التراث المسرحي والقصصي لمي زيادة

الاحتفاء بالرومانسية وجموح الخيال والتغني بالطبيعة

التراث المسرحي والقصصي لمي زيادة
TT

التراث المسرحي والقصصي لمي زيادة

التراث المسرحي والقصصي لمي زيادة

جمع الكاتب المصري مصطفى أبو عايد، نائب رئيس تحرير مجلة الهلال المصرية، عدداً من الإبداعات المسرحية والقصصية للكاتبة اللبنانية مي زيادة، في كتابه «التراث القصصي لمي زيادة»، الذي صدر حديثاً ضمن سلسلة «كتاب المجلة العربية» السعودية، وجرى نشرها من قبل في كتاب مي «المساواة» الذي صدر عن دار الهلال عام 1922، وفي مجلة الهلال خلال فترة العشرينيات.
وخلال الفترة من 1919 حتى عام 1934، احتفت «الهلال» بإبداعات زيادة، ونشرت لها مسرحيات كثيرة؛ منها «يتناقشون»، و«على صدر الشفيق»، و«ساعة مع عائلة غريبة»، والأخيرة تدور أحداثها في مدينة الإسكندرية وتتصدى لنظرة المجتمع في عشرينيات القرن الماضي للثقافة والحب والمال والعلاقات الأسرية التي ضعفت روابطها بسبب الاهتمام بكل ما هو مادي، فضلاً عن النظر للمشاعر الإنسانية الحقيقية بوصفها شيئاً لا قيمة له ولا أثر في المستقبل، حيث تشير الكاتبة إلى أن مثل هذه الأشياء يتساوى في التعامل معها المصريون والأجانب على السواء، والذين كانوا يعملون في تلك الأيام في كثير من المجالات التجارية بالمدينة.
وتبرز «زيادة» في المسرحية نظرتها بوصفها كاتبة لمثل هذه القضايا، وذلك من خلال الحوارات التي تدور في المشاهد المتواصلة دون فواصل تُذكَر، بين متانياس وهو رجل أعمال يعمل في البورصة، وبين زوجته اليونانية وبعض أقاربه وعدد من أفراد عائلة زوجته، وشقيقه الصغير شفيق عاشق القراءة والموسيقى ويمثل الطرف النقيض في المسرحية، في مواجهة شقيقه متانياس الذي ينظر لما يقوم به بوصفه مَضيعة للوقت يتلف الصحة ويقصر العمر.
وعلى خلفية هاتين النظرتين المتناقضتين يدور الصراع في المسرحية ذات المشاهد القليلة، دون أن ينتصر طرف على آخر، أو تضع له الكاتبة حداً، وهو ما يشير إلى ديمومة مثل هذه القضايا واستمرارها.
هذه الملامح التي رسمتها «زيادة» لشخصيتي متانياس وشفيق تؤثر في مواقفهما بالمسرحية، حيث يمكن من خلالها تفسير موقف كل منهما في قضية زواج شقيقتهما سميحة التي ترفض أن تتزوج إلا عن قناعة بشريك حياتها، وهو ما يؤيده شفيق المثقف الفنان، ويرفضه متانياس ويريد إجبارها على الزواج من أحد أقارب زوجته اليونانية؛ لا لشيء سوى لأنه يملك المال الذي يعده المقوِّم الأساسي لإقامة حياة أسرية مستقرة.
أما مسرحية «يتناقشون» ففيها تظهر «زيادة» بشخصيتها الحقيقية، وتجعل ما جاء في كتابها «المساواة» الذي طبعته دار الهلال عام 1922 موضع مناقشة وجدل بين مي - التي وصفتها في البداية بأنها تلميدة السيدة جليلة وكاتبة مقالات «المساواة» - وبين بقية الشخصيات؛ جليلة وعوني وسعيد بك وزكي أفندي وعارف، وقد جمعتهم الكاتبة في ردهة الاستقبال بمنزل والديْ مي وأدارت بينهم جميعاً حواراً حول مكانة المرأة، والمساواة، والدفاع عن المظلومين في لهجة أقرب للخطابية، دون أن يكون هناك حدث ينمو أو مشهد مسرحي يتغير، وقد انتقد بعض الباحثين هذه الحالة من الركود في الأحداث، مشيرين إلى أن «مي زيادة» ورغم معرفتها بالفرنسية واطلاعها على الآداب الغربية، بما فيها الكتابات المسرحية المتطورة هناك، فإنها لم تستفد منها، ولم تسعَ لتقديم أعمال مسرحية على منوالها. وقد وجد هذا الرأي من يعارضه ويلتمس لـ«زيادة» العذر، ويشير إلى أن أعمالها لا بد أن يجري التعامل معها بمقياس عصرها، كما أن العالم عرف أيضاً بعض الكتابات المشابهة التي تُقرأ ولا تُمثَّل، لا تتطور شخصياتها ولا مواقفها، وتعتمد على الحوار دون الحركة المسرحية، وفقاً لقول الناقدة الدكتورة سامية حبيب، في كتابها «مي زيادة كاتبة مسرح».
أما القصص التي يتضمنها الكتاب فقد أورد المؤلف 9 أعمال؛ منها «نحو مرقص الحياة»، و«حكاية عيد الميلاد»، و«الشمعة تحترق»، و«حكاية السيدة التي لها حكاية»، و«في عالم الوحدة والمجد»، و«الحب في المدرسة بين تلميذتين»، وجميعها تنحو منحى رومانسياً، تسهب الكاتبة خلالها في وصف الجوانب الشعورية لأبطالها وشخصياتها، وتندمج أحياناً في الطبيعة، وتهرب منها أحياناً أخرى، وفيها يتميز السرد القصصي بجموح الخيال، حيث تسيطر الأحلام على مشاعرها، وتتغنى بالطبيعة اللبنانية التي تربّت في ظلالها، والأماكن المصرية التي تريضت في أنحائها وعاشت في رحابها.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

وفاة الروائية الشهيرة باربرا تايلور برادفورد

باربرا  تايلور برادفورد (أ.ب)
باربرا  تايلور برادفورد (أ.ب)
TT

وفاة الروائية الشهيرة باربرا تايلور برادفورد

باربرا  تايلور برادفورد (أ.ب)
باربرا  تايلور برادفورد (أ.ب)

تُوفيت عن عمر يناهز 91 عاماً باربرا تايلور برادفورد، الصحافية البريطانية التي تحولت إلى ظاهرة في عالم النشر، وهي في الأربعينات من عمرها بفضل روايتها الملحمية «وومان أوف سبستانس»، وصدر لها أكثر من اثنتي عشرة رواية أخرى بيعت منها عشرات الملايين من النسخ.

وقال متحدث باسم عائلتها، الاثنين، إن برادفورد تُوفيت الأحد في منزلها في مدينة نيويورك، وفقاً لما ذكرته وكالة «أسوشييتد برس».

وبعد رواية «وومان أوف سبستانس» التي نُشرت في 1979، قامت برادفورد بنشر كتاب واحد تقريباً سنوياً في المتوسط، لتصبح واحدة من أشهر الكتّاب في العالم وأكثرهم ثراء، وقُدّر صافي ثروتها بأكثر من 200 مليون دولار، وحققت شهرة واسعة للغاية لدرجة أن صورتها ظهرت على طابع بريد في 1999.