أسبوع «الفائدة» الأول في 2023

اجتماع {الفيدرالي} الأميركي و«المركزية » الخليجية الأربعاء... وإنجلترا ومصر الخميس

رئيس {الاحتياطي الفيدرالي} جيروم باول يعلن سعر الفائدة في آخر اجتماع على شاشات داخل قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)
رئيس {الاحتياطي الفيدرالي} جيروم باول يعلن سعر الفائدة في آخر اجتماع على شاشات داخل قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)
TT

أسبوع «الفائدة» الأول في 2023

رئيس {الاحتياطي الفيدرالي} جيروم باول يعلن سعر الفائدة في آخر اجتماع على شاشات داخل قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)
رئيس {الاحتياطي الفيدرالي} جيروم باول يعلن سعر الفائدة في آخر اجتماع على شاشات داخل قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

يترقب المستثمرون والمتعاملون في الأسواق أول اجتماعات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في 2023، والتي سيتحدد على أساسها وجهة الدولار «القوي» على مدار العام، وما إذا كان سيزداد قوة أمام باقي العملات أم ستخف وتيرة صعوده، حتى تأخذ الأسواق الناشئة أنفاسها التي حبستها على مدار 2022.
سيتبع اجتماع الفيدرالي الأميركي يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، اجتماعات البنوك المركزية الخليجية، التي ترتبط عملاتها بالدولار، على أن يعقد بنك إنجلترا والبنك المركزي المصري اجتماعاتهما يوم الخميس، لتحديد أسعار الفائدة، وسط ضبابية كثيفة تحجب الرؤية الاقتصادية المستقبلية.

- {الفيدرالي} الأميركي
بالنظر إلى البيانات الاقتصادية الأميركية، التي أظهرت ضعف النشاط الاقتصادي نسبياً رغم قوة بيانات سوق العمل والإسكان، والتي جاءت بياناتهما أفضل من المتوقع، غير أن الدولار تمسك بمكاسبه المتواضعة يوم الجمعة، بعدما أظهرت بيانات تراجع إنفاق المستهلكين الأميركيين وانحسار التضخم.
وتراجع مؤشر أسعار المستهلك ليسجل في العام الماضي بأسره حتى ديسمبر (كانون الأول) 5.‏6 في المائة مقابل 9 في المائة عندما بلغ ذروته في يونيو (حزيران) الماضي.
وإذا نظرنا إلى المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم، وهو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، فسوف نجده ارتفع بنسبة 0.1 في المائة الشهر الماضي بعد زيادة مماثلة في نوفمبر (تشرين الثاني).
ووفق وزارة التجارة الأميركية يوم الجمعة، فإن إنفاق المستهلكين الأميركيين، الذي يشكل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي، تراجع 0.2 في المائة الشهر الماضي. وتم تعديل بيانات نوفمبر لتظهر انخفاض إنفاق المستهلكين 0.1 في المائة بدلا من ارتفاعه بنفس النسبة قبل التعديل.
هذه المعطيات تفيد بأن الطريق ممهدة الآن لصناع السياسة النقدية الأميركية لكبح جماح ارتفاع أسعار الفائدة، ومع انخفاض مقدار الرفع المتوقع لأسعار الفائدة الأميركية بشكل طفيف، (0.25 – 0.50 في المائة)، ربحت سندات الخزانة الأميركية.
يدعم هذا الاتجاه المخاوف من الدخول في ركود اقتصادي، بالإضافة إلى أن الاقتصاد الأميركي سجل نموا في العام الماضي، بنسبة 2.1 في المائة، والذي يظهر وتيرة أبطأ من العام السابق عليه.
وعلى صعيد منطقة اليورو، قضت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، على آمال الأسواق بتيسير السياسات النقدية بتصريحات واضحة بأهمية الاستمرار في رفع أسعار الفائدة للقضاء على التضخم المرتفع. وفي اليابان، أبقى بنك اليابان على أسعار الفائدة واستهدافه لسياسة التحكم في منحنى العائد (YCC) دون تغيير.
وعلى صعيد البنوك المركزية الخليجية، يتوقع أن تجتمع يوم الأربعاء للنظر في معدلات الفائدة، بعد صدور قرار الفيدرالي الأميركي بشأن الفائدة، وذلك لارتباط عملات دول الخليج، السعودية والإمارات والبحرين وقطر، بالدولار.

- بنك إنجلترا
من المحتمل أن تدفع مستويات التضخم المرتفعة بنك إنجلترا نحو مزيد من التشديد النقدي (رفع الفائدة) يوم الخميس المقبل، مما يفاقم الضغوط على المقترضين المتضررين بالفعل.
تعتقد الأسواق أن لجنة السياسة النقدية سترفع معدل الفائدة إلى 4 في المائة، مقارنة بـ5.‏3 في المائة حاليا. ويعتقد خبراء أنه سيتم رفع الفائدة بعد ذلك إلى 5.‏4 في المائة و25.‏4 في المائة قبل أن يتم خفضها.
ويشار إلى أن البنك يقوم برفع الفائدة منذ أكثر من عام. ففي ديسمبر الماضي كان معدل الفائدة قد سجل 1.‏0 في المائة، حيث حاول صانعو السياسات تشجيع إنفاق المستهلكين عقب أن أدى فيروس «كورونا» لتباطؤ الاقتصاد.
ولكن جهود السيطرة على التضخم، وإعادته إلى الهدف الموضوع وهو 2 في المائة أدى لتبني البنك سياسة التشديد النقدي منذ ذلك الحين. مع ذلك، انخفض مؤشر أسعار المستهلكين إلى 5.‏10 في المائة في ديسمبر الماضي، مقارنة بـ7.‏10 في المائة في نوفمبر الماضي، و1.‏11 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما يشير إلى إمكانية أن يكون المؤشر قد تخطى الذروة.

- مصر بين الرفع والإبقاء
يجتمع البنك المركزي المصري يوم الخميس المقبل للنظر في أسعار الفائدة المرتفعة أساسا، لكن معدل التضخم الحالي، يضع واضعي السياسات النقدية في مصر في وضع صعب، بين استمرار زيادة أسعار الفائدة، وهو ما يهدد مناخ الاستثمار المتأثر بالفعل، والإبقاء على المعدلات الحالية عند مستوياتها المرتفعة، على أمل سحب أكبر قدر من السيولة من السوق من خلال الشهادات الادخارية ذات الفائدة العالية من أكبر بنكين تابعين للدولة، لتهدئة وتيرة التضخم.
كانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، قد قررت في اجتماع خاص انعقد 22 ديسمبر الماضي، رفع سعر الفائدة على الودائع والإقراض لليلة واحدة بواقع 300 نقطة أساس إلى 16.25 في المائة، و17.25 في المائة بالترتيب.
أدى هذا القرار إلى تسريع وتيرة سياسة التشديد النقدي بمقدار 500 نقطة أساس في الربع الرابع من عام 2022؛ حيث رفع المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس خلال عام 2022. وفي الوقت نفسه، ارتفع التضخم إلى 21.3 في المائة في ديسمبر الماضي، بمتوسط 13.8 في المائة خلال العام الماضي بأكمله.
وبمقارنة تحركات المركزي المصري أمام تحركات الفيدرالي الأميركي خلال العام الماضي، نجد الأخير رفع أسعار الفائدة بمقدار 425 نقطة أساس أمام متوسط معدل تضخم بلغ 6.5 في المائة خلال عام 2022.
أمام هذا، توقعت إدارة البحوث بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، أن تُبقي لجنة السياسات النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع الخميس.
وقالت هبة منير محللة قطاع البنوك والاقتصاد الكلي بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار: «نتوقع أن تُبقي لجنة السياسات النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير للسماح للسوق باستيعاب رفع سعر الفائدة بـ300 نقطة أساس في اجتماع 2 فبراير (شباط) المقبل».
أشارت هبة إلى إعلان البنك المركزي أن الاستثمارات الأجنبية في السوق المصرية تجاوزت 925 مليون دولار في الأسبوع الذي أعقب التحرك في سعر الجنيه المصري مقابل الدولار في 11 يناير (كانون الثاني)، موضحة أن «التدفقات المستفيدة من فرق الأسعار أصبحت أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب».
وتوقعت تسارع التضخم ليصل إلى 23.5 في المائة في يوليو (تموز) المقبل، قبل أن يتراجع إلى 18.2 في المائة في ديسمبر، بمتوسط 21.5 في المائة خلال عام 2023، كما توقعت أن يبلغ «متوسط عائد أذون الخزانة لآجل عام نحو 20.6 في المائة في 2023 (باحتساب معدل ضرائب قدره 15 في المائة للمستثمرين الأميركيين والأوروبيين)، مع الأخذ في الاعتبار توقعات برفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس خلال بقية العام، مع الأخذ في الاعتبار التقلبات في مبادلة مخاطر الائتمان في مصر لعام واحد، والتي سجلت حالياً 504.7، انخفاضاً من ذروتها عند 1774 في 27 يوليو 2022، لكنها لا تزال مرتفعة مقارنة بمستوياتها القياسية المنخفضة التي بلغت 181 في 17 سبتمبر (أيلول) 2021».
انخفضت قيمة الجنيه بنسبة 17 في المائة خلال الشهر الماضي، مسجلة 29.9 جنيه للدولار، نتيجة الضغوط المتراكمة على ميزان المدفوعات، والتزامات الدين الخارجي المرتفعة، رغم وجود تحسن طفيف في صافي الاحتياطي الأجنبي، وتقلص صافي مركز التزامات القطاع المصرفي من العملة الأجنبية، باستثناء البنك المركزي، بنسبة 16.7 في المائة على أساس شهري إلى 13.7 مليار دولار في نوفمبر 2022 لأول مرة منذ يوليو 2022، بينما اتسع بنسبة 93 في المائة على أساس سنوي؛ وفق هبة منير.
كذلك أوضحت أن أذون الخزانة آجل الـ12 شهراً قدمت في الطرح الأخير عائداً قدره 18.57 في المائة، والذي يترجم إلى عائد حقيقي بنسبة 0.57 في المائة بالموجب وذلك باحتساب معدل ضرائب بنسبة 15 في المائة للمستثمرين الأميركيين والأوروبيين، وبناء على توقع للتضخم بنسبة 18.0 في المائة في يناير 2024، مما يعزز توقعات «بالحاجة إلى زيادة أسعار الفائدة حتى نهاية العام».


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: سياسات بايدن تجذب استثمارات اقتصادية أميركية بقيمة تريليون دولار

الاقتصاد الرئيس الأميركي جو بايدن يوقع على قانون الاستثمار في البنية التحتية بالبيت الأبيض 15 نوفمبر 2021 (رويترز)

البيت الأبيض: سياسات بايدن تجذب استثمارات اقتصادية أميركية بقيمة تريليون دولار

أعلنت الإدارة الأميركية يوم الاثنين أن الشركات تعهدت باستثمار أكثر من تريليون دولار في قطاعات صناعية أميركية، مثل أشباه الموصلات والطاقة النظيفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

ترشيح بيسنت يدفع عقود «داو جونز» الآجلة لأعلى مستوياتها على الإطلاق

سجلت عقود «داو جونز» الآجلة أعلى مستوى لها على الإطلاق يوم الاثنين، محققة مكاسب ملحوظة بين عقود مؤشرات الأسهم الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

TT

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس)
ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس)

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025، التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بنفقات 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي، وانعكاساً على تغير ديناميكية وهيكلة الاقتصاد في المملكة، حيث تواصل البلاد المضي نحو رحلة «رؤية 2030»، وذلك من خلال تحقيق المستهدفات والمحافظة على المكتسبات.

وتتوقع السعودية إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، وبعجز 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) بانخفاض قدره 12 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن «المواطن السعودي هو المحرك الرئيس للتنمية وأداتها الفعالة، وشباب وشابات هذه البلاد هم عماد الإنجاز والمستقبل»، وذلك وفقاً لما جاء في مستهل البيان الختامي لميزانية عام 2025.

رحلة «رؤية 2030»

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وقال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة، ويُوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدّد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدين متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدين وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

ونوّه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

دعم النمو

وأوضح ولي العهد أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي، بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء (واس)

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل «رؤية 2030»؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام المقبل عند 4.6 في المائة، مدفوعةً باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية التي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال عام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني، وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

المملكة تسير على نهجٍ واضح

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة، بما يحقق مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها - بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله - عز وجل - ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

زيادة الإنفاق التحولي

وبحسب بيان الميزانية، تسعى الحكومة السعودية إلى مواصلة دعم النمو الاقتصادي وتعزيز مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين من خلال زيادة الإنفاق التحولي، مع الحفاظ على الاستدامة المالية.

وتشير التوقعات إلى استمرار الاقتصاد السعودي في تسجيل معدلات نمو إيجابية خلال عام 2024، وعلى المدى المتوسط، بفضل الإصلاحات الهيكلية المرتبطة بـ«رؤية السعودية 2030». هذه الإصلاحات أسهمت في تنويع القاعدة الاقتصادية، واستغلال فرص النمو المحتمل، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص ودعم نمو القطاعات الواعدة.

وبحسب ما ورد في البيان، فإنه على الرغم من التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي بسبب التشديد النقدي لكبح التضخم والتقلبات الجيوسياسية، أظهرت توقعات المنظمات الدولية تفاؤلاً بأداء الاقتصاد السعودي، حيث من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 0.8 في المائة في عام 2024، مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.7 في المائة، ما يعزز هذا الأداء المؤشرات الإيجابية للنصف الأول من العام الحالي، خاصة تلك المرتبطة بالاستهلاك والاستثمار الخاص.

كما انعكس النمو غير النفطي بشكل واضح في سوق العمل، حيث ارتفع عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص بنسبة 4.1 في المائة بنهاية الربع الثاني من عام 2024، بإضافة نحو 92 ألف وظيفة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. هذا الأداء يعكس التزام المملكة بتنفيذ استراتيجياتها لتحقيق نمو مستدام على المدى المتوسط.

التوسع في الإنفاق الاستثماري

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية عام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية، وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج «رؤية المملكة 2030»، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدّد في مؤتمر صحافي، عقب إقرار ميزانية عام 2025، على أن الحكومة استمرت في الإنفاق التوسعي لما يحمل من أثر إيجابي للمواطن.

ولفت إلى أن اقتصاد المملكة وصل لمرحلة لا تؤثر فيه التقلبات التي تحدث في أسواق النفط كما كانت في السابق.

وزير المالية في مؤتمر صحافي عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية 2025 (الشرق الأوسط)

وقال إن 3.7 في المائة هو النمو المتوقع بالاقتصاد غير النفطي بنهاية 2024، موضحاً أن الأنشطة غير النفطية ساهمت في الناتج المحلي بنسبة 52 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وكاشفاً نمو الإيرادات غير النفطية بنسبة 154 في المائة منذ إطلاق «رؤية المملكة 2030».

وقال إن مساهمة النفط في الناتج المحلي اليوم هو 28 في المائة. وأضاف أن الناتج المحلي الاسمي وصل إلى 4.1 تريليون ريال.

وأفصح عن ارتفاع مساهمة الاستثمار الخاص في الناتج المحلي من 16 في المائة في عام 2016 إلى 24.7 في المائة حالياً، وأن قطاع الصناعة يستهدف جذب 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) استثمارات في عام 2025، وتقديم تسهيلات ائتمانية للمصدرين السعوديين بقيمة 12.3 مليار ريال (3.2 مليار دولار) في العام المقبل، مؤكداً أن السياحة تعدّ ثاني أكثر العوامل تأثيراً على ميزان المدفوعات بعد ‫النفط.

وشدّد على أن المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل. وقال: «هناك قفزة بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل الإنفاق الحكومي... نواصل الالتزام بالتحفظ عند إعداد الميزانية. وأرقام الإيرادات دليل على ذلك».

ولفت إلى أن تغيرات هيكلية في اقتصاد المملكة بدأت تظهر نتائجها، كاشفاً أن 33 في المائة هي نسبة ارتفاع في الإنفاق على الاستراتيجيات وبرامج تحقيق «رؤية 2030».