نظم «الاتحاد العام التونسي للشغل»، اليوم (السبت)، احتجاجاً مناهضاً للرئيس قيس سعيد في العاصمة، هو الأكبر حتى الآن، على ما يبدو، مستعرضاً قوته بعد إجراءات صارمة اتخذتها السلطات بحق المعارضين في الآونة الأخيرة.
وامتلأ شارع «الحبيب بورقيبة» بعدة آلاف من المحتجين، الذين رفعوا لافتات كُتب عليها: «لا للحكم الفردي»، ورددوا هتاف «حريات... حريات... دولة البوليس وفات (انتهت)». ونُظمت المسيرة بعد أسابيع من اعتقالات استهدفت معارضين بارزين لسعيد، في أول إجراءات صارمة كبيرة منذ انفراده بسلطات واسعة النطاق في عام 2021، حيث حلّ البرلمان، وتحول إلى الحكم بإصدار المراسيم.
وقال نور الدين الطبوبي، الأمين العام لـ«اتحاد الشغل»، أمام الحشود: «سنواصل الدفاع عن الحريات وكل الحقوق، مهما كلفنا ذلك... نحن لا نخشى السجون والاعتقالات». مضيفاً: «أحيي الحقوقيين والسياسيين في سجن المرناقية»، في إشارة للمعتقلين في الآونة الأخيرة.
من جهته، قال حمة الحمامي، زعيم «حزب العمال» لوكالة «رويترز» للأنباء: «الإجابة الوحيدة على سعيد هي الشارع والاحتجاج... والتونسيون لم يعودوا يخافون».
ويقول معارضو سعيد إن الأمر أصبح أوضح من أي وقت مضى؛ فسعيد حسبهم «فكَّك الديمقراطية التي جلبتها (ثورة 2011)»، التي أطلقت شرارة «الربيع العربي» و«سيقضي على الحريات التي تحققت بفضلها». وفي المقابل، يقول سعيد إن تصرفاته «قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من الفوضى، ولا تُعدّ انقلاباً».
واتسمت انتقادات «الاتحاد العام التونسي للشغل» لخطوات سعيد بالبطء في بادئ الأمر، بينما وصفتها الأحزاب السياسية بـ«الانقلاب»، لكنّ الاتحاد ذا النفوذ بدأ في معارضة الرئيس بوضوح، مع إحكام سعيد قبضته وتجاهله للاتحاد ولاعبين آخرين. وقد اعتُقل مسؤول كبير في الاتحاد، الشهر الماضي، لأنه نظم إضراباً في محطات تحصيل الرسوم على الطرق السريعة، ما دفع صحيفة «الاتحاد العام التونسي للشغل» إلى القول إن سعيد أعلن الحرب على الاتحاد وأعضائه، البالغ عددهم مليون عضو.
والأسبوع الماضي، منعت السلطات التونسية قادة النقابات العمالية الأجنبية من دخول تونس للمشاركة في المسيرة، تعبيراً عن التضامن مع «اتحاد الشغل»، وقال سعيد إنه لن يقبل بانضمام الأجانب إلى الاحتجاجات.
ويشير حجم المسيرة، اليوم (السبت)، إلى أن «اتحاد الشغل» ما زال يمثل خصماً قوياً قد يتكبد سعيد العناء لتنحيته جانباً مع تحركه لتهميش المعارضين الآخرين، عقب انتخابات برلمانية لم تحظَ بنسبة إقبال عالية. وقد تتصاعد احتمالات الغضب الشعبي في ظل الأزمة التي يعاني منها اقتصاد تونس، واقتراب مالية الدولة من الإفلاس، ونقص السلع الأساسية.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، ألقت الشرطة القبض على أكثر من 10 شخصيات بارزة من المعارضة، معظمهم على صلة بائتلاف أحزاب ومحتجين يخططون للخروج في مسيرة، غداً (الأحد)، ووجهت إليهم اتهاماً بالتآمر ضد أمن الدولة.
ومن بين المعتقلين في الأسابيع الأخيرة سياسيون من حزب «النهضة»، الذي كان أكبر حزب في البرلمان المنحل، وزعماء جماعة احتجاج ومدير إذاعة «موزاييك إف إم»، أهم وسيلة إعلام مستقلة في البلاد، ورجل أعمال بارز.
وقال أستاذ تونسي شارك في الاحتجاج، يُدعى ناجح الزيدي: «سعيد يهدد الكل؛ أحزاباً ونقابات ومجتمعاً مدنياً... التونسيون خرجوا ليعبروا عن رفضهم للشعبوية الزاحفة».
«اتحاد الشغل» التونسي ينظم أكبر احتجاج مناهض للرئيس حتى الآن
«اتحاد الشغل» التونسي ينظم أكبر احتجاج مناهض للرئيس حتى الآن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة