في ظل أوضاع أمنية واقتصادية وسياسية متردية، أطلقت السلطات في بوركينا فاسو دعوة إلى «اتحاد فيدرالي» مع جارتها مالي، وذلك في خضم سياق خروج القوات الفرنسية من البلدين.
واقترح رئيس وزراء بوركينا فاسو، أبولينير كيليم دي تامبيلا، خلال زيارة إلى مالي، قبل أيام، أن يقيم البلدان «اتحاداً فيدرالياً مرناً». وقال رئيس الوزراء وفق بيان نشره مكتبه: «يمكننا إنشاء اتحاد مرن يحترم تطلعات الجانبين».
وأضاف دي تامبيلا الذي يتولى رئاسة الوزراء في ظل سلطة انتقالية جاءت إلى الحكم عبر «انقلاب عسكري» قاده ضباط شباب نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أنه «يجب أن يتم إنشاء الاتحاد الجديد الآن، قبل أن تعود السلطة إلى المدنيين، لأنه عندما يعود السياسيون، فسيكون الأمر صعباً».
وكان رئيس الوزراء المالي شوغيل كوكالا مايغا، قد شجّع نظيره في بوركينا فاسو على أن تحذو بلاده حذو مالي، مشيراً إلى «المبادئ التي يتبناها المجلس العسكري المالي، وهي: الدفاع عن السيادة، وحرية اختيار الشركاء الأجانب، وإعلاء المصلحة الوطنية».
ودعا خبراء من الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، إلى إجراء تحقيق مستقل وعاجل في «انتهاكات لحقوق الإنسان، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية (محتملة) قد تكون ارتكبتها القوات الحكومية ومجموعة (فاغنر) الروسية المتعاونة مع السلطات في مالي منذ عام 2021».
وأعلن مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، عن «مخاطر تواجهها بعثة حفظ السلام في مالي، من بينها (تصاعد نفوذ قوات فاغنر الروسية)».
وبعد بضعة أشهر من مغادرة القوات الفرنسية لمالي، أكدت حكومة بوركينا فاسو، (الاثنين) الماضي أنها طلبت من فرنسا سحب قواتها في غضون شهر واحد، وفي أعقاب ذلك تظاهر الآلاف في واغادوغو تأييداً للمجلس العسكري الحاكم.
وتواجه بوركينا فاسو منذ عام 2015 هجمات إرهابية مرتبطة بتنظيمي «القاعدة»، و«داعش»، وأدت تلك الهجمات إلى «سقوط آلاف القتلى ونزوح نحو مليوني شخص».
والشهر الماضي، سحبت الحكومة الانتقالية في بوركينا فاسو، سفيرها الدائم لدى الأمم المتحدة، وسابقاً، طردت الحكومة المنسقة المقيمة لبرامج الأمم المتحدة في البلاد، باربارا مانزي.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى محمد ولد الداه، المحلل الموريتاني المختص في شؤون الساحل الأفريقي أن «الدعوة لاتحاد فيدرالي بين مالي وبوركينا فاسو، إعلان لأهداف سياسية، وفرضية دعائية غير قابلة للتحقق».
وشرح ولد الداه «الرسالة التي تحملها الدعوة للاتحاد، ومضمونها أن ثمة تحالفاً بين الدولتين في مواجهة فرنسا، وكذلك فهي رسالة للقوى الغربية عموما من صغار العسكريين الحالمين بتغيير أوضاع القارة».
ورأى ولد الداه أن «الحكومتين في الدولتين لا تستطيعان حتى الآن فرض السلطة على كامل الحدود الترابية في بلادهما، وهناك انفلات أمني وصراعات عرقية دامية، فضلا عن تردي الأوضاع الاقتصادية لأقصى مدى ممكن».
ويعتقد ولد الداه أن «أفضل ما يمكن أن تؤول إليه هذه الدعوة، هو تحالف عسكري شكلي، لكن عملياً لن تتحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية وسيزيد الأمر من حدة الاستقطاب بين المكونات العرقية المجتمعية في البلدين»، بحسب تقييمه.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى الصحافي والمحلل المالي حسين أغ عيسى، أن «رغبة بوركينا فاسو بالدخول في تحالف مع مالي، تعتبر رسالة إلى باريس مفادها أن مصير الوجود الفرنسي في بلادهم، سيكون هو نفسه الذي لاقوه في مالي، وأن الشراكة مع روسيا ستمضي قدماً».
ورأى أغ عيسى أن «مثل هذه المبادرات لن تأتي بثمار لأنها ليست الأولى، بل كان هناك مبادرات سبقتها ولم نر لها نتائج مرضية». مشيراً إلى «(تحالف ليبتاكو قورما) الذي كان يجمع مالي وبوركينا فاسو إضافة إلى النيجر (أنشئ عام 1970 وكان تحالفاً اقتصادياً)، وكذلك (تجمع دول الساحل الخمس) التي شكلت قوة عسكرية مشتركة، وباءت كل هذه المحاولات بالفشل ولم تُحدث أي تغيير لا في الجانب الاقتصادي ولا الأمني ولا السياسي»، وفق تقييم أغ عيسى.
ما مستقبل الدعوة إلى «الاتحاد الفيدرالي» بين مالي وبوركينا فاسو؟
وسط سياق خروج القوات الفرنسية من البلدين
ما مستقبل الدعوة إلى «الاتحاد الفيدرالي» بين مالي وبوركينا فاسو؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة