«شباب الإخوان»... هل يجد مكاناً وسط صراع «قيادات الخارج»؟

حديث عن تخوفهم من «توافق مُحتمل» بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول»

صورة بثّها المتحدث الرئاسي المصري للقاء الرئيس المصري ونظيره التركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح المونديال (الرئاسة المصرية)
صورة بثّها المتحدث الرئاسي المصري للقاء الرئيس المصري ونظيره التركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح المونديال (الرئاسة المصرية)
TT

«شباب الإخوان»... هل يجد مكاناً وسط صراع «قيادات الخارج»؟

صورة بثّها المتحدث الرئاسي المصري للقاء الرئيس المصري ونظيره التركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح المونديال (الرئاسة المصرية)
صورة بثّها المتحدث الرئاسي المصري للقاء الرئيس المصري ونظيره التركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح المونديال (الرئاسة المصرية)

فيما عدّه مراقبون «محاولة من شباب تنظيم الإخوان في الخارج تفادي المُعاناة التي تسبب فيها بعض(قيادات التنظيم في الخارج، وخوفاً من ترحيلات محتملة إلى مصر، في ظل استمرار التقارب المصري - التركي»، يحاول «شباب الإخوان في الخارج» البحث عن مكان ونفوذ، تزامناً مع استمرار صراع «قيادات الخارج» على قيادة التنظيم، وسط حديث عن تخوف الشباب من «توافق مُحتمل قد يحدث بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) المتصارعتين على (قيادة الإخوان)».
والشهر الماضي، أثارت واقعة غامضة لوفاة أحد شباب التنظيم في تركيا، الحديث عن تخلي قيادات الخارج عنهم وانشغالهم فقط بالمناصب والخلافات.
ووفق مراقبين، فإن «شباباً كثيرين في التنظيم يعانون بسبب أزمات مالية ومعيشية وإشكاليات بشأن الأوراق الثبوتية، ومجموعة منهم عقدوا في وقت سابق حلقة نقاشية على (كلوب هاوس) تحدثوا عن معاناتهم بشكل صريح وأزماتهم مع مجموعتي (لندن) و(إسطنبول)».
وقال عمرو عبد المنعم، الباحث المتخصص في الشأن الأصولي بمصر، إن «هناك 3 مجموعات موجودة في تركيا الآن، هم («إخوان أونلاين» التابعة لـ«جبهة إسطنبول») و(«إخوان سيت» التابعة لـ«جبهة لندن») و(«مجموعات الشباب» التابعة لـ«تيار الكماليين»)، وعقب ظهور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، الشهر الماضي، بدت هناك حالة من الترقب الشديد بين شباب التنظيم بشأن الوضع الداخلي في تركيا، ما بين مخاوف الترحيل إلى مصر، واحتمال تنفيذ أحكام قضائية نهائية صادرة في مصر بحق (شباب الإخوان)، وارد أن تلتزم بها السلطات التركية، خاصة مع تداعيات القبض على الإعلامي الموالي للتنظيم في تركيا، حسام الغمري»، لافتاً أن «هذا الواقع فرضه ترتيب أوراق المصالحة بين مصر وتركيا».
وما زالت مصافحة السيسي وإردوغان على هامش افتتاح بطولة كأس العالم التي تستضيفها قطر، في أول لقاء بينهما منذ عام 2013، تُثير المخاوف بين عناصر «الإخوان» في إسطنبول، من تطور العلاقات بين مصر وتركيا، والترجيح باحتمالية «ترحيل عناصر إخوانية في تركيا، صادرة بحقها أحكام قضائية غيابياً في مصر».
وكان الرئيس التركي قد لفت إلى أنه «تحدث مع السيسي لنحو من 30 إلى 45 دقيقة في ذلك اللقاء على هامش بطولة كأس العالم لكرة القدم». وأضاف: «ركزنا المحادثات مع السيسي هناك، وقلنا لنتبادل الآن زيارات الوزراء على مستوى منخفض. بعد ذلك، دعونا نوسع نطاق هذه المحادثات».
عقب ذلك، نوّه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى أن بلاده ومصر «قد تستأنفان العلاقات الدبلوماسية الكاملة وتعيدان تعيين سفيرين في الأشهر المقبلة». وقال إن البلدين «قد يستأنفان المشاورات الدبلوماسية بقيادة نائبي وزيري الخارجية في إطار عملية التطبيع قريباً». وأجرى البلدان محادثات وصفت بـ«الاستكشافية» العام الماضي برئاسة مساعدي وزيري الخارجية.
واتخذت أنقرة، خلال الأشهر الماضية، خطوات وصفتها القاهرة بـ«الإيجابية»، تعلقت بوقف أنشطة «الإخوان» الإعلامية والسياسية «التحريضية» في أراضيها، ومنعت إعلاميين تابعين للتنظيم من انتقاد مصر.
واحتجزت السلطات التركية، في وقت سابق، إعلاميين موالين لـ«الإخوان» وأبلغتهم بالالتزام بالتعليمات التركية وعدم التحريض ضد مصر.
وأضاف الباحث المتخصص في الشأن الأصولي بمصر لـ«الشرق الأوسط» أن «(شباب التنظيم في تركيا) هم الأكثر جرأة وتحدياً الآن، من أي مجموعات إخوانية أخرى في تركيا، فهم الأكثر تحدياً، ليس للسلطات التركية فقط؛ لكن لقيادات (الإخوان) القديمة، الذين من وجهة نظرهم (أي الشباب) لم يستطيعوا حسم مقدرات الأمور داخل التنظيم»، لافتاً إلى أن «المعطيات الجديدة بين مصر وتركيا تُسيطر على المشهد الآن بين (شباب التنظيم في الخارج)، وتجعل احتمال تسليم عناصر لمصر ورادا بشكل كبير في المرحلة المقبلة».
وفي فبراير (شباط) عام 2019، ظهر أول خلاف بين «شباب تنظيم الإخوان» و«قيادات الخارج»، خاصة المقيمة في تركيا، عقب ترحيل الشاب محمد عبد الحفيظ (المحكوم عليه بالإعدام في قضية استهداف النائب العام المصري الأسبق) إلى مصر... وفي أبريل (نيسان) 2021 عقب بداية الحديث عن التقارب المصري - التركي، أبدى بعض شباب التنظيم الصادرة بحقهم أحكام قضائية بمصر تخوف من الترحيل للقاهرة، خاصة مَن ليس لديهم دعم من «قيادات جبهة إسطنبول».
يأتي هذا في وقت لا يزال صراع منصب القائم بأعمال مرشد «الإخوان» يتصدر المشهد داخل التنظيم، بعد تعيين «جبهة إسطنبول» لمحمود حسين في المنصب، رغم إعلان «جبهة لندن» أن القائم بأعمال المرشد خلافاً لإبراهيم منير بشكل «مؤقت» هو محيي الدين الزايط.
وفي هذا الإطار، يرى عبد المنعم أن «هناك محاولات جديدة للتوافق بين جبهتي (إسطنبول) و(لندن) بعد صراع الأيام والأشهر الماضية»، ويوضح أن «صفحات عناصر (الإخوان) من الجهتين على مواقع وقنوات التواصل الاجتماعي توقفت عن الاشتباك والتراشق الذي كان متعمقاً بينهم خلال الفترة الماضية، ما دفع (شباب التنظيم في الخارج) إلى محاولة السعي للفوز بفرصة وإيجاد مكان خلال المرحلة المقبلة داخل التنظيم، خوفاً من توافق الجبهتين على حسابهما، خاصة أن بعض (شباب التنظيم) في وقت سابق أبدوا ارتياحهم بأن كلا الجبهتين تحاول الرهان عليهم».
وحاولت «(جبهة لندن) أخيراً استمالة (شباب الإخوان) عندنا شعرت بقلق منهم، وعيّن إبراهيم منير، قبل وفاته، الشاب صهيب عبد المقصود متحدثاً باسم (الإخوان)، وضمّه لعضوية (اللجنة الإدارية العليا لإدارة شؤون التنظيم، وهي «البديلة عن مكتب الإرشاد») لنفي أي اتهامات بالتخلي عن الشباب وعدم إشراكهم في المناصب، أيضاً (جبهة إسطنبول) سارت على نفس درب (جبهة لندن)، وتحاول احتواء الشباب، وليس هدف الجبهتين من ذلك هو الإيمان بالشباب؛ لكن استيعابهم فقط، خوفاً من تصاعد (التمرد) ضد قيادات (لندن) و(إسطنبول)»، بحسب المراقبين.
وأطلق شباب التنظيم في ديسمبر (كانون الأول) عام 2019 رسائل بشأن مراجعة أفكارهم. كما نشرت منصات تابعة لـ«الإخوان» رسالة أخرى قالت عنها إنها من «شباب التنظيم»، دعوا فيها إلى «مصالحة أو تسوية شاملة مع السلطات المصرية، وحلّ أزمتهم بعيداً عن صراعات قياداتهم في الخارج».
وهنا يرى مراقبون أن «معظم (شباب التنظيم في الخارج) اضطروا إلى الانضمام لـ(تيار الكماليين)، الجبهة الثالثة المتصارعة على قيادة التنظيم، ويرون ضرورة (التمرد) على أوضاع التنظيم الحالية؛ حيث يرى هؤلاء الشباب أن قيادات (لندن) و(إسطنبول) خرجت عن خط التنظيم الذي رسمه حسن البنا (مؤسس الإخوان)، وسيد قطب (مُنظر التنظيم)، وأنه لا بد للتنظيم أن يأخذ مساراً بعيداً عن هذه القيادات».


مقالات ذات صلة

«تصنيف الإخوان»... الأردن سبق ترمب بحظر الجماعة وغلق مقارها

حصاد الأسبوع مقار مكاتب لجماعة الإخوان في الأردن وذراعها السياسية حزب «جبهة العمل الإسلامي» في عمّان قبل أكثر من 10 أعوام (أ.ف.ب)

«تصنيف الإخوان»... الأردن سبق ترمب بحظر الجماعة وغلق مقارها

يَختصِر مصطلح «الحركة الإسلامية» نشاط جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن، وهي جماعة «محظورة وغير شرعية» في البلاد، وكذلك نشاط ذراعها السياسية «حزب جبهة العمل

محمد خير الرواشدة (عمّان)
العالم العربي مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)

«ارتباك إخواني» مع اعتزام ترمب تصنيف فروع الجماعة «إرهابية»

حرَّك قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بدراسة تصنيف 3 فروع لجماعة الإخوان المحظورة ببلدان عربية، المياه الراكدة بشأن مستقبل الجماعة التي تأسَّست بمصر عام 1928.

محمد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري مقر «الإخوان» في القاهرة محترقاً صيف 2013 (غيتي)

تحليل إخباري ماذا وراء توجيه ترمب بدراسة حظر فروع تتبع «الإخوان»؟

تحرك أميركي جديد بشأن «جماعة الإخوان» المحظورة في بلد التأسيس مصر منذ 2013، وفروعها المنتشرة بدول عربية.

محمد محمود (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

البيت الأبيض يؤكد تعهد ترمب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية»

أكد البيت الأبيض اليوم الاثنين تقارير صحافية أميركية أفادت بتعهد الرئيس دونالد ترمب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين «منظمة إرهابية».

تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

تحليل إخباري حصار دولي متزايد يفاقم الضغوط على «الإخوان»

يواجه تنظيم «الإخوان المسلمين» منعطفاً حرجاً وضغوطاً دوليةً غير مسبوقة، مع حديث أميركي عن عزم الرئيس دونالد ترمب على تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية».

محمد عجم (القاهرة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.