المحتوى الصحي على «يوتيوب»... بين المصداقية وجذب المؤثرين

المحتوى الصحي على «يوتيوب»... بين المصداقية وجذب المؤثرين
TT

المحتوى الصحي على «يوتيوب»... بين المصداقية وجذب المؤثرين

المحتوى الصحي على «يوتيوب»... بين المصداقية وجذب المؤثرين

بين المصداقية ومحاولات جذب المؤثرين يكتسب المحتوى الصحي على «يوتيوب» أهمية واسعة لدى مسؤولي المنصة، وهذا بعدما كشفت «يوتيوب» أن المحتوى الصحي كان الأعلى متابعة خلال العامين الماضيين، لا سيما عام 2021 أي في أعقاب جائحة (كوفيد - 19). وحسب تقديرات المنصة فإن مقاطع الفيديو الطبية حظيت بنحو 2 مليار مشاهدة خلال سنة واحدة، الأمر الذي دفع «يوتيوب» إلى عقد شراكات من شأنها تعزيز المحتوى الصحي وتدقيق المعلومات الطبية المتداولة.
تجربة «يوتيوب» أشارت إلى ميل المستخدمين للحصول على المعلومات الطبية من شبكة الإنترنت أكثر من المسلك المعتاد والذهاب إلى الأطباء، وهو ما يثير مخاوف بشأن الدقة وارتفاع خطورة الأباطيل والمعلومات الزائفة، غير أن خبراء يرون في هذا الاتجاه واقعاً فرضته مجريات العامين الماضيين، متوقعين زيادة اتجاه سوق صناعة المحتوى إلى الجوانب المعرفية ومنها الصحة.
في أي حال، تعزيز المحتوى الصحي قاد «يوتيوب» إلى عقد شراكات تضمن المراجعة الدقيقة للمعلومات، منها التعاون مع «خدمة الصحة الوطنية» ببريطانيا، كذلك دعت المنصة عدداً من المؤثرين وصناع المحتوى منتصف يناير (كانون الثاني) الجاري، إلى مؤتمر جمعهم بالجهات الصحية الرسمية وشركة «غوغل» بهدف «تعميق التعاون وضمان تحري الدقة فيما يخص المحتوى المتعلق بالصحة». وخرج المؤتمر ببعض التوصيات من أهمها تأكيد تعميق دور صناع المحتوى في الجوانب المعرفية. ووفق الدكتور فيشال فيراني، المسؤول عن «يوتيوب هيلث» فإنه «في عام الجائحة وحده، جرى تحميل 180 ألف مقطع فيديو متعلق بالصحة على المنصة، وشوهدت هذه المقاطع أكثر من ملياري مرة». وأضاف في حديث مع مجلة «فوربس» قائلاً: «أصبحنا في عالم يتوق إلى الوصول الفوري إلى المعلومات عند الطلب، وثمة حقيقة أن الإنترنت باتت تسد الفجوات التي خلفها النقص في القطاعات الأكثر أهمية مثل الصحة والتعليم، ولذا نترقب دوراً ربما يصنعه المؤثرون تحت ضوابط صارمة».
تعليقاً على هذا الواقع، قال محمد إزدوتن، رئيس تحرير بقسم الديجيتال في «الشرق للأخبار» في لقاء مع «الشرق الأوسط»، موضحاً «المحتوى الصحي له معايير خاصة للغاية، ولا يمكن لأي مؤثر أن يصنع محتوى يتعلق بالصحة إلا المتخصصين من الأطباء ومقدمي الخدمات الطبية والدارسين». وأردف: «يمكن لهؤلاء القادرين على الحصول على معلومات من جهات طبية رسمية ودولية، أن يسهموا في هذا المجال مرتكزين على معلومة مضمونة المصدر، وهؤلاء هم الصحافيون، لأن المعلومة الصحية ليست فقط معلومة طبية خالصة، لكنها قد تكون أيضاً معلومات مثلاً عن الوضع الوبائي في منطقة أو في العالم، أو عن السياسات المحلية والدولية في قطاع الصحة».
وفق إزدوتن تظل المُعضلة الأهم في تقديم المحتوى الطبي «آلية التدقيق»، إذ يرى أن «يوتيوب من أكثر المنصات نجاحاً في تحقيق ذلك... إذ إنها اتبعت أساليب متعددة لإحكام السيطرة ومراقبة المحتوى الصحي لضمان الدقة وتجنب نشر المعلومات المضللة. وهذا يجري من خلال مراجعات آلية وأخرى بشرية على المنصة، لضمان أن المعلومات دقيقة وموثوق بها». ويرجع إزدوتن اهتمام المستخدمين بالمحتوى الصحي إلى «ما أفرزته الأزمة خلال جائحة (كوفيد - 19) التي كانت فرصة هامة لصناع الإعلام لإعادة جذب الجمهور». ويتابع من ثم «لا بد للإعلام أن يؤدي دوره في توفير المعلومة الدقيقة للجمهور، وألا يتركه عرضة للمعلومات الطبية المضللة الرائجة على الإنترنت».
