البرازيل بعد «هجوم برازيليا» والمهمة الصعبة للرئيس الجديد - القديم

شرطي يجمع بعض الحطام من مبنى المحكمة العليا في برازيليا (أ.ف.ب)
شرطي يجمع بعض الحطام من مبنى المحكمة العليا في برازيليا (أ.ف.ب)
TT

البرازيل بعد «هجوم برازيليا» والمهمة الصعبة للرئيس الجديد - القديم

شرطي يجمع بعض الحطام من مبنى المحكمة العليا في برازيليا (أ.ف.ب)
شرطي يجمع بعض الحطام من مبنى المحكمة العليا في برازيليا (أ.ف.ب)

ليس مفاجئاً على الإطلاق عقد مقارنات بين ما حصل في البرازيل من اقتحام لمقرات الحكم الفدرالي في العاصمة برازيليا يوم الثامن من يناير (كانون الثاني) 2023 واقتحام الكونغرس الأميركي في واشنطن يوم السادس من يناير 2021، فالطيف الطاغي في الحدثَين واحد: رئيس مثير للجدل يرفض التسليم بخسارته الانتخابات وترك خلفه يحكم وفق الأصول الديمقراطية ومبدأ تداول السلطة...
ولعل الفرق بين الواقعتين هو أن المقتحمين في الأولى كانوا مجموعة من «المحترفين» المنتمين بشكل أساسي إلى مجموعة «براود بويز» (وتعني الأولاد الفخورين) اليمينية المتطرفة المقتصرة عضويتها على الذكور والمؤمنة بالتفوق العرقي، فيما كان المقتحمون البرازيليون مجموعة من الهواة الذين لم تجد القوى الأمنية – رغم التلكؤ والتقاعس - صعوبة كبيرة في تطويقهم واحتجازهم...
في أي حال، يبقى التعامل الأمني مع حوادث من هذا النوع الجانب الأسهل من المسألة، فيما تكمن المعضلة في معالجة الأسباب والرواسب وقطع الطريق على انقسام مجتمعي قد يهزّ أركان أي دولة مهما عظم شأنها.

