كشف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن أنَّه اتَّفق مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أثناء لقائهما في الرياض على هامش القمة العربية - الصينية، على خريطة طريق لتنمية العلاقات السعودية - العراقية، قائلاً إنَّه وجده «متجاوباً كالعادة ومتقدماً لتحقيق هذا الهدف بكل وضوح ورغبة جادة».
وقال السوداني، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مقر رئاسة الوزراء ببغداد، الأحد: «السعودية اليوم دورها مهمٌّ لنا كعرب ودول المنطقة، وعلينا أن نُسهمَ في خفض التوترات وإطفاء الأزمات في المنطقة، لأنَّنا نرفع شعارَ التنمية، والتنمية تحتاج إلى استقرار، والملفات في المنطقة والعالم، ملفات اقتصادية في كل العالم، فالرؤى متطابقة»، مؤكداً أنَّ السعودية والعراق يعملان على بناء آلية للاستقرار الإقليمي، وهما قادران على «التأسيس لنظام استقرار إقليمي وعالمي».
وأكَّد السوداني استمرارَ بغداد في أداء دورها في استضافة الحوار السعودي - الإيراني، وتوقَّع عودة الحوار عبر اجتماع قريب، معرباً عن أمله في أن يرتفع مستوى اللقاءات الأمنية إلى المستوى الدبلوماسي.
وشدَّد السوداني على «العمق العربي» لبلاده، قائلاً إنَّ «قدر العراق عربي»، وإنَّ «العراق يرفض أن يكون ساحة لتصفية الحسابات، أو أن يكونَ مع طرف ضد آخر»، مشدّداً على أنَّ «البوصلة هي مصلحة العراق وشعبه».
ونفى السوداني أي تدخل إيراني أو أميركي في تشكيل حكومته، قائلاً: «الحكومة شُكِّلت بقرار عراقي 100 في المائة، ولم أخضع لأي تأثير أو تدخل بأي شكل مباشر أو غير مباشر».
وأوضح أنَّ حكومته «وضعت مسألة استرداد الأموال هدفاً أساسياً لعمل الحكومة في مكافحة الفساد، وبدأت الأموال تتدفَّق بالاسترداد، وآخرها 80 مليون دولار تمَّت إعادتها من خلال إجراءات الهيئات الرقابية»، مشيراً إلى أنَّ «هذه الحكومة قَدرُها أن تتخذ قرارات إصلاحية، وعادةً القرارات الإصلاحية تكون موجعة، لكنَّ هذا الألم أثره أو معاناته آنيّة، وبعد فترة بالتأكيد سوف تكون منفعة للجميع».
يعرف السوداني، وهو مهندس خريج كلية الزراعة في بغداد، حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه، ويقول إنَّه أول رئيس وزراء لم يغادر العراق، وجاءَ من بين الشعب وتسلسل في الوظائف الحكومية من موظف عام 1997 ثم قائم مقام ثم محافظ فوزير، والآن يتسلَّم أعلى منصب في البلاد، ويجلس على كرسي الرئيس الراحل صدام حسين نفسه وفي المكان نفسه، ولا يزال يحمل تلك الصورة المؤلمة لوالده الذي اقتيد إلى الإعدام، وفي رجله جبيرة من الجبس، وبعده 3 من أعمامه، وخاله، لقوا المصير نفسَه في تلك الحقبة من الزمن التي كان يسيطر فيها حزبُ «البعث» على السلطة في العراق.
وعلى رغم الألم والحزن العميقين في نفسه منذ كانَ في العاشرة من عمره، فهو يأبى أن يسلكَ دروبَ الانتقام والثأر، وهو الذي تولى بعد 2003 رئاسة «هيئة المساءلة والعدالة» التي تولَّت ملف كبار البعثيين و«الأجهزة القمعية»، ويقول: «لم أتعامل معهم بالنفَس الثأري». ويضيف: «أنا أردّد دائماً أنَّ النظام السياسي بعد 2003 يجب أن يكون مختلفاً عما قبل 2003. وإلا فلن نختلف عنه بشيء».