ملف النازحين من درعا المعتقلين لدى الشيخ البلعوس يقترب من نهايته

بلغ ملف الخطف درجة من التعقيد هددت النسيج الاجتماعي في الجنوب السوري

ملف النازحين من درعا المعتقلين لدى الشيخ البلعوس يقترب من نهايته
TT

ملف النازحين من درعا المعتقلين لدى الشيخ البلعوس يقترب من نهايته

ملف النازحين من درعا المعتقلين لدى الشيخ البلعوس يقترب من نهايته

طرأت انفراجات على ملف المخطوفين العالق بين درعا والسويداء منذ أبريل (نيسان) الماضي، إذ شهد خلال اليومين الماضيين محاولات حلحلة هادفة إلى طي الملف بشكل كامل، وذلك عبر مبادرة جديدة رعاها مجموعة من رجال الدين وفعاليات اجتماعية في السويداء، وفي مقدمها شيخ العقل حمود الحناوي.
ونجحت وساطات الحناوي مساء السبت في الإفراج عن سبعة مخطوفين من أصل 12 مخطوفًا من درعا، سبق أن احتجزتهم مجموعات تابعة للشيخ وحيد البلعوس. وكان هؤلاء في عداد النازحين الذين لجأوا إلى السويداء في عام 2012. وفي المقابل، تسلّم أهالي السويداء أربع عينات لجثث يعتقد أنها عائدة لمخطوفي السويداء الذين سبق أن اختطفتهم «جبهة النصرة» وقتلتهم في نهاية 2012.
وقال الناشط الإعلامي البارز أسامة أبو ديكار لـ«الشرق الأوسط» إن خطوة الإفراج عن سبعة محتجزين لدى البلعوس «تأتي في محاولة لإبداء حسن النيات والعمل على وقف عمليات الخطف والقتل التي طالت أهالي السويداء من قِبل (الزعران) والخارجين عن القانون في حوران».
وقال أبو ديكار: «منذ نحو ثلاثة أشهر، بلغ ملف الخطف درجة من التعقيد والتهديد للنسيج الاجتماعي في الجنوب السوري، حتى كاد موضوع الخطف أن يكون شرارة لفتنة تهدد السهل والجبل». ورجح أن ينتهي الملف قريبًا: «لكنه لن يُغلق بشكل نهائي، لأنه مرتبط بالأزمة السورية بشكل عام»، مذكرًا بالكثير من المبادرات الناجحة التي تم على أثرها إطلاق سراح مختطفين لدى الجانبين، كان أولها حادثة اختطاف باص نقل كان يقلّ مجموعة من موظفي السويداء في درعا عام 2012، إضافة إلى مبادرات أخرى كانت تجري على خلفية التوترات التي تحدث نتيجة حالات الخطف والخطف المضاد.
وإذا نجحت المبادرة بإنهاء ملف المعتقلين الـ12 لدى البلعوس، يبقى مصير ما يزيد على ثلاثين مختطفًا من أبناء السويداء مجهولاً منذ ما يزيد على عامين ونصف.
ويرجح متابعون في السويداء أن تفضي مبادرة الشيخ الحناوي والفعاليات الأخرى في السويداء، إلى وضع خريطة اتفاق شامل بين درعا والسويداء لإنهاء ملف خطف المعتقلين الـ12 بشكل كامل، رغم أن ذلك يتوقف على نتائج فحص الحمض النووي DNA لعينات الجثامين التي سلمت لأهالي السويداء من قبل أهالي درعا.
وتحرّك الملف في هذا الوقت بالذات، نتيجة للسخط الشعبي والاجتماعي الذي تولّد داخل السويداء، على خلفية تسريب صورة يظهر فيها المحتجزون من أبناء الكرك لدى الشيخ البلعوس وهم بهيئة مهينة ومكبلون بالأغلال. واجتاحت الصورة مواقع التواصل الاجتماعي، وأثمرت ردات فعل غاضبة، لم يكن أولها مطالبات المعارضين من أبناء السويداء للشيخ البلعوس بالوقوف عند مسؤولياته الأخلاقية، والمسارعة إلى تحرير المحتجزين لديه انطلاقًا من مبدأ عدم المعاملة بالمثل، وليس آخرها اللافتات التي حملها أبناء درعا يوم الجمعة الماضي في تظاهرات جرت في مدينة داعل، دعت الشيخ البلعوس إلى إطلاق سراح المختطفين انطلاقًا من قيم الكرامة التي رفعها البلعوس في شعاراته.
وفيما غاب أي تصريح عن الشيخ البلعوس لتوضيح ملابسات نشر الصورة المسيئة للمحتجزين لديه، رجحت مصادر محلية أن مجموعات تعمل لصالح القوى الأمنية تقف وراء مسألة تسريب الصورة، مما يوحي بأن «ثمة اختراقًا أمنيًا في صفوف جماعة البلعوس التي عرفت بعدائها للقوى الأمنية»، رغم أن ذلك لا يعفي البلعوس من مسؤولية احتجاز مدنيين. ويُعتقد أن نشر الصورة «حدث بهدف تأجيج العلاقة بين المحافظتين، لإحداث ردات فعل جديدة قد تقود لمزيد من التعقيد»، كما يقول مصدر محلي من السويداء لـ«الشرق الأوسط».
ورغم المحاولات الكثيرة التي ظهرت في الأشهر الأخيرة لتذليل العقبات في ملف المختطفين، فإن حوادث الخطف بلغت درجة عالية من العنف، وترجمت في مشهد قتل مجموعة من الخاطفين لأحد الشباب المخطوفين من آل ركاب، الذي أرسل رأسه مقطوعا إلى ذويه في السويداء. وكان لتلك الحادثة، والظروف التي واكبتها، أثر بالغ في عرقلة جميع المبادرات الحاصلة بين الجارتين الطامحتين لعلاقة حسن جوارٍ لن تتحقق طالما لم يطوَ ملف المخطوفين العالق بينهما.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.