ألمانيا تحبط اعتداءً إرهابياً بالأسلحة البيولوجية

المتهم إيراني متعاطف مع «داعش»

خبراء يفحصون المواد التي تم العثور عليها في منزل إيراني بمنطقة كاستروب روكسل (أ.ب)
خبراء يفحصون المواد التي تم العثور عليها في منزل إيراني بمنطقة كاستروب روكسل (أ.ب)
TT

ألمانيا تحبط اعتداءً إرهابياً بالأسلحة البيولوجية

خبراء يفحصون المواد التي تم العثور عليها في منزل إيراني بمنطقة كاستروب روكسل (أ.ب)
خبراء يفحصون المواد التي تم العثور عليها في منزل إيراني بمنطقة كاستروب روكسل (أ.ب)

أحبطت ألمانيا اعتداءً إرهابياً بمواد كيميائية في البلاد، كان يعد له مواطن إيراني اعتُقل من منزله في ولاية شمال الراين فستفاليا، في مداهمة نفذتها القوات الخاصة منتصف الليل.
وعلى الرغم من التسريبات الأولية التي تفيد بأن المعتقل، البالغ من العمر 32عاماً، قد يكون تصرف بناء على أوامر من النظام الإيراني، فإنه يبدو أنه كان متعاطفاً مع تنظيم «داعش»، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الألمانية» عن دوائر أمنية.
وداهم عناصر من القوات الخاصة، مجهزين بأقنعة واقية، منزل المتهم في منطقة كاستروب روكسل، يرافقهم خبراء بالمواد الكيميائية من معهد روبرت كوخ للأمراض الوبائية، واعتقلوه إلى جانب شقيقه الذي كان موجوداً داخل المنزل. ومن غير الواضح ما إن كان شقيق المتهم متورطاً بالتحضير للاعتداء الإرهابي، أم كان وجوده مصادفة.
ونقل موقع «بيلد» الألماني أن شقيق المتهم كان في مصح عقلي وأُخرج لبضعة أيام.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، بعد الكشف عن العملية، إن خطر الاعتداءات الإرهابية من قبل متطرفين على ألمانيا ما زال قائماً، مضيفة أن ما حصل يدل أن «علينا أن نبقى دائماً متيقظين».
ومنذ عام 2000، أحبطت السلطات الألمانية 21 اعتداءً متطرفاً، كان جزء كبير منها بعد حصولها على معلومات من وكالة استخبارات تصفها ألمانيا بـ«الصديقة».
وتحركت السلطات الأمنية في ألمانيا للقبض على المتهم الإيراني، الذي وصل مع شقيقه الى ألمانيا عام 2015، بعد أن حصلت على معلومات من الاستخبارات الأميركية بأن الرجل كان يعد لعمل إرهابي. وعلى الرغم من دفع أدلة من منزل المتهم، قال محققون إنها تخضع للتقييم، فإن الشرطة لم تعثر على مواد كيميائية قالت إنه حصل عليها، وكان يريد استخدامها في تنفيذ اعتداء كيميائي.
وقال المدعي العام في دوسلدورف لموقع «دي فيلت» إن الشرطة «لم تعثر على مواد كيميائية» خلال عملية التفتيش، ولكنها رفعت أدلة أخرى يمكن استخدامها في التحقيق.
ونقل موقع «بيلد» أن الطرف الأميركي أبلغ الجانب الألماني بأن خطط الاعتداء كانت «في مراحل متقدمة»، وأن الرجل كان يعد لتنفيذ العملية الإرهابية ليلة رأس السنة، ولكنه لم يتمكن من ذلك؛ بسبب عدم قدرته على جمع مواد كيميائية كافية، وغيَّر خطته قبل أيام قليلة.
وكتب الموقع أن الرجل «كان مهتماً بشراء مادتي الرايسين والسيانيد على الإنترنت»، في خطوة يبدو أنها لفتت نظر المخابرات إليه.
ونقل «بيلد» أيضاً عن مصادر أمنية، أن الطرف الأميركي أبلغ نظراءه الألمان بأن الرجل «متعاطف» مع تنظيم «داعش»، وأراد أن ينفذ الهجوم باسم التنظيم الإرهابي.
وكان وزير داخلية ولاية شمال الراين فستفاليا، هيربيرت رويل، قال «إن السلطات حصلت على معلومات جادة دفعتها للتحرك بسرعة». لكن المدعي العام في دوسلدورف، هولغر هيمنغ، أبلغ «وكالة الصحافة الفرنسية» أن تفتيش منزل الرجل في بلدة كاستروب روكسيل لم يفض إلى العثور على أي دليل لوجود مواد سامة.
والمادتان اللتان يتهم المواطن الإيراني بحيازتهما (الرايسين والسيانيد) يمكن لكميات صغيرة منهما أن تكون فتاكة، ولا توجد لهما مضادات يمكن أن تستخدم بعد استنشاقهما. ويصنف معهد روبرت كوخ سم الرايسين ضمن «الأسلحة البيولوجية».
ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن السلطات أن المتشبه به «لم يكن يعمل بتكليف من السلطات الإيرانية».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أحبطت السلطات الأمنية في ولاية شمال الراين فستفاليا محاولات عدة لاعتداءات على مراكز عبادة يهودية بعد اعتقال ألماني - إيراني قيل إنه كان يعد للهجمات ضمن خلية إرهابية.
وفتح الادعاء العام تحقيقاً في «الحرس الثوري» الإيراني لإثبات إعطائه الأوامر للمتهم بإنشاء خلية لتنفيذ العمليات ضد مراكز العبادة اليهودية.
كان رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) توماس هالدنفانغ، أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تكثيف «تتبع إيران لمنشآت يهودية أو أهداف لها علاقة بدولة إسرائيل».
وأضاف هالدنفانغ: «يجب أن نفترض أن هذا يحدث حتى يتم التمكن من اتخاذ إجراءات ضد هذه الأهداف في وقت معين». وفي الوقت نفسه لفت هالدنفانغ إلى استمرار ارتفاع خطر هجمات التنظيمات المتشددة، ولا سيما عبر «الذئاب المنفردة»، التي اعتنقت الفكر المتشدد بنفسها.
وفي عام 2018، أحبطت السلطات الأمنية في ألمانيا هجوماً مشابهاً، عندما اعتقلت رجلاً يحمل الجنسية التونسية مع زوجته الألمانية في مدينة كولون، كان يعد قنبلة يدوية مستخدماً مادة الرايسين. واعتُقل الرجل آنذاك بعد أن لفت نظر المخابرات بشرائه كميات كبيرة من مادة الرايسين ومواد كيميائية أخرى عبر الإنترنت، واتهم بأنه كان متعاطفاً مع تنظيم «داعش»، وأراد تنفيذ الهجوم باسم التنظيم.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

العالم ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

عشية بدء المستشار الألماني أولاف شولتس زيارة رسمية إلى أفريقيا، هي الثانية له منذ تسلمه مهامه، أعلنت الحكومة الألمانية رسمياً إنهاء مهمة الجيش الألماني في مالي بعد 11 عاماً من انتشاره في الدولة الأفريقية ضمن قوات حفظ السلام الأممية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة الألمانية شددت على أنها ستبقى «فاعلة» في أفريقيا، وملتزمة بدعم الأمن في القارة، وهي الرسالة التي يحملها شولتس معه إلى إثيوبيا وكينيا.

راغدة بهنام (برلين)
العالم ألمانيا لتعزيز حضورها في شرق أفريقيا

ألمانيا لتعزيز حضورها في شرق أفريقيا

منذ إعلانها استراتيجية جديدة تجاه أفريقيا، العام الماضي، كثفت برلين نشاطها في القارة غرباً وجنوباً، فيما تتجه البوصلة الآن شرقاً، عبر جولة على المستوى الأعلى رسمياً، حين يبدأ المستشار الألماني أولاف شولتس، الخميس، جولة إلى منطقة القرن الأفريقي تضم دولتي إثيوبيا وكينيا. وتعد جولة المستشار الألماني الثانية له في القارة الأفريقية، منذ توليه منصبه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021. وقال مسؤولون بالحكومة الألمانية في إفادة صحافية، إن شولتس سيلتقي في إثيوبيا رئيس الوزراء آبي أحمد والزعيم المؤقت لإقليم تيغراي غيتاتشو رضا؛ لمناقشة التقدم المحرز في ضمان السلام بعد حرب استمرت عامين، وأسفرت عن مقتل عشرات

العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الرياضة مدير دورتموند: لن أخوض في نقاش ضربة الجزاء غير المحتسبة أمام بوخوم

مدير دورتموند: لن أخوض في نقاش ضربة الجزاء غير المحتسبة أمام بوخوم

لا يرغب هانز يواخيم فاتسكه، المدير الإداري لنادي بوروسيا دورتموند، في تأجيج النقاش حول عدم حصول فريقه على ركلة جزاء محتملة خلال تعادله 1 - 1 مع مضيفه بوخوم أول من أمس الجمعة في بطولة الدوري الألماني لكرة القدم. وصرح فاتسكه لوكالة الأنباء الألمانية اليوم الأحد: «نتقبل الأمر.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
شؤون إقليمية الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

قال الاتحاد الأوروبي إنه «يدين بشدة» قرار القضاء الإيراني فرض عقوبة الإعدام بحق المواطن الألماني - الإيراني السجين جمشيد شارمهد، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأيدت المحكمة العليا الإيرانية يوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر بحق شارمهد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.