاءة «جلالة» تروي للناس قصصاً خيالية عن البحر، والفيلم من تأليف وإخراج هالة القوصي في ثاني أفلامها الطويلة بعد «زهرة الصبار».

وأبدت المخرجة المصرية الهولندية سعادتها باختيار الفيلم في «برلين»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تفاجأت باختياره لأن موزعته هي من تقدمت به، وأضافت: «لم أكن أعرف أن مهرجان (برلين) يقيم أسبوعاً للنقاد، على غرار مهرجاني (كان) و(فينيسيا)، عَلِمتُ بذلك حين اختاروا فيلمنا بوصفه فيلم افتتاح، هذا في حد ذاته شرف كبير، وقد قال لي الناقد طارق الشناوي إنها ربما المرة الوحيدة التي يتم فيها اختيار فيلم مصري لافتتاح هذا القسم».

المخرجة هالة القوصي في مهرجان «البحر الأحمر» (الشرق الأوسط)

وتلفت هالة إلى أن «أسبوع النقاد يُعد جهة مستقلة في جميع المهرجانات الكبرى عن إدارة المهرجان نفسه، ويقام تحت إدارة نقاد، وهو في مهرجان (برلين) لديه طبيعة نقدية وله بعد مفاهيمي من خلال عقد مناقشات بين الأفلام».

وترى هالة أن «أول عرض للفيلم يحدّد جزءاً من مسيرته، وأن التلقي الأول للفيلم في مهرجان (كان) الذي يُعد أكبر تظاهرة سينمائية في العالم، ويحضره عدد من نقاد العالم والمنتجين ومبرمجين من مختلف المهرجانات يتيح للفيلم تسويقاً أكبر وحضوراً أوسع بمختلف المهرجانات».

وعُرض فيلم «شرق 12» في كلٍ من السعودية والبرازيل وأستراليا والهند، حيث شاهده جمهور واسع، وهو ما تراه هالة القوصي غاية السينما؛ كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات، في حين يرى الناس في بلاد مختلفة صدى لتجربتها الشخصية بالفيلم، موضحة: «لذلك نصنع السينما، لأنه كلما شاهد الفيلم جمهور مختلف وتفاعل معه، هذا يجعلنا أكثر حماساً لصناعة الأفلام».

بوستر اختيار الفيلم في مهرجان «برلين» (الشرق الأوسط)

وعن صدى عرض الفيلم في مهرجان «البحر الأحمر» مؤخراً، تقول المخرجة المصرية: «كان من المهم بالنسبة لي عرضه في مهرجان (البحر الأحمر) لأتعرف على ردود فعل عربية على الفيلم، وقد سعدت بها كثيراً، وقد سألني كثيرون، كيف سيستقبل الجمهور العربي الفيلم؟ فقلت، إن أفق الجمهور أوسع مما نتخيل، ولديه قدرة على تذوّق أشكالٍ مختلفة من الفنون، وهذا هو رهاني دائماً، إذ إنني لا أؤمن بمقولة (الجمهور عايز كده)، التي يردّدها بعض صناع الأفلام، لأن هذا الجمهور سيزهد بعد فترة فيها، وفي النهاية فإن العمل الصادق سيلاقي حتماً جمهوره».

لا تستعين هالة بنجوم في أفلامها، وتبرر ذلك قائلة: «لأن وجود أي نجم بأفلامي سيفوق أجره ميزانية الفيلم كلّه، فنحن نعمل بميزانية قليلة مع طموحٍ فني كبيرٍ، ونقتصد في كل النفقات التي لا تضيف قيمة للفيلم، نعمل في ظروف صعبة ليس لدينا كرافانات ولا مساعدين للنجوم، ونحرص على تكثيف فترات العمل وضغط النفقات في كل شيء، وهو ما لا يناسب النجوم».

ووفق الناقد خالد محمود، فإن «مهرجان (برلين) دائماً ما يمنح فرصاً للتجارب السينمائية الجريئة والمختلفة من المنطقة العربية والشرق الأوسط، والأفلام خارج سياق السينما التجارية، التي تجد متنفساً لها في مهرجان (برلين)».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «فيلم (شرق 12) يُعدّ أحد الأفلام المستقلة التي تهتم بها المهرجانات الكبرى وتُسلط عليها الضوء في برامجها، وقد حقّق حضوراً لافتاً في مهرجانات كبرى بدءاً من عرضه الأول في (كان)، ومن ثمّ في (البحر الأحمر)، ولا شك أن اختياره في أسبوع النقاد بـ(برلين) يمثل إضافة مهمة له».