بالمناسبة، حسب بيانات «يوتيوب» فإن 92 بالمائة من مستخدمي المنصة هم من البالغين، ويمضي المستخدمون من الشريحة العمرية 18 إلى 34 سنة نحو 70 دقيقة يومياً في مشاهدة محتوى يوتيوب، ويحتل المحتوى الصحي مركزاً مُتقدماً بين اهتمامات الجمهور... وهذا ما دفع المنصة إلى تعزيز المحتوى الصحي بدلاً من منعه، مع تفعيل مزيد من الضوابط لضمان الدقة والأمان.
من جهته، يرى محمد فتحي، الصحافي المتخصص في الصحافة الرقمية بمصر، أن «وسائل التواصل الاجتماعي باتت أداة أصيلة في نطاق الحصول على المعلومة الطبية... وهذا لا يقتصر على صناع المحتوى، بل حتى الجهات الصحية الرسمية باتت تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي طريقاً للوصول إلى قاعدة جماهيرية عريضة، وهو ما عزز لدى المُستخدم ثقافة الحصول على المعلومات المُتعلقة بالصحة من خلال عملية بحث فورية على حسابات السوشيال ميديا». ويضيف فتحي لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه أن «ثمة تحدياً آخر أفرزته التطورات... ففي الدول النامية ومتوسطة الدخل ربما يلجأ الجمهور إلى الإنترنت للحصول على معلومة طبية بسبب ضيق ذات اليد، وهنا تكمن المشكلة، لأن الجمهور لا يتحرى الدقة فيما يتابعه. ومن ثم يوضح: «في وقت تأجج الجائحة وضعت وسائل التواصل الاجتماعي قيوداً صارمة وجادة على أي منشور يتعلق بها، بل ووضعت منصة فيسبوك تنويهاً على أي منشور حول الجائحة يوجّه المستخدم إلى الحصول على المعلومات من مركز المعلومات الموثوق به». وهو يؤكد أن «اتخاذ وسائل التواصل الأمر على هذا النحو الجاد أفرز عدداً من المؤثرين المتخصصين، في الوقت الذي تراجع فيه المؤثرون غير المؤهلين لتداول المعلومات الصحية بسبب ملاحقة المنشورات».
في هذا السياق، يرى خبراء أن وسائل التواصل نجحت عموماً في التصدي بشكل واضح لأي معلومة خاطئة تخص الجائحة. واستناداً لاستطلاع رأي أجرته شركة أبحاث السوق «سورتليست»، ومقرها بلجيكا، فإن «المستخدمين يثقون بالمؤثرين وصناع المحتوى الصحي، أكثر من خبراء الصحة بنسبة قدّرها الاستطلاع بنحو 1 إلى 5». كذلك أشارت نتائج الاستطلاع التي نُشرت على الموقع الرسمي للشركة أغسطس (آب) الماضي، إلى أن «غوغل هو مصدر رئيس للمعلومات الطبية، كما أن العينة التي شملها الاستطلاع وضعت وسائل التواصل الاجتماعي في المرتبة الأولى للمعلومات الصحية والممارسة العملية بنسبة 47.6 في المائة، يليها المتخصصون ووسائل الإعلام عبر الإنترنت». أيضاً وضع الاستطلاع المحتوى المرئي في مقدمة متطلبات الجمهور في ما يخص المحتوى الصحي، وتصدّرت «إنستغرام» و«يوتيوب» قائمة المصادر الموثوق بها لدى المستخدمين، بينما شدد الخبراء القائمون على الاستطلاع على أهمية «الصدقية» الواجب أن يتمتع بها صانع المحتوى، ووضعوها شرطاً للاستمرارية.
هنا أثير تساؤل حول ما إذا كان صعود المحتوى المعرفي - سواء الصحي أم التعليمي - يعني تراجع أهمية الترفيه؟
محمد إزدوتن يقول إن «لدى الجمهور عدة اهتمامات، وعلى صناع المحتوى أن يوازنوا بينها... ثم إن الجودة والمصداقية هما معيار الاستمرار، ولكل محتوى دور وجمهور، وهذا يفرض مسؤولية أكبر على صناع المحتوى لتقديم مادة دقيقة ومفيدة، وتتماشى مع متطلبات منصات التواصل الاجتماعي شكلاً ومحتوى». أما محمد فتحي فشدد على «أهمية المزج بين الجاد والجذاب»، مضيفاً: «إذا اتخذنا المحتوى الصحي كركيزة، فإن ما يحتاجه الجمهور يتطلب عدة مهارات تمزج بين المعلومة الصحيحة والمشاهدة الممتعة... ومن ثم ليس كل من لديه معلومات أكاديمية يستطيع أن يصبح صانع محتوى، والعكس صحيح، نحن أمام تجارب أكثر تفاعلية وتأثيراً».


