نادين جابر لـ«الشرق الأوسط»: «خساراتي مؤقتة فأنا كاتبة حرة»

أكدت أن محمد الأحمد وباسم مغنية لن يشاركا في «للموت 3»

ترى نادين جابر أن كتابة أكثر من جزء لمسلسل واحد مهمة صعبة (خاص الكاتبة)   -   مع بطلة مسلسل «للموت» ماغي أبو غصن (خاص الكاتبة)
ترى نادين جابر أن كتابة أكثر من جزء لمسلسل واحد مهمة صعبة (خاص الكاتبة) - مع بطلة مسلسل «للموت» ماغي أبو غصن (خاص الكاتبة)
TT

نادين جابر لـ«الشرق الأوسط»: «خساراتي مؤقتة فأنا كاتبة حرة»

ترى نادين جابر أن كتابة أكثر من جزء لمسلسل واحد مهمة صعبة (خاص الكاتبة)   -   مع بطلة مسلسل «للموت» ماغي أبو غصن (خاص الكاتبة)
ترى نادين جابر أن كتابة أكثر من جزء لمسلسل واحد مهمة صعبة (خاص الكاتبة) - مع بطلة مسلسل «للموت» ماغي أبو غصن (خاص الكاتبة)

منذ بداياتها أتحفتنا الكاتبة الدرامية نادين جابر بقلمها الجذاب والمشوق. فكما في «لو» و«عروس بيروت1» و«لا حكم عليه» و«صالون زهرة1»، كذلك كان النجاح حليفها في «قصة حب» و«بلحظة»، وصولاً إلى «للموت».
وفي هذا الأخير برزت عند جابر الحبكة الدرامية المكتملة العناصر. فقدمت نصاً خرج عن المألوف في كيفية حياكة قصته. فأكدت من خلاله أن الكاتب العربي يحجز له مكانة عالمية. النجاح الذي حصده «للموت» بجزئيه الأول والثاني دفع بمنصة «نتفليكس» لعرضه. اليوم تضع جابر اللمسات الأخيرة على الجزء الثالث من «للموت» الذي ينتظر عرضه في موسم رمضان المقبل.
فما هي صعوبة كتابة أجزاء مسلسل ما؟ وهل وافقت بسرعة على تنفيذ هذه المهمة؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «هي مهمة صعبة جداً، ولذلك استغرقت نحو 50 يوماً للتفكير كي أوافق عليها. فأي مسلسل بأجزاء جديدة يتطلب من كاتبه الحفاظ أقلّه على نجاحاته السابقة. ولذلك فكرت ملياً قبل الشروع بكتابة «للموت 3» بالحبكة التي يجب أن أتبعها والمعالجة الدرامية المطلوبة. وعندما شعرت بأني قادرة على ذلك بعيداً عن التكرار وافقت».
بحسب جابر فإنها حاولت في «للموت 3» الخروج من الصندوق بحيث يكون مختلفاً، ومنفصلاً ومتصلاً في الوقت نفسه بجزئيه الأولين.
وكي تحضّر لكتابة نص درامي تركن إلى مجموعة عناصر تخول لها تكوين أساساته. تقرأ بنهم وتشاهد أعمالاً درامية كثيرة، ومن بعدها تأخذ في التفكير بخطوط القصة التي تنوي حبكها. «لولا شعوري بأن (للموت) يحتمل بناء جزء ثالث له لما أقدمت على المشروع. فهو عمل درامي غني وتليق به أفكار جمّة؛ إذ يتحمل دخول قصص مختلفة على خط حدوته الأصلية ومن دون مبالغة. فإذا فشل جزء من أجزاء العمل أكون أنا المتضررة الأكبر من ذلك. فكنت حريصة على كتابة نص مقنع فيه الكثير من الإثارة والمفاجآت».
في كل جزء درامي من سلسلة عمل واحد يحاول الكاتب إدخال عناصر جديدة عليه؛ لتوليد أفكار بعيدة عن التكرار. «إذا لم نركن إلى التجديد نقع في الملل، فعلك الموضوعات نفسها تفقد الدراما بريقها. ولذلك لجأت بالطبع إلى عناصر جديدة في (للموت 3) لتكون بمثابة محرك ديناميكي يقلب الأحداث».
