يبدأ الرئيس البرازيلي اليساري لولا، الأحد، ولاية ثالثة مليئة بالتحديات تتمثل بجمع بلد مقسوم وإعادته إلى تجمعات الأمم ومحاربة الفقر والجوع باقتصاد منهك، بعدما أصبحت حكومته جاهزة لبدء العمل.
«مهمة جبارة» تنتظر لويز إيناسيو لولا دا سيلفا على رأس دولة كبرى ناشئة تعد 215 مليون نسمة، كما قال نائبه جيرالدو ألكمين.
بحسب فريق لولا الانتقالي، فإن أربع سنوات من «الإدارة غير المسؤولة» تحت قيادة جاير بولسونارو تركت البرازيل في حالة يرثى لها: «نقص» في المواد و«عودة إلى الوراء» في العديد من القطاعات: السياسية والاجتماعية والتعليم والصحة والبيئة.
تعهد لولا بأن يجعل «البرازيل سعيدة مجدداً»، وهو يستعد لتولّي الحكم في بلاد يتعيّن عليه أن يرضي 58 مليوناً من ناخبيها الذين لم يقترعوا لصالحه.
إدانته بتهم الفساد، التي تمت تبرئته منها في مرحلة لاحقة، جعلت منه منبوذاً من قبل قسم كبير من البرازيليين، وأبقت الانتخابات تنافسية حتى الرمق الأخير. ففي حين يحتفظ الكثير من البرازيليين بذكريات طيبة عن الازدهار الاقتصادي في الولايتين الأوليين للولا 2003 و2010، اختار غيرهم التصويت لصالحه لمجرد إخراج بولسونارو من الحكم.
وانتهت الانتخابات بفارق ضئيل بين الرجلين؛ إذ نال لولا 50.9 في المائة من الأصوات، مقابل 49.1 في المائة للرئيس المنتهية ولايته.
في حال أخذ بنصيحة فريقه الانتقالي، ستتصدر أولويات لولا قضايا مثل وضع حد للتدمير البيئي الذي ازدهر في عهد سلفه ذي التوجهات القريبة من عالم الأعمال، وتحسين نظام التعليم الذي يعاني من نقص التمويل، ومواجهة غياب العدالة العرقية.
ويرى الفريق الانتقالي للولا أن البلاد «فقدت ألقها» دولياً خلال الأعوام الأربعة الماضية. وتدين برازيليا بزهاء مليار دولار كمساهمات غير مدفوعة لمنظمات منها الأمم المتحدة.
ويمكن للولا أن يعوّل على «كاريزما» شخصية على الصعيد الدولي، إذ يحظى بتقدير واسع النطاق، ووصفه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بأنه «السياسي الأكثر شعبية على وجه الأرض». يتوقع المجتمع الدولي من لولا خطوات جدية في مجال المناخ والبيئة؛ أولاها تعزيز حماية غابات الأمازون.
وتعهد الرئيس الجديد في مؤتمر الأطراف للمناخ «كوب 27» في نوفمبر (تشرين الثاني) بالقيام «بكل ما يجب» لتصفير نسبة التصحر ووضع حد لتدهور النظام البيئي بحلول عام 2030.
إلا أنه يحتاج من أجل تحقيق ذلك إلى تنشيط هيئات الرقابة التي تراجع دورها في عهد بولسونارو، ووقف القطع غير القانوني للأشجار ونشاطات التعدين، بشكل لا يثير حفيظة اللوبي الداعم للأعمال الزراعية، وهو حليف رئيسي لسلفه.
وسيكون الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبرازيل تحدياً أساسياً للولا الذي أكد أن أولويته هي «الاهتمام بالأكثر فقراً».
وفي خطوة أولى قوبلت بالترحيب، وافق الكونغرس مؤخراً على تعديل دستوري يتيح للولا تمويل وعوده الانتخابية، على الأقل لفترة عام.
وعلى الرغم من السقوف المفروضة على الإنفاق العام، تتيح الخطوة للولا زيادة ما يعرف باسم «بولسا فاميليا»، وهي عبارة عن مساعدة اجتماعية للأسر الأكثر فقراً، إضافة إلى الحد الأدنى للأجور.
ويعاني نحو 125 مليون برازيلي غياب الأمن الغذائي، بينما يعاني 30 مليوناً الجوع، علماً بأن الرقم الأخير يوازي عدد أولئك الذين ينسب إلى لولا فضل انتشالهم من الفقر خلال ولايتيه.
ويقول الباحث في مؤسسة جيتوليو فارغاس جولسون سامبايو، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، إن قيود الميزانية «ستكون التحدي الأكبر للولا خلال السنوات المقبلة»، إذ يتعيّن عليه «زيادة الإنفاق دون أمل (بزيادة) الإيرادات الموازية والسعي لعدم رفع الضرائب».
وتخشى الأسواق أن يخرج الدين العام عن السيطرة في عهد الرئيس اليساري، والذي يمثّل حالياً 77 في المائة من الناتج المحلي.
ويرى أليكس أغوستيني، كبير الاقتصاديين لدى شركة أوستن للتصنيف، أن «على الإدارة الجديدة أن تقترح إطار عمل ناجعاً لضبط الميزانية»، بهدف «تفادي فقدان الثقة الذي سينعكس تأثيره على الاقتصاد».
كما سيكون على لولا، العامل السابق في مجال الحديد وبطل الطبقة العاملة في نظر كثيرين، الإبقاء على النسق التراجعي لنسبة البطالة البالغة حالياً 8.3 في المائة، وهي الأدنى منذ 2015.
كما يتعيّن على مَن شكّلت المخاوف الاقتصادية دافعاً أساسياً لانتخابه، إبقاء التضخم تحت السيطرة حتى في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وفق أغوستيني.
لولا يبدأ ولاية جديدة رئيساً للبرازيل بتحديات الفقر والاقتصاد
لولا يبدأ ولاية جديدة رئيساً للبرازيل بتحديات الفقر والاقتصاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة