السعودية تدشن {فناء الأول} وجهة ثقافية للمفكرين والمبدعين وأصحاب المواهب

بدر بن عبد الله أكد أن المركز سيسهم في الارتقاء بالمشهدين الثقافي والفني

الأمير بدر بن عبد الله متحدثاً للحضور من مثقفين وفنانين خلال حفل الافتتاح (واس)
الأمير بدر بن عبد الله متحدثاً للحضور من مثقفين وفنانين خلال حفل الافتتاح (واس)
TT

السعودية تدشن {فناء الأول} وجهة ثقافية للمفكرين والمبدعين وأصحاب المواهب

الأمير بدر بن عبد الله متحدثاً للحضور من مثقفين وفنانين خلال حفل الافتتاح (واس)
الأمير بدر بن عبد الله متحدثاً للحضور من مثقفين وفنانين خلال حفل الافتتاح (واس)

نحو فضاء ثقافي يوفر مساحة للتعبير الإبداعي والحوار بين الثقافات، أسست وزارة الثقافة السعودية المركز الثقافي الجديد «فناء الأول» في حي السفارات بالعاصمة الرياض، ليكون مركزاً للتبادل المعرفي ومقراً يحتضن مجتمعاً متنوعاً من المفكرين والمبدعين وأصحاب المواهب الإبداعية المتعددة.
ويعد «فناء الأول» الذي رعى حفل افتتاحه الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي (الخميس)، بحضور عدد من المثقفين والفنانين، مركزاً ثقافياً متكاملاً، عبر المساحات المتنوعة التي يوفرها للمعارض الفنية وورش العمل والملتقيات الثقافية، فضلاً عن الفضاء الثقافي والمعرفي الذي سيُتيحه المركز لزواره من مختلف الشرائح.
وأبدى الأمير بدر بن فرحان، في كلمة له خلال حفل الافتتاح، اعتزاز الوزارة بافتتاح «فناء الأول» الوجهة الثقافية والإبداعية، ومركزاً ثقافياً جديداً للوزارة، مشيراً إلى أن تأسيس «فناء الأول» بدعمٍ من الهيئة الملكية لمدينة الرياض، لتحويله إلى فضاءٍ ثقافي، يوفر مساحة للتعبير الإبداعي والحوار بين الثقافات تماشياً مع «رؤية المملكة 2030»، وانطلاقاً من استراتيجية وزارة الثقافة، وسيسهم في الارتقاء بالمشهدين الثقافي والفني، وإيجاد فرص للتبادل الثقافي العالمي؛ ما يعزز مكانة المملكة، وتمثيلها الثقافي.
ويقع المركز في المبنى التاريخي للبنك الأول بحي السفارات، المعروف سابقاً باسم البنك السعودي الهولندي، وهو أول بنك تجاري عمل في المملكة؛ وقد صُمم عام 1988م من قبل شركة «العمرانية»، حيث يُعد من المعالم البارزة في الحي الدبلوماسي بتصميمه المميز المكون من أعمدة أسطوانية في إطار مربع الشكل، ومزين بزخرفة هندسية منقوشة على الطراز النجدي التقليدي.

وزير الثقافة السعودي يطلع على محتويات المعرض الفني الذي تم تدشينه في المركز (واس)

