الصراع بين رواندا والكونغو الديمقراطية مُهدد بالتفاقم

عقب اتهامات متبادلة بالتخلي عن «اتفاق السلام»

متمردو «حركة 23 مارس» ينسحبون من منطقة في كيبومبا بالكونغو في ديسمبر الماضي (رويترز)
متمردو «حركة 23 مارس» ينسحبون من منطقة في كيبومبا بالكونغو في ديسمبر الماضي (رويترز)
TT

الصراع بين رواندا والكونغو الديمقراطية مُهدد بالتفاقم

متمردو «حركة 23 مارس» ينسحبون من منطقة في كيبومبا بالكونغو في ديسمبر الماضي (رويترز)
متمردو «حركة 23 مارس» ينسحبون من منطقة في كيبومبا بالكونغو في ديسمبر الماضي (رويترز)

تتصاعد التوترات بين جمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا بعد اتهامات متبادلة بالتخلي عن «اتفاق السلام»، وإعلان الأولى الاستعانة بخدمات «شركة عسكرية خاصة»، وهي الخطوة التي وصفتها الثانية بأنها «بمثابة إعلان للحرب».
وقال الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، في تصريحات خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس»، إن بلاده استعانت بخدمات «شركة عسكرية بلغارية للعمل مع الجيش في المنطقة الشرقية المضطربة».
أما المتحدث باسم الحكومة الكونغولية باتريك مويايا، فقد أشار (الجمعة) إلى أن «الشركة هي واحدة من مجموعتين تجريان صيانة لطائرات وتدريبات لصالح الجيش».
وعلى النهج نفسه، اتهم وزير خارجية جمهورية الكونغو الديمقراطية، كريستوف لوتندولا «حركة 23 مارس» (مجموعة تمرّد يهيمن عليها التوتسي الكونغوليون)، والحكومة الرواندية بـ«الفشل مرة أخرى في الوفاء بالتزاماتهما»، وتعهد بأن بلاده «ستحافظ على وحدة أراضيها»، كما حذر من أنه «سيتم اللجوء إلى كل الوسائل لتحقيق هذه الغاية».
وأثارت الخطوات الكونغولية قلقاً خارج القارة السمراء، إذ عّبر دبلوماسيون غربيون عن «قلق عميق من الظهور المفاجئ لمرتزقة من أوروبا الشرقية في شرق الكونغو المضطرب»، بحسب ما نقل موقع «دويتشه فيله» الألماني.
من جانبها، قالت رواندا، إن البيان الكونغولي «يمثل تهديداً»، واتهمتها بـ«السعي إلى الخروج من الاتفاقات المبرمة في لواندا، وفي العاصمة الكينية نيروبي».
وقال بيان رواندي: «إن محاولات جمهورية الكونغو الديمقراطية لتخريب أو التخلي عن هذه الاتفاقات الإقليمية لا يمكن إلا أن يُنظر إليها على أنها خيار لإدامة الصراع وانعدام الأمن». مضيفاً أن «تجنيد المرتزقة الأجانب من قبل جمهورية الكونغو الديمقراطية، هو مؤشر واضح على أنها تستعد للحرب، وليس السلام».
ويقاتل الجيش الكونغولي عدداً من الجماعات المسلحة، على رأسها «حركة 23 مارس» التي هُزمت عام 2013، لكنها استأنفت القتال نهاية العام الماضي، واحتلّت أجزاء كبيرة من الأراضي في شمال غوما، عاصمة مقاطعة شمال كيفو.
وتتهم الكونغو الديمقراطية دولة رواندا المجاورة بدعم الحركة، لكن كيغالي تنفي ذلك، وتتهم كينشاسا في المقابل بالتواطؤ مع «القوات الديمقراطية لتحرير رواندا»، وهم متمردون هوتو روانديون تمركزوا في الكونغو الديمقراطية منذ فترة الإبادة الجماعية عام 1994 في رواندا.
وجمع خبراء مفوّضون من الأمم المتحدة، في تقرير قدموه إلى مجلس الأمن، الشهر الماضي، «أدلّة جوهرية» تثبت «التدخّل المباشر لقوات الدفاع الرواندية في أراضي الكونغو الديمقراطية».
وأدى النزاع إلى نزوح أكثر من 500 ألف شخص منذ مارس (آذار) الماضي، حسب «هيئة تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة».
وسابقاً خلال هذا الشهر، هدد الرئيس الرواندي واندان بول كاغامي، بطرد اللاجئين الكونغوليين، مؤكداً أن بلاده «لم تعد قادرة على استيعاب مزيد من النازحين القادمين من الكونغو».
وتوقع السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، أن «يستمر التصعيد وربما يتطور إلى حرب شاملة، إلا إذا نجح (الاتحاد الأفريقي) في الوساطة لحلحلة الأزمة». مشدداً على أن «عامل الوقت مهم لاحتواء الصراع».
وقال حليمة لـ«الشرق الأوسط» إن «طبيعة الصراع بين الكونغو ورواندا، تتسم بأنها (إثنية - ميليشاوية)، لذا فإن الاستعانة بقوات أو مرتزقة واردة من الجانب الكونغولي، وهو ما قد يواجه بتصعيد من الجانب الرواندي».
بدوره رأى الكاتب والباحث السياسي الإثيوبي موسى شيخو، أن «الوضع متفجر للغاية، ولا بد من تدخل إقليمي أو دولي سريع وفاعل، وإلا قد يتطور الأمر إلى حرب شاملة بين البلدين، وخصوصاً في ظل تطور قدرات (حركة 23 مارس) وشن هجمات نوعية في شرق الكونغو».
وأعرب شيخو في حديثه إلى «الشرق الأوسط» عن اعتقاده بأن «معالجة الأزمة من الجانب الأفريقي تشوبها مشكلات، من بينها عدم التواصل ولو بالحد الأدنى مع ممثلين لـ(حركة 23 مارس)».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

النيجر: المجلس العسكري يعلن «التعبئة العامة» لمواجهة الإرهاب

جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)
جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)
TT

النيجر: المجلس العسكري يعلن «التعبئة العامة» لمواجهة الإرهاب

جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)
جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)

أقرت الحكومة الانتقالية في النيجر ما سمته «التعبئة العامة» من أجل مواجهة الجماعات الإرهابية، وخاصة تلك المرتبطة بتنظيمَي «القاعدة» و«داعش»، التي تشن هجمات دامية في مناطق مختلفة من البلاد، منذ أكثر من عشر سنوات.

وتدهورت الأوضاع الأمنية في النيجر خلال العقد الأخير، ما دفع البلاد إلى الاستعانة عام 2014 بقوات فرنسية، تبعتها قوات أميركية وأوروبية، لمساندة البلاد في الحرب على الإرهاب، ولكن بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد بازوم في انقلاب عسكري عام 2023، قرر المجلس العسكري الحاكم إلغاء اتفاقيات التعاون العسكري مع الغرب، وطرد القوات الفرنسية والأميركية.

الحكومة الانتقالية في النيجر عقدت شراكة استراتيجية مع مالي وبوركينا فاسو اللتين تحكمهما أيضاً مجالس عسكرية (إعلام محلي)

وتوجّه حكام النيجر الجدد إلى التحالف مع مالي وبوركينا فاسو، اللتين تحكمهما هما الأخريان مجالس عسكرية، وعقد شراكة استراتيجية مع روسيا، استقبلت بموجبها هذه الدول أسلحة ومقاتلين من روسيا، ولكن ذلك لم ينجح في الحد من الهجمات الإرهابية في الدول الثلاث.

ولمواجهة التصعيد الأمني، صادقت الحكومة الانتقالية في النيجر، خلال اجتماعها الأسبوعي (الجمعة)، على إجراءات التعبئة والمصادرة، وقالت في بيان نُشر السبت إنه بموجب القانون الجديد «قد يتم تسخير أشخاص وممتلكات وخدمات أثناء التعبئة العامة للمساهمة في الدفاع عن الوطن، وذلك امتثالاً للتشريعات والقوانين السارية».

وأضاف بيان الحكومة: «يُطلب من كل مواطن الاستجابة فوراً لأي أمر استدعاء أو إعادة استدعاء، والامتثال دون تأخير لتنفيذ تدابير الدفاع عن الوطن»، وهو ما بررته الحكومة بضرورة تحقيق عدة أهداف، من أبرزها «الحفاظ على سلامة الأراضي الوطنية» و«حماية السكان»، وكذلك «مؤسسات الدولة ومصالحها الحيوية من أي تهديد داخلي أو خارجي».

جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)

وتأتي خطة التعبئة في النيجر بعد خمس سنوات من قيام البلاد بمضاعفة حجم جيشها إلى 50 ألف جندي، ورفع سن التقاعد للضباط ذوي الرتب العالية من 47 إلى 52 عاماً. كما حضت الحكومة المواطنين على تقديم مساهمات «طوعية» لصندوق تم إنشاؤه عام 2023 يساعد في تمويل شراء المعدات العسكرية وتنفيذ المشاريع الزراعية.

وتشير تقارير صادرة عن منظمة «ACLED» غير الحكومية التي توثق النزاعات في أنحاء العالم، إلى أن قرابة ألفَي شخص قُتلوا في النيجر منذ مطلع العام، خلال هجمات إرهابية دامية، شنتها جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» وتنظيم «داعش في الصحراء الكبرى»، وجماعة «بوكو حرام».

وفي آخر هجوم إرهابي، قُتل رجل وزوجته (الأربعاء) في هجوم نفذه مسلحون على كنيسة في منطقة دوسو، جنوب غربي النيجر، وفق ما أفادت مصادر محلية. وأوضح مصدر محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «الهجوم وقع على قرية ميلو قرابة الحادية عشرة ليل الأربعاء/ الخميس، ونتيجة لهذا الهجوم فقدنا رجلاً وزوجته».

وروى نفس المصدر أن «المسيحيين كانوا يحتفلون بالقداس داخل الكنيسة عندما جاء أفراد مسلحون وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء، فعمّت الفوضى». وأضاف أن «رجلاً وزوجته لجآ إلى منزلهما، لكن المهاجمين لاحقوهما وأعدموهما».

وأكد أحد أبناء المنطقة وقوع الهجوم، وقال إن «بعض المصلين فرّوا للاحتماء في القرى المجاورة»، في حين «اتجه آخرون نحو الأحراج»، وأشار إلى أن المهاجمين استولوا أيضاً على ماشية.

وتقع قرية ميلو في منطقة دوغوندوتشي التابعة لإقليم دوسو المحاذي لنيجيريا وبنين.

ويشكّل المسلمون غالبية سكان النيجر البالغ عددهم الإجمالي أكثر من 28 مليوناً، في حين تقتصر نسبة المسيحيين منهم على ما بين 1 و2 في المائة، ويتعايش المسلمون والمسيحيون عادة من دون مشاكل في النيجر.

وبين عامَي 2018 و2021، استهدفت هجمات نُسبت إلى جهاديين كنائس في منطقة تيلابيري الواقعة غرب النيجر، قرب بوركينا فاسو ومالي، واختطف مجهولون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مواطناً أميركياً يعمل في منظمة تبشيرية في النيجر، واقتادوه إلى جهة مجهولة.

جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)

وفي مايو (أيار) 2019، أُصيب كاهن نيجري بطلق ناري في هجوم على كنيسة بقرية دولبل في تيلابيري.

ورغم الانتشار الواسع للجيش، لا تزال أعمال العنف التي تُنسب إلى الجهاديين متواصلة وتستهدف مختلف الطوائف، ففي مارس (آذار) الماضي لقِيَ 44 مدنياً مصرعهم داخل مسجد في فامبيتا، في حين قتلت مجموعة يُشتبه في أنها تتألف من جهاديين 71 مدنياً آخرين كانوا يحضرون في 20 يونيو (حزيران) خطبة دينية إسلامية في قرية ماندا.

وبينما تخشى حكومة النيجر أن يأخذ العنف في البلاد طابعاً طائفياً، كما يحدث في الجارة نيجيريا، أوفد رئيس النظام العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني، وهو مسلم، وفداً لحضور القداس في الكاتدرائية الكبرى في نيامي.


المجلس العسكري الحاكم في النيجر يعلن «التعبئة العامة» ضد المتطرفين

استنفار أمني عقب هجوم إرهابي في نيجيريا (غيتي)
استنفار أمني عقب هجوم إرهابي في نيجيريا (غيتي)
TT

المجلس العسكري الحاكم في النيجر يعلن «التعبئة العامة» ضد المتطرفين

استنفار أمني عقب هجوم إرهابي في نيجيريا (غيتي)
استنفار أمني عقب هجوم إرهابي في نيجيريا (غيتي)

أقرّ المجلس العسكري الحاكم في النيجر التعبئة العامة لمحاربة التمرد الجهادي في البلاد المستمر منذ فترة طويلة، وفق بيان حكومي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية» السبت.

صورة عامة لهياكل مدمرة في أوفا بتاريخ 27 ديسمبر 2025 نتيجة حطام ذخائر سقطت جراء غارات أميركية على مسلحين لم يُكشف عن هويتهم مرتبطين بتنظيم «داعش» في نيجيريا (أ.ف.ب)

ويحكم النيجر مجلس عسكري وصل إلى السلطة بانقلاب في يوليو (تموز) 2023.

وتعاني البلاد منذ نحو 10 سنوات هجمات دامية تشنها جماعات جهادية مرتبطة بتنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش»، أودت بحياة قرابة ألفي شخص منذ مطلع العام، وفقاً لمنظمة ACLED غير الحكومية التي توثق النزاعات في أنحاء العالم. وقالت الحكومة بعد اجتماع لمجلس الوزراء: «قد يتم تسخير أشخاص وممتلكات وخدمات أثناء التعبئة العامة للمساهمة في الدفاع عن الوطن وذلك امتثالاً للتشريعات والقوانين السارية».

وأشار النص إلى أن هذه التدابير مدفوعة خصوصاً بـ«ضرورة الحفاظ على سلامة الأراضي الوطنية» و«حماية السكان» وكذلك «مؤسسات الدولة ومصالحها الحيوية من أي تهديد داخلي أو خارجي».

أشخاص في موقع غارة جوية أميركية في شمال غرب جابو... نيجيريا يوم الجمعة 26 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وتبنى الحكام الجدد للبلاد إجراءات التعبئة والمصادرة في اجتماع لمجلس الوزراء الجمعة.

وقالت الحكومة بعد اجتماع لمجلس الوزراء: «قد يتم تسخير أشخاص وممتلكات وخدمات أثناء التعبئة العامة للمساهمة في الدفاع عن الوطن، وذلك امتثالاً للتشريعات والقوانين السارية».

وأضاف البيان: «يطلب من كل مواطن الاستجابة فوراً لأي أمر استدعاء أو إعادة استدعاء، والامتثال دون تأخير لتنفيذ تدابير الدفاع عن الوطن».

وتأتي خطة التعبئة في النيجر بعد خمس سنوات من قيام البلاد بمضاعفة حجم جيشها إلى 50 ألف جندي، ورفع سن التقاعد للضباط ذوي الرتب العالية من 47 إلى 52 عاماً.

كما حضت الحكومة المواطنين على تقديم مساهمات «طوعية» لصندوق تم إنشاؤه عام 2023 يساعد في تمويل شراء المعدات العسكرية وتنفيذ المشاريع الزراعية.

أشخاص خلف شريط مسرح الجريمة في موقع غارة جوية أميركية في شمال غرب جابو... نيجيريا يوم الجمعة 26 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وبعد فترة وجيزة من توليها السلطة، طلبت السلطة العسكرية من الجنود الفرنسيين والأميركيين الذين كانوا يقاتلون الجهاديين، ولا سيما في غرب البلاد، مغادرة النيجر. ولاحقاً انضمت النيجر إلى مالي وبوركينا فاسو التي تحكمها جميعا مجالس عسكرية، في تشكيل قوة مشتركة لمكافحة الجهاديين قوامها خمسة آلاف جندي.

قتيلان بهجوم على كنيسة في النيجر

في غضون ذلك، قُتل رجل وزوجته مساء الأربعاء بهجوم نفذه مسلحون على كنيسة في منطقة دوسو في جنوب غرب النيجر، وفق ما أفادت مصادر محلية «وكالة الصحافة الفرنسية» الجمعة.

وأوضح مصدر محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «الهجوم وقع على قرية ميلو قرابة الحادية عشرة ليل الأربعاء 24 ديسمبر (كانون الأول) الساعة 22:00 بتوقيت غرينتش، ونتيجة لهذا الهجوم فقدنا رجلاً وزوجته».

جندي نيجري يحرس موقعاً استراتيجياً في مدينة والام بالنيجر (متداولة)

وروى أن «المسيحيين كانوا يحتفلون بالقداس داخل الكنيسة عندما جاء أفراد مسلحون وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء، فعمّت الفوضى».

وأضاف أن «رجلاً وزوجته لجآ إلى منزلهما، لكن المهاجمين لاحقوهما وأعدموهما».

وأكد أحد أبناء المنطقة وقوع الهجوم، وقال إن «بعض المصلين فرّوا للاحتماء في القرى المجاورة»، بينما «اتجه آخرون نحو الأحراج».

وأشار إلى أن المهاجمين استولوا أيضا على ماشية.

وتقع قرية ميلو في منطقة دوغوندوتشي التابعة لإقليم دوسو المحاذي لنيجيريا وبنين.

ويتعايش المسلمون والمسيحيون عادة من دون مشاكل في النيجر.

وأوفد رئيس النظام العسكري المنبثق عن انقلاب عام 2023 الجنرال عبد الرحمن تياني، وهو مسلم، وفداً لحضور القداس في الكاتدرائية الكبرى في نيامي.

وبين عامي 2018 و2021، استهدفت هجمات نُسبت إلى جهاديين كنائس في منطقة تيلابيري الواقعة غرب النيجر، قرب بوركينا فاسو ومالي.

وفي مايو (أيار) 2019، أُصيب كاهن نيجري بطلق ناري في هجوم على كنيسة بقرية دولبل في تيلابيري.