ينشغل متابعو مسلسل «للموت» بمصير بطليْه باسم مغنية ومحمد الأحمد. فهم يتساءلون دائماً عما إذا سيطلّان في جزئه الثالث أم العكس؟ ويأتي رد نادين جابر حاسماً ونهائياً: «كما يعلم المشاهد فإن باسم مغنية في دوره عمر قام بشنق نفسه ورأينا جثته. فكان من البديهي ألا أعيده إلى الحياة؛ لأن ذلك يصبح غير منطقي في المعالجة الدرامية. وفي المقابل فإن سحر وريم (دانييلا رحمة وماغي بو غصن) رأينا سيارتهما تسقط في مياه البحر وهما في داخلها. فكانت إمكانية عدم موتهما أمراً وارداً».
وتشير جابر إلى أن دور باسم مغنية كان أساسياً في الجزئين الأولين، ولا يمكن التهاون فيه. ولذلك لم يكن مناسباً أن يكمل حياته، في حين أنه وضع حداً لها وشاهدها متابع العمل بوضوح.
ولكن ماذا عن الممثل محمد الأحمد؟ هل سيشارك في «للموت 3»؟ توضح في سياق حديثها: «بالنسبة لي ككاتبة للعمل كنت قد استنزفت علاقته مع ريم (دانييلا رحمة) إلى آخر حد. فلم يبق أي شيء جديد أضيفه في هذا الإطار. فريم وهادي شكلا ثنائياً شهيراً بعلاقتهما الرومانسية في عالمنا العربي، فلاقى نجاحاً واسعاً. وكان لا بد لي أن أفكر بالخيارات المتوفرة بخصوص هذا الثنائي. فلا عملية الانتقام باتت ممكنة بعد أن استخدمناها من قبل، ولا إعادة إحياء علاقة الحب بينهما يمكن أن تصلح لتناولها من جديد، فنبدو وكأننا نعيد أنفسنا. وبعد تفكير استطعت أن أجد حبكة تخول لمحمد الأحمد أن يكون معنا كما نرغب. وتتمثل بإطلالة في دور كضيف شرف في الحلقات الخمس الأخيرة من (للموت 3). وافق الأحمد على الفكرة على أن أعلمه بخطوطها الأساسية عند وصولي إلى الحلقة 25. حينها أخذت أسبوعاً لتنفيذ الفكرة وتواصلنا معه، ولكنه مع الأسف أوضح لنا أنه مرتبط بعمل آخر، وأنه لا يستطيع المشاركة معنا، إلا في شهر مارس. ولكن إذا انتظرناه حتى ذلك الوقت فسوف نتأخر عن موعد التصوير والتسليم، لا سيما أن (للموت 3) سيعرض في موسم رمضان. ولذلك ارتأينا إلغاء دوره، بحيث لن يكون معنا في هذا الجزء من العمل».
لا تستسهل نادين جابر النجاح الذي حققه «للموت» بجزئيه، ولذلك عملت بجهد كي تبقى محافظة على نفس الإيقاع. وتتابع: «أنا قمت بما تفرضه علي قناعاتي، وواثقة بما كتبت، والباقي يقع على الجمهور. فهو من سيقرر نجاح (للموت 3) ويتفاعل معه أو العكس». وتشير جابر إلى أن الجزء الثالث سيتضمن الإثارة والأكشن والمفاجآت التي تخطف الأنفاس.
إنشغال نادين جابر بكتابة نصوص «للموت» أبعدها إلى حد ما عن كتابة أعمال أخرى. فهل خسرت من ورائه الكثير؟ وماذا سرق منها في المقابل؟ ترد: «لا لم يسرق مني شيئاً. فهذا المسلسل هو مشروع حياتي والأقرب إلى قلبي، وزودني بإيجابيات كثيرة لا سلبيات فيها. وهذه الخسارات التي تتحدثين عنها ستكون مؤقتة فأنا كاتبة حرة وقلمي ليس محصوراً بشركة إنتاج واحدة. وسأكون موجودة دائماً حيث أشعر بالراحة».
غاب قلم نادين جابر عن الجزء الثاني من «صالون زهرة 2»، ولم يعرف المشاهد أسباب هذا الابتعاد. توضح: «هذا الأمر يحصل في العالم أجمع، فيتغير كتاب أجزاء مسلسل ما بشكل طبيعي». وعما إذا تابعته ترد: «رأيت بعض المقتطفات منه كما أن علاقة وطيدة تربطني بكاتبته كلوديا مرشيليان. وقد اتصلت بي عندما اختيرت لكتابة جزئه الثاني، وهنأتُها وتمنيت لها كل التوفيق».
ومن ناحية ثانية، تؤكد جابر أنها جاهزة للتعاون مع نادين نسيب نجيم في أي عمل درامي، «ولم لا؟ بالنهاية هناك ظروف في الحياة تأخذنا إلى مطارح نجهلها. وكوني كاتبة مستقلة فليس عندي أي مانع من التعامل مع الآخر. ولكن بمقدوري أن أكتب مسلسلاً واحداً يتألف من 30 حلقة وآخر من 15 حلقة ليس أكثر في السنة الواحدة».
تلفتها حالياً الممثلة ديمة قندلفت، وأرسلت إليها رسالة تقدير إثر متابعتها لها في «ستليتو». وتعلق: «على بالي التعاون معها في عمل درامي ولا أعرف لماذا عندما أفكر ببطل لعمل ما أتوجه بشكل لا إرادي نحو النجمات النساء. قد يعود ذلك لأني ناشطة في موضوع حقوق المرأة. وكذلك أحب أن أتعاون يوماً ما مع نيللي كريم ونانسي عجرم في حال كان عندها نية للتمثيل. وكذلك أحب هيفاء وهبي التي أجدها ممثلة خطيرة».
ومن ناحية النجوم الرجال فهي تختار قصي الخولي وباسل خياط، ومن مصر تختار عمرو يوسف.
تشير جابر في سياق حديثها إلى أنها ليست ضد ظاهرة تعريب مسلسلات أجنبية. فهي خاضت هذه التجربة في «عروس بيروت1». ورأت فيها ظاهرة منتشرة في جميع بلدان العالم، وأن فيلم «أصحاب ولا أعز» هو مثال على ذلك. فقد سبق وتم إنتاجه في أكثر من بلد، وبنسخات متعددة.
وعن اسم المسلسل الذي قد يغريها لتقوم بتعريبه اختارت الأميركي «بريزن بريك». «النصوص تلعب دوراً كبيراً في مواكبة الدراما وتطورها. كما أن الأجيال تتغير وتتبدل أذواقها. أحفادي مثلاً لديهم اهتمامات بدراما غير التي تجذبنا كـ(السوب أوبرا) التي تتبعها شركات إنتاج كبرى اليوم. ونتابع مؤخراً (الثمن) كمسلسل من هذا النوع ويلاقي نجاحاً كبيراً. حتى المسلسلات القصيرة تتمتع بجماهيرية لا يستهان بها، وهي مرغوب فيها في حال تم تنفيذها على المستوى المطلوب».
وعن إمكانية توجهها إلى السينما تجيب: «يخطر على بالي هذا الأمر ومؤخراً، شاهدت الفيلم الأردني (بنات عبد الرحمن)، وأعجبت به كثيراً. فحفزني على دخول السينما بعد أن شعرت بغيرة إيجابية، هنأت الممثلين ومخرجه. فشخصياته رائعة ويسلط الضوء على مشاكل تعاني منها المرأة العربية. لديّ نص سينمائي جاهز ولكن يلزمه ميزانية مرتفعة. فهو يتطلب الكثير من التحضيرات كونه يجري في حقبة زمنية معينة. يلزمه أزياء وإكسسوارات وأماكن تصوير تتناسب مع موضوعه».
وتختم جابر متناولة المنصات الإلكترونية وانعكاسها الإيجابي على الساحة. وعما إذا نحن اليوم نفتقد إلى أقلام جديدة ترد: «انفتاحنا على هذه المنصات أبرز مدى حاجتنا لأقلام جديدة. فنحن في لبنان عددنا قليل وكذلك في سوريا، وما عاد هناك من توازن بين العرض والطلب. لذلك على المنتجين إعطاء الفرص لكتاب جدد».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