وشهد حفل افتتاح المركز إلقاء مديرة «فناء الأول» رولا الغرير، كلمة أوضحت فيها أهداف المركز، الذي سيكون «وجهة ثقافية وموطناً لمجتمعٍ متنوعٍ من المفكرين والمبدعين وأصحاب المواهب».
وأضافت أن المركز «سيكون نقطة تلاقٍ لمجموعات من خلفيات وثقافات مختلفة، يقدم لهم مساحة للتلاقي والحوار والتبادل الثقافي والمعرفي، وبيئة مثالية لاستكشاف الآخر، ولتوليد أفكار جديدة، كما سيكون حاضنة للمبدعين، والفنانين، والمفكرين، وأصحاب المواهب».
وأشارت: «في (فناء الأول) نسعى لتشجيع المبدعين، ودعم رحلتهم، ومساعدتهم على التعبير عن رسالتهم من خلال عرض أعمالهم الإبداعية، وأفكارهم الخلاقة، وهو بهذا المفهوم والتوجه سيكون مكاناً ثالثاً يقدم لرواده مساحة ملهمة، وفضاءً للتبادل المعرفي والتفاعل مع الآخرين، ومكاناً يثري فكرهم عبر مجموعة واسعة من البرامج الغنية والمتنوعة التي نسعى من خلالها إلى أن نقدم للزائر رحلة فكرية ومعرفية ممتعة».
وتزامن إطلاق «فناء الأول» مع تدشين المعرض الفني الافتتاحي بعنوان «إيداع الذاكرة» في المركز الذي يستمر لثلاثة أشهر، ويعود هذا المعرض إلى أمجاد المصرف الذي استوطن أروقة المبنى في الأمس، ليَخُط نشأة العملة السعودية عبر التاريخ، متناولاً إياها من عدسة الفن؛ حيث استمد ستة فنانين محليين ودوليين معاصرين الإلهام من المحطات المختلفة لتراث المملكة وهويتها المصورة على العملات، فترجموها أعمالاً فنية تعبر بإبداع عن مواضيع رئيسية خمس ذات رمزية عالية، وهي النفط، والطبيعة، والحج عبر البحر الأحمر، ومكة المكرمة، وشعار المملكة.
وتلت حفل الافتتاح، جولة للحضور في مرافق «فناء الأول»، من أبرزها «حديقة المنحوتات» التي تضم مجموعة من 5 قطع فنية فريدة من نوعها، صممها فنانَون سعوديون و3 فنانين عالميين من الولايات المتحدة والأرجنتين ومصر خصيصاً لـ«فناء الأول»، وستشكل هذه المنحوتات المجموعة الفنية الدائمة لـ«فناء الأول»، وهي معروضة في حديقة مفتوحة تطل على الدوار الثالث في حي السفارات.
وأوضحت وزارة الثقافة أن مركز «فناء الأول» سيكون متاحاً أمام الجميع، وبشكل مجاني، وذلك ضمن جهود الوزارة لإيجاد فضاء ثقافي فعال ومؤثر، ينعكس على نمط حياة أفراد المجتمع، ويمنحهم مكاناً ثالثاً يعيشون فيه الثقافة بكل تجلياتها الإبداعية.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

آن ماري جاسر لـ«الشرق الأوسط»: «فلسطين 36» يربط النكبة بالمأساة الجديدة

المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر (مهرجان البحر الأحمر)
المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر (مهرجان البحر الأحمر)
TT

آن ماري جاسر لـ«الشرق الأوسط»: «فلسطين 36» يربط النكبة بالمأساة الجديدة

المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر (مهرجان البحر الأحمر)
المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر (مهرجان البحر الأحمر)

من العرض العالمي الأول في مهرجان «تورنتو» للعرض العربي الأول في النسخة الماضية من مهرجان «البحر الأحمر»، مروراً باختياره في «القائمة المختصرة» لجوائز الأوسكار في دورتها الـ98، التي أُعلنت، الثلاثاء، يواصل الفيلم الفلسطيني «فلسطين 36» رحلته في تسليط الضوء على مرحلة مهمة في تاريخ الشعب الفلسطيني.

الفيلم المدعوم من «البحر الأحمر» في مراحل إنتاجه، تُعرب مخرجته الفلسطينية آن ماري جاسر، لـ«الشرق الأوسط»، عن سعادتها بوصوله إلى القائمة المختصرة»، مؤكدة أن فيلمها لا ينتمي إلى الماضي بقدر ما يعكس حاضراً يتكرر بلا انقطاع، مشيرة إلى أن الشرارة الأولى للفيلم انطلقت من وعيها بأهمية تلك اللحظة المفصلية في التاريخ الفلسطيني، حين اندلعت الثورة الكبرى في عام 1936 بوصفها أوسع انتفاضة جماعية ضد الاستعمار البريطاني شارك فيها الفلسطينيون من مختلف الطبقات والقرى والمدن، وشكّلت منعطفاً حاسماً في مسار النضال المناهض للاستعمار.

عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (الشركة المنتجة)

وأضافت أن ما صدَمها على المستوى الشخصي هو إدراكها أن كل تفاصيل حياتها اليومية في فلسطين، اليوم؛ من نظام السيطرة إلى آليات القمع، تعود في جذورها إلى تلك المرحلة، موضحة أن «المخطط الكامل للاحتلال الذي نعيشه اليوم وُضع في زمن أجدادنا على يد البريطانيين، ومن هنا لم أتعامل مع الفيلم بوصفه عملاً تاريخياً منفصلاً عن الراهن، بل كمرآة لواقع لا يزال يعيد إنتاج نفسه».

وتؤكد آن ماري أن علاقتها بالسينما تنطلق أولاً من الحكاية، إذ تصف نفسها بأنها «صانعة أفلام وكاتبة»، لذلك جاءت فكرة الفيلم بوصفها رغبة في تحويل تلك اللحظة التاريخية إلى قصة إنسانية، قبل أن تبدأ عملية البحث التي لحقت الفكرة ولم تسبقها، مؤكدة أن البحث عنصر أساسي في كل أعمالها، لا يقتصر على هذا الفيلم، بل يشكّل جزءاً من ممارستها السينمائية ككل.

وفي سبيل بناء عالم «فلسطين 36»، غاصت جاسر في قراءة الخلفيات التاريخية والسياسية والاجتماعية لتلك الفترة، وعَدّت أن هذه العناصر تُشكّل الأساس الذي تنبني عليه الشخصيات.

احتضن مهرجان تورنتو العرض العالمي الأول للفيلم (الشركة المنتجة)

وتقول إنها قرأت أعمال مؤرخين وأكاديميين من اتجاهات مختلفة؛ بريطانية وعربية ويهودية، إلى جانب المذكرات الشخصية وشهادات الحياة اليومية، ومنها يوميات امرأة كانت تعمل معلّمة في رام الله خلال فترة الانتداب، وهو ما أتاح لها الاقتراب من تفاصيل العيش اليومي بوصفها مادة حية لبناء الفيلم.

وتشير المخرجة الفلسطينية إلى أن أكثر ما فاجأها، خلال البحث، لم يكن معرفة الثورة نفسها، التي كانت حاضرة في الذاكرة الجمعية الفلسطينية، بل حجم العنف الذي مارسه الجيش البريطاني، مؤكدة أن الوقوف على تفاصيل هذا العنف كان صادماً، لافتة إلى أن هناك مجازر ارتُكبت عام 1938؛ أي قبل النكبة بعشر سنوات، وهو ما لا يحظى بالقدر نفسه من التداول في السرديات الشفوية الفلسطينية.

وتوضح أن ما تصفه بتفاصيل الاحتلال في تلك المرحلة يشمل «ممارسات لا تزال مألوفة حتى اليوم، كالعقاب الجماعي، والسيطرة على السكان، ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، وتفجير المنازل، والتعذيب في السجون بطرقٍ لا تترك آثاراً جسدية، وإقامة الحواجز، وحظر الصحف والإعلام، وبناء الجدران العازلة»، وفق قولها، مشيرة إلى أن استعراض هذه التفاصيل داخل الفيلم يخلق إحساساً لدى المشاهد بأنه يرى واقعاً معاصراً أكثر منه حدثاً تاريخياً منقضياً.

وعن الفارق بين الروايات الشفوية الفلسطينية والسجلات الأرشيفية البريطانية، تقول آن ماري إن «الفلسطينيين يتحدثون عن ثورة 1936 بفخر، بوصفها أول انتفاضة جماعية كبرى، ويحتفون بطول الإضراب ونجاحه وروح التمرد على الاستعمار. غير أن ما يُغفل غالباً هو الغوص في تفاصيل العنف والصدمة»، وعَدَّت أن ذلك يعود إلى صعوبة الحديث عن «تروما متوارثة» لا تزال آثارها حاضرة.

وتلفت إلى أن واحداً من كل عشرة فلسطينيين كان في السجن آنذاك، وأن القيادات نُفيت، وأن العنف كان واسع النطاق، وهي جوانب كثيراً ما تمر في الروايات الفلسطينية دون تفصيل.

مع صناع الفيلم خلال عرضه في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

وحول قرارها التركيز على الاحتلال البريطاني، بدلاً من الاحتلال الإسرائيلي، توضّح المخرجة الفلسطينية أن «السياق التاريخي للفيلم لا يسمح بغير ذلك، إذ لم تكن هناك دولة إسرائيل في تلك الفترة»، مؤكدة أن «الفيلم يتناول مرحلة جرى تهميشها ومحاولة محوها من الذاكرة، ولا سيما ما يتعلق بوعد بلفور والدور البريطاني في تمهيد الطريق لما تلا ذلك، وإبراز المسؤولية البريطانية جزء أساسي من استعادة السردية التاريخية».

وبشأن غياب الشخصيات الإسرائيلية أو اليهودية عن الفيلم، توضح المخرجة أن الأمر مرتبط بطبيعة الحكاية التي ترويها، «فالفيلم يركز على مجموعة من القرويين وعلاقتهم المباشرة بالقوة المحتلّة التي كانت حاضرة في حياتهم اليومية آنذاك، وهي السلطة البريطانية، فيما يشبه الواقع المعاصر، حيث يكون احتكاك الفلسطيني اليومي مع الجنود والجيش، لا مع المستوطنين بوصفهم أفراداً، بل كقوة تُصادر الأرض من بعيد»، على حد تعبيرها.

وتضيف أن الفيلم لا يدّعي تمثيل كل المجتمعات التي كانت موجودة في فلسطين آنذاك، مثل الأرمن أو البوسنيين أو الشركس، إذ إن الهدف كان الحفاظ على صدق التجربة اليومية للشخصيات، التي لم تكن تتفاعل بشكل مباشر مع تلك الجماعات، بل كانت ترى نتائج المشروع الاستيطاني عبر مصادرة الأراضي المحيطة بها.

وفيما يتعلق باستخدام الأرشيف المصوَّر، تكشف جاسر أن جزءاً كبيراً من الفيلم بُني على مواد أرشيفية أصلية من ثلاثينات القرن الماضي، جرى تلوينها بعناية، مؤكدة أنها عملت عن قرب مع منتجة أرشيف، واستخدمت هذه المواد منذ مراحل البحث الأولى، كما استعانت بها في التحضير البصري مع مصمم الديكور ومصمم الأزياء وفريق العمل الفني بأكمله.


ألماسة نادرة تُبدّل حياة صديقَيْن في الهند

صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)
صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)
TT

ألماسة نادرة تُبدّل حياة صديقَيْن في الهند

صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)
صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)

في صباح شتوي حديث بمنطقة بانا، إحدى مناطق تعدين الألماس وسط الهند، حقَّق صديقان منذ الطفولة اكتشافاً يعتقدان أنه قد يُغيّر حياتهما إلى الأبد.

وعثر ساتيش خاتيك وساجد محمد على صخرة كبيرة متلألئة في قطعة أرض كانا قد استأجراها قبل أسابيع قليلة. وعندما نقلا الحجر إلى المقيّم الرسمي للألماس في المدينة، تبيَّن أنهما عثرا على ألماسة من فئة الأحجار الكريمة بوزن 15.34 قيراط، وهي من أندر أنواع الألماس الطبيعي وأجوده.

وقال أنوبام سينغ، مقيّم الألماس، لهيئة «بي بي سي هندي»: «تُقدَّر القيمة السوقية للحجر بنحو 5 إلى 6 ملايين روبية (ما بين 55 ألفاً و66 ألف دولار، و41 ألفاً إلى 49 ألف جنيه إسترليني)، وسيُطرح في مزاد قريباً».

وتنظّم الحكومة مزادات ربع سنوية تستقطب مشترين من مختلف أنحاء الهند وخارجها للمُزايدة على الألماس.

وأوضح سينغ أنّ «الأسعار التقديرية تعتمد على سعر الدولار والمعايير التي يُحدّدها تقرير رابابورت»، وهو تقرير يُعدّ مرجعاً رائداً في تحليل أسواق الألماس والمجوهرات.

ألماسة من عمق الأرض تمنح صديقَيْن فرصة جديدة للحياة (إنستغرام)

وقال خاتيك ومحمد إنهما في أقصى السعادة، وأضافا: «بات بإمكاننا الآن تزويج شقيقاتنا».

ويبلغ خاتيك 24 عاماً، ويدير متجراً لبيع اللحوم، فيما يبلغ محمد 23 عاماً، ويعمل في بيع الفاكهة. ويتحدَّر الاثنان من أسر فقيرة، وهما أصغر الأبناء في عائلتيهما.

وعلى مدى أجيال، دأبت عائلتاهما على البحث عن الألماس، وهي مساعٍ شائعة بين سكان المنطقة، علماً بأنّ بانا، الواقعة في ولاية ماديا براديش، تُعدّ من بين أقل مناطق الهند نمواً، إذ يعاني سكانها الفقر وشحّ المياه والبطالة.

غير أنها في المقابل تضمّ معظم احتياطيات الهند من الألماس، ولا تزال وجهة رئيسية للباحثين عن هذا الحجر النفيس.

ورغم أنّ احتياطيات الهند من الألماس محدودة نسبياً مقارنةً بكبار المنتجين عالمياً، فإنها ذات أهمية تاريخية.

وفي حين تدير الحكومة الاتحادية معظم المناجم، تؤجّر السلطات المحلّية قطعاً صغيرة من الأراضي للسكان سنوياً مقابل رسوم رمزية. ومع ندرة فرص العمل، يأمل الأهالي في العثور على حجر ثمين يُحسّن أوضاعهم، وإنما الغالبية تخرج خالية الوفاض.

ويقول محمد إنّ والده وجده حفرا في هذه الأراضي لعقود من دون أن يعثرا على شيء سوى «الغبار وشظايا الكوارتز».

وأوضح أن استئجار قطعة الأرض للبحث عن الألماس جاء جزئياً بدافع اليأس، إذ لم تكن مداخيلهما الضئيلة قادرة على مجاراة ارتفاع تكاليف المعيشة، فضلاً عن تحمُّل نفقات الزواج.

والتنقيب عن الألماس ليس مَهمّة سهلة، وإنما الصديقان اعتادا غربلة أكوام من التراب بعد انتهاء العمل مساءً، أو كلما سنحت لهما فرصة بعيداً عن وظائفهما اليومية.

ومثل معظم سكان المنطقة، اعتمدا على العمل اليدوي في البحث عن الألماس، فكانا يحفران الحُفر، وينقلان التربة والصخور، ويغسلانها عبر المناخل، ثم يُدقّقان بعناية في آلاف الحصى الصغيرة بعد تجفيفها.

وقال مسؤول التعدين في مقاطعة بانا، رافي باتيل، إنّ الصديقين كانا محظوظين إلى حدّ كبير. وأضاف: «لقد استأجرا قطعة الأرض في 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، وكان من حُسن حظّهما أن يعثرا خلال أسابيع قليلة على ألماسة من جودة الأحجار الكريمة».

ورغم أنهما لم يتسلَّما العائد المالي بعد، يقول خاتيك ومحمد إنهما متفائلان.

وختما: «لا نفكّر في شراء أرض، أو توسيع أعمالنا، أو الانتقال إلى مدينة أكبر؛ ليس بعد. في الوقت الراهن، ينصبّ تركيزنا على تزويج شقيقاتنا».


بعوض فلوريدا يستعيد مشهداً من «جوراسيك بارك» لكن بلا ديناصورات

«جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)
«جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)
TT

بعوض فلوريدا يستعيد مشهداً من «جوراسيك بارك» لكن بلا ديناصورات

«جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)
«جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)

في فيلم «حديقة الديناصورات» (جوراسيك بارك) الشهير الذي عُرض عام 1993، أعاد العلماء الديناصورات إلى الوجود عبر استخراج حمضها النووي من دمٍ امتصّته بعوضة ثم تجمّد داخل الكهرمان.

وقال جون هاموند، مالك الحديقة، الذي أدّى دوره الممثل ريتشارد أتينبورو، بصوت راوٍ في الفيلم: «قبل مائة مليون عام، كان هناك بعوض، تماماً كما هي الحال اليوم. وكما اليوم، كان يتغذّى على دماء الحيوانات، حتى الديناصورات».

اليوم، يقول باحثون في ولاية فلوريدا إنهم أنجزوا أمراً مُشابهاً.

وذكرت «الإندبندنت» أنه على مدى 8 أشهر، حدَّد فريق من جامعة فلوريدا الحمض النووي لـ86 نوعاً مختلفاً من الحيوانات، انطلاقاً من الدم الذي امتصّته عشرات الآلاف من بعوض فلوريدا.

بعوض يرصد 86 نوعاً حيوانياً من الدم (جامعة فلوريدا)

وقال عالم الحشرات في الجامعة، الدكتور لورنس ريفز، في بيان: «باستخدام البعوض، تمكّنّا من رصد فقاريات تراوحت من أصغر الضفادع إلى أكبر الحيوانات مثل الغزلان والأبقار، فضلاً عن حيوانات ذات أنماط حياة شديدة التنوّع، شجرية، ومهاجرة، ومقيمة، وبرمائية، وكذلك أنواع محلّية وأخرى دخيلة أو مهدَّدة بالانقراض».

ولم تكن الفكرة إحياء أنواع منقرضة، بل التقاط «لقطة بيئية» شاملة لجميع الحيوانات التي تعيش في محيط محمية «دي لوكا» الرطبة التابعة للجامعة.

وتقع المحمية، وهي منطقة طبيعية محمية تديرها الجامعة، على بُعد 80 ميلاً جنوب مدينة أورلاندو.

ولتحقيق ذلك، كان على العلماء اصطياد بعوضة ممتلئة بالدم. ولحُسن الحظ، فإن هذه البعوضات غالباً ما تبقى ساكنة إلى أن تضع بيضها، مما سهَّل التقاطها بواسطة مصيدة شفط استخدمها الباحثون.

والبعوض الإناث هي وحدها التي تلسع، إذ تعتمد على البروتين الموجود في الدم للتكاثر. ويُخزَّن الدم الذي تمتصّه في بطونها، ثم يُستخدم لاحقاً لتكوين البيض، التي قد يصل عددها أحياناً إلى 200 بيضة دفعة واحدة.

وخلال الأشهر الثمانية، جمع ريفز وزملاؤه أكثر من ألفَي «وجبة دم» من 21 نوعاً من إناث البعوض. وأظهر تحليل الدم أنّ البعوض كان يتغذّى من دون تمييز يُذكر.

نسور صلعاء، وذئاب برية، وأفاعٍ جرسية، وثعالب مائية، وضفادع، وسلاحف، وتماسيح، لم يكن هناك فرق، لم يسلم أي نوع.

العلم يلتقط «لقطة بيئية» للتنوّع الحيوي في فلوريدا (جامعة فلوريدا)

وقال الباحثون إنّ الدم احتوى تقريباً على كامل التنوّع الحيوي الفقاري في المنطقة.

غير أن واحداً فقط من الثدييات الكبيرة أفلت من مصّ البعوض. فالفهد الفلوريدي المهدَّد بالانقراض، وهو إحدى القطتين الكبيرتين في الولاية إلى جانب الوشق، لم يظهر في عيّنات دم البعوض.

لكنَّ الباحثين أشاروا إلى أنّ هذا قد يُعدّ نجاحاً من زاوية تقنية. فوفق «لجنة فلوريدا لحماية الأسماك والحياة البرّية»، لا يتجاوز عدد الفهود البالغة المُتبقية في البرّية ما بين 120 و230 فقط، وتتركز جنوب بحيرة أوكي تشوبي في جنوب شرقي فلوريدا.

وقد تكون هذه الفهود نادرة إلى درجة تجعل من الصعب حتى العثور على البعوض الذي يتغذَّى على دمائها.