ورغم الانتشار الواسع للجيش، لا تزال أعمال العنف التي تُنسب إلى الجهاديين متواصلة وتستهدف مختلف الطوائف.

ففي مارس (آذار) الماضي، لقِيَ 44 مدنياً مصرعهم داخل مسجد في فامبيتا، فيما قتلت مجموعة يُشتبه في أنها تتألف من جهاديين 71 مدنياً آخرين فيما كانوا يحضرون في 20 يونيو (حزيران) خطبة دينية في قرية ماندا. ويشكّل جنوب شرق النيجر أيضاً مسرحاً لعمليات دامية ينفذها كل من جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «داعش في غرب أفريقيا».


الرئيس الصومالي: «الاعتراف الإسرائيلي» عدوان سافر على استقلالنا

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث أمام البرلمان (وكالة الأنباء الوطنية الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث أمام البرلمان (وكالة الأنباء الوطنية الصومالية)
TT

الرئيس الصومالي: «الاعتراف الإسرائيلي» عدوان سافر على استقلالنا

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث أمام البرلمان (وكالة الأنباء الوطنية الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث أمام البرلمان (وكالة الأنباء الوطنية الصومالية)

قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الأحد، إن اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً «خطوةٌ غير مقبولة، وتُشكل انتهاكاً للقواعد الدولية، وتعني عدواناً سافراً على استقلال البلاد».

وأصبحت إسرائيل، الجمعة، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يُعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية، ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وأضاف الرئيس الصومالي، خلال كلمة أمام البرلمان، أنه يرفض «نقل الصراع في الشرق الأوسط إلى أراضينا»، وقال: «موقفنا ثابت في الحوار مع أرض الصومال لتحقيق الوحدة»، مؤكداً أن بلاده لن تقبل بإقامة قواعد عسكرية على أراضيها لانطلاق هجمات منها.

البرلمان يعدّ الاعتراف لاغياً وباطلاً

من جانبها، ذكرت «وكالة الأنباء الصومالية»، اليوم، أن برلمان البلاد وافق على قانون يعدّ اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» لاغياً وباطلاً.

وجاء في القانون، الذي نشرته الوكالة الرسمية، أن البرلمان «يدين بشدة، ويرفض بشكل قاطع أي قرار أو إعلان أو إجراء من جانب إسرائيل يزعم الاعتراف بأرض الصومال دولةً ذات سيادة أو دولة مستقلة».

وأضاف القانون: «الاعتراف المزعوم الذي تدّعيه إسرائيل يُشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة، وقانون الاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية، وميثاق منظمة التعاون الإسلامي».

وطلب البرلمان من الحكومة الاتحادية إحالة القانون فوراً إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد).

وقال البرلمان إن القانون يُعاقب «أي فرد أو مؤسسة، صومالية كانت أو دولية، تنتهك القانون بموجب قانون العقوبات والقوانين الأخرى السارية في الصومال وقواعد القانون الدولي ذات الصلة».

ونقلت الوكالة الرسمية عن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود القول إن قرار إسرائيل يُعد «غزواً صريحاً».

جلسة طارئة للجامعة العربية

إلى ذلك، قال مندوب الصومال لدى الجامعة العربية علي عبدي أواري، اليوم، إن إسرائيل تعمل على دعم كيان انفصالي في الصومال سعياً لتحقيق التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه، في إشارة إلى اعتراف تل أبيب بإقليم «أرض الصومال».

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

وقال أواري خلال جلسة طارئة للجامعة العربية: «الصومال لن يكون طرفاً في أي مسعى لتهجير الفلسطينيين من أرضهم».

وتابع: «سنعمل على إفشال تلك الخطط والوقوف في وجه أطماع إسرائيل الفجّة»، مؤكداً أن اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» هو اعتداء مباشر و«يمس الأمن القومي العربي كله والملاحة في البحر الأحمر».

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً يوم الاثنين بشأن اعتراف إسرائيل المثير للجدل بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

وقبيل الجلسة، أصدرت 21 دولة، أغلبها إسلامية، بياناً مشتركاً في وقت متأخر، السبت، حذّرت فيه من «تداعيات خطيرة» للقرار الإسرائيلي على «السلم والأمن في القرن الأفريقي» وفي منطقة البحر الأحمر الأوسع.

وتعمل «أرض الصومال»، وهي منطقة ذات أغلبية مسلمة في شمال الصومال، ويبلغ عدد سكانها بضعة ملايين، بشكل مستقل فعلياً منذ أكثر من 3 عقود.