من المهم تنقية الكوادر الثقافية والأدبية من غير المتخصصين

حاتم الصكر
حاتم الصكر
TT

من المهم تنقية الكوادر الثقافية والأدبية من غير المتخصصين

حاتم الصكر
حاتم الصكر

الضعف المهيمن على استخدام اللغة العربية، أو التردي الذي وصفَ به واقع اللغة العربية، هو موضوع ذو شقين:
- في الاستخدام العام الذي يجري في اليوميات العادية.
- والاستخدام الخاص الذي يجري في الجوانب الثقافية والأدبية، والمكاتبات، وعبر وسائط التواصل، والمطبوعات، والأنشطة، والبرامج السمعية والبصرية.
وإذا كان إصلاح الضعف المتحصَّل من استخدام العامة متشعباً، وله صلة بصعود العاميات، وهيمنة الشعبوية على الخطاب التداولي والجماهيري، فإن التردي يكون مؤشراً لأزمة حقيقية لا تتعلق بالهوية فحسب، بل بجماليات اللغة ووجودها الثقافي. وهو خطر يرتّب مهمات عسيرة على المثقفين والتربويين، ليس أيسره النظر في برامج تدريس اللغة العربية ومفرداتها ومقرراتها، وتيسيرها بتنقية الزوائد والترهلات والفرضيات غير المناسبة لعصر متعلمي اللغة ومتلقي أدبياتها. كأن نقرأ في متن أهم الكتب المقررة لتدريس النحو في الجامعات أمثلة من شاكلة: حضر القوم إلا حماراً، وسواها من الأمثلة البائسة نثرية وشعرية، تصاغ نظماً لتأكيد الشواذ في القواعد، وما يَرد بسبب اختلاف اللهجات. كما أن التعليم لا يتضمن أي استعانة بصرية أو سمعية تقترب من ثقافة المستخدم اليوم، وتحبب له الدرس اللغوي. وهو ما يقال أيضاً في الدرس الأدبي، حيث أغلب المقررات لا تزال تقليدية تجترّ القديم، أو تستعرض النظريات التي لا يخرج منها المتعلم إلا بالأسماء دون محتواها.
ومن المهم أيضاً تنقية الكوادر الثقافية والأدبية من غير المتخصصين أو الضعاف في مستوياتهم وتكوينهم. فهؤلاء يُشيعون الأخطاء حيث يوجدون، ويتساهلون في استخدام اللغة العربية دون إدراك لجمالياتها. فتظهر العبارات مغلوطة على الشاشات، وتستقر في وعي المتلقين، وتعمّق وسائط التواصل تلك الأزمة بالاستخفاف باللغة العربية، وتشجيع العاميات المعوجّة والهجينة، والمصطلحات الأجنبية وإهمال مرادفاتها العربية.
ولكوننا مهتمين باللغة ومشتغلين في الثقافة وشؤونها، نجد أن من واجبنا تأشير الضعف البيّن، والتردي في مؤهلات القيمين على الثقافة والتدريس، لا سيما في الجامعات، والتساهل في تداول اللغة بأخطاء فاحشة وصياغات غريبة.
ولا أجد تفسيراً لركون كثير من المثقفين إلى التحدث بالعامية في مقابلاتهم وفي المحافل العامة.
وأحسب أننا مطالبون بأن نزيد وتائر التأليف باللغة العربية وتقريبها للقارئ، كي لا يحل الكتاب الرقمي بما فيه من تساهل وضعف محل الكتاب المقروء، فضلاً عن تشجيع القراءة في المراحل العمرية المختلفة والتأكيد عليها في الصغر. بالقراءة وحدها نضمن لنسغ اللغة العربية الحياة، وبتنقيته من الشوائب والزيادات والتمحل والاستعراض، وإضاءة سبل قراءة الموروث الثقافي، والتجارب الأدبية الحديثة التي تحفظ جماليات اللغة وتحببها للمتلقين.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

العثور على مبلّغ عن مخالفات «أوبن إيه آي» ميتاً في شقته

شعار شركة «أوبن إيه آي»  (رويترز)
شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
TT

العثور على مبلّغ عن مخالفات «أوبن إيه آي» ميتاً في شقته

شعار شركة «أوبن إيه آي»  (رويترز)
شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

تم العثور على أحد المبلِّغين عن مخالفات شركة «أوبن إيه آي» ميتاً في شقته بسان فرانسيسكو.

ووفقاً لشبكة «سي إن بي سي»، فقد أمضى الباحث سوشير بالاجي (26 عاماً)، 4 سنوات في العمل لدى شركة الذكاء الاصطناعي حتى وقت سابق من هذا العام، عندما أثار علناً مخاوف من أن الشركة انتهكت قانون حقوق النشر الأميركي.

وتم العثور على بالاجي ميتاً في شقته بشارع بوكانان سان فرانسيسكو بعد ظهر يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني).

وقالت الشرطة إنها لم تكتشف «أي دليل على وجود جريمة» في تحقيقاتها الأولية.

ومن جهته، قال ديفيد سيرانو سويل، المدير التنفيذي لمكتب كبير الأطباء الشرعيين في سان فرانسيسكو، لشبكة «سي إن بي سي»: «لقد تم تحديد طريقة الوفاة على أنها انتحار». وأكدت «أوبن إيه آي» وفاة بالاجي.

وقال متحدث باسم الشركة: «لقد صُدِمنا لمعرفة هذه الأخبار الحزينة للغاية اليوم، وقلوبنا مع أحباء بالاجي خلال هذا الوقت العصيب».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نشرت قصة عن مخاوف بالاجي بشأن «أوبن إيه آي» في أكتوبر (تشرين الأول)؛ حيث قال للصحيفة في ذلك الوقت: «إذا كان أي شخص يؤمن بما أومن به، فسيغادر الشركة بكل تأكيد».

وقال للصحيفة إن «تشات جي بي تي» وروبوتات الدردشة المماثلة الأخرى ستجعل من المستحيل على العديد من الأشخاص والمنظمات البقاء والاستمرار في العمل، إذا تم استخدام محتواها لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وواجهت «أوبن إيه آي» عدة دعاوى قضائية تتعلَّق باستخدامها محتوى من منشورات وكتب مختلفة لتدريب نماذجها اللغوية الكبيرة، دون إذن صريح أو تعويض مالي مناسب، فيما اعتبره البعض انتهاكاً لقانون حقوق النشر الأميركي.