مقالات ذات صلة

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)

«إحدى الوظائف الرئيسية لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل في القدرة على توحيد الناس وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات» اختتم المنتدى الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» أخيراً أعماله في موسكو، مطلِقاً آليات لتعزيز التواصل مع المؤسسات الثقافية والإبداعية في عشرات البلدان، بهدف تحويل المنتدى -كما قال منظموه- إلى «منصة فريدة لتبادل الخبرات وتطوير أساليب الابتكار والإبداع في عالم متعدد لا تهيمن عليه الثقافة الغربية وحدها بأساليبها القديمة».

جمع المنتدى، عبر النقاشات التي دارت خلال ورشات العمل «قادة الصناعات الإبداعية من روسيا ودول أخرى، لمناقشة آفاق تطوير الصناعة والمخاطر والفرص التي أحدثها التقدم السريع للتكنولوجيا الجديدة في حياة الناس وإبداعهم».

عاصمة عالمية للإعلام والثقافة

ووفقاً لحكومة العاصمة الروسية موسكو، التي رعت تنظيم المنتدى، فإن من بين أهداف إطلاقه «تحويله إلى فعالية تُنظّم بشكل دوري وتكريس رؤية جديدة للتعاون الثقافي والإعلامي والإبداعي تقودها موسكو». ومن جهتها، رأت رئاسة المنتدى أن موسكو «عزّزت عبره مكانتها بين عواصم الثقافة في العالم، وباتت تجذب انتباه الخبراء في الصناعات الإبداعية والمتخصصين المشهورين من مختلف أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وفرنسا إلى الهند والصين». وبهذا المعنى فإن روسيا «ما زالت تحتفظ بهويتها الثقافية، على الرغم من العقوبات والتحديات المعاصرة، بل تمضي قدماً أيضاً نحو تطوير أشكال جديدة من التفاعل في مجالات السينما ووسائل الإعلام الجديدة وغيرها من الصناعات الإبداعية».