بثّ مباشر «بلا دراما» لزوجَي طيور يتقاسمان رعاية البيض

الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)
الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)
TT

بثّ مباشر «بلا دراما» لزوجَي طيور يتقاسمان رعاية البيض

الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)
الطير المهيب يمتدّ جناحاه لـ3 أمتار (أ.ب)

شاهد آلاف المعجبين المتحمّسين برامج واقعية عن أزواج ينتظرون وصول مواليدهم الجدد، لكن نجمَي برنامج «رويال كام»، الذي يُعرَض موسمه العاشر حالياً، ليسا من الشخصيات الاجتماعية أو الباحثين عن الحبّ، وإنما طيرَا القطرس الملكي الشمالي (الباتروس)، وهي طيور بحرية مهيبة من نيوزيلندا ذات أجنحة تمتدّ لمسافة 3 أمتار.

ووفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، أُطلق البثّ المباشر طوال 24 ساعة لموسم تكاثُر هذه الطيور في منطقة رأس تاياروا الصخرية النائية بجزيرة نيوزيلندا الجنوبية، بهدف زيادة الوعي حول هذه الأنواع المهدَّدة بالانقراض، والتي شهد نمو أعدادها زيادة بطيئة على مدى عقود من إجراءات حفظ الأنواع المضنية. وقد شاهد ملايين الأشخاص هذا البثّ منذ انطلاقه عام 2016.

وقالت شارين بروني من إدارة الحفاظ على البيئة، التي عملت مع هذه الطيور لـ3 عقود: «قبل ذلك، كانت تصعب متابعة دورة حياة طيور القطرس؛ لأنها لا تطأ اليابسة إلا لـ15 في المائة من الوقت. لذلك توجَّب السفر مسافات طويلة لرؤية أحدها».

«رويال كام» نادراً ما يتضمَّن مواقف درامية (أ.ب)

زادت شهرة برنامج «رويال كام» بشكل كبير خلال جائحة «كورونا». فعلى صفحة التعليقات المزدحمة التي تستضيفها إدارة الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا، يتتبَّع المعجبون المُخلصون مواقع الطيور عبر تطبيق، ويناقشون اللحظات المهمّة، ويستحدثون فنوناً مستوحاة من القطرس.

وفكرة تلفزيون الواقع الخالي من الدراما هذه تبدو بسيطة. ففي كل موسم، يختار حراس المحميات زوجين من القطرس ليكونا النجمَيْن. وتتبع كاميرا مثبتة في الرأس الطيور المُختارة؛ وَضْعها للبيض واحتضانه، ثم مرحلة الفقس بحلول فبراير (شباط)، فالنمو، حتى البلوغ والطيران.

على عكس برامج الواقع التي يظهر فيها الإنسان، فإنّ «رويال كام» نادراً ما يتضمَّن مواقف درامية؛ ذلك لأنّ طيور القطرس الملكية عادةً ما تتزاوج طوال حياتها. كما أنّ الحراس الذين يختارون الطيور التي سيتابعها المشاهدون كل موسم، يتجنّبون تلك ذات الطبيعة العدوانية أو الغاضبة أو التي تبيض للمرة الأولى.

أما الطيران اللذان اختيرا للموسم الحالي، فهما «RLK»؛ ذكر يبلغ 12 عاماً، و«GLG»؛ أنثى تبلغ 14 عاماً، وقد رُبّيا فرخَيْن من قبل، واسماهما مشتقّان من ألوان أشرطة يضعها الحراس على أرجلهما. قالت بروني: «إنهما زوجان في مرحلة الشباب نسبياً، لكنهما ليسا صغيرَيْن إلى درجة أنهما لا يعرفان ما يفعلانه».

