«نتفليكس» تسعى إلى بناء جسر للمحتوى العربي مع العالم

نهى الطيب: المنطقة غنية بالمواهب... وطموحنا المساهمة في دور محوَري بالمجتمعات الإبداعية

نهى الطيب رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في «نتفليكس»
نهى الطيب رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في «نتفليكس»
TT

«نتفليكس» تسعى إلى بناء جسر للمحتوى العربي مع العالم

نهى الطيب رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في «نتفليكس»
نهى الطيب رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في «نتفليكس»

تتطلع شبكة «نتفليكس» العالمية لتوفير جسر للمحتوى العربي إلى العالم؛ من خلال البحث عن القصص والرواة في الوطن العربي، حيث تعمل على تزويدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها لسرد أفضل نسخة عن قصصهم، وذلك وفقاً لنهى الطيب رئيسة الاستحواذ وترخيص المحتوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا.
الطيب قالت خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» إن مفهوم الشبكة «يتضمن البحث في العالم عن أجمل القصص وأعظم الرواة، ومن العمل كجسر تواصل بين هذه القصص ومحبيها من أعضاء الشبكة حول العالم». وأردفت: «نحن نعتقد أنه من خلال توفير نافذة عالمية تطرح قصصاً من جميع البلدان سواءً من كوريا الجنوبية أو البرازيل أو المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة أو فرنسا أو العالم العربي، فإننا نمنح الناس فرصة لمشاهدة محتوى مميز وفريد لا يمكن العثور عليه في مكان آخر، وفي الوقت عينه توفير منصة للمواهب العربية وصانعي الأفلام لاكتساب معجبين من حول العالم».
وتابعت الطيب: «إننا نسعى لأن نكون منصة عالمية للسينما العربية، حيث يمكن لأي شخص في العالم مشاهدة أروع القصص العربية، كما نضع التنوع والتمثيل في صميم المحتوى الذي نقدمه لمنح مزيد من الأشخاص فرصة لرؤية قصصهم على الشاشة. ولقد أثبتت تجربتنا أن القصص التي تمثل شرائح مختلفة تلقى صدى وانتشاراً واسعين. ونحن راهناً نعمل مع مواهب جديدة ومتمرسة من العالم العربي لسرد مزيد من القصص، بالتعاون مع شركائنا في هذا القطاع لدعم المواهب الإبداعية، بالإضافة إلى منح رواة القصص من الإناث المساحة الكافية لتحقيق مزيد من المساواة».

شعار شبكة «نتفليكس» العالمية

صانعو المحتوى والأفلام في المنطقة
وحول وجود المواهب في العالم العربي، بالتحديد في منطقة الخليج، قالت نهى الطيب: «العالم العربي غنيّ بالمواهب الفريدة والمتميزة التي لا تشبه غيرها. ولقد عملنا بالفعل مع المواهب وصانعي الأفلام من جميع أنحاء المنطقة لإيجاد أرضية مشتركة تُثري هذا التنوع. ومن خلال عملنا مع المواهب الجديدة والمتمرّسة من المنطقة، وجدنا أن القصص التي تطرح مواضيع عالمية تلقى استحسان الجمهور من جميع أنحاء العالم، وإن كانت تحمل بصمة عربية بامتياز». وأضافت: «من الأمثلة المشرقة على ذلك؛ تعاوننا مع استوديوهات (ميركوت) و(تلفاز 11) و(سيني وايفز) في السعودية. إذ أظهرت أعمال مثل سلسلة أفلام ومسلسلات (مسامير) و(6 شبابيك في الصحراء) ومجموعة أفلام (مواهب سعودية واعدة) مدى غنى وتنوع المجتمع الإبداعي العربي. ورأينا كيف نجحت أعمال أخرى مثل (مدرسة الروابي للبنات) و(البحث عن علا) في إعلاء صوت الفئات الأقل تمثيلاً على الشاشة، بينما تطرّقت لمواضيع عالمية مهمة».
واستطردت الطيب شارحة: «غايتنا أن نستفيد من حضور (نتفليكس) وقوتها وتأثيرها بتوفير منصة تتيح للمواهب وصانعي الأفلام العرب إمكانية الوصول إلى العالمية، وكسب قلوب المشاهدين... إن مسلسل (مدرسة الروابي للبنات)، على سبيل المثال، حصد لمخرجته تيماء الشوملي كثيراً من التقدير، لما تركه من بصمة خارج العالم العربي، وما أثاره من حوارات بنّاءة داخل المنطقة. أما سلسلة مسلسلات وأفلام (6 شبابيك في الصحراء) و(مسامير)، فقد خلقت مساحة للمبدعين السعوديين لسرد قصصهم أمام الجمهور العالمي. ونحن بلا شك فخورون بالشراكات التي بنيناها مع رواة القصص من المنطقة بمرور السنوات».

