الليرة اللبنانية تواصل تدحرجها أمام الدولار

بعد تنظيم «المركزي» تدخله في سوق القطع

مركز صرافة في لبنان حيث يسجل الدولار أرقاماً قياسية مقابل الليرة (رويترز)
مركز صرافة في لبنان حيث يسجل الدولار أرقاماً قياسية مقابل الليرة (رويترز)
TT

الليرة اللبنانية تواصل تدحرجها أمام الدولار

مركز صرافة في لبنان حيث يسجل الدولار أرقاماً قياسية مقابل الليرة (رويترز)
مركز صرافة في لبنان حيث يسجل الدولار أرقاماً قياسية مقابل الليرة (رويترز)

واصلت الليرة اللبنانية تدحرجها أمام الدولار، الذي ارتفع سعر صرفه بشكل قياسي، أمس (الاثنين)، بعد ساعات على قرارات للمصرف المركزي أعاد فيها تنظيم تدخله في الأسواق عبر تحديد آلية جديدة لمنصة «صيرفة»، تقضي بمنع الشركات من الاستفادة منها، وتخصيصها للأفراد فقط.
وقفز سعر الصرف من 42 ألف ليرة للدولار الواحد يوم السبت، إلى 46 ألفاً أمس، علماً بأنه وصل قبل أسبوعين إلى حدود 48 ألفاً، ثم هبط إلى مستوى 42 ألفاً بعد إعلان المصرف المركزي عن مبادلة الليرات بالدولار، عبر منصته «صيرفة»، وإنفاقه أكثر من 1.2 مليار دولار خلال أيام قليلة، بغرض سحب الكتلة النقدية بالعملة المحلية من أيدي الصرافين.
و«صيرفة» هي منصة لسعر الصرف عائدة لمصرف لبنان المركزي، عادة ما يكون سعر الدولار فيها أقل بنحو 4 أو 5 آلاف ليرة من سعر صرف الدولار في السوق السوداء. ويتم على أساسها احتساب سعر الخدمات الحكومية، مثل فواتير الكهرباء، وسعر الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، بدءاً من مطلع الشهر المقبل.
ووضعت مصادر مصرفية الارتفاع السريع بسعر صرف الدولار مقابل الليرة، أمس، ضمن إطار «ردة فعل نفسية على قرارات المركزي»، التي أعلن عنها ليل الأحد. لكنها أشارت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المصرف المركزي «حاول تنظيم تدخله، بهدف تنظيم سوق القطع، بما يتلاءم مع قواعد العمل بالمصارف الخاصة اللبنانية».
وكان «المركزي» قد أعلن قبل أسبوعين عن توفير الدولار الأميركي للراغبين بمبادلته من مؤسسات وأفراد، بلا سقف، عبر منصة «صيرفة» حيث استطاع بعض اللبنانيين أن يبادل مبالغ مالية تصل إلى مليار ليرة لبنانية لكل فرد، ما رفع قيمة الدولارات المبيعة عبر «صيرفة» إلى حدود 1.2 مليار دولار. ووصلت قيمة ما تمت مبادلته خلال الأسبوع الماضي إلى نحو 50 تريليون ليرة لبنانية، وهو مبلغ يعادل نحو 70 في المائة من حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية الموجودة في السوق اللبنانية.
وإزاء هذا الإقبال «غير المسبوق» على صرف الدولارات من «صيرفة»، اضطر المصرف المركزي لتغيير قواعد اللعبة، واتخذ تدابير أخرى، أهمها وقف صرف الدولارات للمؤسسات وحصرها بالأفراد، ووضع سقف للمبادلة بـ100 مليون ليرة فقط، وهو ما أثار ردة الفعل التي انعكست ارتفاعاً لسعر الدولار في الأسواق الموازية أمس.
وقالت مصادر مالية إن القرار الذي اتخذه حاكم المصرف المركزي رياض سلامة «عائد إلى محاولة شركات استيراد لمنتجات حيوية، استغلال التعميم لتحقيق مزيد من الأرباح»، موضحة أن بعض المستوردين والشركات «يسعرون منتجاتهم على سعر صرف السوق وأكثر منه، وفي المقابل حملوا الليرات إلى المصارف لمبادلتها على سعر صيرفة، ما جعل أرباحهم مضاعفة»، في وقت تساهم مبادلة الليرات عبر «صيرفة» بتمكين اللبنانيين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة، ومعظمهم من موظفي القطاع الحكومي، من رفع قدراتهم الشرائية بالنظر إلى أن معظم أسعار السلع في لبنان باتت مدولرة.
وتنسجم التدابير الأخيرة التي اتخذها المركزي مع قواعد العمل بالمصارف اللبنانية، حسبما تقول المصادر، لافتة إلى أن القرار الأخير قضى بحصر المبادلة بـ100 مليون ليرة، ما يعيد الوضع ما كان عليه في الأشهر السابقة لجهة تدخل «المركزي» في السوق، وتجنب حمله تكاليف عالية تترتب عليه، تضطره لتعويض الحاجة بالحصول على الدولار من الأسواق الموازية.
وإزاء الحديث عن ارتفاع المبلغ الذي تدخل به «المركزي» في الأيام الماضية عبر منصة «صيرفة»، أوضحت المصادر أن «التداول على المنصة يتضمن مجموع الدولارات التي دخلت إلى مصرف لبنان وتلك التي دفعها مصرف لبنان، تضاف إليها عمليات المصارف والصرافين التي تسجل على (صيرفة)». ولفتت إلى أن «ازدياد حجم التداول على المنصة في الأيام القليلة الماضية طبيعي ومتوقع؛ حيث تم السماح للجمهور ببيع الدولار وشرائه دون قيود عبر المنصة من خلال مصارفهم».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

أطفال عائدون إلى سوريا الجديدة بعد سنوات لجوء في تركيا

سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)
سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)
TT

أطفال عائدون إلى سوريا الجديدة بعد سنوات لجوء في تركيا

سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)
سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)

تكاد لا تعرف ريان عساني شيئاً تقريباً عن سوريا التي لم تنشأ فيها، ولكن في غضون دقائق ستعبر بوابة جيلفي غوزو الحدودية مع والديها باتجاه بلادها التي شهدت سقوط حكم بشار الأسد، الأحد.

بصوت يُسمع بصعوبة، تقول الفتاة ذات الأعوام الثمانية والشعر الأسود الطويل: «سيكون الأمر رائعاً»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

الطفلة السورية ريان عساني البالغة من العمر 8 سنوات تنتظر مع أمتعتها لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في قضاء الريحانية في هاتاي بتركيا في 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وتعترف شقيقتها الكبرى مروة (17 عاماً) بأنّها «بكت كثيراً»، الأربعاء، في الحافلة أثناء مغادرة إسطنبول التي لجأت عائلتها إليها في عام 2012 هرباً من الحرب.

من مسافة أمتار قليلة، يحمل رجل ابنه الصغير بين ذراعيه، وقد لفّه بالعلم التركي، بينما تغطّي الشوكولاته فمه.

ومِثْل كثير من اللاجئين السوريين البالغ عددهم 3 ملايين شخص على الأراضي التركية، سارع الأب مع زوجته وابنه للعودة إلى دمشق التي يتحدّر منها، ويقول: «نريد أن نشكر تركيا على استقبالنا».

لاجئون سوريون يعيشون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي بالريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)

«قُبلة على الخد»

في الطابور الطويل الذي تشكَّل منذ الفجر، تقف مؤمنة حامد مرتدية معطفاً أسود ووشاحاً وردياً بينما تراقب توأميها حسام ووائل (6 أعوام).

يعرب وائل عن أمله في أن تكون هناك قطط في حماة، ويقول: «سوريا أكبر من إسطنبول».

وبينما ينظر إلى والدته، يضيف أنّ أكثر ما سيفتقده في إسطنبول: «أصدقائي... ومعلّمتي».

من جهته، يقول شقيقه حسام إنّه سيفتقد صديقته، ويعترف لوالدته بأنّها «أعطته قبلة على الخد»، بينما كانت تودّعه.

سورية مقيمة في تركيا تحتضن طفلها بانتظار الدخول إلى سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)

«كتاب اللغة التركية»

كذلك، حضرت عائلة الخضر إلى المعبر وهدفها الوصول إلى إدلب التي تبعد 40 دقيقة بالسيارة.

وتقول ليلى (12 عاماً) التي تضع قبعة تغطّي أذنيها: «سيكون الأمر أفضل من تركيا»، رغم أنّها تبدو كما لو أنّها لا تصدّق ذلك كثيراً، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

لا تعرف الفتاة التي تجرّ وراءها حقيبة سوداء كبيرة وقديمة، كيف ستكون سوريا بعدما تركتها مع والدتها ندى عندما كانت في الشهر السادس من عمرها.

ترتدي شقيقتاها الصغيرتان حذاءين باللون الوردي رغم الشتاء القارس. وفيما لا تحمل أيّ منهن ألعاباً، تقول الأم: «والدهما سيحضر الألعاب لهما عندما ينضم إلينا بعد بضعة أشهر إن شاء الله... في الوقت الحالي، لا يزال يعمل في تركيا».

الطفلة السورية ليلى 12 عاماً تنتظر مع أمتعتها لدخول سوريا للعودة إلى إدلب من تركيا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في منطقة الريحانية بهاتاي بتركيا في 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

توضح ليلى بخجل أنّها تحمل في حقيبتها «كتاب اللغة التركية». وتقول الأم إنها تحمل أيضاً «مصحفاً شريفاً».

وتقول ليلى التي لا تعرف متى تبدأ المدرسة تحديداً في سوريا، إنّها «تقرأ العربية قليلاً».

قبل مغادرتها، لم تخبر هذه الأخيرة أصدقاءها في إسطنبول بأنّ، الأربعاء، هو يومها الأخير في المدينة، وتقول: «كنت حزينة جداً، ولكنني لم أرِد أن يحزنوا أيضاً».