طائر القطرس الملكي الشمالي يعيش طويلاً ويتكاثر ببطء (أ.ب)

تتطوَّر الأحداث ببطء، وهو ما يعدُّه كثير من المعجبين «متعة العرض»؛ إذ تمرُّ السحب ببطء، وتبحر السفن في الأفق، وتغيب الشمس بألوان ورديّة متوهّجة. وخلال شهر يناير (كانون الثاني)، يجلس أحد طيور القطرس على البيض. لكنّ المشاهدين المنتظمين يتوقّعون بعض اللحظات المميّزة، مرّة كل 10 أيام تقريباً، حين يعود الطائر الثاني إلى الراحة بعد التغذية في البحر ليحلَّ محل الطائر الآخر الذي يعتني بالعشّ. ومن بين أبرز اللحظات المفضَّلة، هبوط طيور القطرس المفاجئ، ورقصات التزاوج.

معجبون يصبحون أصدقاء

لم تزُر فرانس بيلير، وهي فنانة تعيش في مونتريال، نيوزيلندا من قبل، لكنها اكتشفت «رويال كام» للبثّ المباشر خلال الجائحة، وأحبَّت هذه الكائنات «الغامضة»، وأصبحت من المشاهدين الدائمين. تقول إنها ترى الطيور وكل مغامراتها وحياتها وكفاحها من أجل تربية صغارها.

استمرَّت أيضاً في المشاهدة بسبب المجتمع العالمي للمعلِّقين عبر التطبيق. فعلى عكس مواقع الإنترنت عادةً، تبدو التعليقات البالغة نحو 75 ألفاً مُشجِّعة وتعليمية للجميع.

تتطوَّر الأحداث ببطء... وهو ما يعدُّه معجبون «متعة العرض» (أ.ب)

وقائع...

كان موسما التكاثر الماضيان من الأكثر نجاحاً على الإطلاق بالنسبة إلى الطيور؛ إذ بلغ عدد فرخها 33 كل عام، وبات هناك أكثر من 60 زوجاً من الطيور القادرة على التكاثر في المستعمرة، بعدما بدأت إجراءات حفظ الأنواع عام 1937 بزوج واحد. لكن التقدُّم يبدو بطيئاً؛ فطائر القطرس الملكي الشمالي يعيش طويلاً ويتكاثر ببطء. وبعد أول رحلة له، يبقى الصغار في البحر بين 4 و10 سنوات. كما أنه يسافر حتى 118 ألف ميل في السنة، ثم يقضي نحو ثلاث سنوات في اختيار شريك، ويعيش حتى نحو 40 عاماً.

وتُعدُّ مستعمرة البرّ الرئيس في نيوزيلندا، وهي واحدة من 4 مواقع، موطناً لـ1 في المائة من الطيور البالغ عددها 170 ألفاً على مستوى العالم. وإذ أثبتت تدابير التكاثر نجاحها؛ تقول بروني إنّ الطيور أصبحت مهدَّدة أكثر من أي وقت بسبب التلوّث الناجم عن مخلّفات البلاستيك، والصيد الجائر، وارتفاع درجات حرارة البحار.

أما بيلير فقالت إنّ موت أحد الفراخ بسبب ابتلاعه البلاستيك عام 2023، جعلها تقلّل بشكل كبير من استخدام هذه المواد في منزلها، كما أنّ طائر القطرس الملكي أصبح جزءاً من عملها لكونها فنانة لنحت الحيوانات.

ووصفت البثّ المباشر من رأس تاياروا بأنه «مكان مهدّئ للأعصاب بشكل حقيقي». وأضافت: «هنا لا ترى سوى الأمور الإيجابية، وغالباً ما يقول المعلِّقون إنه أفضل مكان يمكن أن يكونوا فيه».