الرئيس السابق جايير بولسونارو (أ.ب)
* جايير بولسونارو
في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصبح الضابط السابق في الجيش جايير بولسونارو أول رئيس في تاريخ البرازيل يخسر محاولة لإعادة انتخابه، فقد سقط أمام الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (2003 – 2011) بفارق 1.8 نقطة مئوية. والواقع أن كثراً استغربوا ضآلة الهامش بالنظر إلى الأخطاء الكثيرة التي شابت ولاية الرئيس اليميني، لا سيما منها تعامله المتساهل و«الإنكاري» مع جائحة «كورونا» الذي كلّف البلاد خسائر بشرية ضخمة في نظر الخبراء.
كان بولسونارو عضواً في الكونغرس الفدرالي عن الحزب الديمقراطي المسيحي بين 1991 و2018. وقد عُرف بخطابه الناريّ وتمجيده لفترة الحكم العسكري (1964 – 1985). وعندما انتُخب رئيساً في أكتوبر 2018 متقدماً بفارق كبير على منافسه اليساري فرناندو حداد، قدّم في السلطة أداء زعيم شعبوي يميل إلى الاستبداد، فمارس ضغوطاً على القضاء، وشكك مراراً وتكراراً بنزاهة نظام التصويت في البلاد.
وقد عمد بولسونارو إلى تغيير وزرائه بشكل متكرر غير آبه بضرورة الاستقرار للاستمرار في الحكم، فعلى سبيل المثال أتى بالمصرفي أبراهام وينتروب وزيراً للتربية والتعليم بديلاً لريكاردو فيليز رودريغز الذي لم يكن أهلاً لهذه الحقيبة المهمة، فلم يُطل البديل البقاء في منصبه بعدما شن هجوماً عنيفاً على فرنسا والصين ودعا إلى سجن قضاة المحكمة العليا! والأسوأ، أن بديل البديل كارلوس ديكوتيللي أقيل قبل أن يباشر مهماته بعدما تبيّن أنه أدرج معلومات كاذبة في سيرته الذاتية... ثم ثبت أن وزير التربية الرابع ميلتون ريبيرو، وهو قسّ إنجيلي، متورط في فساد، فأقيل...
هذا مجرّد غيض من فيض في طريقة حكم رئيس حشر آلاف العسكريين في الإدارات الفدرالية، ومعظمهم غير مؤهّل للمراكز التي شغلها.
واللافت أن كل هذا التخبط، معطوفاً على تباطؤ اقتصادي، لم يؤدِّ إلى خسارة كبيرة لبولسونارو أمام لولا، فقد نال الثاني في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية نسبة 50.9 في المائة من الأصوات مقابل 49.1 في المائة للأول. وفارق مليونين و140 ألف صوت فقط من أصل 156 مليون ناخب مسجل، هو علامة واضحة على انقسام عميق في بلاد تواجه الكثير من الأزمات.
إثنان من مؤيدي بولسونارو في باص بعد إطلاق سراحهما في برازيليا (أ.ب)
* عاصفة الاقتحام
لم يكن اقتحام المؤسسات الديمقراطية في برازيليا عملاً عفوياً تلقائياً. فقد تجمعت نذر العاصفة على مدى أشهر بتداول أخبار عن نظرية المؤامرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد تكثفت الدعوات والنداءات من جماعات اليمين المتطرف بعد الانتخابات الرئاسية لرفض النتيجة «المزوّرة» والانقلاب على لولا دا سيلفا.
كان معظم الذين هاجموا مقر الكونغرس والمحكمة العليا والقصر الرئاسي في العاصمة الجبلية التي صممها المعماري الكبير أوسكار نيميير ودُشّنت عام 1960، من الهواة الذين استغلوا الفرصة لتخريب المكاتب والتقاط صور «سيلفي». لكن صفة هواة لا تلغي أن هذا العمل يشكل أكبر تهديد لأكبر ديمقراطية في أميركا اللاتينية منذ انقلاب عام 1964 الذي أدى إلى عقدين من الديكتاتورية العسكرية.
المقلق أن مؤيدي بولسونارو يعتقدون أن الرئاسة سُرقت منه، بعدما دأب الرجل وثلاثة من أبنائه - إدواردو وفلافيو وكارلوس – وعدد من معاونيه على التشكيك في أسس الديمقراطية وسلامة النظام الانتخابي، خصوصاً آلية التصويت الإلكتروني. وإذا كان هذا الأمر يذكّر بما دأب عليه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في هذا المجال، فلا بد من ذكر أن من بين مستشاري بولسونارو الأميركيَّين ستيف بانون وجايسون ميللر، المعاونَين السابقين لترمب...
وقد نشر إدواردو بولسونارو في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي شريط فيديو يروّج فرضيات أطلقها بانون عن استخدام لولا دا سيلفا آلية التصويت الإلكتروني بشكل غير قانوني لـ«سرقة» الانتخابات.
