«اتحاد الشغل» التونسي: سعيد اختار الطريق الخطأ

نور الدين الطبوبي رئيس اتحاد الشغل خلال الاجتماع الذي عقده الاتحاد أمس وسط العاصمة (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي رئيس اتحاد الشغل خلال الاجتماع الذي عقده الاتحاد أمس وسط العاصمة (إ.ب.أ)
TT

«اتحاد الشغل» التونسي: سعيد اختار الطريق الخطأ

نور الدين الطبوبي رئيس اتحاد الشغل خلال الاجتماع الذي عقده الاتحاد أمس وسط العاصمة (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي رئيس اتحاد الشغل خلال الاجتماع الذي عقده الاتحاد أمس وسط العاصمة (إ.ب.أ)

عقد الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، أمس، اجتماعاً ضم رؤساء الاتحادات الجهوية التابعة للاتحاد، بهدف الرد على استهداف العمل النقابي من قبل السلطات التونسية، بعد اعتقال قيادي نقابي، والتقدم بشكوى ضد 17 نقابياً من قطاع النقل، في ظل اتهامات للرئيس بالسيطرة على الحكومة والقضاء، واستعمالهما للجم أفواه الأصوات المعارضة.
وانتقد نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل، خلال هذا اللقاء الذي قد يكون حاسماً في تحديد مستقبل علاقة الرئاسة بنقابة العمال، خاصة بعد تهديدها مؤخراً بشن إضراب عام، الرئيس قيس سعيد، قائلاً إن رئيس الجمهورية اختار الطريق الخطأ عندما تحدث من ثكنة الحرس الوطني، مبرزاً أن حديثه «قائم على التهديد والوعيد، ويستهدف العمل النقابي واتحاد الشغل، وقد جاء في واقع سياسي اتسم بفشل المسار، الذي دعا إليه الرئيس والمقاطعة الحضارية له»، مضيفاً أن الكلمات التي استعملها رئيس الجمهورية، مثل التطهير والحرب والخيانة العظمى «لا تتناسب مع الواقع التونسي»، ومعتبراً أن خطاب الرئيس «خارج السياق الشعبي، وهدفه لفت الأنظار عن النتائج الهزيلة، والفشل الذريع للمسار السياسي الذي اقترحه على التونسيين».
وأضاف الطبوبي، أن الرئيس «اختار الطريق الخطأ، وكان عليه من باب الحكمة توحيد الشعب، بعد فشل مسار الانتخابات في الدورين الأول والثاني»، مؤكداً أن دور الجيش «حماية الوطن»، في انتقاد علني لاختياره توجيه خطاب من داخل ثكنة عسكرية، قال فيه أمام قياديين من الأمن إنه يخوض «معركة تحرير للحفاظ على الدولة»، كما انتقد الإضرابات النقابية، واتهمها بالتخفي وراء مطالب شعبية لتحقيق «مآرب سياسية».
ويرى مراقبون أن هذا الخطاب كشف عن حالة توتر حاد مع اتحاد الشغل، ذي النفوذ القوي في تونس، الذي أعلن عن اجتماع أمس لاتخاذ خطوات للرد على سعيد. وفي هذا الصدد، أكد المحلل السياسي التونسي بسام الحمدي أن الطرفين «يعيشان على طرفي نقيض، فالرئاسة ترى أن السلطة للدولة فقط والحكم لمؤسساتها، وهو رأي يقابله فكر آخر، قوامه أنه لا يمكن تقرير مصير البلاد وشعبها بمعزل عن سلطة اتحاد الشغل ومنظمات المجتمع المدني، وهذا ما عمّق الخلاف بين سعيد ونقابة العمال. فالأول يريد مزيداً من التحكم في السلطة وإدارة الحكم، والثاني لا يريد التفريط في دوره الوطني في اتخاذ القرارات الحاسمة، ومعركة الاتحاد مع السلطة بعد الثورة تحولت من جدال آيديولوجي، اتهمت فيه حركة النهضة الاتحاد بكونه مترجماً للفكر اليساري، إلى معركة ذات أبعاد مختلفة مع سعيد، أساسها القدرة على الحكم وصنع القرار في البلاد».
من جهة ثانية، أعلن الحرس الوطني في تونس عن إحباط 11 عملية هجرة غير شرعية، ليل أول من أمس، بسواحل الوسط. وأفاد المتحدث باسم الحرس الوطني، حسام الدين الجبابلي، بضبط 430 مهاجراً، من بينهم 356 شخصاً ينحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء، والباقون تونسيون جرى التحري عنهم.
وتعقبت دوريات الحرس البحري قوارب المهاجرين بسواحل قرقنة وصفاقس والمهدية، في طريقها إلى السواحل الإيطالية. علماً بأن تونس شهدت في 2022 أعداداً قياسية من المهاجرين نحو السواحل الإيطالية، فاقت 18 ألفاً وفق بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي يعنى بمسائل الهجرة، بينما فُقد أثر نحو 600 في البحر من جنسيات دول مختلفة.
كما أعلنت وزارة الداخلية الإيطالية، أول من أمس، وصول نحو خمسة آلاف شخص إلى أراضيها في يناير (كانون الثاني) الماضي، ضمن موجات الهجرة غير الشرعية، نحو نصفهم من تونس ودول أفريقيا جنوب الصحراء. وقالت إنه يجري التحري عن 1300 آخرين لتحديد هوياتهم.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
TT

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

يوشك عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، أن يودّع حياة السجن بمفهومه العام، لينتقل إلى مقر آخر أكثر خصوصية خارج أسواره، لكنه يظل تحت رقابة سجانيه.

واطمأن وفد من قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، على صحته خلال أول لقاء جمعهم به مساء الأربعاء منذ اعتقاله، ووضعه في سجن معيتيقة بطرابلس، لكنهم طالبوا بسرعة إطلاق سراحه.

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

والسنوسي (73 عاماً) واحد من أقوى رجال النظام السابق، وقد حكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011. وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

مطالب بسرعة الإفراج عن السنوسي

يقبع السنوسي في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، برئاسة عبد الرؤوف كاره، التي منعته من المثول أمام القضاء 13 مرة متتالية، لكنها سمحت بمثوله مطلع العام الجاري أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بعد سلسلة طويلة من تأجيل القضية.

وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الخميس)، إن وفداً من القبيلة اطمأن على السنوسي، الذي يعاني من مرضي القلب وسرطان الكبد، مشيراً إلى أنه «تمت الموافقة على نقله من السجن إلى فيلا بسوق الجمعة بطرابلس، ونطالب بالإفراج عنه لأنه لم يرتكب جرماً».

المنفي مستقبلا وفد من قبيلة المقارحة (المجلس الرئاسي الليبي)

وأوضح الشيخ هارون أن الوفد الذي ضمّ 22 شخصاً من مشايخ ووجهاء المقارحة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأربعاء، وجددوا مطلبهم بـ«ضرورة الإسراع بالإفراج عن ولدنا عبد الله». وقال بهذا الخصوص: «هذا رابع اجتماع بالمنفي، وقد سبق أن رفعنا إليه جميع التقارير الطبية، التي تؤكد اعتلال صحة السنوسي». مبرزاً أن الوفد الذي التقى أيضاً مشايخ من سوق الجمعة «حصل على وعد من المنفي بإطلاق سراح السنوسي. ونتمنى تحقق ذلك في القريب العاجل»، وأضاف موضحاً: «لقد سمحوا بنقله إلى (حوش) فيلا في سوق الجمعة رهن الإقامة الجبرية، كي تتمكن ابنته سارة وأولادها وباقي الأسرة من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى الأطباء، من زيارته».

وخلال مثوله أول مرة أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وجهت له أكثر من 25 تهمة، من بينها قتل المتظاهرين خلال «ثورة 17 فبراير» عام 2011، بحسب محاميه أحمد نشاد، لكنه «نفاها جميعاً».

وأوضح المجلس الاجتماعي بـ«سوق الجمعة والنواحي الأربعة» أنه عقب الانتهاء من لقائه بوفد قبيلة المقارحة، تم التنسيق مع «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، ونظمت زيارة للسنوسي بالتنسيق مع المجلس الرئاسي.

وكان المنفي قد التقى وفداً من أعيان وحكماء قبيلة المقارحة بمقر المجلس في العاصمة طرابلس، وأوضح المجلس أن الوفد أكد «الدور الكبير»، الذي يضطلع به المنفي تجاه ملف المصالحة، وأهميته للاستقرار على المستويات كافة، كما تطرق اللقاء للخطوات العملية المتخذة من قبل المجلس الرئاسي حول ملف السجناء السياسيين.

استهداف السنوسي

العقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً. ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً».

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

وعلى مدار العام الماضي، أرجأت محكمة استئناف طرابلس محاكمة السنوسي ومنصور ضو، رئيس الحرس الخاص للقذافي، 13 مرة، إلى موعد آخر بسبب رفض ميليشيا «قوة الردع الخاصة»، التي تحتجز السنوسي في سجن معيتيقة بالعاصمة، مثوله أمام المحكمة.

وكانت وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حليمة عبد الرحمن، قد أمرت في نهاية عام 2022 بالإفراج الصحي عن منصور ضو، لكن لم يُسمح له بمغادرة سجنه.

وضو، المودع بسجن مصراتة العسكري غرب ليبيا، كان آمراً لحرس القذافي برتبة عميد، وظل إلى جواره حتى اعتقل معه في 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، لكنه نجا من القتل، ومنذ ذلك التاريخ وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بتهمة التنكيل بمتظاهري «ثورة 17 فبراير».

سيف الإسلام القذافي (أ.ب)

وكان الفريق الممثل لسيف الإسلام، نجل القذافي، انسحب من اجتماع «المصالحة الوطنية»، وأرجع ذلك لأسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق الذين لا يزالون بالسجن.