«الإلهام» لهيبت بواب «عجقة» ناس تحررت من الجائحة

لوحة «اللبناني» بألوان العلم اللبناني (خاص الفنانة)
لوحة «اللبناني» بألوان العلم اللبناني (خاص الفنانة)
TT

«الإلهام» لهيبت بواب «عجقة» ناس تحررت من الجائحة

لوحة «اللبناني» بألوان العلم اللبناني (خاص الفنانة)
لوحة «اللبناني» بألوان العلم اللبناني (خاص الفنانة)

تعبر الفنانة التشكيلية هيبت بلعة بواب عن عشقها لفن الـ«كولاج» من خلال مجموعة لوحات تعرضها في غاليري «أرت أون 56» بعنوان «الإلهام».
فتطالعك بمشهدية فنية تتلألأ فيها حركة الحياة الغنية بألوان دافئة وأخرى باردة.
عجقة ناس من مختلف الأعمار تصورهم هيبت على خلفيات مختلفة استلهمتها من قصص الحياة ما قبل الجائحة وبعدها. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «الإنسان بالنسبة لي هو الحياة وهو الكائن الأهم على الأرض. وعندما أرى الطلاب من حولي في الجامعة حيث أدرس، والمارة في الأسواق وزبائن السوبر ماركت وحتى كمية الناس المهاجرة، يتملكني تلقائياً الشعور بإبرازهم ضمن لوحاتي».
ما يجمع هؤلاء الأشخاص هو اتحادهم جماعات جماعات لملاقاة النور بعد فترة العتمة التي عاشوها. نور الشمس أو الحياة وحتى في التواصل مع الآخر. مشاهد ترجمتها الفنانة ضمن لوحات مصنوعة بتأنٍ تندرج في خانة الفن التلصيقي (كولاج). من بعيد قد يخيل لناظرها بأنها لوحات زيتية أو أكليريك. ولكن عندما يشاهدها عن قرب يكتشف أسرار جمال فن يتطلب الإبداع والإتقان.
وبين لوحات أطلقت عليها أسماء «الحياة اليومية»، و«انطباع»، و«صوت النسوة»، و«جيل الشباب»، و«قلق» وغيرها تلمس الحس الإنساني النافر عند هيبت.
وعن طبيعة هذا الفن تقول هيبت: «إنه من الفنون التشكيلية التي تتطلب الجهد والتفكير. فهو قاسٍ وصعب لا يشبه بتاتاً أي أنواع أخرى من الرسم. فيلزمه درجات عالية من الإحساس عند صاحبه وكمية كبيرة من الإبداع».
تفكر هيبت بصوت مرتفع عندما تسرد لنا حكايتها مع هذا الفن الذي تعشقه. فمنذ كانت طالبة في الجامعة لغاية اليوم وهي أستاذة جامعية، لا يزال فن التلصيق محور أفكارها الإبداعية. «عندما أهم في العمل أفكر وأصمم، ومن ثم أقرر الشكل الذي يجب أن تأخذه اللوحة. فأركب أقسامها كقطعة مجوهرات ثمينة مرصعة بأحجار كريمة. وأكون على علم مسبقاً إلى أين أريد الوصول بالفكرة وتفاصيلها».

هيبت بواب تقدم فن التلصيق بدقة متفانية (خاص الفنانة)

تقترب من لوحة «جيل الشباب» التي يطغى عليها نبض الحياة الفتي. ركبتها الفنانة التشكيلية على خلفية صفراء باهتة فيما شخصياتها تتحرك يميناً ويساراً بألوان الأبيض والأسود. وبينها من يحمل أوراقه بين يديه وحقيبته المدرسية على كتفيه أو ظهره، متجها نحو الغد. «لقد صنعتها مع تقنية السيلك سكرين، وكأن الشمس والضوء الطاغيين عليها حلم الشباب الطموح. فالأمل بغد أفضل فكرة لا تبارح شبابنا وهو ما رغبت في التعبير عنه في هذه اللوحة».
لم تعد هيبت تركن إلى قصاصات ورق الصحف والمجلات كي تؤلف المادة التي تستخدمها في فن التلصيق. فأفكارها المتطورة دفعتها إلى صناعة ورق خاص بها «أقولبه وأصنعه على هواي كي يناسب فكرتي ويمكنني أن أستخدم هذا الورق بالطريقة التي أشاء. فأشقلبه وألونه وأركبه بدقة ليؤلف هذه الحكايات في لوحاتي».
في لوحة «صرخة» تقدم هيبت تحية للمرأة التي خرجت من كبوتها وانطلقت نحو الحياة التي تستأهلها. وبألوان زاهية مرات ودافئة مرات أخرى تلخص مشوار هؤلاء النسوة وكيفية تعاطيهن مع حياتهن الجديدة. «إنهن فرحات وسعيدات بما أنجزنه على الصعيد الاجتماعي. فهناك بلدان عديدة اليوم أعطت المرأة حقوقها بعد طول انتظار. وهو أمر يجب أن نقدره ونحيي الحكام الذين يقفون وراء تنفيذه».
في لعبة الألوان تخاطب الفنانة اللبنانية مشاهدها بوضوح كي تولد عنده من خلال اسم اللوحة وألوانها، الفكرة التي يجب أن ينطلق منها كي يستوعب محتواها. «الألوان بالنسبة لي لعبة أتقنها وتتراوح بين الباردة وتلك الدافئة منها تماماً كالحياة التي تتلون بالحلو والمر. ولكن الأهم هو أن تنسجم أي خلطة ألوان أتبعها مع الفكرة التي أنفذها. وعندما أختار الأحمر والأخضر والأبيض في لوحة (اللبناني) مثلاً فلأني رغبت في الإشارة إلى ألوان العلم اللبناني».
تغيب ملامح وجوه شخصيات هيبت التي تسكن لوحاتها بصمت. ومرات كثيرة نراها وجوها من دون ثغر أو عيون ومرات أخرى نراها بعين واحدة. فماذا تقصد بهذه الإشارات؟ توضح: «أرغب دائماً في ترك فسحة لمشاهد اللوحة كي يقرأها على طريقته من دون الغوص في تفاصيل قد تقيده. فالوضوح ليس مطلوباً دائماً في الفنون عامة. ومن الأجدى اتباع بعض الغموض فيها كي يركن ناظرها إلى التحليل، فلا يكون موضوعها مكتملاً. وهو من نوع فنون الـ(semi abstrait) الذي يترك أثره عند المشاهد».
حالات إنسانية بقوالب مختلفة تقدمها هيبت في معرضها «الإلهام» الذي يتضمن بعضاً من أعمالها في بداية مشوارها. «إنها لوحات رغبت منسقة المعرض نهى أن تختلط مع لوحاتي الجديدة. فبعض موضوعاتها يعود إلى رواسب الحرب اللبنانية. فيما أخرى وتحت عنوان (المواساة) تحكي عن نساء خسرن أولادهن أو شريك حياتهن أو أحد أقاربهن بفعل هذه الحرب. ولذلك نرى بعضهن يتشح بثياب قاتمة تتمحور حول الأسود والرمادي».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تركيا تعلن استقرار الأمن على حدودها مع العراق بعد «تطهير زاب»

وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
TT

تركيا تعلن استقرار الأمن على حدودها مع العراق بعد «تطهير زاب»

وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)
وزير الدفاع التركي يسار غولر خلال استقبال نظيره العراقي سعيد ثابت العباسي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)

قال وزير الدفاع التركي يشار غولر إن بلاده أرست الأمن بطول حدودها مع العراق، وذلك بعدما أجرى مباحثات مع نظيره العراقي ثابت العباسي في أنقرة، حول التطورات الأخيرة في سوريا، والتعاون بين البلدين في مكافحة «حزب العمال الكردستاني» وتأمين الحدود.

وأضاف غولر، في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في أنقرة، الأحد، تناول فيه أنشطة القوات المسلحة على مدار العام، أنه تم تطهير منطقة زاب في شمال العراق بالكامل من عناصر «منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية» في إطار عملية «المخلب - القفل»، المستمرة منذ 17 أبريل (نيسان) 2022.

وتابع: «قمنا بتحييد 1136 إرهابياً في هذه المنطقة التي يعدها (العمال الكردستاني) مركزاً مهماً له، والتي تحتل موقعاً رئيسياً بين سوريا وجبل قنديل، معقل (العمال الكردستاني) في شمال العراق».

القوات التركية تواصل «عملية المخلب - القفل» في شمال العراق منذ أبريل 2022 (وزارة الدفاع التركية)

ولفت إلى أنه تم خلال العملية تدمير 3 آلاف و158 لغماً و1327 كهفاً وملجأ، وضبط ألفين و421 قطعة سلاح متنوعة، و957 من الأسلحة الثقيلة، وأكثر من 910 آلاف قطعة ذخيرة تستخدم في هذه الأسلحة، تم الاستيلاء عليها في منطقة زاب.

وعدَّ غولر زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بغداد وأربيل في 22 أبريل (نيسان) الماضي بمثابة نقطة تحول في العلاقات التركية العراقية، مضيفاً أننا «نواصل المفاوضات لجعل التعاون بين بلدينا دائماً في مكافحة الإرهاب، وفي هذا السياق، عقدنا الاجتماع الرابع للآلية الأمنية رفيعة المستوى بين بلادنا والعراق، في أنقرة في 15 أغسطس (آب) الماضي، ووقعنا مذكرة تفاهم حول التعاون العسكري والأمني ​​ومكافحة الإرهاب».

وقال: «إننا نرحب بالقرار الذي اتخذه العراق، الذي بدأ يعتبر (حزب العمال الكردستاني) مشكلة له أيضاً، وإعلانه (منظمة محظورة)، ونتوقع من الحكومة العراقية أن تعلنه (منظمة إرهابية) في أقرب وقت ممكن».

تركيا والعراق وقعا مذكرة تفاهم للتعاون الأمني والعسكري في أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وذكر غولر أن تركيا تراقب تحركات «حزب العمال الكردستاني» في شمالي العراق وسوريا، لافتاً إلى أن قسماً من الأسلحة التي قدمتها أميركا إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تعدّها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، أرسلتها الوحدات الكردية إلى شمال العراق، بعد التطورات الأخيرة في سوريا وتضييق الفصائل السورية الخناق عليها.

ولفت إلى أن «العمال الكردستاني» بات يواجه صعوبات في تجنيد عناصر له في شمال العراق، لذا شرع في نقل قسم من عناصره وأسلحته من سوريا إلى العراق.

وأضاف: «إلا أن العناصر المرسلة إلى شمال العراق إما يستسلمون للجيش التركي المنتشر بالمنطقة، أو يفرون من التنظيم في وقت قصير جداً لجهلهم بالمنطقة».

وكان غولر التقى نظيره العراقي، ثابت سعيد العباسي، في مقر وزارة الدفاع التركية في أنقرة مساء السبت.

جانب من مباحثات غولر والعباشي في أنقرة السبت (الدفاع التركية)

وحسب مصادر تركية، تطرقت المباحثات إلى التطورات الأخيرة في سوريا والتعاون التركي العراقي في مكافحة «حزب العمال الكردستاني» وتأمين الحدود، كما تم استعراض التعاون في إطار مذكرة التعاون الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب الموقعة في أغسطس (آب) الماضي.

ونصت المذكرة على إنشاء مركز مشترك للتنسيق الأمني في بغداد إلى جانب مركز تدريب وتعاون مشترك في معسكر بعشيقة، بمحافظة نينوى، شمال العراق، الذي كانت توجد به قوات تركية.

وشهدت السنوات القليلة الماضية خلافات بين الجارتين، تركيا والعراق، حول عمليات عسكرية عبر الحدود تنفذها تركيا ضد مسلحي «حزب العمال الكردستاني»، التي تعدّها العراق انتهاكاً لسيادته، فيما تتمسك تركيا بأنها ضرورية لحماية أمن حدودها وشعبها.

وشهدت العلاقات بين البلدين في العامين الأخيرين تطورات إيجابية، سواء فيما يتعلق بالتعاون في المجالات الأمنية، أو على صعيد التعاون الاقتصادي والتجاري وفي مشروع «طريق التنمية».