وإدواردو، هو عضو في «الحركة» (The Movement) التي أسسها ستيف بانون وجعل مقرها في بروكسل لبث الفكر الشعبوي اليميني في أرجاء العالم، وممثلها في أميركا اللاتينية.
الانقلاب فشل بالطبع ومعظم الموقوفين الألف عادوا أو سيعودون إلى بيوتهم للتركيز على محاسبة المسؤولين الحقيقيين عما حصل، ومنهم وزير العدل السابق في عهد بولسونارو ووزير الأمن في المقاطعة الفدرالية (برازيليا ومحيطها) أندرسون توريس الذي أمر قاضٍ في المحكمة العليا بتوقيفه، إضاقة إلى إزاحة حاكم المقاطعة إيبانييس روشا. كذلك أصدر القاضي الكسندر دي مورايس مذكرة توقيف في حق فابيو أوغوستو قائد الشرطة في برازيليا، الذي أُقيل من منصبه بعد أعمال العنف.
وجدير بالذكر هنا أن توريس كان موجوداً في الولايات المتحدة، شأنه في ذلك شأن جايير بولسونارو الذي دخل مسشتفى لإصابته بوعكة. وقد تعهّد توريس العودة إلى البلاد والمثول أمام القضاء.
الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (أ.ب)
* التحديات
لا يعني طيّ الصفحة الأمنية من اقتحام المؤسسات الفدرالية الكبرى انتهاء المشكلة. فبلاد الـ214 مليون نسمة التي اكتشفها عام 1500 أسطول برتغالي كان متجهاً إلى الهند بقيادة بيدرو ألفاريز كابرال، تواجه تحديات كبيرة ليس أقلها حماية الديمقراطية.
التحدّي الأول هو تمكن الرئيس لولا دا سيلفا وفريقه من إقناع الجمهور، لا سيما المؤيد لبولسونارو، بأن المؤسسات الديمقراطية وسائر أجهزة الدولة سليمة وتعمل من أجل البلاد ووحدتها. ففقدان الثقة بالموسسات الفدرالية في بلاد مترامية الأطراف (مساحتها 8 ملايين و500 ألف كيلومتر مربّع) تضم 26 ولاية ومقاطعة فدرالية، يضعها في مواجهة رياح الاضطراب ويهدّد وحدتها.
في ظل واقع الانقسام، باتت مهمة الرئيس الجديد – القديم الذي خرج من السجن بريئاً من تهم الفساد، أكثر صعوبة في ولايته الممتدة أربع سنوات.
ولعل التحدي الأول الذي كان على لولا مواجهته قبل المشكلة الأمنية هو التعامل مع القضية البيئية التي يفرضها واقع أن البرازيل هي موطن لأكثر من 60 في المائة من الغابات الاستوائية في العالم، و 20 في المائة من المياه العذبة، وما لا يقل عن 10 في المائة من التنوع البيولوجي لكوكب الأرض. من هنا لا بد للبرازيل من الاضطلاع بدور ريادي في حماية البيئة عبر التحول إلى اقتصاد أخضر، وهو أمر يحتاج إلى خطة شاملة تحمي بشكل خاص أدغال الأمازون.
ومعلوم هنا أن هذه المنطقة التي تشكل رئة العالم تتعرض منذ سنوات طويلة لتعديات تقضي على مساحات منها بدافع من جشع الراغبين في إقامة مزارع تزيل الأشجار ومواطن للسكان الأصليين. وبالتالي على السلطات الفدرالية العمل بجدية وسرعة على حماية الغابات، وتعزيز صلاحيات السلطات البيئية، وتمكين مجموعات السكان الأصليين، وإلزام الشركات العاملة في الأمازون باحترام البيئة.
أما التحدي الثاني فهو التصدي للفقر، ففي العام 2021، كان حوالى 28.4 في المائة من البرازيليين (أو 60.5 مليون فرد) فقراء. وهؤلاء لا ينعمون قطعاً بالأمن الغذائي، ومنهم لا يحظى بمسكن لائق.
وقد أنهت البرازيل عام 2020 بمعدّل تضخم يبلغ 6 في المائة، ومعدّل فوائد يبلغ 13.75 في المائة. والرقمان يشكلان تحدياً اقتصادياً هائلاً يتمثل في لجم غلاء الأسعار عبر خفض الاستهلاك، من دون الإضرار بعجلة الإنتاج وضرب الناتج الإجمالي. وهذه معادلة صعبة بالطبع تواجهها حالياً غالبية دول العالم.
لكنْ بالنظر إلى حوادث الأحد 8 يناير، يبقى الأهم بالنسبة إلى لولا تحقيق المصالحة وتعزيز التعايش بين المكوّنات السياسية وبالتالي الشعبية. ولا شك في أن الاستقطاب السياسي ولّد عنفاً وينذر بالمزيد. لذا يجب العمل على التوعية والتركيز على أهمية إبقاء الخلاف السياسي والاختلاف الفكري في إطار الوحدة، وعلى صون الديمقراطية، لأن دخول البرازيل في حالة انعدام وزن يعني امتداد الارتدادات إلى أميركا اللاتينية كلها.


