الأسد يلوذ بـ«سوريا المفيدة»

معالمها لم تُحسم بسبب تبدل خريطة السيطرة الميدانية.. وتوقعات باعتماد الفيدرالية

الأسد يلوذ بـ«سوريا المفيدة»
TT

الأسد يلوذ بـ«سوريا المفيدة»

الأسد يلوذ بـ«سوريا المفيدة»

ترسم التطورات الميدانية في سوريا خريطة جديدة للبلاد، يفرضها «الأمر الواقع». نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ينكفئ إلى عمق البلاد، وتتمدد قوات المعارضة ومتشددون على الأطراف. تستعيد الوقائع الميدانية تجربتين اختُبرتا قبل مائة عام؛ هما: «سوريا المفيدة» التي حاولت تنفيذها سلطات الانتداب الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى، وفشلت فيها، إضافة إلى «حماية الأقليات» التي كانت سبب ضرب بريطانيا وفرنسا قواعد الجيش العثماني قبيل الحرب العالمية الأولى، ومهدّت بعدها لاتفاقية «سايكس - بيكو» لترسيم الحدود الحديثة للمنطقة عام 1916.

تكاد تنتهي اليوم مفاعيل اتفاقية «سايكس - بيكو» في سوريا بعد قرن على توقيعها، بل تتغيّر معالمها بالدم والنار؛ فالحدود على العراق، فتحها تنظيم «داعش»، فيما تقف الجغرافيا السورية في رمال متحركة: ينحسر نفوذ النظام على المناطق الحدودية، باستثناء لبنان، وتتبادل أطراف النزاع السيطرة على المناطق، وتتمدد في محيطها. أما النظام السوري، فيبدو أنه يلوذ مجددًا بـ«سوريا المفيدة» الممتدة من العاصمة دمشق إلى وسطها شمالاً، ثم نزولاً إلى البحر المتوسط في الغرب. وهي المنطقة الأكثر كثافة ديموغرافية، والأكثر حيوية، فيما يخلي المناطق الصحراوية والزراعية، مما يسمح لتنظيمات متشددة بأن «تتمدد في الخواء».
لم تستقر الجغرافيا السورية، بعد أربع سنوات على الأزمة، على خريطة واحدة. تشير الوقائع الميدانية إلى اختيار نظام الأسد عمق البلاد ومعقله في الساحل، ملاذًا، ويعده البعض خط الدفاع الأخير للنظام السوري. ويعيد خبراء في الشأن السوري تلك التطورات الميدانية إلى لجوئه لـ«سوريا المفيدة». غير أن قياديين في المعارضة المسلحة، لا يرون الأمر قد تحقق بعد؛ إذ «يحتاج هذا الخيار إلى وقت إضافي ليتبلور»، مستندين إلى «استشراس النظام بالدفاع عن مدينة درعا (جنوب البلاد)، ومدينة الحسكة (شمال شرقي البلاد) ومدينة حلب (شمالها)، وحشد النظام قوات إضافية على حدود اللاذقية الشرقية مع إدلب وحماه، مما يتيح له توقيف التمدد المعارض إلى الساحل». ويرى قيادي معارض، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «يقاتل للحفاظ على المدن والتخلي عن الأرياف في الشمال والشرق والجنوب»، وهي استراتيجية اتبعها منذ عام 2013، وانكسرت في مارس (آذار) الماضي، حيث سيطرت قوات المعارضة على مدينتي إدلب وجسر الشغور، وهددت مدينة درعا.
ويشير سلوك النظام العسكري، إلى توسعة مفهوم «سوريا المفيدة» التي تمتد على ربع المساحة الجغرافية السورية، ويسكنها أكثر من ثلث السوريين، عما كانت عليه إبان حقبة الانتداب الفرنسي. فقد طبق الفرنسيون آنذاك خطة أمنية خلال الثورة التي قادها الزعيم الدرزي سلطان باشا الأطرش في العشرينات من القرن الماضي، قضت بتقسيم سوريا إلى ثلاث مناطق؛ الأولى تخضع لسيطرة القوات الفرنسية، والثانية يسيطر عليها المقاتلون السوريون المناهضون لفرنسا، والثالثة منطقة اشتباك ويتقاسم فيها الطرفان السيطرة. أما المنطقة الخاضعة لسيطرة القوات الفرنسية، فتشمل دمشق وحمص وطرطوس المحاذية لساحل البحر المتوسط، وتربطها خطوط اتصال، وترفع عليها القوات الفرنسية أعلامها.
أما اليوم، فإن خطة النظام يبدو أنها تشمل السيطرة على سائر المدن، بما فيها مدن الأطراف، رغم أن مفهوم التقسيم لم يتبلور حتى الآن، كما يقول مراقبون. ويرى سفير لبنان السابق في واشنطن عبد الله بوحبيب، أنه «في الوقت الحاضر، لا أحد يفكر بالتقسيم»، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النظام والمعارضة يريدان كامل الأراضي السورية». ويضيف: «التقسيم يعني الفرز على الأرض، رغم أن هناك فرزًا مذهبيًا قائمًا بحكم الأمر الواقع، لكن النظام يبدو أنه متمسك بخط درعا حلب، والمناطق الواقعة غرب هذا الخط، نظرًا إلى أنه يعتبر أن المساحة ليست لصالحه في هذا الوقت»، في إشارة إلى الإنهاك العسكري الذي يترتب على القتال في مناطق متباعدة وواسعة.
ولا يرى بوحبيب أن التقسيم سيعود بالنفع على الدولة السورية، موضحا: «لا تمتلك الدولة الدرزية أو الدولة العلوية مقومات النجاح». ورغم أنه لا ينفي قوة النظام في «مناطق وجود الأقليات» أي «في المناطق العلوية والمسيحية» فإن ذلك، من وجهة نظره، «لا يعني تفكير النظام حتى هذا الوقت بالتقسيم». ويضيف: «إذا سيطر النظام على المنطقة الواقعة غرب خط درعا - حلب، فستكون المناطق الشرقية بلا معنى، لأنها ستتبع تلقائيًا العراق والأردن، فيما يعاني النظام من مشكلة ديموغرافية في مناطقه، بسبب التدفق الكبير للنازحين من مختلف الأطياف».
ويشير بوحبيب إلى أن «الخريطة الميدانية اليوم، متحركة، مما يصعّب التكهن بنتائج القتال»، لافتًا إلى أن «السوريين لا يفكرون الآن بتسوية، لا تقسيم، ولا كيان واحد، ولا فيدرالية، لأن الطرفين يسعيان لتحقيق فوز ميداني». ويعرب عن اعتقاده أن «السيناريو الممكن في هذا الوقت، هو رسم خطوط تماس تنشئ حدودًا مؤقتة، على غرار بيروت في الحرب الأهلية اللبنانية، أما في مرحلة لاحقة، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا، هو التفكير بالفيدرالية على الطريقة العراقية، إذا لم يغلب أي من الطرفين الآخر».
ويكثر الحديث عن «سوريا المفيدة» منذ هجمات قوات المعارضة للسيطرة على مدينة درعا، بالتزامن مع هجمات «داعش» للسيطرة على مدينة الحسكة. وجاءت تلك الهجمات عقب تقدم استراتيجي حققته قوات المعارضة السورية، تمثل في السيطرة على مدينة إدلب، والقواعد العسكرية في محيطها، إضافة إلى مدينة جسر الشغور، فيما سيطر تنظيم «داعش» على مدينة تدمر في الريف الشرقي لمحافظة حمص في شرق البلاد.
وبعد مرور أربع سنوات على بدء الأزمة في سوريا، لم يعد بوسع الأسد الدفاع عن البلاد بكاملها أو أن يأمل في استعادة الأراضي التي فقدها، مما يؤدي إلى أن قواته تتقهقر وتعزز معاقلها الرئيسية بدءا من العاصمة دمشق إلى الشريط الساحلي في شمال غربي سوريا.
ويقول رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «سوريا في مرحلة تقسيم غير معلن»، موضحًا في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» أن «هناك نقاط اشتباك كثيرة. النظام الآن يحاول أن يخفف انتشاره في مناطق الاشتباكات الكثيرة حتى يركز قوته بمناطق محدودة لها أهمية استراتيجية»، ويضيف: «السلطات تحاول تحصين المنطقة الساحلية من خلال تشكيل (لواء درع الساحل) ومهمته الدفاع عن القرى ذات الأغلبية العلوية».
وفي الشمال الشرقي، استطاع المقاتلون الأكراد السوريون السيطرة على مساحة من الأرض تمتد لمسافة طويلة انتزعوها من أيدي تنظيم «داعش» قرب الحدود التركية فسيطروا على كوباني أولاً، ثم تل أبيض هذا الشهر ليقطعوا خطوط الإمداد من تركيا إلى الرقة، العاصمة الفعلية للتنظيم.
ودفع التقدم الكردي على الحدود السورية - التركية، مدعومًا بغطاء جوي أميركي، مراقبين لتوقع استعدادات أكراد سوريا لإعلان كيانهم الذاتي، والانفصال عن سوريا، وتأسيس دولتهم. غير أن تلك التوقعات، ينفيها المسؤولون الأكراد. ويؤكد مدير المركز الكردي للدراسات في ألمانيا، نواف خليل، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ليس هناك تصريح أو تلميح من جانب أي مسؤول كردي عن الاستقلال أو الانقسام»، متهمًا تركيا «بالترويج لتلك الكذبة بهدف إخافة السوريين، وخشية أنقرة من انهيار (الخلافة الداعشية)» التي يتهم الأكراد أنقرة بدعمها.
ويقول خليل القيادي في حزب «الاتحاد الديمقراطي» الناشط في شمال سوريا، والمقرب من «حزب العمال الكردستاني» المناهض لتركيا، إن أنقرة «عملت على تشتيت الأنظار إعلاميا عن الانتصارات التي حققها مقاتلو (وحدات حماية الشعب) الكردي و(وحدات حماية المرأة) إلى جانب مقاتلين في الجيش السوري الحر، وتمثلت في تحرير مناطق تناهز مساحتها 6500 كيلومتر مربع»، موضحا: «بما أن هذه المساحة تعادل ضعف مساحة قبرص التركية، زاد قلق تركيا». ويتابع: «تركيا تخشى من استعادة القرار السوري، تخشى انضمام قوى أخرى من الجيش الحر إلى الجبهة ضد (داعش)، فيتشكل جسم سياسي آخر، لا يتوافق مع الجسم السياسي السوري المعارض الذي تدعمه أنقرة».
ويشرح خليل أن «هناك برنامجا سياسيا وإدارة ذاتية في منطقة الجزيرة السورية، يشارك فيها العرب والكرد، وتعتبر مثالاً للتعايش بين القوميات والطوائف»، في إشارة إلى الأكراد والآشوريين والسريان والعشائر العربية. ويقول: «ما حققناه هو نصر لكل السوريين ضد النظام و(داعش)، ولا نبحث عن دولة خاصة، فبرامج الأحزاب الكردية تثبت ذلك، لكن إذا كان من قرار دولي بالتقسيم، فلا يستطيع الأكراد منعه».
وإذ يشدد على أن سوريا يجب أن تكون دولة لا تلتزم بأي هوية عرقية ودينية في دستورها وقوانينها الناظمة للحياة العامة، يؤكد خليل أن «الأكراد يسعون إلى دولة ديمقراطية وعلمانية واتحادية وفيدرالية في سوريا، يعترف فيها بالوجود الكردي»، موضحًا أنهم يسعون للاحتفاظ بتجربة الإدارة الذاتية المشتركة بين العرب والأكراد في منطقة الجزيرة القائمة اليوم التي يتشارك فيها ممثلون عن الأقليات والأعراق والطوائف. ويقول: «نحن نسعى لفيدرالية على الطريقة الألمانية، تكون فيها سوريا دولة اتحادية، تطبق مشروع اللامركزية». ويشدد على أن «سوريا المستقبل، سيتم التوافق فيها بين مختلف فصائلها، ونوقع عقدًا اجتماعيًا جديدًا، وهو المشروع الذي يتدخل فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بعنف، لمنعه، فيما نحن نعمل لإيجاد شركاء حقيقيين لنا في سوريا لتطبيق هذا المشروع».
في هذا الوقت، يرجح متابعون أن تقسيم سوريا يمكن أن يتوقف على المنافسة بين دول إقليمية نافذة، وهو ما قد يعني أن الحرب قد تستمر لسنوات.
ويقول فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، إن «سوريا القديمة.. الدولة القومية والدولة نفسها لم يعد لها وجود. ما لدينا الآن هو اقتتال وعشائر متنافسة وكيانات غير تابعة للدولة وقادة فصائل». ويضيف جرجس، الخبير في الشأن السوري، لوكالة «رويترز»: «سيكون من الصعب للغاية إعادة سوريا لتكون دولة واحدة. انفصمت عرى النسيج الاجتماعي والصلات القوية التي تحافظ على تماسكه»، معتبرا أن «حكم الأسد قضية تتصل بطريقة أو بأخرى بالهوية. نعم هناك كثير من السنة والمسيحيين الذين يعيشون هناك، لكنهم يعتبرون أنفسهم جزءا من هذه الهوية.. السنة والمسيحيون من الطبقة المتوسطة والعليا».
ولا تخفي المعارضة السورية إخفاقها في الدعوة لحوار واضح وتبني مشروع جدي لمناقشة المسائل بين الأقليات. وتعرب شخصيات منها عن مخاوفها من أن يتحول المشروع الوطني السوري إلى مشروع حلم مثل الوحدة العربية.
ويفنّد عضو الائتلاف الوطني السوري والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا، الإخفاقات التي أحاطت بهذه المسألة، منذ قيام أول جسم سياسي معارض. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية، تنبّهنا إلى مسألة التقسيم، لأن سوريا بلد متعدد، والنظام سيستخدم ورقة العلويين والمسيحيين والكرد، إضافة إلى الدروز. لذلك ناقشنا القضية في المجلس الوطني، كي لا تتحول الثورة إلى طائفية، في وقت كان فيه النظام يدفع إلى ذلك الاتجاه». وأضاف: «للأسف، قراءاتنا كانت خاطئة بالنسبة للثورة. أنا أعترف بخطأ في التقديرات. كنا فرحين بإنجازات الثورات العربية، وناقشنا المسائل الاستراتيجية. وقلنا إن المفروض أن نركز على الملفات الأخرى، فقلنا إنه علينا أن نطرح مشروعا وطنيا يقوم على 3 ركائز: الأولى تتمثل في طمأنة الجميع بعقود واضحة ومكتوبة لإزالة الهواجس، والثانية تتمثل في تعزيز الثقة بممارسات فعلية على الأرض، والثالثة ضرورة الاتفاق على آلية لحل الخلافات بين مكونات الشعب السوري». ويشير سيدا إلى أنه طرح الركائز الثلاث مع وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون بحضور رئيس المجلس الوطني الأسبق برهان غليون، أثناء أول اجتماع تعارفي بين الطرفين. ويضيف: «كانت تستمع.. ولم تعط وجهة نظرها، رغم أن التصريحات التي صدرت عن واشنطن بعد ذلك اللقاء، كانت تشدد على أن سوريا للجميع». ويشير إلى أن «المشكلة تكمن في أننا لم ندخل بحوارات مع العلويين. كانت لدينا مفاتيح وحاولنا، لكننا لم نستطع تحقيق إنجاز مثل الذي حققناه مع المكون السوري الكردي». ويلفت إلى «أننا وصلنا اليوم إلى حالة أن العلوي لا يثق بالجانب الآخر»، مشيرًا إلى أن «عدم رضا العلويين عن الأسد، لا يعني تأييد المعارضة، بل يبحثون عن مخرج بين الاثنين، وهو العزلة».
نتيجة ذلك، يقول سيدا إن سوريا ذهبت باتجاه تقسيم غير معلن، «يشبه انقسام بيروت في الحرب»، موضحًا: «خطوط التماس قائمة فعلاً. يعتبر الفاعلون ذلك حلاً ظرفيًا ويجب أن ننتظر، لكن الواضح أن كيانات ومقاطعات تتشكل، ومع الوقت ستظهر شرائح وفئات تستثمر الواقع، ونتخوف من أن تعتاد الناس هذه المسألة، وتستعد نفسيًا لها».
وينفي سيدا أن يكون «التقسيم» قد طرح على قيادات المعارضة في اجتماعاتها مع ممثلين للمجتمع الدولي. ويؤكد أنه «رغم ذلك، فإن سلبية المجتمع الدولي في التعاطي مع تلك المسائل الدقيقة، أوصلتنا إلى هذه النهاية». ويكشف أنه «حين كنا نسأل عن نية لتقسيم سوريا، كان الجميع ينفي. لكن تطور الأحداث، ومسار علاقة المجتمع الدولي بالنظام، قادت إلى مؤشرات على وجود نية لتفتيت البلاد».
ورغم أن هذا الواقع يلبي مصالح غالبية الأطراف، وقادر على خلق توازن في المصالح بين جميع الأطراف الدولية المنخرطة بالنزاع، فإن سيدا يتخوف من قيام «مجموعة كيانات ضعيفة وغير قوية وغير مؤثرة، وستضطر لتعمل علاقات مع القوى الإقليمية لتتفاعل وتتكامل عبر علاقات اقتصادية»، مشيرًا إلى أن ذلك «سيكون على حساب التعايش والمشروع الوطني السوري».
ويضيف: «خطر التقسيم بات جديًا وواقعيًا. تصريحات (السفير الأميركي السابق في سوريا) روبرت فورد وغيره من مسؤولين دوليين تؤكد ذلك، وللأسف، لا تتعامل المعارضة بمؤسساتها مع الموضوع بجدية، ولا تتبنى حوارًا حقيقيًا بين السوريين، والكل ينتظر إذا ما كان المجتمع الدولي سيقبل بالتقسيم أم لا». ويضيف: «إذا استمر الموضوع لفترة، فستتشكل قوى أمر واقع وتتفاعل وتفرض حقيقة جديدة».



أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».