أعمال في السعودية
على صعيد متصل، شددت الطيب، التي تشمل مسؤولياتها في الاستحواذ وترخيص المحتوى عموم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، على أنه في السعودية، مثلاً، حيث قطاع الترفيه في بداية نشأته ولديه الكثير ليقدمه، تبحث «نتفليكس» عن مواهب جديدة لديها قصص فريدة تروى. وفي مسلسل «وساوس»، كانت هناء العمير تطمح لإنتاج أول مسلسل تشويق ودراما في السعودية، «وحقاً، تخطى المسلسل كل التوقعات وتفوق في أسلوب سرد الأحداث وتقديم الشخصيات النسائية بطريقة فريدة وغير تقليدية».
ثم قالت إنه «في الآونة الأخيرة، عملنا مع (سيني وايفز) لتقديم مجموعة (مواهب سعودية واعدة)، ودعم وعرض المواهب الصاعدة من السعودية، لتصل أعمالهم إلى شريحة أوسع من المشاهدين. وأما في البلدان التي تمتلك إرثاً في مجال السرد القصصي، كالكويت ومصر، فنحن نعمل مع بعض من ألمع المواهب في المنطقة لتقديم قصص استثنائية من العالم العربي إلى أعضاء شبكتنا من حول العالم. إننا نعمل فعلياً على دفع حدود فن السرد القصصي في العالم العربي للوصول إلى آفاق جديدة. وبدا هذا جلياً من خلال الإعلان عن الموسم الثاني من (البحث عن علا) لهند صبري، ومسلسلي (‎القفص) و(الصّفقة) من بطولة عدد من المواهب اللامعة والمعروفة في الكويت».
جدير بالذكر أن «نتفليكس» كانت قد أعلنت في وقت سابق، عن مجموعة من الأعمال من المنطقة، بما في ذلك «محافظة مسامير 2» و«الخلاط» و«الصّفقة» و«الخطّابة» و«دبي بلينغ». وفي هذا الجانب قالت الطيب: «نتطلع لرؤية ما ستتركه هذه الأعمال من صدى داخل المنطقة وخارجها».

مستقبل العمل الإبداعي
من جانب آخر، حول مستقبل العمل الإبداعي في المنطقة تحديداً في السعودية، قالت الطيب: «كما سبق أن قلت... العالم العربي غني بالمواهب والمبدعين، وفعلاً سنرى مزيداً ومزيداً منهم في السنوات المقبلة. وهناك كثير من قصص المبدعين، من المنطقة ككل والسعودية تحديداً، التي تنتظر أن تبصر النور، وأنا على ثقة بأنهم يمتلكون المهارة والقدرات اللازمة لطرح هذه القصص بأساليب جديدة وفريدة من نوعها، ومن تقديم المملكة بصورة جديدة لم نعهدها». وتابعت: «إن ما تطمح إليه نتفليكس هو المساهمة بدور محوَري في المجتمعات الإبداعية بالمنطقة، وهذا يعني تطوير مجموعة المواهب ودعم الجديدة منها... ولا يمكن أن يحدث هذا إلا من خلال مضافرة الجهود والاستثمار في تنمية وتطوير المواهب، وتبادل المعارف عبر تقديم برامج تطوير المهارات، التي يدعمها فريق عملنا في قسم تطوير واستثمار المواهب الإبداعية». ومن ثم، استطردت موضحة: «نحن نسعى جاهدين لبناء شبكة قوية من المواهب لقطاع الترفيه العربي وخلق فرص جديدة للكتاب العرب وصانعي الأفلام وفرق العمل (تحت خط الإنتاج)، سواءً من خلال تقديم برامج التدريب أو الدعم المالي أو عقد الشراكات مع مؤسسات رائدة في القطاع أو مساهمتنا في المهرجانات السينمائية الإقليمية».

محتوى متوافق مع ثقافة المنطقة
وعن بعض تفاصيل خطط «نتفليكس» لإنتاج محتوى يتوافق مع الثقافة في المنطقة، قالت نهى الطيب: «نحن نتفهم حقيقة أن القيم الثقافية تختلف من بلد لآخر، ونعمل مع المبدعين والمواهب من مختلف أنحاء العالم لسرد القصص التي تمثل الناس من مختلف مشارب الحياة. وأيضاً نعمل مع كثير من رواة القصص العرب لمساعدتهم في سرد قصصهم بأسلوبهم وتصويرها هنا في هذه المنطقة. إننا نعتقد أن القصص الرائعة يمكن أن تأتي من أي مكان وتلقى إعجاب الناس في كل مكان... وكما ذكرت... رأينا ذلك يحدث مع بعض أعمالنا العربية مثل عمل (مدرسة الروابي للبنات)، وعمل (البحث عن علا). إننا ندرك تماماً أن لكل مجتمع أو أسرة خصوصيات ومعايير خاصة، ولذا نركز على تقديم مزيد من الخيارات لمتابعينا والقدرة على التحكم في المحتوى الذي يشاهدونه، كما نعمل على توسيع مكتبتنا الخاصة بالمحتوى المناسب للعائلة، ونقدم أيضاً أدوات الرقابة الأبوية لمساعدة الأهل في اتخاذ قرارات مناسبة بشأن ما تشاهده عائلاتهم».
وعن الأعمال المقبلة، أفادت الطيب: «نخطط لتقديم مجموعة رائعة من الأعمال العربية، منها مسلسلات وأفلام من السعودية والكويت والأردن ومصر، بينها مسلسل رسوم متحركة كوميدي، وفيلم يعكس حياة الشباب، ومنها أعمال تشويقية ودراما تاريخية... لدينا حقاً مجموعة متنوعة من أفضل المحتويات العربية ليستمتع بها المشاهدون في جميع أنحاء العالم».
ثم قالت: «في السعودية، نتطلع إلى إطلاق فيلم (الخلاط) العام المقبل، وهو مستوحى من مسلسل الخلاط الذي بدأ عرضه عام 2017، وهو من إنتاج استوديو (تلفاز 11)، وحصد المسلسل نحو 1.5 مليار مشاهدة على (يوتيوب)، ومواقع التواصل الاجتماعي. ويطرح الفيلم 4 مشاكل اجتماعية في 4 أماكن مختلفة، ليقدم أجمل ما في هذا العمل (السعودية). كذلك نعمل مع (تلفاز 11) على فيلم (الخطّابة)، وهو فيلم رعب وتشويق تدور أحداثه في مدينة العلا، ويروي قصة مشوقة عن الخيانة والانتقام... وسيعرض هذا الفيلم في مطلع عام 2023. بالإضافة إلى الموسم الثاني من المسلسل الكوميدي الشهير (محافظة مسامير)، الذي يطرح التحولات التي تحدث في المجتمع السعودي بأسلوب كوميدي شيق، عبر 8 حلقات وسيعرض عام 2023». واختتمت نهى الطيب جولتها، بالإشارة إلى أنه «سيصار إلى إطلاق مسلسل (القفص)، ومسلسل (الصّفقة) مطلع عام 2023، وهو مسلسل كويتي، يعرض قصة رائدتي أعمال تعطلان شبكة فساد في القطاع المصرفي بالكويت، في مسلسل درامي تدور أحداثه في حقبة أواخر الثمانينات. أيضاً عن مواسم جديدة من مسلسلي (مدرسة الروابي للبنات) و(البحث عن علا)، وعن توسيع نطاق الخيارات الترفيهية المتاحة أمام الأعضاء من خلال الاستثمار في الألعاب». وبحلول نهاية العام، ستتوافر 50 لعبة على «نتفليكس»، وجارٍ حالياً العمل على 55 لعبة أخرى من أجل مواصلة مساعي الشبكة العالمية في إثراء تجربة المشاهدة بأكملها.


مقالات ذات صلة

«أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

الاقتصاد «أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

«أدنوك» لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز» بـ1.2 مليار دولار

وقَّعت «أدنوك للغاز» الإماراتية اتفاقية لتوريد الغاز مع «توتال إنرجيز غاز آند باور المحدودة»، التابعة لشركة «توتال إنرجيز» الفرنسية، تقوم بموجبها بتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أسواق مختلفة حول العالم، وذلك لمدة ثلاث سنوات. وحسب المعلومات الصادرة، فإنه بموجب شروط الاتفاقية، ستقوم «أدنوك للغاز» بتزويد «توتال إنرجيز» من خلال شركة «توتال إنرجيز غاز» التابعة للأخيرة، بالغاز الطبيعي المسال وتسليمه لأسواق تصدير مختلفة حول العالم. من جانبه، أوضح أحمد العبري، الرئيس التنفيذي لـ«أدنوك للغاز»، أن الاتفاقية «تمثل تطوراً مهماً في استراتيجية الشركة لتوسيع نطاق انتشارها العالمي وتعزيز مكانتها كشريك مفضل لت

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الخليج مكتوم وأحمد نجلا محمد بن راشد نائبين لحاكم دبي

مكتوم وأحمد نجلا محمد بن راشد نائبين لحاكم دبي

‏عيّن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي نجليه الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً أولاً لحاكم إمارة دبي، وتعيين الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً ثانياً لحاكم الإمارة، على أن يمارس كلٌ منهما الصلاحيات التي يعهد بها إليه من قبل الحاكم. وتأتي خطوة التعيين للمزيد من الترتيب في بيت الحكم في إمارة دبي، وتوزيع المهام في الوقت الذي يشغل فيه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولاية العهد لحاكم دبي ورئيس المجلس التنفيذي. ويشغل الشيخ مكتوم إضافة إلى منصبه الجديد منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية في الإمارات، والن

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
يوميات الشرق الإماراتي سلطان النيادي أول عربي يسير خارج محطة الفضاء الدولية

الإماراتي سلطان النيادي أول عربي يسير خارج محطة الفضاء الدولية

سجل الإماراتي سلطان النيادي، إنجازاً عربياً جديداً كأول رائد فضاء عربي يقوم بالسير في الفضاء، وذلك خلال المهام التي قام بها أمس للسير في الفضاء خارج المحطة الدولية، ضمن مهام البعثة 69 الموجودة على متن المحطة، الذي جعل بلاده العاشرة عالمياً في هذا المجال. وحملت مهمة السير في الفضاء، وهي الرابعة لهذا العام خارج المحطة الدولية، أهمية كبيرة، وفقاً لما ذكره «مركز محمد بن راشد للفضاء»، حيث أدى الرائد سلطان النيادي، إلى جانب زميله ستيفن بوين من «ناسا»، عدداً من المهام الأساسية. وعلّق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على «تويتر»، قائلاً، إن النيادي «أول

«الشرق الأوسط» (دبي)
الخليج حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

حاكم دبي يعيّن مكتوم بن محمد نائباً أول وأحمد بن محمد ثانياً

أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي، مرسوماً بتعيين نجليْه؛ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً أول للحاكم، والشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائباً ثانياً، على أن يمارس كل منهما الصلاحيات التي يُعهَد بها إليه من قِبل الحاكم. تأتي خطوة التعيين للمزيد من الترتيب في بيت الحكم بالإمارة وتوزيع المهام، في الوقت الذي يشغل فيه الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولاية العهد للحاكم ورئيس المجلس التنفيذي. والشيخ مكتوم بن محمد، إضافة إلى تعيينه نائباً أول للحاكم، يشغل أيضاً نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية الإماراتي، وال

«الشرق الأوسط» (دبي)
يوميات الشرق «فلاي دبي» توضح ملابسات اشتعال طائرتها بعد إقلاعها من نيبال

«فلاي دبي» توضح ملابسات اشتعال طائرتها بعد إقلاعها من نيبال

أعلنت سلطة الطيران المدني في نيبال، اليوم (الاثنين)، أن رحلة «فلاي دبي» رقم «576» بطائرة «بوينغ 737 - 800»، من كاتماندو إلى دبي، تمضي بشكل طبيعي، وتواصل مسارها نحو وجهتها كما كان مخططاً. كانت مصادر لوكالة «إيه إن آي» للأنباء أفادت باشتعال نيران في طائرة تابعة للشركة الإماراتية، لدى إقلاعها من مطار كاتماندو النيبالي، وفق ما نقلت وكالة «رويترز». وأشارت «إيه إن آي» إلى أن الطائرة كانت تحاول الهبوط بالمطار الدولي الوحيد في نيبال، الذي يبعد نحو 6 كيلومترات عن مركز العاصمة. ولم يصدر أي تعليق من شركة «فلاي دبي» حول الحادثة حتى اللحظة.

«الشرق الأوسط» (كاتماندو)

جهود خليجية لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لمواجهة «الأخبار المزيّفة»

الدكتور بريسلاف ناكوف (لينكد إن)
الدكتور بريسلاف ناكوف (لينكد إن)
TT

جهود خليجية لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي لمواجهة «الأخبار المزيّفة»

الدكتور بريسلاف ناكوف (لينكد إن)
الدكتور بريسلاف ناكوف (لينكد إن)

بين التحديات الكبرى التي يواجهها الباحثون في تطوير الذكاء الاصطناعي ضمان الموضوعية مع التدفّق المعلوماتي المتسارع والمتزايد عبر شبكة الإنترنت، واستخدام وسائل عديدة لضخ مختلف المعطيات والمعلومات، بات من الصعب على المتلقي التمييز بين الحقيقة والدعاية من جهة وبين الإعلام الموضوعي والتأطير المتحيّز من جهة ثانية.

وهكذا، تتأكد أكثر فأكثر أهمية وجود تقنيات التحليل والكشف وتصفية (أو «فلترة») هذا الكم الهائل من المعطيات، توصلاً إلى وقف سيل المعلومات المضللة وإبعاد الإشاعات و«الأخبار المزيّفة»، وجعل شبكة الإنترنت مكاناً آمناً لنقل المعلومات والأخبار الصحيحة وتداولها. والواقع أنه مع التحول الرقمي المتسارع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، غدت «الأخبار المزيّفة» واحدة من أبرز التحديات التي تهدد المجتمعات حول العالم؛ إذ يجري تداول ملايين الأخبار والمعلومات يومياً، ما يجعل من الصعب على الأفراد - بل وحتى المؤسسات الإعلامية - التمييز بين ما هو صحيح وما هو مزيّف أو مضلِّل، وفي هذا السياق برزت تقنيات الذكاء الاصطناعي كأداة مبتكرة وفعّالة للكشف عن «الأخبار المزيفة» وتحليلها.

تُعرَّف «الأخبار المزيّفة» بأنها محتوى إعلامي يُنشأ ويُنشر بهدف التضليل أو التلاعب بالرأي العام، وغالباً ما يصار إلى استخدامه لتحقيق غايات سياسية واقتصادية أو اجتماعية. وتتنوّع تقنيات إنشاء «الأخبار المزيّفة» بين التلاعب البسيط بالمعلومات... واستخدام تقنيات متقدمة مثل التزييف العميق، الأمر الذي يزيد من تعقيد اكتشافها.

جهود مبتكرة

من هذا المنطلق والمبدأ، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، يقود الدكتور بريسلاف ناكوف، أستاذ ورئيس قسم معالجة اللغة الطبيعية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، جهوداً مبتكرة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وخصوصاً تحليل الطرق المستخدمة في الإعلام للتأثير على الرأي العام. ويبرز ضمن أبرز إسهامات ناكوف تطوير تطبيق «فرابيه - FRAPPE»، وهو أداة تفاعلية مصممة لتحليل الأخبار عالمياً، حيث يقدم التطبيق رؤية شاملة حول أساليب الإقناع والخطاب المستخدمة في المقالات الإخبارية، ما يمكّن المستخدمين من فهم أعمق للسياقات الإعلامية المختلفة. ويشير ناكوف إلى أن «فرابيه» يساعد المستخدمين على تحديد كيفية صياغة الأخبار وتأطيرها في بلدان مختلفة، ما يتيح رؤية واضحة لتباينات السرد الإعلامي.

تحليل أساليب الإقناع

مع أن دراسة أساليب الإقناع لها جذور قديمة تعود إلى الفيلسوف الإغريقي القديم أرسطو، الذي أسس لمفاهيم الأخلاق والعاطفة والمنطق كأساس للإقناع، فإن فريق ناكوف أضاف تطويرات جديدة لهذا المجال.

وعبر تحليل 23 تقنية مختلفة للإقناع، مثل الإحالة إلى السلطة، واللعب على العواطف، وتبسيط الأمور بشكل مفرط، يُسهم «فرابيه» في كشف أساليب الدعاية وتأثيرها على القراء. وتُظهر هذه الأساليب كيف يمكن للإعلام أن يختار كلمات أو صوراً معينة لتوجيه فهم الجمهور. وكمثال، يمكن تأطير قضية تغيّر المناخ كمشكلة اقتصادية أو أمنية أو سياسية، حسب الإطار الذي تختاره الوسيلة الإعلامية.

التشديد على أهمية تقنيات التحليل والكشف و"فلترة" المعلومات لجعل شبكة الانترنت مكاناً آمناً. (رويترز)

تقنية التأطير الإعلامي

أيضاً من الخواص التي يستخدمها تطبيق «فرابيه» تحليل أساليب التأطير الإعلامي، وهنا يوضح ناكوف أن التطبيق يمكّن المستخدمين من مقارنة كيفية تناول وسائل الإعلام للقضايا المختلفة؛ إذ يستطيع التطبيق أن يُظهر كيف تركّز وسيلة إعلامية في بلد معيّن على الجوانب الاقتصادية لتغير المناخ، بينما قد تركز وسيلة إعلامية في بلد آخر على الجوانب السياسية أو الاجتماعية.

وفي هذا السياق، يعتمد التطبيق على بيانات متقدّمة مثل قاعدة بيانات «SemEval-2023 Task 3»، التي تحتوي على مقالات بأكثر من 6 لغات، ما يجعل «فرابيه» قادراً على تحليل محتوى إعلامي عالمي متنوع. ويستخدم التطبيق الذكاء الاصطناعي لتحديد الإطارات السائدة في الأخبار، كالهوية الثقافية أو العدالة أو المساواة ما يساهم في تقديم صورة أوضح للسياق الإعلامي.

الذكاء الاصطناعي أداة أساسية

الذكاء الاصطناعي أداة أساسية في تطبيق «فرابيه»؛ إذ إنه يتيح للتطبيق تحليل الأنماط اللغوية التي تؤثر على آراء القراء. وهنا يقول ناكوف، خلال حواره مع «الشرق الأوسط» عن قدرات التطبيق: «يُعد الذكاء الاصطناعي في (فرابيه) عنصراً أساسياً في تحليل وتصنيف واكتشاف الأنماط اللغوية المعقّدة التي تؤثر على آراء القراء وعواطفهم». ويضيف أن هذا التطبيق «يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد أساليب الإقناع والدعاية، مثل الشتائم ولغة الترهيب، والتنمّر والمبالغة والتكرار. ولقد جرى تدريب النظام على التعرّف على 23 تقنية مختلفة غالباً ما تكون دقيقة ومعقّدة في محتوى الوسائط في العالم الحقيقي».

ويتابع ناكوف شرحه: «... ويستخدم التطبيق أيضاً الذكاء الاصطناعي لإجراء تحليل التأطير، أي لتوصيف وجهات النظر الرئيسة التي تُناقش قضية ما من خلالها مثل الأخلاق والعدالة والمساواة والهوية السياسية والثقافية وما إلى ذلك. ويسمح هذا للتطبيق بتمييز الإطارات الأساسية التي تؤثّر على كيفية سرد القصص وإدراكها، وتسليط الضوء على الإطارات المهيمنة في المقالة ومقارنتها عبر مصادر الوسائط والبلدان واللغات».

