بدأت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أمس (الأربعاء) بالإعلان عن العناصر والفنون العالمية الجديدة التي تدرجها في قائمتها للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وبينها فنون عربية أدرجت في القائمة أمس وهي: «البن الخولاني» في السعودية» و«حداء الإبل» في السعودية والإمارات وعمان، و»الخنجر» العماني، و«المنسف» الأردني، وصناعة الأعواد والعزف عليها في سوريا وإيران، و{الاحتفالات المتعلقة برحلة العائلة المقدسة» في مصر، فيما لا تزال فنون وعناصر عربية قيد الدرس ويتوقع الإعلان عن إدراجها في القائمة خلال الأيام المقبلة وهي: و{الهريسة» التونسية، و«موسيقى الراي» الجزائرية. وتزامن مع اجتماعات تعقد في الرباط وتستمر إلى السبت المقبل، للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو، بحضور 1100 شخص، يمثلون 140 دولة مشاركة.
نجحت المملكة في تسجيل عنصري «حداء الإبل» و «البن الخولاني السعودي - المهارات والمعارف المرتبطة بزراعته» ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وذلك خلال الاجتماع السنوي للجنة الدولية الحكومية لصون التراث، الذي عُقد اليوم في المغرب.
وقادت السعودية بالتعاون مع سلطنة عُمان، والإمارات العربية المتحدة، الملف المشترك لتسجيل عنصر «حداء الإبل»، الذي يُعرف بأنه أحد أشكال التعابير الشفهية التقليدية ووسيلة للتواصل بين الإبل ورعاتها.
فيما جاء تسجيل «البن الخولاني السعودي - المهارات والمعارف المرتبطة بزراعته» تتويجاً لجهود فريق وطني مشترك، قادته هيئة التراث وبدعم من وزارة الثقافة، واللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة، والمندوبية السعودية الدائمة لدى «اليونيسكو»، وهيئة الطهي، والجمعية السعودية للمحافظة على التراث «نحن تراثنا»، حيث يعد البن الخولاني من أفخر أنواع البن وأشهرها، ويبلغ عمر زراعته في جنوب المملكة أكثر من 8 قرون، وارتبطت بها عادات أهالي المنطقة وشعرهم وأهازيجهم واقتصادهم.
وتعتبر القهوة في السعودية حالة يعيشها المجتمع على مدار اليوم، تتعدد فيها الأنواع والمذاقات، وتتصدر فيها القهوة السعودية مجالس الضيوف، فهي الأكثر شهرة، والأوسع نطاقاً للاستخدام، وتعد السعودية من أكثر دول العالم استهلاكاً للبن، لذا جاءت الجهود في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الناتج المحلي ورفع العائد الاقتصادي وفق خطط رؤية المملكة 2030.
وركزت المملكة على زراعة أشجار البن في 3 مناطق حيوية، هي منطقة جازان وعسير والباحة، وهو ما دعا الشركة السعودية للقهوة، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، لاستثمار المحصول المحلي من البن السعودي في «ستاربكس» وإمكانية إدخالها ضمن مقاهي «Starbucks Reserve»، التي تقدم قهوة مميزة وحصرية في السعودية، وفي جميع أنحاء العالم.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المملكة حققت قفزة نوعية في زراعة أشجار البن حيث وصل عددها حالياً إلى ما يقارب 400 ألف شجرة بن تنتج 2388 طناً سنوياً من البن الصافي، ويستهدف برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة من خلال برامجه الفرعية لتطوير وإنتاج وتصنيع وتسويق «البن العربي» إلى زيادة الإنتاج إلى 7 آلاف طن سنوياً بنهاية 2025.
وحسب وزارة البيئة والمياه والزراعة، يبلغ الإنتاج المحلي للباحة 18 ألف شجرة، تنتج 108 أطنان سنوياً، منها 18 طناً من البن الصافي، فيما يبلغ إنتاج منطقة جازان 340 ألف شجرة، تنتج 2040 طناً سنوياً، منها 340 طناً من البن الصافي، أما منطقة عسير فيبلغ إنتاجها 40 ألف شجرة، تنتج 240 طناً سنوياً، منها 40 طناً من البن الصافي.
يقول فرحان مانع المالكي، أحد مالكي مزارع البن الخولاني في جازان، لـ«الشرق الأوسط»، إن المملكة تشتهر بزراعة أجود أنواع البن، منها البن الخولاني السعودي، وهو أحد أغلى وأندر الأنواع في العالم، ويعود سبب تسميته بذلك، نسبة إلى قبيلة خولان بن عامر التي تسكن الجبال الممتدة بين السعودية واليمن.
وبيّن المالكي أن سفوح جبال جازان تشتهر بزراعة البن الخولاني لأسباب عدّة، من أهمها ارتفاعها عن سطح البحر، وهو ما يلزم لزراعة البن، وتوفر جميع الظروف المناخية المناسبة لزراعته، والتربة الجبلية الغنية بالعناصر الغذائية اللازمة. كما تشتهر السعودية أيضاً بزراعة البن الهرري، الذي يصدّر من أثيوبيا، وسمي بذلك نسبة إلى منطقة زراعتها مدينة هرار الأثيوبية، ويزرع حالياً في السعودية، وينقسم إلى 3 أنواع؛ لونغبيري الأكبر حجماً بين الأنواع، وشورتبيري أصغر قليلاً، وموكا التي تتميز بنكهاتها من الشوكولاتة والحمضيات والتوابل.
ويُزرع البن غالباً بعد سقوط الأمطار، وتجود زراعته في ارتفاع من 800 إلى 2000 متر عن سطح البحر، وتحتاج بذرة البن إلى شتاء دافئ وصيف معتدل، وهو المناخ الذي تتميز به مناطق جازان والباحة وعسير، وتستغرق حبة البن 40 يوماً لتصبح شتلة، فيما تستمر الشتلة بالنمو لمدة 3 سنوات حتى تبدأ بالإثمار، وتزهر في الربيع وتنضج ثمارها عند احمرارها، وأخيراً تجف حبات البن في بيئة مخصصة لـ25 يوماً.
وأضاف المالكي أنه على الرغم من شهرة البن في عمل القهوة، فإن البعض يستخدم أيضاً القشور (الطبقة الخارجية التي تغلف حبوب القهوة)، التي يتم الحصول عليها من خلال تحميص حبات القهوة، حيث تؤخذ القشرة وتُجفف، وبعد ذلك تُغلى بالماء للحصول على مشروب قشر القهوة، الذي يُمكن إضافة بعض الأعشاب إليه لإعطاء المشروب نكهة.