دعت تركيا، جارتها اليونان، إلى التخلي عما وصفته بـ«المواقف المتشددة والاستفزازية»، والاستجابة لـ«يد الصداقة» الممدودة إليها. في الأثناء، عقدت أحزاب المعارضة التركية المنضوية تحت ما يسمى بـ«طاولة الستة» اجتماعاً مطولاً أعلنت في ختامه التوجه إلى البحث في مسألة تسمية المرشح الرئاسي المشترك الذي سينافس الرئيس رجب طيب إردوغان في الانتخابات المقررة في 18 يونيو (حزيران) المقبل.
ودعا وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، اليونان، إلى التخلي عن «مواقفها المتشددة والاستفزازية»، قائلاً: «لقد فعلنا كل ما يجب القيام به من أجل سلامة ورفاهية وحماية مواطنينا، البالغ عددهم 85 مليون نسمة، وسنواصل القيام بذلك في المستقبل أيضاً... نمد يد الصداقة بصدق إلى اليونان، لا تترددوا في إمساك يد الصداقة هذه».
وقال أكار، في تصريحات الجمعة، إن اليونان لن تحصل على شيء من خلال موافقها المتشددة واستفزازاتها، مضيفاً: «تعالوا لنتحدث ونتحاور بشكل مباشر... نحن نثق في أنفسنا لأننا على حق، لكن للأسف نرى مشكلة على الجانب الآخر (اليونان) في هذا الصدد... لا تتحمسوا لخوض مغامرة من خلال الاحتماء بالآخرين، لقد فعلتم هذا في الماضي والنتائج معروفة». وتابع أكار: «تركيا لا تشكل بأي حال من الأحوال تهديداً لأحد... تركيا حليف قوي وموثوق، يستمر وجودنا في جزيرة قبرص في إطار اتفاقيات الضمان والتحالف مع أشقائنا في (جمهورية شمال قبرص التركية) (غير معترف بها دولياً)».
والأسبوع الماضي، اتهم أكار السلطات اليونانية بالعمل على تخريب الاجتماعات والمحادثات مع بلاده، مضيفاً أن «بعض السياسيين اليونانيين يحاولون عن وعي زيادة التوتر... لقد فهم الجميع الآن حيلة اليونان، ونتوقع أن يكون الجميع أكثر حذراً في هذا الصدد». واعتبر أن اليونان تحاول تجسيد مشكلاتها مع تركيا على أنها مشكلات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأضاف: «نقول دائماً لمحاورينا إننا نؤيد الحوار والسلام، ونريد حل مشكلاتنا، من خلال المفاوضات، في إطار علاقات حسن الجوار والقانون الدولي... كانت هناك مشاورات وإجراءات لبناء الثقة، واجتماعات لإجراءات الفصل في (الناتو)، بين تركيا واليونان؛ لكن اليونان تبذل جهوداً كبيرة لمنع عقد هذه الاجتماعات والمحادثات».
واستأنفت تركيا واليونان العام الماضي المحادثات الاستكشافية التي توقفت على مدى 5 سنوات، لمعالجة الخلافات حول مجموعة من القضايا، مثل التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، والخلافات في بحر إيجه؛ لكنها سرعان ما توقفت مرة أخرى دون إحراز أي تقدم. كما سعى «الناتو» إلى عقد اجتماعات في إطار آلية لبناء الثقة بين البلدين الجارين العضوين، إلا أن هذه الاجتماعات توقفت أيضاً دون إحراز تقدم.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في يونيو الماضي، أن تركيا لن تعقد محادثات رفيعة المستوى مع اليونان المجاورة، عقب زيارة قام بها رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس، إلى الولايات المتحدة؛ حيث طالب في كلمة أمام الكونغرس بأخذ التوتر في شرق المتوسط في الاعتبار، عند النظر في مسألة بيع تركيا مقاتلات «إف - 16».
وخلال الشهر الماضي، كشفت أنقرة عن لقاء ثلاثي جمع وفوداً من تركيا واليونان وألمانيا في العاصمة البلجيكية بروكسل، لبحث سبل إعادة إطلاق قنوات الاتصال بين الجارتين تركيا واليونان اللتين تتصاعد الخلافات بينهما على خلفية النزاع على الجزر في بحر إيجه، وموارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، وأكدت برلين قيامها بوساطة لعقد الاجتماع وحل الخلافات.
