وجد فريق من العلماء من «Scripps Research» وجامعة نورث كارولينا (UNC) أجسامًا مضادة في دم بعض متبرعي كوفيد - 19 يمكنها منع العدوى من مجموعة واسعة من فيروسات كورونا؛ وعلى وجه التحديد في الأشخاص الذين تعافوا من الفيروس ثم تم تطعيمهم ضده. ووجدوا أن هذا لا يشمل فقط فيروس «سارس» المسبب لكوفيد - 19، بل يشمل أيضا «SARS-CoV-1» و«MERS-CoV».
وقد تؤدي دراسة العلماء التفصيلية للأجسام المضادة ومواقع ارتباطها بالفيروسات، التي نُشرت منتصف الشهر الماضي بمجلة «Immunity» إلى تطوير لقاح واسع النطاق لفيروس كورونا وعلاجات الأجسام المضادة ذات الصلة. كما يمكن استخدام كليهما ضد أوبئة فيروس كورونا المستقبلية بالإضافة إلى أي متغيرات مستقبلية لـ(SARS-CoV-2).
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قال الدكتور رايس إندرابي المؤلف الرئيسي المشارك في الدراسة الباحث بمعهد قسم علم المناعة والأحياء الدقيقة في «سكريبس للأبحاث»
«نظهر هنا أن هناك أجسامًا مضادة بشرية وحيدة النسيلة يمكن العثور عليها والتي تحمي من جميع الفيروسات التاجية القاتلة الثلاثة الأخيرة؛ SARS-CoV-1 و SARS-CoV-2 و MERS-CoV». وذلك وفق ما نشر موقع «ميديكال إكسبريس» العلمي المتخصص.
وينتمي«SARS-CoV-2» إلى جانب «SARS-CoV-1» (سبب اندلاع السارس 2002-04) و MERS-CoV (سبب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية القاتلة)، إلى مجموعة واسعة من فيروسات كورونا تعرف باسم فيروسات «كورونا بيتا»؛ إذ تتحور هذه الفيروسات بمعدل مرتفع بشكل متواضع، ما يخلق تحديًا كبيرًا لتطوير اللقاحات والعلاجات بالأجسام المضادة ضدها. وهكذا، في حالة SARS-CoV-2، على الرغم من أن اللقاحات الحالية كانت مفيدة للغاية في الحد من عدد الوفيات من المرض ومن الوباء، ظهرت متغيرات جديدة لـ SARS-CoV-2 يمكن أن تنتشر حتى بين متلقي اللقاح.
ومع ذلك، على مدار العامين الماضيين، وجدت اختبارات أندرابي وبيرتون وويلسون دليلاً على أن «سارس- CoV-2» وفيروسات «كورونا بيتا» أخرى لديها موقع ضعيف لا يتحور كثيرًا؛ هذا الموقع، الموجود في المنطقة S2 (أو القاعدة) من بروتين سبايك الفيروسي محفوظ نسبيًا عن فيروسات كورونا التي تصيب مجموعة متنوعة من أنواع الحيوانات. وعلى النقيض من ذلك، تستهدف لقاحات SARS-CoV-2 الحالية بشكل أساسي منطقة S1 المتغيرة نسبيًا في بروتين الشوكة الفيروسية، والتي يرتبط بها الفيروس بمستقبلات الخلايا المضيفة.
وفي هذا الاطار، يلعب موقع S2 دورًا رئيسيًا في كيفية تقدم فيروسات «بيتاكورون» من ارتباط المستقبلات إلى اندماج الغشاء الذي يتيح الدخول إلى الخلايا المضيفة في الجهاز التنفسي.
ففي دراسة نُشرت العام الماضي، وجدت اختبارات الباحثين أن بعض الأجسام المضادة البشرية يمكن أن ترتبط بهذا الموقع بـ SARS-CoV-2 بطريقة تؤدي على ما يبدو إلى تعطيل الاندماج الفيروسي ومنع العدوى. حيث يثير وجود مثل هذا الموقع المعرض للخطر إمكانية استهدافه لتوفير حماية طويلة الأمد وواسعة النطاق ضد فيروسات كورونا. لذلك، قام الباحثون في الدراسة الجديدة بإجراء بحث أكثر شمولاً عن الأجسام المضادة لـ S2 في عينات الدم من متطوعين.
وهؤلاء المتطوعون هم أفراد تعافوا من كوفيد -19 أو تم تطعيمهم أو تعافوا منه ثم تم تطعيمهم ضده. ولدهشة الباحثين إلى حد ما، وجدوا أن الأجسام المضادة لموقع S2 الضعيف كانت موجودة في الغالبية العظمى من المتطوعين في المجموعة الأخيرة (الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد - 19 وتم تطعيمهم) ولكن بتردد أقل بكثير في الآخرين. وبشكل عام، حدد الباحثون وميّزوا 32 من هذه الأجسام المضادة التي تستهدف S2.
وفي دراسات تحييد فيروسات المختبر ودراسات تحدي الفيروسات مع الفئران بجامعة نورث كارولينا، وجد الباحثون أن العديد من هذه الأجسام المضادة توفر حماية ذات اتساع غير مسبوق؛ ليس فقط ضد SARS-CoV-2. لكن أيضًا ضد SARS-CoV-1 و MERS-CoV betacoronaviruses.
ويبيّن الدكتور دينيس بيرتون «أنه من حيث المبدأ من المرجح أن توفر استراتيجية التطعيم التي يمكن أن تحفز مثل هذه الأجسام المضادة حماية واسعة ضد مجموعة متنوعة من فيروسات بيتاكورون. وقد أظهرت الدراسات الهيكلية للعديد من الأجسام المضادة عند ارتباطها بـ S2 مواقع الارتباط المشتركة وأنماط الارتباط، ما يوفر المعلومات الأساسية التي ينبغي أن تساعد في تطوير لقاحات مستقبلية تستهدف هذه المنطقة».
من جانبه، يؤكد الدكتور إيان ويلسون أنه «يمكن أن تستفيد استراتيجيات اللقاح العقلانية المستهدفة من هذه المعلومات الجزيئية لتفاعلات هذه الأجسام المضادة مع مجال S2 للإبلاغ عن تصميم لقاحات بيتاكورونا الشاملة. في الواقع طبق الباحثون النتائج التي توصلوا إليها بالفعل على التصميم الأولي واختبار لقاح مرشح محتمل لـفيروس بيتاكورونا الشامل؛ الذي إذا نجح يمكن تخزينه للحد من الأوبئة في المستقبل. كما يتصور الباحثون أيضًا مزيجًا علاجيًا من الأجسام المضادة المختلفة التي تستهدف S2، ربما على شكل مزيج من الأجسام المضادة لمناطق ارتفاع أخرى يمكن تناولها لمنع الإصابة بفيروس بيتاكورونا الجديد أو لتقليل المرض لدى المصابين به بالفعل».
اكتشاف أجسام مضادة تمنع الفيروسات ضمنها كورونا
اكتشاف أجسام مضادة تمنع الفيروسات ضمنها كورونا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة