أفريقيا... هل تكون ملفاً خلافياً في قمة ماكرون وبايدن؟

خبراء: باريس تسعى للحفاظ على «بقايا» نفوذها... وواشنطن لمحاصرة «التمدد» الصيني

الرئيس الفرنسي وزوجته يصلان إلى أميركا (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي وزوجته يصلان إلى أميركا (أ.ف.ب)
TT

أفريقيا... هل تكون ملفاً خلافياً في قمة ماكرون وبايدن؟

الرئيس الفرنسي وزوجته يصلان إلى أميركا (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي وزوجته يصلان إلى أميركا (أ.ف.ب)

بموازاة نقاط الاتفاق العديدة بين الولايات المتحدة وفرنسا، تبرز أفريقيا كملف مرشح لأن يشهد «تبايناً» في المصالح ووجهات النظر، بين البلدين، خلال الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أميركا في الفترة الحالية من 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى 2 ديسمبر (كانون الأول) المقبل 2022. بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن سعي باريس للحفاظ على «بقايا» نفوذها، في حين تتجه واشنطن لمحاصرة «التمدد» الصيني.
وتعد زيارة ماكرون لواشنطن هي الأولى منذ تولي جو بايدن، رئاسة الولايات المتحدة، والثانية منذ تولي ماكرون مقاليد السلطة في فرنسا، حيث كانت الزيارة الأولى له عام 2018 في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
ويعتقد الدكتور محمد يوسف الحسن، الباحث والمحلل السياسي التشادي، أن أفريقيا «ستكون حاضرة» بالفعل على أجندة القمة الفرنسية - الأميركية، فالبلدان يتمتعان بنفوذ «واسع» في القارة، ولهما «تطلعات واضحة»، لزيادة تلك المصالح، في ظل تنافس عالمي متنامٍ للوجود في العديد من الدول الأفريقية.
ويقول الحسن لـ«الشرق الأوسط» إن «ملفي الإرهاب والطاقة، هما الأبرز فيما يتعلق بالقارة الأفريقية، لا سيما في ظل اتساع نشاط الجماعات الإرهابية بدول الغرب الأفريقي ودول الساحل، إلى جانب احتمالية أن تكون أفريقيا مورداً مهماً للطاقة التي تحتاجها أوروبا والولايات المتحدة على السواء»، مشيراً إلى تقديرات مجلس الأمن القومي الأميركي التي تشير إلى أن أميركا اتجهت في السنوات الأخيرة إلى استيراد 25 في المائة من مجموع احتياجاتها النفطية من أفريقيا».
في المقابل، يرى السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، أن مساحة التباين في الرؤى الأميركية والفرنسية تبدو «محدودة»، فهي في النهاية تعكس المصالح الغربية في القارة الأفريقية، والمصلحة الأولى، حتى وإن كان هناك تفاوتاً في الأولويات، تتعلق بـ«مواجهة التمدد الصيني والروسي والتركي والإيراني في دول القارة».
ويقول حليمة لـ«الشرق الأوسط» إن «القمة الفرنسية - الأميركية ربما توفر اتفاقاً ثنائياً للتعامل مع نفوذ (فاغنر) الروسية، والتي باتت تمثل رقماً مهماً في منطقة الغرب الأفريقي ودول الساحل، وتسبب إزعاجاً حقيقياً للنفوذ الغربي، فالدول الأفريقية تتعاون الواحدة تلو الأخرى مع (فاغنر)، وبالتالي تفتح المجال أمام تعاظم الوجود الروسي في تلك المنطقة الاستراتيجية».
ويرى مراقبون أنه في حين تسعى فرنسا إلى الحفاظ على «ما تبقى» من نفوذ لها في القارة الأفريقية، وتعويض «خسائر» متوالية لصالح منافسين إقليميين في مقدمتهم روسيا، فإن الولايات المتحدة لا يبدو أنها تعول كثيراً على النفوذ الفرنسي المتراجع في القارة، بل تسعى إلى الدخول مباشرة للحيلولة دون تمدد «الخطر الصيني»، الذي يبدو أنه «لا يحظى» بنفس الأولوية لدى القيادة الفرنسية.
صراع استراتيجيات
وشكّل التنافس الأميركي - الفرنسي على بناء المصالح والتحالفات داخل القارة الأفريقية أحد الملفات «الخلافية» في الفترة الأخيرة، وتجسد أحد أوجه التنافس في إصدار كل دولة لاستراتيجية منفصلة بشأن القارة، وإن اتفقت البلدان على مصدر الخطر على مصالحهما في القارة الثرية بالموارد الطبيعية، والتي تشكل نحو 33 في المائة من مجمل الموارد المتوافرة في العالم، فهي منتج رئيسي لأكثر من 70 في المائة من المعادن المهمة للصناعات العالمية، كما تستأثر بنحو 25 في المائة من الإنتاج العالمي من الذهب والأحجار الكريمة عالية القيمة مثل الألماس، إضافة إلى النفط والغاز، وتستحوذ أيضاً على 65 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة عالمياً، و10 في المائة من المياه العذبة المتجددة.
وأعلنت فرنسا في التاسع من نوفمبر الحالي، أنها بصدد إعداد استراتيجية جديدة في أفريقيا، لا تقتصر فقط على إعادة النظر في وجودها السياسي والعسكري، لكنها تتضمن إصلاح سياستها بشأن المساعدات التنموية، من خلال رفع ميزانيتها، وزيادة التركيز على دول أفريقيا جنوب الصحراء، وإعطاء الأولوية للمنح بدل القروض.
في المقابل، كشفت واشنطن في 8 أغسطس (آب) الماضي عن «وثيقة توجيهية جديدة» تتضمن «إعادة صياغة شاملة لسياستها في أفريقيا جنوب الصحراء لمواجهة الوجود الروسي والصيني ومكافحة الإرهاب».
وأكدت الوثيقة التي نشرتها الخارجية الأميركية أن «للولايات المتحدة مصلحة كبيرة في ضمان إبقاء المنطقة مفتوحة ومتاحة للجميع، وأن الحكومات والشعوب يمكنها بنفسها اتخاذ خياراتها السياسية». وأضافت أن تلك المجتمعات المفتوحة «تميل عموماً إلى العمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ومواجهة الأنشطة الضارة لجمهورية الصين الشعبية وروسيا والجهات الأجنبية الأخرى».
ويشير الباحث التشادي إلى أن «واشنطن تستهدف بالدرجة الأولى محاصرة الصين ومنع تغلغلها في أفريقيا، في وقت تجاوزت فيه الاستثمارات الصينية المباشرة في القارة ملياري دولار، كما أنشأت بكين 25 منطقة للتعاون التجاري في 16 دولة أفريقية خلال عام 2021».
ويقول الحسن إن «الولايات المتحدة ستحتاج إلى تعزيز حضورها في القارة، وهي تدرك أن فرنسا تتراجع عسكرياً واقتصادياً في أفريقيا، ولم يعد وجودها مرحباً به في كثير من البلدان، وهو ما سيفتح المجال أمام لاعبين أقوياء مثل روسيا والصين، وبالتالي ستجد الإدارة الأميركية نفسها مضطرة للعمل منفردة وبمعزل عن فرنسا لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في أفريقيا».
ويتفق معه حليمة في أن «الولايات المتحدة ستكون معنية بشكل أكبر بمواجهة النفوذ الصيني»، لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أن «النفوذ الغربي في أفريقيا يصب في اتجاه استراتيجي واحد، وكل دولة تدرك مساحات نفوذ الدول الغربية الأخرى، ففرنسا لا تزال حاضرة في الدول الفرنكوفونية، وبريطانيا في الدول الأنجلوفونية، والولايات المتحدة بحكم كونها الدولة العظمى في العالم تحتفظ بعلاقات ونفوذ قوي في كلا الكتلتين، وهي تسعى إلى تنميتها في ظل التنافس مع الصين وروسيا».
وتستبق زيارة الرئيس الفرنسي إلى واشنطن، القمة الأميركية - الأفريقية، التي ستستضيفها العاصمة الأميركية بعد أقل من أسبوعين، وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، وقد وجه بايدن دعوة إلى 49 من القادة الأفارقة لحضور القمة، فيما أكد 45 رئيس دولة وحكومة أفريقية حضورهم القمة، بحسب الخارجية الأميركية.
ويرى مراقبون أن القمة الأميركية - الأفريقية، ستكتسب «أهمية مضاعفة»، في ظل مجريات الحرب الروسية - الأوكرانية، وعدم قدرة موسكو على استضافة نسخة روسية من هذه التجمع.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.