بايدن يركز جهده على تخطي أحزانه.. بانتظار قرار حول الخطوة السياسية المقبلة

تساؤلات حول طموح نائب الرئيس الأميركي في انتخابات 2016

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصطحب جو بايدن يوم 1 يوليو الحالي للإعلان عن استئناف العلاقات مع كوبا (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يصطحب جو بايدن يوم 1 يوليو الحالي للإعلان عن استئناف العلاقات مع كوبا (أ.ب)
TT

بايدن يركز جهده على تخطي أحزانه.. بانتظار قرار حول الخطوة السياسية المقبلة

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصطحب جو بايدن يوم 1 يوليو الحالي للإعلان عن استئناف العلاقات مع كوبا (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يصطحب جو بايدن يوم 1 يوليو الحالي للإعلان عن استئناف العلاقات مع كوبا (أ.ب)

بدا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن هادئًا أثناء غداء غني بأصناف شهية مثل سمكة الصخر وسرطان البحر أعدها على شرف زعيم فيتنامي، وتحدث خلالها بايدن عن تاريخ مؤلم ومستقبل واعد للولايات المتحدة وفيتنام. وكان لجو بايدن بعض التعليقات كما ألقى بعض النكات، وكان يمد نظره للأمام عندما يتحدث ضيفه.
وعاد بايدن لعمله مجددًا بعد وفاة ابنه بستة أشهر ليلتقي مع الزعماء الأجانب، ويلقي خطابات، وقام بتشجيع الفريق الأميركي لكرة القدم النسائية في المباراة التي فازت فيها على اليابان في بطولة كأس العالم. ولم يكن مستغربًا في ظل المأساة ألا يحتفظ بحماسه المعتاد، إلا أنه عاد مجددًا يتحسس الخطى للأمام ويستكشف ما سيأتي لاحقًا. وحتى من دون حسرة الخسارة، كان لا بد أن يكون هناك مفترق طرق بالنسبة لنائب الرئيس الذي أمضى أربعة عقود في واشنطن محاولاً تحديد الطريق المؤكد للأمام.
ولم ينفِ بايدن كذلك عزمه الترشح للرئاسة بعد أن أوعز له بعض أصدقائه بذلك، حتى وإن لم ترق له حسابات السياسة.
ويتمتع بايدن بأيام جميله وأخرى سيئة، إلا أن عقله لم ينسَ ابنه الراحل بيو بايدن، حيث إن فريق عمله لا يخطط لأبعد من أسبوعين قادمين، إذ ما زال نائب الرئيس الأميركي يعمل على تخطي صدمته من وفاة نجله.
وقال عضو مجلس الشيوخ السابق، تيد كوفمان: «هو ليس بالشخص الذي يمكن أن يرحل بسهولة»، وهو صديق حميم لبايدن حيث شغل أيضًا المقعد الذي تركه بايدن في مجلس الشيوخ ممثلاً لولاية ديلوير بعدما صعدّته انتخابات الرئاسة عام 2008 إلى منصب نائب الرئيس. وأضاف كوفمان: «أيًا كان ما يفعله بايدن، سيستمر، فهو لا ينوى التقاعد مثلما فعلت أنا. هو واضح في التصريح بأنه سيفعل كل ما في وسعه وسيوظف كل ما تعمله كي يستمر في المشهد». ولم يوضح أنه يخوض حملة انتخابية أخرى، ويتبقى لبايدن الذي يبلغ 72 عامًا، 18 شهرًا في وظيفته الحالية، ويقول مستشاروه إنه يشعر بواجبه تجاه تلك المسؤولية، كذلك تعتبر عودته للبيت الأبيض في حد ذاتها علاجًا حيث يستطيع التركيز على أمور مثل الطاقة النظيفة والسياسة الخارجية.
وتشمل مهام بايدن كذلك التحديات الخطرة فيما يخص شأني أوكرانيا والعراق، إضافة إلى معركة الموازنة التي تلوح في الأفق. وحسب أصدقاء بايدن ومستشارين ومسئوولين بالبيت الأبيض، فإن بايدن يعتبر العمل أمرًا هامًا.
ومنذ عودته للعمل اجتمع بايدن مع رئيس وزراء أوكرانيا، ورئيس البرلمان العراقي، ورئيس البرازيل، ورئيس الهندوراس، ورئيس وزراء كندا، ورئيس وزراء منغوليا، وتحدث أيضًا مع بعض قادة دول العالم خلال مكالمات هاتفية.
ولكن بايدن، ليس مستعدًا للحديث عن المستقبل، ولم يوافق على طلب لإجراء مقابلة شخصية من صحيفة «نيويورك تايمز».
ويبدو أنه في هيئة مختلفة حاليًا، فحيثما يذهب هذه الأيام يتلقى التعازي. بالفعل انتشر نبأ مأساة وحزن بايدن بشكل لم يعهده أي نائب رئيس أو رئيس في السلطة لسنوات، لدرجة أنها ضربت وترًا حساسًا في واشنطن وخارجها.
وقال عضو مجلس الشيوخ عن جنوب كاليفورنيا ومرشح رئاسي جمهوري، ليندسي غراهام، بصوت مخنوق بينما يغالب دموعه أثناء مقابلة مصورة: «أجريت اتصالاً هاتفيًا مع بايدن بعد وفاة بيو ورد بايدن بقوله كان بيو روحي».
وأشار غراهام أنه عندما تقاعد من القوات الجوية الاحتياطية طلب بايدن حضور حفل تكريمه، مضيفًا: «لقد كان ألطف من قابلت في عالم السياسة، وهو من أفضل الرجال الذين خلقهم الله، رغم أننا قد لا نتفق في الكثير من النقاط. في الحقيقة مر بايدن بمحن كثيرة في حياته».
ويعرف الكثيرون تاريخ بايدن مع المحن، خاصة وفاة زوجته وابنته التي توفيت في عامها الأول في حادث سيارة بعد أسابيع من انتخابه عضوًا في مجلس الشيوخ عام 1972. إلا أنه عند وفاة ابنه بيو متأثرًا بسرطان المخ عن عمر يناهز 46 عامًا، رأى المواطنون الأميركيون رجلاً يكافح لتحمل ما لا يطيقه بشر، لكن هذه المرة في ساحة عامة أكبر.
وعند تشييع جثمان ابنه في القاعة التشريعية بمدينة دوفر، وقف يابدن لخمس ساعات متصلة يتلقى التعازي، وفى اليوم التالي وقف يتلقى التعازي من عامة الناس لعشر ساعات متصلة من دون راحة.
وقال حاكم ديلوير جاك ماركيل إن «قدرته على توفير الراحة للآخرين في وقت مأساته تتعدى قدرات أي شخص آخر قابلته من قبل». وأعلن مساعد بايدن وصديقه لسنوات طويلة، مارك غتنستين، إن نائب الرئيس أصبح «أبًا للولايات المتحدة» بعدما شاهده الناس يفيض فضيلة وإنسانية.
وجاء موت بيو كمأساة عامة، وكان نائب الرئيس يتعامل مع معركة فقدان ابنه بسبب مرض السرطان لشهور طويلة، وكان يواصل إلقاء الخطب وحضور اللقاءات وفي الوقت نفسه يمضي أطول وقت ممكن إلى جوار ابنه قبل وفاته.
وفي حديث حول السياسة الخارجية في «مشروع ترومان للأمن القومي»، وهي مجموعة تضم عددًا من المحاربين القدماء، حيّا بايدن الأعضاء لدفاعهم عن قضايا الحقوق، قائلاً: «تفعلون ما كان يفعله ابني» وتحدث عمن فقدوا حياتهم في ساحة القتال.
وأعرب المدير التنفيذي للمشروع، مايكل برين: «لم يكن خطاب بايدن سياسًا جافًا، ولكن كانت كلماته عاطفية عن كل عزيز فقدناه في العراق وأفغانستان».
ورافق بايدن الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مقاطعة تشارلستون لحضور جنازة القس كلمانتا بنيكى، أحد التسعة الذين قتلهم جندي أبيض في كنسية «إيمانويل إيه إم آي». وبعد ذلك توجه بايدن مع عائلة بيو إلى جزيرة كيوا حيث قرروا قضاء عطلة نهاية الأسبوع.
وفي اليوم التالي، أبلغ نائب الرئيس أقرباءه أنه يفكر في العودة للكنيسة يوم الأحد، حيث شعر بالحاجة إلى الوقوف إلى جوار الآخرين في أحزانهم. وقال بايدن للحضور عند وصوله: «قد أكون أنانيًا. إننا جئنا إلى هنا لنستمد القوة منكم جميعًا».
وقال بايدن، بينما يمسك مسبحة في معصمه، إنه «يتمني لو أن بمقدوره أن يخفف آلامهم»، وصرح في الكنيسة: «من خلال خبرتي، وما رأيته منذ 29 يومًا، أنه ليست هناك كلمات تُصلح قلبًا مكسورًا، ولا موسيقى تملأ ذلك الفراغ الحزين. من خلال خبراتي الشخصية، الحل يكمن في الإيمان، وكما يعرف القساوسة هنا، فالإيمان أحيانًا يتخلى عنك للحظات تقع فيها فريسة للشك».
وقضى بايدن الكثير من هذا الوقت مع عائلة بيو، خاصة طفلي بيو؛ ناتالي التي تبلغ 10 سنوات وهنتر الذي يبلغ تسع سنوات، واصطحبهما إلى فانكوفر لحضور مسابقة كرة القدم، وظهر بايدن ممسكًا بيد هنتر ومال عليه ليشرح له ما يدور في الملعب. عند انتهاء المباراة وإعلان فوز الفريق الأميركي التفت نائب الرئيس إلى هنتر ليهنئه بالفوز.
وعندما سأل مراسل صحيفة «لوس أنجليس تايمز» مايكل ميمولي، جو بايدن ما إذا كان قد مارس كرة القدم عندما كان طفلاً، عاد بايدن بفكره لابنه الراحل، وقال: «بيو كان يلعب الكرة وكان قائدًا للفريق، لكنى لم ألعب الكرة مطلقًا إلا أنني شاهدت جميع مباريات بيو». وحتى قبل وفاته بفترة قصيرة، كان بيو دومًا يشجع والده للترشح للرئاسة عام 2016. ولكن بايدن غير قادر على التركيز في هذا الأمر، ورغم الإغراء، فإن كل الخيارات متاحة، وما زال هناك أسابيع وربما شهور قبل أن يفكر بايدن في هذا الأمر، حيث إن تركيزه الآن منصب على عائلته. وقال أحد مستشاريه: «لا يملك رفاهية التفكير في مستقبله الآن، عليه أن يتدبر كل أموره».
*خدمة: «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».