مقالات ذات صلة

الرئيس البرازيلي ينتقد {صندوق النقد} وهيمنة الدولار

أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي ينتقد {صندوق النقد} وهيمنة الدولار

الرئيس البرازيلي ينتقد {صندوق النقد} وهيمنة الدولار

التقى الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، نظيره الصيني شي جينبينغ، في بكين، الجمعة، على أمل تعزيز العلاقات بينهما، بعد أن انتقد بشدة صندوق النقد الدولي وهيمنة الدولار الأميركي. وكان الرئيس اليساري لولا (77 عاماً) صرح في شنغهاي، الخميس، بأن البرازيل «عادت إلى الساحة الدولية»، مؤكداً بذلك سعيه إلى طي صفحة العزلة في عهد سلفه اليميني المتطرف جايير بولسونارو. وبدأ لولا رحلته في شنغهاي لحضور حفل تنصيب الرئيسة البرازيلية السابقة ديلما روسيف (2011 - 2016) على رأس «بنك بريكس»، حيث يوجد مقره.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أميركا اللاتينية أبقار في إحدى المزارع بولاية ماتو غروسو وسط البرازيل (رويترز)

البرازيل تعلن أن حالة جنون البقر المكتشفة لديها «غير نمطية»

قالت وزارة الزراعة البرازيلية يوم الخميس إن حالة إصابة مؤكدة بمرض جنون البقر اكتُشفت في البلاد الشهر الماضي «غير نمطية»، مضيفة أنها ستعمل على رفع تعليق استيراد لحوم الأبقار الذي سارعت عدة دول في آسيا بفرضه. ويشكل تعليق الصادرات خطرا كبيرا على قطاع الثروة الحيوانية المهم في البرازيل، وهو أحد أكبر القطاعات في العالم. وأشارت وزارة الزراعة في بيان إلى تحليل أجرته المنظمة العالمية لصحة الحيوان وأكد الحالة غير العادية للإصابة. وأضافت الوزارة أنها ستحدد موعدا لعقد اجتماع عبر الإنترنت مع المسؤولين الصينيين لمناقشة استئناف صادرات لحم البقر لبلدهم.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
أميركا اللاتينية البرازيل أوقفت صادرات لحوم البقر إلى الصين للوفاء بشروط اتفاقية تجارة (رويترز)

بسبب «جنون البقر»... عدة دول تحظر لحوم الأبقار البرازيلية

قالت وزارة الزراعة البرازيلية، أمس (الخميس)، إن إيران والأردن وتايلاند أوقفت مؤقتاً استيراد لحوم الأبقار من البلاد، بينما تحقق السلطات في حالة إصابة بجنون البقر من ولاية بارا، وفقاً لبيان أرسل إلى وكالة «رويترز». كما أكدت الوزارة أن روسيا أوقفت الواردات من ولاية بارا، بعد اكتشاف حالة الإصابة بمرض جنون البقر هناك. وقالت الوزارة إن إيران والأردن وتايلاند «أوقفت مؤقتاً واردات لحوم البقر من جميع أنحاء البرازيل، وفرضت روسيا حظراً على لحوم البقر المصدرة من بارا». وبالإضافة إلى ذلك، أوقفت البرازيل صادرات لحوم البقر إلى الصين للوفاء بشروط اتفاقية تجارة. وذكرت الوزارة أنه لا يوجد سوى مصنع واحد لتعليب ا

