تصاعد هجمات التسمم ضد المدارس في أنحاء إيران

إصابة عشرات التلميذات وسط غضب الأهالي... وبريطانيا دعت إلى «تحقيق عاجل وشفاف»

معلمة تساعد طالبة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى بطهران (بُرنا)
معلمة تساعد طالبة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى بطهران (بُرنا)
TT

تصاعد هجمات التسمم ضد المدارس في أنحاء إيران

معلمة تساعد طالبة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى بطهران (بُرنا)
معلمة تساعد طالبة أثناء تلقيها العلاج في مستشفى بطهران (بُرنا)

تصاعدت الهجمات بالغاز السام على مدارس في أنحاء إيران، في وقت تصاعدت فيه المطالب الدولية بالتحقيق مع المسؤولين عن الهجمات.
وذكر ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي أن العاصمة طهران وجاراتها كرج وباكدشت وشهريار وصفادشت وبرند سجلت هجمات جديدة على مدارس الطالبات. وذكرت مواقع محلية أن مدينة إسلام شهر، ثالث كبريات المدن بمحافظة طهران، سجلت على الأقل 3 هجمات.
أقرت وسائل الإعلام الحكومية بوقوع هجمات جديدة السبت. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» قولها، إن عشرات الفتيات نقلن إلى مستشفيات في محافظات: همدان (غرب)، وزنجان وأذربيجان الغربية (شمال غرب)، وفارس (جنوب)، وألبرز (شمال).
وسجلت مدينة كرج غرب طهران هجوماً على مدرسة ثانوية للذكور، حسبما أظهر تسجيل فيديو نشره حساب «1500 تصوير». وتبدو سيارتا إسعاف تابعتان للطوارئ الإيرانية واقفتين أمام المدرسة أثناء تجمع لأهالي الطلاب. وذكر حساب «وحيد أونلاين» الذي يتابعه أكثر من 400 شخص على «تليغرام» أن طلاب مدرستين جرى نقلهم للمستشفى في مدينة كرج بسبب التسمم.
وفي مدينة قم التي سجلت أولى هجمات التسمم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصيبت 40 طالبة على الأقل بحالة اختناق إثر هجوم جديد.

وانتقلت الهجمات الغامضة إلى مدارس في تبريز وأصفهان ورشت وهمدان وكاشان. وأفادت «إذاعة فردا» الناطقة بالفارسية بأنباء عن وقوع هجمات في مدينتي كبودرآهنك وكوار في محافظة فارس جنوب البلاد. ويظهر فيديو انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، فتيات مدارس مصابات باختناق، وتقف سيارة إسعاف تابعة للطوارئ في مدينة كوار. وبالإمكان سماع صوت رجل يخاطب إحدى الطالبات: «لا تخافي، استنشقي استنشقي». وأفادت مواقع إخبارية بأن 27 طالبة على الأقل أصبن بحالات تسمم.
وانتشر مقطع فيديو يعكس حالة هلع وبكاء بين أهالي طالبات جرى نقلهن إلى مستشفى بمدينة لاهيجان الشمالية. وذكرت مواقع أن هجوماً آخر استهدف ثانوية للفتيات بمدينة أملش بمحافظة جيلان.
وقال حبيب حي بر، نائب رئيس جامعة العلوم الطبية في جامعة جندي سابور بمدينة الأحواز، إن 10 طالبات مدرسة ثانوية على الأقل أصبن بحالات تسمم في مدينة هفتكل شرق المحافظة الواقعة في جنوب غربي البلاد.
وفي كرمانشاه الكردية، غرب البلاد، تجمع أهالي طالبات بعد إصابتهن بالتسمم. وفي أرومية مركز محافظة أذربيجان الغربية شمال غربي البلاد، نقلت 30 طالبة على الأقل للمستشفى.
في غضون ذلك، أعلنت اللجنة التنسيقية لنقابات المعلمين عبر قناتها على شبكة «تليغرام» أن فتاة على الأقل توفيت في هجوم سام على مدرسة بمدينة باكدشت في جنوب شرقي طهران. وقالت دائرة العلاقات العامة في دائرة التعليم بمحافظة طهران، إنه «لا صحة لوفاة طالبة إثر التسمم»، وأضافت، في بيان، إن «هذا الخبر نشرته وسائل إعلام معادية... هذه الأخبار كاذبة من الأساس، وتندرج في نشر الإشاعات، وتهدف إلى زعزعة الاستقرار وإثارة الخوف في المجتمع».
وتجمع أهالي الطالبات في المنطقة الثانية من العاصمة طهران، حسبما أظهر مقطع فيديو نشره حساب «1500 تصوير». كما احتج أهالي التلميذات في مدينتي أصفهان وأردبيل.

«الحرب الهجينة» ومطالب دولية
وجاء تجدد الهجمات غداة إعلان السلطات توقيف رجل يقود شاحنة، وأشارت إلى أنه أوقف الشاحنة قرب مدرسة وفتح أبواب مخزنها، لكن شهود عيان في عدة مناطق تحدثوا عن رؤية مجهولين يلقون بقنابل تنفجر وتتسبب في نشر الغازات.
ويستمر الغموض حول أسباب الهجمات ومنشأ المواد السامة. وقال نائب إيراني الأسبوع الماضي إن نتائج فحوصات السموم التي توصلت إليها وزارة الصحة تفيد بأن المادة السامة المستخدمة في هجمات مدينة قم تتكون بشكل خاص من غاز النيتروجين N2، المصنوع بشكل أساسي من النيتروجين والمستخدم في الصناعة أو كسماد زراعي. وقالت وزارة الصحة الأسبوع الماضي إن «بعض الأفراد» يسعون عبر ذلك إلى «إغلاق كل المدارس، وخصوصاً مدارس الفتيات».
وأعرب ناشطون عن قلقهم من أن السلطات تسعى للانتقام من الاحتجاجات التي اندلعت في سبتمبر (أيلول) بعد وفاة الشابة مهسا أميني، والتي تحولت إلى مسيرات مناهضة للنظام. وكانت فتيات المدارس في صلب الحراك الذي طالب بإنهاء القيود التي تمارسها السلطات على المرأة في إيران.
وبعد 3 أشهر من انتشار الهجمات المتسلسلة، وجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأربعاء، تعليمات «عاجلة» إلى وزير الداخلية أحمد وحيدي. والجمعة، قال رئيسي إن هجمات التسمم «مؤامرة لإحداث فوضى في البلاد، مع سعي الأعداء لبث الخوف وانعدام الأمن بين أولياء الأمور والتلميذات».
وقال النائب جليل رحيمي جهان آبادي، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، إن «هدف المسؤولين عن تسمم الطالبات هو اتهام النظام، وإذكاء الاحتجاجات وأعمال الشغب، وتعطيل البلاد والتجمعات». وأضاف في تغريدة على «تويتر» أن «البرلمان يشرف على تحقيقات واسعة النطاق تجريها الأجهزة الأمنية».
ومساء الجمعة، هاجم وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، مواقف المسؤولين الغربيين الذين أعربوا عن قلقهم حيال الهجمات ضد الفتيات في إيران. وكتب علی «تویتر»: «رد المسؤولين الغربيين في قضية تسمم الطلاب، استمرار للحرب الهجينة للأعداء». وقال: «الأجهزة المسؤولة في البلاد تتابع بجدية أبعاد الحادث». وقالت: «الشعب الإيراني يميز جيداً دموع التمساح». وتوجه عبداللهيان، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، إلى جنيف، ودافع هناك أمام مجلس حقوق الإنسان عن تعامل السلطات الإيرانية مع الاحتجاجات الأخيرة. وواجه عبداللهيان انتقادات غاضبة بعدما أنكر جملة وتفصيلاً في مقابلة خاصة مع شبكة «سي إن إن» أي قمع في الاحتجاجات، بما في ذلك وجود سجناء أو سقوط قتلى في الاحتجاجات.
وانضمت بريطانيا إلى منظمات أممية، والولايات المتحدة وألمانيا، بدعوات إيران إلى فتح تحقيق «عاجل وشفاف» حول ما يحدث. وكتبت الخارجية البريطانية عبر حسابها باللغة العربية على «تويتر» أن «أنباء مروعة في إيران حول تعرض فتيات للتسمم في المدرسة».
ودعا وزير شؤون الشرق الأوسط اللورد أحمد إلى إجراء تحقيق عاجل وشفاف فيما حدث، مشدداً على ضرورة ممارسة جميع الفتيات لحقهن بالتعليم دون خوف.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».