وحقاً، جمع منتدى «الثقافة والإعلام والرقمنة» في دورته الأولى متخصصين في مجالات السينما، والألعاب، والإعلام، والتكنولوجيا، والصناعات الإبداعية؛ للبحث عن توازن جديد بين الأهداف التجارية والمصالح العامة، وإمكانيات الآلات وقدرات البشر.

ولمدة يومين، تواصل المشاركون من مختلف دول العالم في ورشات عمل لبحث المواضيع الرئيسة المطروحة التي توزّعت على عدة محاور؛ بينها: اقتصاد وسائل الإعلام الجديدة، والتأثير المتبادل بين وسائل الإعلام الجديدة والسينما، والاتصالات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تطوير ألعاب الفيديو، والمساحات الافتراضية، والرياضات الإلكترونية.

تقارب وأرضية مشتركة

رؤية المنتدى تقوم، بالدرجة الأولى، على محاولة تعزيز التقارب والتنسيق من أجل «إيجاد أرضية مشتركة وتطوير أساليب جديدة وفريدة للإبداع بين روسيا ودول مجموعة (بريكس+)» والدول العربية، لا سيما في مجال منصات الثقافات وتشابكها. وبذا لا يُخفي المنظمون الهدف الأساسي المتمثل في محاولة «كسر» الحصار الغربي، والعمل على تشكيل منصة فريدة تُسهم في تطوير حوار دولي بين روسيا وشركائها في الدول العربية والبلدان الأخرى التي تعمل مثل روسيا لإيجاد روابط جديدة للتعاون في ظل التغيّرات السريعة على بيئة المعلومات العالمية.

لذا، رأى المنتدى في جلسات الحوار أن إحدى الوظائف الرئيسة لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل «في القدرة على توحيد الناس، وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات واللغات المختلفة عبر استخدام الشبكات الاجتماعية، والمدوّنات، ومحتوى الفيديو». وعدّ أن تأثير مساحة الإعلام الجديدة يتمثّل أيضاً في إمكانية إنشاء مبادرات مشتركة - مشاريع مشتركة، وأحداث ثقافية، وبرامج تعليمية تهدف إلى تعزيز الروابط وتوسيع آفاق التعاون المتبادل.

برنامج اليوم الأول تضمّن جلسة رئيسة بعنوان «مستقبل التواصل والتواصل من أجل المستقبل»، شاركت فيها نخبة من كبار المخرجين العالميين؛ مثل: أمير كوستوريكا، وأوليفر ستون، استعرضوا خلالها دور السينما في تجاوز الحواجز الثقافية وتعزيز التفاهم بين الشعوب. وفي كلمته، شدّد كوستوريكا على أن «السينما لا تُقاس بقيمتها المالية بقدر ما تحمله من مضامين وأفكار عميقة»، مشيراً إلى تأثير أفلام المخرج أندريه تاركوفسكي التي على الرغم من محدودية مشاهدتها عند إصدارها، اكتسبت قاعدة جماهيرية واسعة على مر الزمن، بفضل طرحها أسئلة جوهرية عن الحياة.

أما ستون فأكد أن «السينما اليوم في مرحلة تطور مستمر، تتضمّن رؤى فنية جديدة وإمكانيات إبداعية متاحة حتى في المدن الصغيرة»، داعياً إلى احتضان هذا التغيير وتقدير الماضي في الوقت ذاته.

الحضور العربي

وفي الجلسات عن العالم العربي، شارك لوبو سيوس مقدم البرامج الحوارية في دبي، وعلي الزكري رئيس قسم التحرير الرقمي في صحيفة «البيان» في دبيّ، وعلا الشافعي رئيسة تحرير صحيفة «اليوم السابع» المصرية، والصحافي اللبناني نبيل الجبيلي. وأكد المنتدى تعزيز الروابط بين الشعوب، كونها تُسهم في خلق أرضية مشتركة وتقديم طرق مبتكرة للإبداع. ورأى المشاركون أن العلاقات بين روسيا ودول «بريكس» لا سيما الدول العربية تستند إلى التفاعل الثقافي وتشابك الثقافات؛ مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والإبداع المشترك.

