ألمانيا لتعزيز حضورها في شرق أفريقيا

شولتس يبدأ جولة تضم إثيوبيا وكينيا

شولتس لدى إلقائه كلمة في شويرتن بألمانيا في 28 أبريل (رويترز)
شولتس لدى إلقائه كلمة في شويرتن بألمانيا في 28 أبريل (رويترز)
TT

ألمانيا لتعزيز حضورها في شرق أفريقيا

شولتس لدى إلقائه كلمة في شويرتن بألمانيا في 28 أبريل (رويترز)
شولتس لدى إلقائه كلمة في شويرتن بألمانيا في 28 أبريل (رويترز)

منذ إعلانها استراتيجية جديدة تجاه أفريقيا، العام الماضي، كثفت برلين نشاطها في القارة غرباً وجنوباً، فيما تتجه البوصلة الآن شرقاً، عبر جولة على المستوى الأعلى رسمياً، حين يبدأ المستشار الألماني أولاف شولتس، الخميس، جولة إلى منطقة القرن الأفريقي تضم دولتي إثيوبيا وكينيا.
وتعد جولة المستشار الألماني الثانية له في القارة الأفريقية، منذ توليه منصبه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021.
وقال مسؤولون بالحكومة الألمانية في إفادة صحافية، إن شولتس سيلتقي في إثيوبيا رئيس الوزراء آبي أحمد والزعيم المؤقت لإقليم تيغراي غيتاتشو رضا؛ لمناقشة التقدم المحرز في ضمان السلام بعد حرب استمرت عامين، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، كما سيلتقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، لمناقشة آخر التطورات في السودان والتعاون الاقتصادي والتحديات العالمية مثل تغير المناخ، وسيجتمع يوم الجمعة مع رئيس كينيا لمناقشة التجارة وغيرها من القضايا».
وسافر شولتس في مايو (أيار) الماضي، وبعد أقل من 6 أشهر على توليه منصبه إلى أفريقيا لأول مرة. في ذلك الوقت زار شولتس جنود الجيش الألماني المتمركزين في النيجر، كما زار السنغال وجنوب أفريقيا. وخلال الجولة أكد شولتس من دكار أنّ بلاده تريد العمل مع السنغال في مجالي الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي المسال. وأشار شولتس إلى أنه «سيعمل كذلك بنشاط على تمكين إرسال صادرات الحبوب من أوكرانيا وتوريد الأسمدة إليها»، لافتاً إلى أنه «سيسعى إلى محاربة تغيّر المناخ لمنع الجفاف وأزمات الغذاء في أفريقيا».
والشهر الماضي، قام وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بزيارته الأولى لمنطقة الساحل الأفريقي، وقال إن بلاده ستبقى ملتزمة الأمن في المنطقة، ورافقته خلال الزيارة وزيرة التنمية سفينا شولتسه، التي قالت إن الزيارة «تُظهر أنّ الأمن يعني أكثر من مجرّد الأمن العسكري».
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، زار وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك كلاً من ناميبيا وجنوب أفريقيا؛ لبحث التعاون في مجال الطاقة النظيفة، وأسفرت الزيارة عن تدشين أضخم مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في ناميبيا، ما وضع الدولة على الطريق لتصبح أول مركز لتصدير الهيدروجين الأخضر في القارة، وأعلن الرئيس الناميبي هاجي جينغوب أن المشروع الذي تتولّاه شركة «هايفين هيدروجين إنرجي»، والبالغ إجمالي قيمته 170 مليار دولار ناميبي (10 مليارات دولار أميركي)، بدأ تنفيذه خلال الربع الأول من العام الحالي (2023).
وفي ديسمبر (كانون الأول)، العام الماضي، أعلنت برلين أنها تعتزم تطبيق استراتيجية جديدة تجاه أفريقيا، قالت إنها ستركز على الاستثمارات في مجالات الطاقة المتجددة، وتعزيز التحول العادل للطاقة في القارة، علاوة على خلق أسواق جديدة. وحددت الاستراتيجية الصين وروسيا وتركيا كقوى «منافسة» لها في القارة الأفريقية.
ويرى خالد ميار الإدريسي، رئيس «المركز المغربي للدارسات الدولية والمستقبلية»، أن الجولة الألمانية «تأتي في سياق التنافس الجيو - اقتصادي الدولي في القارة». وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «تكثيف النشاط في أفريقيا من جانب برلين يأتي في وقت تريد فيه إيطاليا أن تكون مركز أوروبا لضمان الطاقة وتراجع دور فرنسا وشعبيتها في القارة، وهو ما تسعى روسيا إلى استغلاله».
واعتقد الإدريسي أن «محور ضمان استدامة الطاقة حاسم للاقتصاد الألماني الذي يعاني جراء نتائج الحرب الروسية - الأوكرانية التي دفعت برلين لتنويع مصادر الطاقة في إطار خطتها للتخلي عن واردات الطاقة الروسية».
وقال: «كينيا بالفعل شريك تجاري مهم لبرلين التي تملك حضوراً تاريخياً هناك، وتخطط نيروبي لتغطية احتياجاتها من الطاقة بالكامل باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030»، مضيفاً أن التربة والمناخ في كينيا يوفران «ظروفاً ممتازة» لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتأمل ألمانيا في استيراد ذلك الهيدروجين والمساهمة في إنتاجه مثلما يحدث الآن في ناميبيا والمغرب».
من جهته، يرى الخبير المصري في الشؤون الأفريقية رامي زهدي أن برلين «مهتمة بالعلاقات مع إثيوبيا التي تمثل مركز ثقل سياسي في القارة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تواجه أديس أبابا مشكلات اقتصادية وسياسية قد تسعى ألمانيا للتعاون في حلحلتها ما يمهد لتعاون اقتصادي وجيواستراتيحي متبادل أكبر». ورأى زهدي أن مقابلة حاكم تيغراي من جانب شولتس تبرز «اهتماماً ألمانياً بتحقيق الأمن والسلم في البلاد، وتعزيزاً لأدوار مستقبلية للدبلوماسية الألمانية في هذا السياق».
ووقعت حكومة آبي أحمد و«الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» اتفاق سلام في جنوب أفريقيا في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أنهى عامين من الصراع الدامي بالإقليم. وتم تعيين القيادي في جبهة تيغراي غيتاتشو رضا رئيساً للإدارة المؤقتة لمنطقة تيغراي، كما شطب البرلمان جبهة تحرير شعب تيغراي من القائمة الرسمية للمنظمات الإرهابية، في خطوة قال إنها ستساهم في تعزيز اتفاق السلام.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

العالم ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

ألمانيا تسحب قواتها من مالي... وتؤكد أنها «باقية»

عشية بدء المستشار الألماني أولاف شولتس زيارة رسمية إلى أفريقيا، هي الثانية له منذ تسلمه مهامه، أعلنت الحكومة الألمانية رسمياً إنهاء مهمة الجيش الألماني في مالي بعد 11 عاماً من انتشاره في الدولة الأفريقية ضمن قوات حفظ السلام الأممية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة الألمانية شددت على أنها ستبقى «فاعلة» في أفريقيا، وملتزمة بدعم الأمن في القارة، وهي الرسالة التي يحملها شولتس معه إلى إثيوبيا وكينيا.

راغدة بهنام (برلين)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الرياضة مدير دورتموند: لن أخوض في نقاش ضربة الجزاء غير المحتسبة أمام بوخوم

مدير دورتموند: لن أخوض في نقاش ضربة الجزاء غير المحتسبة أمام بوخوم

لا يرغب هانز يواخيم فاتسكه، المدير الإداري لنادي بوروسيا دورتموند، في تأجيج النقاش حول عدم حصول فريقه على ركلة جزاء محتملة خلال تعادله 1 - 1 مع مضيفه بوخوم أول من أمس الجمعة في بطولة الدوري الألماني لكرة القدم. وصرح فاتسكه لوكالة الأنباء الألمانية اليوم الأحد: «نتقبل الأمر.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
شؤون إقليمية الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

قال الاتحاد الأوروبي إنه «يدين بشدة» قرار القضاء الإيراني فرض عقوبة الإعدام بحق المواطن الألماني - الإيراني السجين جمشيد شارمهد، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأيدت المحكمة العليا الإيرانية يوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر بحق شارمهد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم مقاتلات ألمانية وبريطانية تعترض طائرات روسية فوق البلطيق

مقاتلات ألمانية وبريطانية تعترض طائرات روسية فوق البلطيق

اعترضت مقاتلات ألمانية وبريطانية ثلاث طائرات استطلاع روسية في المجال الجوي الدولي فوق بحر البلطيق، حسبما ذكرت القوات الجوية الألمانية اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. ولم تكن الطائرات الثلاث؛ طائرتان مقاتلتان من طراز «إس يو – 27» وطائرة «إليوشين إل – 20»، ترسل إشارات جهاز الإرسال والاستقبال الخاصة بها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.