تحليل... الخطوط الحمر الطريّة في أوكرانيا

جنود أوكرانيون يتقدمون على متن دبابة في الخطوط الأمامية بباخموت الأحد (أ.ب)
جنود أوكرانيون يتقدمون على متن دبابة في الخطوط الأمامية بباخموت الأحد (أ.ب)
TT

تحليل... الخطوط الحمر الطريّة في أوكرانيا

جنود أوكرانيون يتقدمون على متن دبابة في الخطوط الأمامية بباخموت الأحد (أ.ب)
جنود أوكرانيون يتقدمون على متن دبابة في الخطوط الأمامية بباخموت الأحد (أ.ب)

زيارة مفاجئة للرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى بريطانيا، تلقّى خلالها وعوداً بمزيد من المساعدات العسكريّة والتدريب، وصولاً إلى تدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات حربيّة غربيّة. وبذلك تكون بريطانيا أوّل دولة في حلف «الناتو» تتخطى الخط الأحمر، عبوراً إلى سلاح الجوّ. على كلٍّ، قد يبدأ تدريب الطيّارين على مُشبّه العتاد قبل التدريب الفعليّ (Simulator)، وهذا أمر أقلّ كلفة، لكنه يُحضّر الطيارين للمرحلة العمليّة على الأقلّ في الجهوزيّة الذهنيّة. كما يختصر الوقت في حال قرّر الغرب تزويد أوكرانيا بالطائرات الحربيّة. فهل ما تقوم به بريطانيا هو بمبادرة منفردة أم بموافقة أميركيّة مُسبّقة؟ وهل ما تقوم به بريطانيا هو من ضمن توزيع الأدوار مع أميركا؟ ألم تكن بريطانيا السبّاقة في قرار تسليم أوكرانيا دبابات «شالنجر»؟ ألم تكرَّ بعدها سبحة القرارات الغربيّة بتسليم الدبابات؛ وعلى رأسها الدبابات الألمانيّة والأميركيّة؟ ألم تكن الدبابة خطاً أحمر؟

لكن توزيع الأدوار لديه تداعيات خطيرة؛ فالحرب تدور حالياً على أرض روسيّة بعد مرسوم الضم للأقاليم الأربعة من قِبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما أن الداخل الروسي لا يزال يرى الحرب على أنها من الغرب و«الناتو»، خاصة الولايات المتحدة الأميركيّة. والهدف هو دائماً تقزيم روسيا، وحتى تفتيتها.
هذا ما عبّر عنه الرئيس بوتين في خطاب ذكرى مرور 80 عاماً على معركة ستالينغراد (فولغوغراد حالياً). فالحرب اليوم هي ضد النازيّة، مع أن أوكرانيا كانت في الطليعة تقاتل إلى جنب الجيش الأحمر السوفياتي ضد الغزو النازيّ، لكن قدر أوكرانيا أن تُدمَّر مع الغزو النازيّ، وها هي اليوم تُدمَّر على يد الجيش الروسيّ.

الطائرة الحربيّة الغربيّة
طلبت أوكرانيا مدفعيّة ميدان فكان لها. طلبت قاذفات - راجمات «هايمرس» بعيدة المدى فكان لها نسخة يصل مداها إلى الـ80 كلم. شدّدت على الصواريخ بعيدة المدى لأكثر من 80 كلم، خاصة بعد أن تأقلم التكتيك الروسي معها. فكان لها قنابل (GLSMB) والتي تُطلَق من نفس منظومة «الهايمرس»، لكن مع مدى يقارب الـ250 كلم. طلبت أوكرانيا الدبابات الثقيلة المقاتلة، كما العربات المدرَّعة وناقلات الجنود، فكان لها ذلك. هذا عدا الدفاعات الجويّة من منظومة «الناسام» النرويجيّة، «الآيرس» الألمانيّة، إلى «الباتريوت» الأميركيّة. فماذا ينقص المنظومة الأوكرانيّة؟
بالطبع سلاح الطيران. لكن الخبراء الغربيين يُفتون بعدم جدوى الطيران الحربيّ لعدة أسباب، منها:
• إن الصواريخ البعيدة المدى بين 80-150 كلم/ الدقيقة، تفعل نفس فعل الطيران مع كلفة أقلّ، ومع جهوزيّة آنيّة فوريّة للاستعمال. وإذا ما أضيف إليها دفاعات جويّة متطوّرة وفعّالة، فهذا الأمر يعني الاستغناء عن الطيران الحربيّ الغربيّ.
• إن تدريب الطيّار الأميركي (والذي هو أصلاً طيّار) على الـ«إف-16»، يستلزم أكثر من ستة أسابيع.
• تملك روسيا 1500 طائرة حربيّة، ولا يمكن تحقيق التوازن معها.
• تستعمل روسيا القصف الجوّي للداخل الأوكراني، لكن من داخل الأراضي الروسيّة. إذن، لمقاتلة الطيران الروسي، يجب على الطيران الأوكراني - الغربي الدخول إلى الأراضي الروسيّة. وهذا لا يزال خطّاً أحمر أميركياً حتى الآن. هذا بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوّي الروسيّة المنصوبة على الحدود مع أوكرانيا من «إس-300» أو «إس-400».
• إن كل ساعة طيّران للمقاتلة «إف-16“ تستلزم 16 ساعة تعهّد، كما أن تدريب الفنيّين لتعهّد هذه الطائرة يستلزم 5 دورات تدريب تمتدّ لـ18 شهراً. هذا مع التذكير بأن كلّ طائرة «إف-16» تستلزم 25 عنصراً لصيانتها.
إذن لماذا وعدت بريطانيا الرئيس الأوكراني بالطيران الحربيّ؟ ولماذا ستبدأ قريباً تدريب الطيارين الأوكران؟ فهل الأمر يعني محاولة ردع بوتين؟ وهل الوعد هو تحضير للسيناريو السيئ على المسرح الأوكرانيّ، كأن يحقّق الجيش الروسي تقدماً ملحوظاً على الجبهات؟ إن غداً لناظره قريب، والمعركة المنتظرة ستُظهِر صحّة كل التوقعات. ففي السياسة والحرب، يُحضّر القائد للسيناريو السيئ، ويأمل أن يحصل السيناريو الممتاز.



أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.