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أميركا اللاتينية أم تقف في مدخل منزلها وهي تحمل طفلها الرضيع وحولها أطفالها الستة في برازيلينديا أحد أفقر أحياء ساو باولو في البرازيل (أ.ب)

لولا يبدأ ولاية جديدة رئيساً للبرازيل بتحديات الفقر والاقتصاد

يبدأ الرئيس البرازيلي اليساري لولا، الأحد، ولاية ثالثة مليئة بالتحديات تتمثل بجمع بلد مقسوم وإعادته إلى تجمعات الأمم ومحاربة الفقر والجوع باقتصاد منهك، بعدما أصبحت حكومته جاهزة لبدء العمل. «مهمة جبارة» تنتظر لويز إيناسيو لولا دا سيلفا على رأس دولة كبرى ناشئة تعد 215 مليون نسمة، كما قال نائبه جيرالدو ألكمين. بحسب فريق لولا الانتقالي، فإن أربع سنوات من «الإدارة غير المسؤولة» تحت قيادة جاير بولسونارو تركت البرازيل في حالة يرثى لها: «نقص» في المواد و«عودة إلى الوراء» في العديد من القطاعات: السياسية والاجتماعية والتعليم والصحة والبيئة. تعهد لولا بأن يجعل «البرازيل سعيدة مجدداً»، وهو يستعد لتولّي ال

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية تعتزم البرازيل شراء أكبر كمية ممكنة من الديزل من روسيا (رويترز)

البرازيل «تنهل» من الديزل الروسي رغم العقوبات

تعتزم البرازيل شراء أكبر كمية ممكنة من الديزل من روسيا، على ما أعلن وزير خارجيتها كارلوس ألبرتو فرنكو مساء الثلاثاء، رغم العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا. ويأتي هذا التصريح عقب إعلان الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو عن اتفاق «يكاد أن يكون» وشيكاً مع روسيا بهذا الصدد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مادورو يؤكد أنه أجرى محادثة «ودية» مع ترمب

TT

مادورو يؤكد أنه أجرى محادثة «ودية» مع ترمب

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)

أكد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الأربعاء أنه أجرى مكالمة هاتفية «ودية» مع نظيره الأميركي دونالد ترمب وسط أزمة بين البلدين.

وقال مادورو في تصريح للتلفزيون الرسمي «تحدثت مع رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترمب. أستطيع القول إن المحادثة جرت بنبرة محترمة، حتى أنني أستطيع القول إنها كانت ودية». وأضاف «سأذهب إلى أبعد من ذلك... إذا كانت هذه الدعوة تعني أننا نتخذ خطوات نحو حوار محترم، من دولة إلى دولة، ومن بلد إلى بلد، فأهلا بالحوار، وأهلا بالدبلوماسية، لأننا سنسعى دائما إلى السلام».

واعترف ترمب الأحد بإجراء هذه المكالمة التي تحدثت عنها الصحافة. وقال الرئيس الأميركي من الطائرة الرئاسية «لا أستطيع أن أقول إن الأمر سار بشكل جيد أو سيئ. لقد كانت مكالمة هاتفية».وتأتي هذه المحادثة فيما تكثف الولايات المتحدة الضغوط على فنزويلا بانتشار عسكري كبير في منطقة البحر الكاريبي، وشن ضربات جوية ضد قوارب يشتبه في تهريبها المخدرات، وتحذيرات من توجيه ضربات على الأراضي الفنزويلية.

وقال مادورو الأربعاء إنه «قبل حوالى عشرة أيام، اتصلوا من البيت الأبيض بقصر ميرافلوريس، وأجريت محادثة هاتفية مع الرئيس دونالد ترمب. تحدث العالم كله عن ذلك». وتابع «خلال سنواتي الست كوزير للخارجية، تعلمت الحذر الدبلوماسي. أحب الحذر، ولا أحب الدبلوماسية عبر الميكروفونات. عندما تكون هناك أمور مهمة، يجب إنجازها بصمت حتى إنجازها».

ويتّهم دونالد ترمب فنزويلا بإدارة عملية تهريب المخدرات التي تغمر السوق الأميركية. وتنفي كراكاس ذلك وتقول إن الهدف الحقيقي لواشنطن هو تغيير النظام والسيطرة على احتياطات النفط الفنزويلية.


تغيير مستمر لهواتفه ومكان نومه... مادورو يعزّز أمنه الشخصي وسط تهديدات واشنطن

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
TT

تغيير مستمر لهواتفه ومكان نومه... مادورو يعزّز أمنه الشخصي وسط تهديدات واشنطن

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)

عزّز الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إجراءات أمنه الشخصي، بما في ذلك تغيير مكان نومه وهواتفه، والتقرب بشكل أكبر من كوبا، حليفته الرئيسية، وسط تهديد متزايد بتدخل عسكري أميركي في البلاد، وفقاً لما أكدته عدة مصادر مطلعة.

وقالت المصادر المقربة من الحكومة الفنزويلية لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن هناك حالة من التوتر والقلق تُسيطر على الدائرة المقربة من مادورو، مُضيفة أن الرئيس الفنزويلي يعتقد أنه لا يزال مُسيطراً على الأمور، وأنه قادر على تجاوز أحدث وأخطر تهديد لحكمه المُستمر منذ 12 عاماً.

ولفتت المصادر إلى أن مادورو يغيّر بانتظام أماكن نومه وهواتفه الجوالة لحماية نفسه من أي ضربة دقيقة محتملة أو عملية مداهمة من قوات خاصة.

وأضافوا أن هذه الاحتياطات زادت منذ سبتمبر (أيلول)، عندما بدأت الولايات المتحدة حشد السفن الحربية وضرب القوارب التي تزعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنها تُهرب المخدرات من فنزويلا.

وللحد من خطر الخيانة، وسّع مادورو أيضاً دور الحراس الشخصيين الكوبيين في فريق أمنه الشخصي، وألحق المزيد من ضباط مكافحة التجسس الكوبيين بالجيش الفنزويلي، وفقاً لأحد المصادر.

لكن في العلن، سعى مادورو إلى التقليل من تهديدات واشنطن من خلال التظاهر باللامبالاة والهدوء، حيث أصبح يظهر في المناسبات العامة دون إعلان مسبق، ويرقص أمام الحضور، وينشر مقاطع فيديو دعائية على «تيك توك».

وتكثّف الولايات المتحدة ضغوطها على فنزويلا بأشكال عدة، منها توجيه ضربات أميركية على قوارب قيل إنها تهرب مخدرات في البحر الكاريبي، وتهديدات ترمب المتكررة بتوسيع نطاق العمليات العسكرية لتشمل البر، وتصنيف جماعة «دي لوس سوليس» التي تقول إدارة ترمب إنها تضم مادورو، منظمة إرهابية أجنبية.

وينفى مادورو والحكومة الفنزويلية جميع هذه الاتهامات، ويقولان إن الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير النظام للسيطرة على الموارد الطبيعية الهائلة لفنزويلا، ومنها النفط.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مادورو ومبعوثي ترمب ناقشوا في وقت سابق من هذا العام الظروف التي قد تدفع الزعيم الفنزويلي الذي خسر الانتخابات الرئاسية العام الماضي، لكنه تجاهل النتائج؛ إلى ترك منصبه. ولم تسفر تلك المحادثات عن اتفاق، مما دفع إدارة ترمب إلى تكثيف ضغطها العسكري على فنزويلا.

ومع تفاقم الأزمة، يتحدث مادورو إلى الشعب الفنزويلي تقريباً يومياً، محافظاً على حملة علاقات عامة اتسم بها حكمه في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فقد قلل من مشاركته في الفعاليات المجدولة والبث المباشر، مستبدلاً الظهور المفاجئ في المناسبات العامة والرسائل المسجلة مسبقاً بها.

وأمس الثلاثاء، قالت أربعة مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن ترمب أجرى مكالمة هاتفية قصيرة مع نظيره الفنزويلي الشهر الماضي، قال خلالها مادورو إنه على استعداد لمغادرة فنزويلا شريطة أن يحصل هو وأفراد أسرته على عفو كامل، بما في ذلك رفع جميع العقوبات الأميركية وإنهاء قضية رئيسية يواجهها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وأضافت المصادر أن مادورو طلب أيضاً رفع العقوبات عن أكثر من 100 مسؤول في الحكومة الفنزويلية، كثيرون منهم تتهمهم الولايات المتحدة بانتهاك حقوق الإنسان أو الاتجار بالمخدرات أو الفساد.

وقال مصدران إن مادورو طلب كذلك أن تدير نائبته ديلسي رودريغيز حكومة مؤقتة قبل إجراء انتخابات جديدة.

ورفض ترمب معظم طلباته في المكالمة التي استمرت أقل من 15 دقيقة، لكنه أخبر مادورو بأن لديه أسبوعاً لمغادرة فنزويلا إلى الوجهة التي يختارها مع أفراد أسرته.

وقال اثنان من المصادر إن هذا الممر الآمن انتهى يوم الجمعة، مما دفع ترمب يوم السبت إلى إعلان إغلاق المجال الجوي الفنزويلي.


رئيس كولومبيا محذرا ترمب: لا توقظ النمر... مهاجمتنا إعلان للحرب

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
TT

رئيس كولومبيا محذرا ترمب: لا توقظ النمر... مهاجمتنا إعلان للحرب

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)

حذر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو نظيره الأميركي دونالد ترمب يوم الثلاثاء من تهديد سيادة بلاده، في ظل تصعيد حرب التصريحات بين بوغوتا وواشنطن.

وفي اجتماع للحكومة الأميركية يوم الثلاثاء في واشنطن، ألمح ترمب إلى إمكانية توجيه ضربات إلى كولومبيا في إطار محاربة الجريمة المرتبطة بالمخدرات. وقال ترمب: «أسمع أن كولومبيا تصنع الكوكايين. لديهم مصانع للكوكايين، حسنا؟ ثم يبيعون لنا كوكايينهم... أي شخص يفعل ذلك ويبيعه في بلادنا سيكون هدفا للهجوم... وليس فنزويلا فقط».

ورد بيترو على تصريحات ترمب بدعوته لزيارة كولومبيا ليشهد «تدمير تسعة مختبرات مخدرات يوميا لمنع وصول الكوكايين إلى الولايات المتحدة». وأشار بيترو في منشور على منصة التواصل الاجتماعي إكس إلى أنه منذ توليه الرئاسة عام 2022 دمر 18 ألفا و400 مختبر «دون صواريخ».

وأضاف: «تعال معي، وسأعلمك كيف ندمرها، مختبر كل 40 دقيقة، لكن لا تهدد سيادتنا، لأنك ستوقظ النمر. مهاجمة سيادتنا يعني إعلان الحرب. لا تضر بعلاقات دبلوماسية استمرت قرنين». وتابع بيترو: «لقد شوهت سمعتي بالفعل. لا تواصل السير في هذا الطريق. وإذا كانت هناك أي دولة ساهمت في منع آلاف الأطنان من الكوكايين من الوصول إلى المستهلكين في أمريكا الشمالية، فهي كولومبيا».

وتدهورت العلاقات بين بوغوتا وواشنطن بشكل كبير في الآونة الأخيرة، حيث تتهم الحكومة الأميركية بيترو بعدم الحزم في مواجهة عصابات المخدرات وفرضت عليه عقوبات.