وعن دور السينما، بين وسائل هذا التعاون، فإنها عُدّت جسراً فعّالاً يربط بين العالمين الروسي والعربي. إذ إن الأفلام لا تكتفي بعرض جوانب من حياة شعوب معينة، بل تساعد أيضاً على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية؛ مما يخلق قصصاً عالمية قادرة على التأثير في قلوب المشاهدين في كل مكان.

ومن ثم، تناول المنتدى دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة واعدة في عملية التأليف والإنتاج السينمائي، بجانب بحث الفرص التي توفرها المنصات الرقمية لتمكين المواهب الشابة.

جانب من الحضور يسجلون اللحظة بهواتفهم الجوّالة (الشرق الأوسط)

منصة مهمة لتبادل الخبرات

مع مشاركة أكثر من 70 متحدثاً من 10 دول، شكّل المنتدى منصة مهمة لتبادل الخبرات وتعزيز التواصل الثقافي بين روسيا والعالم، بما يُسهم في دفع عجلة الابتكار والتنوع في قطاعي الإعلام والسينما العالميين. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال جورجي بروكوبوف، رئيس شركة موسكينو - مركز موسكو السينمائي، إن المنتدى -الأول من نوعه- يُنظّم «في لحظة محورية؛ إذ تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية على إعادة تشكيل الصناعات الإبداعية بشكل أساسي». وأردف أن «الملعب العالمي بات أكثر توازناً... وظهرت مناطق جديدة، أو عزّزت مناطق، كانت موجودة أصلاً في هذه الصناعة، مكانتها لتتحول إلى مراكز لإنتاج الأفلام والتلفزيون».

وأوضح بروكوبوف أن موسكو استثمرت، بمبادرة من رئيس بلديتها سيرغي سوبيانين، بكثافة في «بناء مجموعات إبداعية عالمية المستوى» في المدينة وإنشاء شبكات تعاون مع مراكز إبداعية مماثلة في جميع أنحاء العالم. ولقد انصب أحد البرامج الأساسية على تطوير صناعة السينما. وتابع أن «مجموعة صناعة الأفلام الروسية وصلت إلى حجم مماثل (من حيث مرافق الإنتاج ومعداتها المتطورة) لتلك الموجودة في كاليفورنيا أو مومباي (...) تتغيّر صناعة الأفلام العالمية بسرعة، ولم يعد الأمر يقتصر على (هوليوود)، النموذج القديم؛ حيث تُملى ثقافة واحدة، والأذواق العالمية تتلاشى». ثم كشف عن أن عدد الأفلام الروائية المنتجة في دول «بريكس» تضاعف أكثر من ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين، في حين ظل عدد الإنتاجات في الغرب ثابتاً إلى حد كبير.

داخل القاعة (الشرق الأوسط)

التطور في «بريكس» ودول الخليج العربي

ومن ثم، أفاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسمح بتكييف المحتوى المتنوع مع السياقات المحلية بسلاسة. وبالنسبة إلى دول مجموعة «بريكس» فإنها، مثل روسيا، «تتطلّع إلى تعزيز التعاون مع القطاع الإبداعي المزدهر في الخليج العربي، بما يمثّل فرصة مثيرة لاستكشاف أسواق جديدة».

وزاد المسؤول أن الأوساط الروسية «تتابع باهتمام كبير ما يحدث في المملكة العربية السعودية. إن تفاني الحكومة في رعاية المواهب وجعل المملكة واحدة من المراكز الإبداعية الرائدة في العالم أمر رائع حقاً. ومن الملهم أن نرى كيف تتحوّل المملكة بسرعة إلى قوة إبداعية عالمية مع الحفاظ على تراثها الثقافي الغني».