التحيزات الإعلامية

من جهة ثانية، بين التحديات الكبرى التي يواجهها الباحثون في تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ضمان الموضوعية والتقليل من التحيّز. وفي هذا الجانب، يوضح ناكوف أن «فرابيه» يركّز على تحليل اللغة المستخدمة في المقالات وليس على تقييم صحتها أو موقفها السياسي، وكذلك يعتمد التطبيق على تصنيفات موضوعية وضعها صحافيون محترفون لتحديد أساليب الإقناع والدعاية، ما يقلل من مخاطر التحيّز.

وبالفعل، تمكن «فرابيه»، حتى الآن، من تحليل أكثر من مليوني مقالة تتعلق بمواضيع مثل الحرب الروسية الأوكرانية وتغير المناخ. ويدعم التطبيق راهناً تحليل المحتوى بـ100 لغة، ويخطط الفريق لتوسيع نطاقه ليشمل لغات إضافية وتحسين دقة التحليل، ما سيعزّز قدرة التطبيق على فهم الأنماط الإعلامية عالمياً.

وفي حين يأمل الباحثون أن يصبح هذا التطبيق أداة أساسية للصحافيين والأكاديميين لفهم أساليب الإقناع والدعاية، يشير ناكوف إلى أهمية تطوير مثل هذه التقنيات لمساعدة الناس على التمييز بين الحقائق والدعاية، خاصة في عصر تزايد استخدام المحتوى «المؤتمت» والمعلومات المضللة. وبالتوازي، يسهم «فرابيه» بدور حيوي في تمكين الجمهور من تحليل الأخبار بطريقة أكثر وعياً وموضوعية، ووفق ناكوف: «في عصرنا الحالي، يمكن أن تُستخدم أساليب الإقناع لتضليل الناس؛ ولهذا السبب نحتاج إلى أدوات تساعد في فهم اللغة التي تشكّل أفكارنا». وبالتالي، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يصبح «فرابيه» نموذجاً لتطبيقات مستقبلية تسعى لتعزيز الشفافية في الإعلام وتقليل تأثير التضليل الإعلامي.

مكافحة «الأخبار المزيّفة»

في سياق متصل، تمثل خوارزميات الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في مكافحة «الأخبار المزيّفة»؛ حيث تعتمد على تقنيات متقدمة لتحليل النصوص والصور ومقاطع الفيديو.

ومن بين أبرز التقنيات المستخدمة في هذا المجال يمكن أيضاً تحليل النصوص؛ إذ تعتمد خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية على تحليل لغة المقالات والتحقق من الأسلوب، واكتشاف المؤشرات اللغوية التي قد تشير إلى التضليل.

كذلك تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي على التحقّق من المصادر، وبالأخص من موثوقية المصادر الإعلامية من خلال تحليل تاريخ النشر والتكرار والمصداقية، والتعرف على التزييف البصري عن طريق استخدام تقنيات التعلم العميق للكشف عن الصور أو الفيديوهات المزيفة باستخدام خوارزميات يمكنها تحديد التلاعبات البصرية الدقيقة.

التحديات المستقبلية

ولكن، على الرغم من النجاح الكبير للذكاء الاصطناعي في هذا المجال، لا بد من القول إن التحديات لا تزال قائمة. من هذه التحديات تزايد تعقيد تقنيات التزييف، بما في ذلك عبر تطوّر تقنيات مثل «التزييف العميق» الذي يزيد مهمة كشف «الأخبار المزيّفة» صعوبة. وأيضاً ثمة مشكلة «تحيّز البيانات (أو المعطيات)» حيث يمكن أن تتأثر خوارزميات الذكاء الاصطناعي ببيانات التدريب، ما قد يؤدي إلى نتائج قليلة الدقة أو متحيزة. وبالطبع، لا ننسى أيضاً إشكالية التنظيم القانوني مع طرح استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق تساؤلات حول الخصوصية والموثوقية والمسؤولية القانونية.