في سياق متصل، قالت قيادة خفر السواحل التركي إنه تم إبعاد سفينة للبحرية اليونانية تحرشت بقوارب صيد تركية في بحر إيجه، الخميس، عبر إطلاق عيارات تحذيرية في الهواء. وأضافت، في بيان، أنه تم إرسال فريق إلى قبالة منطقة ديديم في ولاية أيدين (غرب تركيا) بعد تلقي تقارير عن تعرض قوارب صيد للمضايقة من قبل خفر السواحل اليوناني، وأن قوات خفر السواحل التركية ردت بالمثل على طلقات الدورية اليونانية التحذيرية الرامية لمضايقة قوارب الصيد التركية، وتراجعت القوات اليونانية وواصلت قوارب الصيد التركية أنشطتها في مجال الصيد.
على صعيد آخر، أعلن قادة أحزاب المعارضة الستة، في ختام اجتماع مطول لمقر حزب «المستقبل» الذي يرأسه رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أغلو، استغرق 9 ساعات، عن توجههم إلى مناقشة مسألة تحديد المرشح الرئاسي المشترك للطاولة التي تضم أحزاب الشعب الجمهوري، والجيد، والديمقراطية والتقدم، والسعادة، والديمقراطي، والمستقبل، الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية منافساً للرئيس رجب طيب إردوغان، مرشح «تحالف الشعب»، الذي يضم حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية.
وجاء في بيان مشترك، عقب الاجتماع الذي يعد العاشر منذ تأسيس الطاولة في فبراير (شباط) الماضي، الذي اختتم في ساعة مبكرة الجمعة، أن قادة المعارضة ناقشوا خريطة الانتقال من النظام الرئاسي المطبق منذ عام 2018 إلى النظام البرلماني المعزز، عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو، وتم تقديم نصين مشتركين حول عملية التعاون والانتقال إلى مرحلة الإنجاز في سياق الخطوات التالية في جدول أعمالهم.
وذكر البيان أن قادة الأحزاب الستة قرروا بدء المشاورات حول تحديد هوية المرشح الرئاسي المشترك، مشيراً إلى أن المشاورات بشأن تحديد المرشح المشترك تنطلق من قاعدتين رئيسيتين تم العمل عليهما لمدة حوالي عام كامل في ظل ظروف سياسية صعبة، هما أن مرشحنا المشترك سيتم انتخابه رئيساً للبلاد، والحصول على الأغلبية اللازمة في البرلمان، اللازمة لتعديل الدستور.
وأوضح البيان أنه من أجل الحصول على هذه الأغلبية يتم مناقشة البدائل التي يمكن تطبيقها في الانتخابات البرلمانية، مؤكداً أن الأحزاب الستة تعمل بثقافة التوافق فيما يتعلق بالمرشح الرئاسي والانتخابات البرلمانية، وستبدأ معاً حقبة جديدة في السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد الانتخابات المقبلة. وأشار إلى أن الاجتماع المقبل سيعقد في مقر حزب الجيد، الذي ترأسه ميرال أكشينار في 26 يناير (كانون الثاني) الحالي، ومن أجل استكمال هذه الأعمال في وقت قصير تقرر عقد اجتماعات بين القادة بشكل متكرر.
وكان إردوغان استغل مسألة عدم إعلان طاولة الستة مرشحها الرئاسي لإظهار عجز المعارضة عن الاتفاق على مرشح منافس له، وأنهم يعانون مشكلات وخلافات فيما بينهم، لكن قادة تلك الأحزاب فضلوا عدم الكشف عن اسم المرشح قبل التأكد من موعد الانتخابات، إذ يرون أن إردوغان يتجه إلى تقديم موعدها تحسباً لعدم تمكنه من الفوز بالرئاسة من الجولة الأولى، لأن الموعد المحدد في 18 يونيو يتزامن مع الامتحانات والعطلات وموسم الحج.
تركيا تدعو اليونان لوقف «الاستفزازات» والاستجابة لـ«يد الصداقة»
قادة طاولة الستة يتشاورون حول المرشح المنافس لإردوغان على الرئاسة
تركيا تدعو اليونان لوقف «الاستفزازات» والاستجابة لـ«يد الصداقة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة