مؤثّرة شابة تكشف كيف «حطّمتها» السوشال ميديا

الإفراط في استخدام وسائل التواصل يهدّد الصحة النفسية

المؤثّرة اللبنانية ناتالي سلّوم
المؤثّرة اللبنانية ناتالي سلّوم
TT

مؤثّرة شابة تكشف كيف «حطّمتها» السوشال ميديا

المؤثّرة اللبنانية ناتالي سلّوم
المؤثّرة اللبنانية ناتالي سلّوم

بعد 6 سنوات جمعت خلالها أكثر من 600 ألف متابع على «إنستغرام»، ونصف مليون على «يوتيوب»، قررت ناتالي سلّوم مغادرة عالم السوشال ميديا، خرجت ولم تَعُد. محت صورَها واكتفت بمنشور قالت فيه إنها اختارت سعادتها والعيش لنفسها لا للآخرين.
كانت ناتالي في الـ17 من عمرها عندما تحوّلت بين ليلةٍ وضُحاها من فتاةٍ عادية تحب الأزياء والتبرّج، إلى مؤثّرة على صفحات التواصل الاجتماعي. حدث ذلك يوم كانت تشعر بالملل فنشرت فيديو تعليمياً «tutorial» لكيفية وضع مساحيق التجميل. استفاقت بعد ساعات لتجد أنه انتشر وحصد آلاف الإعجابات والمشاهَدات. «ارتفعت أرقامي بسرعة قياسية لأنني قدمت محتوى جديداً لم يكن متداولاً في تلك الفترة»، تخبر سلّوم «الشرق الأوسط». وتتابع: «فجأةً صار الموضوع بمثابة عمل بدوام كامل بالنسبة لي، وتحوّلت تدريجياً إلى مؤثّرة».

من سمكة في الماء إلى أسيرة شبكة ذهبية
بدت الأمور ورديةً في البداية. شعرت ناتالي وكأنها سمكة في الماء، لكن مع مرور الوقت وجدت نفسها رهينة شبكةٍ خيوطُها من ذهب. تتذكّر السنوات الأولى بامتنانٍ لتجربة استثنائية لا تحلم بها أي فتاة في الـ17: «من فيديوهات الماكياج تحوّلت إلى تصوير يومياتي ونشرها على يوتيوب. تعلّق الناس بهذا الأمر وصاروا يتابعونني من أجل الاطّلاع على حياتي الخاصة. بالتوازي مع تخصصي في تصميم الأزياء وإدارة الأعمال، أسست علامتي التجارية الخاصة بمستحضرات التجميل في سن الـ19».
أما الاكتفاء المعنوي فعثرت عليه ناتالي في التعليقات والرسائل الإيجابية، التي كانت تصلها من فتيات تأثّرن إيجاباً بها. «أحسست بالرضا والارتياح لأنني وجدت ما أريد… مهنة وأضواء ومحبة الناس وماركة باسمي وعلاقات عامة. بدا الوضع مثالياً، لكن لا شيء مثالياً في الواقع»، كما تقول.


ناتالي سلّوم قبل قرار مغادرة السوشال ميديا
في وقتٍ كانت تملأ حسابها على «إنستغرام» بصورٍ تُظهرها بغاية الجمال والأناقة والفرح، كان الإحباط يلتهمها بعيداً عن عدسة الكاميرا. تعترف بأنها وبعد 4 سنوات من الدوران المتواصل في فلك السوشال ميديا، باتت تصاب بنوبات من القلق قبل المشاركة في مناسبات أو احتفالات: «لا أحد يُظهر ضعفه وتعاسته على السوشال ميديا. وقد حصلت أمور عدة أقنعتني بأنني لست سعيدة. صرتُ أذهب غصباً عني إلى جلسات التصوير لعلامات تجارية كنت أحلم بالتعامل معها. كنت أتصل بأمّي باكيةً لأقول لها إنني لا أرغب في الذهاب».
استسلمت ناتالي لصرخة روحها المرهقة من ضجيج السوشال ميديا وأوهامها. تساءلت مراراً: «لماذا أبقى في مكان لا يجلب لي السعادة ويضع حياتي الخاصة تحت الضوء كل الوقت؟». لم يكن الانسحاب سهلاً، لكنّ العائلة والوالد تحديداً لعبا دوراً محورياً في انتشالها من تلك الدوّامة. تتذكّر لحظات الوعي وتبلور القرار قائلةً: «عندما زارني أبي في دبي، اكتشف كم كنت محطّمة وتعيسة. لقد استهلك الأمر الكثير من طاقتي وسرق مني فرصة أن تكون لديّ حياة طبيعية. كل ما فعلت كان من أجل السوشال ميديا… لطالما رغبت في الخروج من البيت من دون التفكير بالصورة أو الفيديو الذي سأنشر… حتى الأغراض التي كنت أشتري، لم أكن أختارها لنفسي، بل لأنها قد تشكّل مادة جيدة على إنستغرام».

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by @nataliesallaum

ناتالي التي تعمل حالياً مع عائلتها في مجال الشحن، إسترجعت سعادتها واستقرارها النفسي. لا تندم على تجربتها، لكنها تأسف لأن عدداً كبيراً من الناس شكّك في كونها فضّلت صحتها النفسية على مجد منصات التواصل. لكن كل الدراسات تُجمع على أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يشكّل بالفعل تهديداً للصحة النفسية.

متى يصير استخدام السوشال ميديا إدماناً؟
في حديث مع «الشرق الأوسط»، تذهب المعالِجة النفسية سهير هاشم إلى حد التحذير من تحوّل السوشال ميديا إلى إدمان بالنسبة للأشخاص الذين يسيئون استعمالها. وتوضح أن «دراسات عدة أثبتت أن الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي يشبه الإدمان على المخدرات أو الكحول. في مثل هذه الحالات يشعر المرء بأنه عاجز عن إكمال يومه إن لم يتصفح المنصات».
لا تُنكر هاشم أن للسوشال ميديا إيجابياتها كمنصة معرفية وتسويقية، لكن «الإدمان يحصل حين يتخطّى وقت التصفّح الـ4 أو 5 ساعات يومياً». أما أسباب الإدمان فمتعددة؛ ومنها - وفقاً للاختصاصية النفسية - المرور بمرحلة اكتئاب تشكّل خلالها السوشال ميديا مهرباً من التفكير بالمشاعر الخاصة والتلهّي بحياة الآخرين. وإذ تنصح بعدم إعطاء هاتف للأولاد ما دون الـ12، تلفت هاشم إلى أن المراهقين هم أكثر عرضةً للإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي؛ نظراً لكونهم يبحثون عن الاهتمام وعن مساحات للانتماء.
أما العلامات التي تؤشّر إلى أن الأمر قد تحوّل إلى إدمان، فهي أولاً عدد الساعات التي يُمضيها الشخص متصفحاً السوشال ميديا، والرغبة الدائمة بالتقاط الهاتف لمعرفة ما يجري على المنصات. وتضيف هاشم أن «التفكير بحياة الشخصيات المؤثرة دليل آخر على خطر الإدمان، كما أن ترقّب الإعجابات والتعليقات والسعي وراءها يدخل في خانة التعلّق المقلق». ويبقى أخطر أثرَين لسوء استخدام السوشال ميديا، وفقاً لهاشم، «الانعزال عن العالم الواقعي والتواصل الوهمي مع الناس، ومقارنة الذات بحياة الآخرين. مع العلم بأن الناس لا ينشرون سوى لحظات سعادتهم، وهذا لا يشكّل سوى نسبة ضئيلة من يومياتهم الحقيقية والتي ليست على هذا القدر من المثالية».


منصات التواصل الاجتماعي (رويترز)
إيجابيات مغادرة منصات التواصل
في أعلى قائمة قرارات السنة الجديدة، يحرص البعض على تدوين التالي: «التخفيف من استخدام السوشال ميديا»، لكن العبرة تبقى في التنفيذ، إذ إن قلّة قليلة تنجح في الالتزام بمثل هذا القرار الصعب. إلا أن الإيجابيات التي قد تنتج عن التخفيف من استخدام منصات التواصل أو الانقطاع عنها نهائياً، محفّزة جداً؛ ومنها:
- زيادة الإنتاجية والتركيز على إنجاز الأعمال بسرعة أكبر.
- الحدّ من التوتّر والقلق الذي يتسبب بهما السعي الدائم لمعرفة ما يحصل على المنصات.
- تحسّن نوعية النوم بسبب الانقطاع عن التصفّح ليلاً.
- القيام بأنشطة مفيدة صحياً قد تحفّز على الحركة بدل الجلوس.
- توطيد العلاقات الواقعية مع الأصدقاء الحقيقيين وليس مع معارف وهميين.


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
مذاقات الشيف دواش يرى أنه لا يحق للبلوغرز إعطاء آرائهم من دون خلفية علمية (انستغرام)

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

فوضى عارمة تجتاح وسائل التواصل التي تعجّ بأشخاصٍ يدّعون المعرفة من دون أسس علمية، فيطلّون عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» في منشورات إلكترونية ينتقدون أو ينصحون...

فيفيان حداد (بيروت)
مبنى لجنة التجارة الفيدرالية في واشنطن - 4 مارس 2012 (رويترز)

لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية تتهم وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة ﺑ«مراقبة المستخدمين»

أفادت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية بأن وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة انخرطت في «عملية مراقبة واسعة النطاق» لكسب المال من المعلومات الشخصية للأشخاص.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

1967 متنافساً من 49 دولة على «القلم الذهبي»

المستشار تركي آل الشيخ يتحدث خلال المؤتمر الصحافي للجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)
المستشار تركي آل الشيخ يتحدث خلال المؤتمر الصحافي للجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)
TT

1967 متنافساً من 49 دولة على «القلم الذهبي»

المستشار تركي آل الشيخ يتحدث خلال المؤتمر الصحافي للجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)
المستشار تركي آل الشيخ يتحدث خلال المؤتمر الصحافي للجائزة سبتمبر الماضي (هيئة الترفيه)

انتهت المرحلة الأولى من عملية التحكيم للقائمة الطويلة التي شارك فيها 1967 كاتباً من 49 دولة حول العالم للفوز بـ«جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، على أن تبدأ المرحلة الثانية لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر (كانون الأول) قبل إعلان الفائزين في فبراير (شباط) المقبل.

وأكد الدكتور سعد البازعي، رئيس الجائزة، في مؤتمر صحافي بالرياض، أمس، أن أرقام المشاركات التي تلقتها اللجنة مبشّرة وتعطي سِمة عالمية من حيث عدد الدول التي جاءت منها، مبيناً أن الجائزة متفردة لأنها «تربط بين الرواية والسينما، وهو أمر لم نعتد على رؤيته من قبل».

وكانت هيئة الترفيه السعودية أطلقت في سبتمبر (أيلول) الماضي الجائزة التي تركز على الأعمال الروائية الأكثر قابليةً للتحويل إلى أعمال سينمائية بمجموع جوائز يصل لـ740 ألف دولار.