شاشة الناقد: نبي جبران بتوقيع عشرة مخرجين

The Prophet«النبي»
The Prophet«النبي»
TT

شاشة الناقد: نبي جبران بتوقيع عشرة مخرجين

The Prophet«النبي»
The Prophet«النبي»

Kahlil Girbran›s The Prophet
‫* التقييم: (***)
* إخراج: عدة مخرجين‬
* رسوم متحركة من أداء: سلمى حايك، ليام نيسون، كويفنزانه ووليس
* المحاولات السابقة التي جرت لتحقيق أفلام عن «النبي» كما كتبه الشاعر والرسام جبران خليل جبران، أو تلك التي حاولت تصوير أي من أعماله الأخرى أو حتى تلك التي حاولت نقل حياة جبران ذاتها على الشاشة، قليلة جدًّا وغير ناجحة. حتى محاولة الأديب اللبناني فاضل سعيد عقل والمخرج يوسف معلوف لتفليم رواية جبران «الأجنحة المتكسرة» أثمرت عن عمل ركيك التنفيذ، خشبي الأداء وخالٍ من عناصر النجاح المختلفة.
المنتجة والممثلة سلمَى حايك انتبهت إلى أن الطريقة المثلى قد لا تكون التصوير الحي، وأقدمت على توجيه دفّة اقتباس رواية «النبي» إلى نطاق سينما الرسوم المتحركة جامعة تحت مظلة شركة إنتاج تأسست للغاية (باسم The Prophet Screen Partners) لجمع التمويل اللازم من عدة مصادر أبرزها «مؤسسة الدوحة للفيلم» وتوزيع المهام على عشرة مخرجين من بينهم الإماراتي الشاب محمد سعيد، حارب ليحوّلوا فصول وأحداث «النبي» إلى حكاية فانتازية تجسّد ملكية المؤلف الشعرية والجمالية والروحانية في الوقت التي تسلّي فيه الصغار كما الكبار بمفاداتها تلك.
الهدفان مختلفان. نقل شعر جبران (بالصوت والصورة) يحمل جماليات رائعة وكلمات نافذة بمعانيها الشعرية تتنوّع على الشاشة في هذا الفيلم بأساليب عمل مختلفة يتحقق جيّدًا ولو إلى حد. لكن التسلية والترفيه أمر آخر لا ينجز على القدر ذاته من النجاح. بعض الحكايات تمر بإيقاع يقرّب المسافة بين المشاهد (بصرف النظر عن عمره) وبين الموقف والحركة على الشاشة. لكن في مشاهد أخرى يخفت الاهتمام بخفوت حدية النص أو بسبب اختلاف المدارس والأساليب الفنية المعمدة من قِبل كل مخرج على حدة.
الأسلوب الشامل المعتمد ينضوي على سرد حكاية مصطفى (صوت ليام نيسون) الأديب والشاعر السجين في زمن مضى فوق أرض ما (في بال جبران الفترة العثمانية وعلى الشاشة فترة زمنية مقاربة). تتسلل إلى حجرته فتاة صغيرة اسمها أميترا (ووليس) وتلحق بها والدتها التي تبحث عنها (حايك). هذا قبل قليل من صدور أمر الإفراج عن الشاعر مقابل ترحيله، فوق سفينة، من المكان وعدم عودته إليه. القصّة - المظلّة تسرد ما يحدث له في تلك الرحلة القصيرة من مواقف. كل موقف يستدعي قيام واحد من المخرجين بتقديم فصل من أشعار وكلمات جبران. خلال هذا الفصل، يختلف الأسلوب باختلاف الاختيار والمدرسة الفنية التي ينتمي إليها. بعضها أنجح تنفيذًا من بعضها الآخر، لكنها جميعًا تستند إلى حكم وأشعار جبران مسموعة بصوت ليام نيسون الرخيم والمناسب.
ما يحدث طوال الوقت حالة متعددة المستويات. من ناحية، هناك الرغبة في متابعة هذا الاقتباس لرواية بيع منها ملايين النسخ وكانت عصية على التحوّل إلى فيلم. من ناحية أخرى، هناك ذلك الاختيار بأن يتم الاقتباس كرتونيًا، مما يفتح مجالاً جديدًا للمقارنة والتقييم. في الوقت نفسه، هذا الفيلم يسرد حكاية ذات تركيبة بسيطة لعقول الكبار وكبيرة لعقول الصغار. في الجانب الأول، لا تصل الحبكة إلى مستوى المطروح من معانيها، وفي الجانب الثاني، فإن تلك المعاني المطروحة لا تصل جيدًا إلى المشاهدين دون الثالثة عشر من العمر. ولا يفيد تعدد أساليب الرسم. الحكاية تتم بأسلوب (عادي)، لكن الفصول المسرودة داخلها تحمل أساليب أفضل وأثرى لكنها لا تستمر على الشاشة طويلاً.

(*) ‫لا يستحق
(**) وسط
(***) جيد
(****) ممتاز
(*****) تحفة‬



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.