علماء يفسرون أحد أسباب تعطّل الاستجابة المناعية ضد السرطان

تجارب كشفت وجود بروتين يبني حاجزاً معقداً لحماية الأورام

 طفل مصاب بالسرطان في فنزويلا (أرشيفية - رويترز)
طفل مصاب بالسرطان في فنزويلا (أرشيفية - رويترز)
TT

علماء يفسرون أحد أسباب تعطّل الاستجابة المناعية ضد السرطان

 طفل مصاب بالسرطان في فنزويلا (أرشيفية - رويترز)
طفل مصاب بالسرطان في فنزويلا (أرشيفية - رويترز)

في دراسة حديثة، تعرف باحثون لأول مرة على بروتين واحد يتم التعبير عنه بمستويات عالية بواسطة الخلايا السرطانية عبر مجموعة واسعة من الأورام الخبيثة. وبحسب الباحثين، يبني هذا البروتين حاجزاً معقداً يواجه الاستجابات المناعية المضادة للسرطان في نماذج الفئران السرطانية، مما يحمي الأورام من اكتشاف المناعة لها ومحاولة تدميرها.
ويرى الباحثون أن الدراسة كشفت عن آلية غير معروفة سابقاً تستخدمها الخلايا السرطانية الخبيثة للتحايل على الهجوم المناعي، وهي آلية يقودها هذا البروتين تمنع المرضى من الاستفادة من أشكال مختلفة من العلاج المناعي.
وتوفر نتائج الدراسة المنشورة في دورية «ساينس» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للأطباء استراتيجيات وطرقاً لاختيار المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا من العلاج المناعي؛ أي المرضى الذين لا يظهرون تعبيراً عن مستويات البروتين في أورامهم، كما تعرض هذا البروتين كهدف علاجي جديد في سياق علاج السرطان، بحسب الباحثين.
الدراسة قام بها باحثون في مركز «لودفيج لأبحاث السرطان»، ومقره أميركا. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يقول صادق صغافينيا، أحد الباحثين المؤلفين للدراسة، إن «العلاج المناعي للسرطان هو شكل متقدم من العلاج يعمل على ضبط جهاز المناعة في الجسم لاحتواء السرطان والقضاء عليه. ومع ذلك، وعلى الرغم من التفاؤل الأولي بشأن هذا النوع من العلاج، فقد لوحظ بمرور الوقت أنه في التطبيق الإكلينيكي، لا يستفيد معظم المرضى من العلاج المناعي، أو يستفيدون فقط بشكل بسيط. يأتي هذا النقص في الاستجابة من قدرة الخلايا السرطانية على التلاعب بجهاز المناعة لتفادي هجوم الخلايا المناعية».
ويشرح صغافينيا: «في دراستنا الجديدة توصلنا إلى مكون جديد يلعب دوراً مهماً في آليات المقاومة تلك، وهو بروتين، يُدعى (FMRP)؛ إذ يقوم بمساعدة الخلايا السرطانية على تجنب التدمير المناعي... يتوسط التعبير الجيني لهذا البروتين في تكوين بيئة حامية للورم المثبط للمناعة، ويؤدي التخلص من التعبير عنه إلى تمكين الخلايا المناعية من التنشيط وإنتاج فائدة علاجية في نماذج السرطان المختلفة».
ويقول: «تم العثور على الأورام ذات التعبير المرتفع عن بروتين (FMRP) خالية من الخلايا المناعية المضادة للأورام، ونمت بقوة في الفئران، في حين أن الأورام التي تفتقر إلى التعبير عن البروتين كانت ضعيفة بشدة، مما يدل على وجود تسلل للخلايا المناعية المنشطة... وتم التحقق من صحة هذه الملاحظة في نماذج الفئران لأنواع مختلفة من السرطان، مثل سرطان البنكرياس والقولون والمستقيم والثدي والجلد... ونأمل أن تترجم هذه الاكتشافات إلى المستوى الإكلينيكي العيادي من خلال إيجاد جزيئات صغيرة يمكنها استهداف وتثبيط التعبير عن بروتين (FMRP) في الخلايا السرطانية، وبالتالي توفير فائدة لمرضى السرطان».
ومركز «لودفيج لأبحاث السرطان» (Ludwig Cancer Research)، هو مجتمع دولي من العلماء يركز على أبحاث السرطان بهدف الوقاية من المرض والسيطرة عليه. ويرصد المركز ميزانيات ضخمة للبحث في المرض وعلاجه والوقاية منه، ونال العديد من علمائه وباحثيه جوائز علمية رفيعة المستوى.


مقالات ذات صلة

علاج ثوري جديد لقصور القلب... والتعافي غير مسبوق

صحتك دراسة جديدة تشير إلى إمكانية علاج مرض قصور القلب (ميديكال إكسبرس)

علاج ثوري جديد لقصور القلب... والتعافي غير مسبوق

تاريخياً، عُدَّت الإصابةُ بقصور القلب غير قابل للعكس، لكن نتائج دراسة جديدة تشير إلى أن هذا قد يتغير يوماً ما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
TT

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ويعتبر ذلك تطوراً آخراً في التهديد الناشئ لفيروس H5N1، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره السبب الأكثر ترجيحاً للوباء المقبل.

اكتشف علماء من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة أجساماً مضادة للفيروس في عينات دم مأخوذة من خيول تعيش في منغوليا.

وقال البروفسور بابلو مورسيا، الذي قاد البحث، لشبكة «سكاي نيوز» إن النتائج تشير إلى أن الخيول في جميع أنحاء العالم قد تكون عرضة للإصابة في المناطق التي يوجد بها إنفلونزا الطيور، وقد تنقل الفيروس إلى البشر.

وتابع: «من المهم للغاية، الآن بعد أن علمنا أن هذه العدوى يمكن أن تحدث في الطبيعة، أن نراقبها لاكتشافها بسرعة كبيرة... تعيش الخيول، مثل العديد من الحيوانات المستأنَسة الأخرى، على مقربة من البشر. وإذا استقر هذا الفيروس في الخيول، فإن احتمالية الإصابة البشرية تزداد».

ويعتقد الفريق في مركز أبحاث الفيروسات التابع لمجلس البحوث الطبية بجامعة غلاسكو أيضاً أن الخيول قد تكون وعاء خلط لسلالات جديدة من الإنفلونزا.

من المعروف بالفعل أن الخيول يمكن أن تصاب بإنفلونزا الخيول، التي يسببها فيروس H3N8. ولكن إذا أصيب الحصان في نفس الوقت بفيروس H5N1، فقد يتبادل الفيروسان المادة الوراثية ويتطوران بسرعة.

كان فيروس H5N1 موجوداً منذ عدة عقود، ويتسبب في تفشّي المرض بين الدواجن إلى حد كبير. ولكن في السنوات الأخيرة انتشر نوع جديد من الفيروس في جميع أنحاء العالم مع الطيور المهاجرة، وقفز مراراً وتكراراً بين الأنواع ليصيب الثدييات.

ينتشر الفيروس بين الأبقار في الولايات المتحدة؛ حيث أُصيب أكثر من 700 قطيع من الأبقار الحلوب في 15 ولاية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وقال الدكتور توليو دي أوليفيرا، مدير مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار في جنوب أفريقيا، الذي اكتشف لأول مرة متحور «أوميكرون»، في جائحة «كوفيد - 19»، إنه يراقب الأحداث في أميركا بخوف.

وشرح لشبكة «سكاي نيوز»: «آخر شيء قد يحتاجون إليه في الوقت الحالي هو مسبِّب مرض آخر تطور وتحور... إذا أبقي فيروس H5N1 منتشراً لفترة طويلة عبر حيوانات مختلفة وفي البشر، فإنك تمنح الفرصة لحدوث ذلك. لا أحد يريد جائحة محتملة أخرى».